منصف مرسي: التحويلات والصادرات عاملان أساسيان في تحسن مؤشرات الربع الثالث
استثمارات الأجانب في العقارات ليست كافية للرهان ونحتاج صفقات إنتاجية كبرى لرفع الاستثمار الأجنبي المباشر
يارا الجنايني _ قال منصف مرسي العضو المنتدب ورئيس قطاع البحوث بشركة سي آي كابيتال، إن أداء ميزان المدفوعات خلال الأشهر التسعة الأولى من العام المالي 2024/2025 شهد تحسنًا ملحوظًا، لا سيما في الربع الثالث، والذي عكس تحولًا إيجابيًّا في عدة مكونات رئيسية أبرزها الصادرات، والتحويلات من الخارج، والقطاع السياحي.
وأضاف مرسي، أن هذا التحسن ظهر بوضوح في المؤشرات الكلية، وتزامن مع استقرار نسبي في سعر الصرف، ما انعكس بدوره على تحركات العملة، وأدى إلى مناخ أكثر توازنًا في المعاملات الجارية. مشيرًا إلى أن النمو الاقتصادي المُسجَّل في تلك الفترة، والذي بلغ نحو 4.8%، كان مدعومًا أيضًا بأداء قوي في قطاع الصادرات، وهو ما يعطي إشارة إيجابية بشأن قدرة الاقتصاد المصري على التعافي عبر بوابة التجارة الخارجية.

ورغم هذا التحسن، أوضح مرسي، أن تحوّل ميزان المدفوعات من فائض كلي بلغ 4.1 مليار دولار في نفس الفترة من العام المالي الماضي إلى عجز قدره 1.9 مليار دولار هذا العام، يرجع بالأساس إلى تراجع صافي التدفقات المالية والرأسمالية، مشيرًا إلى أن المقارنة تتأثر جزئيًّا بصفقة رأس الحكمة، والتي دعّمت الاستثمارات الأجنبية المباشرة حينها بقيمة ضخمة لن تتكرر سنويًّا.
وفيما يخص الفائض في الميزان الخدمي، خاصةً في إيرادات السياحة، أكد منصف مرسي أن المؤشرات تدعو للتفاؤل بقدرة القطاع على الاستمرار في تسجيل معدلات نمو جيدة، مدعومًا باستقرار الأوضاع الجيوسياسية نسبيًّا، واهتمام الحكومة المتزايد بتحفيز الاستثمارات في القطاع السياحي.
وأشار كذلك إلى أن تحويلات المصريين العاملين بالخارج، والتي وصلت إلى 32.8 مليار دولار خلال 11 شهرًا فقط، تمثل رقمًا قياسيًّا يدعم استقرار ميزان المدفوعات، ويعكس تعافي الثقة في القنوات الرسمية للتحويل، مشددًا على أن استمرار هذا الأداء سيمنح الاقتصاد المصري مرونة أكبر في إدارة ملف النقد الأجنبي.
أما بشأن التراجع الحاد في إيرادات قناة السويس، والذي يقدر بنحو 6 إلى 7 مليارات دولار خلال الأشهر الماضية، فأكد أنه “رقم كبير جدًّا نسبيًّا”، وأن أي تحسن تدريجي في أداء القناة سيعزز بدوره استقرار العملة ويدفع ميزان المدفوعات نحو التعافي.
وفيما يتعلق بالاستثمارات الأجنبية في العقارات ومدى إمكانية التعويل عليها في دعم ميزان المدفوعات، أوضح مرسي أنها تمثل شقًا من الاستثمارات الأجنبية لكنها ليست الرهان الأكبر. وأشار إلى أن العقارات قد تكتسب أهمية في حال تحولت إلى صفقات ضخمة مثل تلك التي يتم الحديث عنها بين مصر وقطر أو في البحر الأحمر، لكنها ليست كافية وحدها لدفع الاستثمار الأجنبي المباشر بقوة.
ولفت إلى أن الأوضاع مرشحة للتحسن حال حدوث مزيد من الاستثمارات في قطاعات إنتاجية متنوعة، وخاصة في ضوء خطة الحكومة للتخارج من عدد من الشركات، وفقًا للاتفاق مع صندوق النقد الدولي.
تحسن إضافي مرتقب في الربع الأخير قد يؤدي إلى تحويل العجز الكلي إلى فائض
وتوقع مرسي، أن يشهد الربع الأخير من العام المالي تحسنًا إضافيًّا قد يؤدي إلى تحويل العجز الكلي إلى فائض، شرط توافر عناصر محددة، على رأسها: استمرار قوة التحويلات، استقرار إيرادات السياحة، عودة تدريجية لعائدات قناة السويس، وتنفيذ بعض صفقات الاستثمار الأجنبي المباشر المنتظرة.
وأكد أن الأداء الإيجابي في الربع الثالث يمنح إشارات واعدة، خاصةً إذا حافظ القطاع التصديري على زخمه الحالي، مشيرًا إلى أن بداية العام المالي الجديد قد تحمل مؤشرات أكثر تفاؤلًا حال استمرت هذه الاتجاهات مجتمعة.