السردية الوطنية تحدد آليات تخطي فخ الدخل المتوسط
التركيز على القطاعات الأعلى إنتاجية والأكثر قدرة على النفاذ للأسواق التصديرية
باره عريان _ أكدت السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية أن الدولة تتجه إلى التركيز بشكل أكبر على القطاعات الأعلى إنتاجية والأكثر قدرة على النفاذ للأسواق التصديرية خلال المرحلة الحالية، مستفيدة في ذلك مما تم إنجازه من بنية تحتية متطورة تمثل قاعدة داعمة للتصنيع والاستثمار.
توجيه الاستثمارات للقطاعات الإنتاجية مثل الصناعة التحويلية والتكنولوجيا والسياحة

ونوهت إلى أن هذا التوجه يترجم من خلال توجيه الاستثمارات نحو القطاعات الإنتاجية مثل الصناعة التحويلية، والتكنولوجيا، والسياحة ، لما لها من دور في خلق فرص عمل وتحسين التنافسية، إضافة إلى دمج التكنولوجيا في مختلف الأنشطة الاقتصادية لرفع الإنتاجية وخفض التكاليف، ذلك فضلا عن دعم الابتكار والبحث والتطوير كمحرك للنمو طويل الأمد ووسيلة لإنتاج حلول محلية ذات قيمة مضافة.
القطاع الخاص ركيزة أساسية لتحقيق نمو اقتصادي قائم على الإنتاج والابتكار
وأشارت السردية الوطنية أن القطاع الخاص يعد ركيزة أساسية لتحقيق نمو اقتصادي قائم على الإنتاجية والابتكار وتوفير فرص العمل، خاصة في ظل تطلع مصر إلى تعزيز النمو الشامل وتحسين جودة مخرجاته.
القطاع الخاص يستوعب النسبة الأكبر من قوة العمل.. ارتفاع نسبة العاملين فيه من 66.9% إلى 82.1% من إجمالي المشتغلين
وأضافت أنه مع اتساع دور القطاع الخاص خلال العقدين الماضيين، أصبح يستوعب النسبة الأكبر من قوة العمل، حيث ارتفعت نسبة العاملين فيه من 66.9% إلى 82.1% من إجمالي المشتغلين، مقابل تراجع تدريجي في التوظيف بالقطاع العام، لافتة إلى أن هذا التحول الهيكلي يعكس تزايد الاعتماد على القطاع الخاص كمصدر رئيسي للتشغيل.
ريادة الأعمال تلعب دورا محوريا في استراتيجية مصر للخروج من فخ الدخل المتوسط
وقالت السردية الوطنية أن ريادة الأعمال تلعب دورا محوريا في استراتيجية مصر للخروج من فخ الدخل المتوسط من خلال تعزيز الابتكار، وتحفيز الاستثمار، وخلق فرص عمل مستدامة في قطاعات مستقبلية عالية النمو.
وأوضحت أن مجتمع الشركات الناشئة يمثل محركاً محوريا في جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، حيث تشير العديد من التقارير إلى أن قطاع الشركات الناشئة يستحوذ في المتوسط على 7% من إجمالي الاستثمارات الأجنبية السنوية في مصر خلال الفترة 2021-2023، مما يعكس نموا ملحوظًا في جذب الاستثمارات لهذا القطاع.
عدد الشركات الناشئة تجاوز 2000 شركة بإجمالي استثمارات تفوق 8 مليار دولار
وأشارت إلى عدد الشركات الناشئة تجاوز 2000 شركة بإجمالي استثمارات تفوق 8 مليار دولار، الأمر الذي أسهم في توفير حوالي 50 ألف فرصة عمل مباشرة و250 ألف فرصة عمل غير مباشر طبقاً لتقديرات عام 2024، مما يعزز من دور ريادة الأعمال في الاقتصاد المصري.
وتحدثت السردية الوطنية عن المجموعة الوزارية لريادة الأعمال»، برئاسة وزارة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، والتي تم إنشاؤها بقرار من رئيس مجلس الوزراء لتنسيق السياسات وتعزيز بيئة ريادة الأعمال على المستوى الوطني، لافتة إلى أن نجاح المجموعة في إقرار تعريف وتصنيف رسمي موحد للشركات الناشئة، ما يُعد خطوة مؤسسة لتيسير حصول هذه الشركات على الحوافز المالية والإجرائية، وتوفير إطار واضح للجهات المانحة والمستثمرين.
إعداد مبادرة تمويلية موحدة تهدف إلى دمج الموارد العامة المتاحة وتحفيز مشاركة القطاع الخاص
وكشفت أن الحكومة تعمل على إعداد مبادرة تمويلية موحدة تهدف إلى دمج الموارد العامة المتاحة، وتحفيز مشاركة القطاع الخاص من خلال أدوات مالية مبتكرة تقلل من المخاطر وتعزز الاستثمارات في صناديق رأس المال المخاطر، لا سيما أن المؤسسات الدولية تمثل أكثر من 40% من المساهمين في هذه الصناديق داخل مصر.
وقالت السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية أن هذا التوجه يعكس سعي الدولة نحو تحقيق تكامل أفضل بين السياسات والتمويلات لتسريع نمو الشركات الناشئة ذات الإمكانات العالية.
وأضافت أن المجموعة الوزارية تعمل على صياغة «ميثاق الشركات الناشئة في مصر»، والذي يمثل خارطة طريق شاملة لتحسين البيئة التشريعية والتنظيمية وتقديم حوافز واضحة وإجراءات مبسطة، بما يعزز ثقة المستثمرين المحليين والدوليين.
وأوضحت أن الميثاق يشمل فصلاً خاصا بالقطاعات ذات الأولوية، استنادا إلى حوارات مكثفة أجرتها المجموعة الوزارية مع الأطراف المعنية، وهو ما يشمل قطاعات ذات قدرة تنافسية عالية ونمو مستقبلي واعد، مثل الطاقة المتجددة، وإدارة المياه والتنقل الكهربائي، والسياحة الذكية، والتكنولوجيا الصحية والتعليمية والذكاء الاصطناعي، وريادة الأعمال النسائية، وتكنولوجيا التصنيع والزراعة.
وتوصي السردية الوطنية بأن تواصل مصر تكثيف جهودها في تطوير التعليم وتحسين جودته، حتى تتمكن من تحقيق نمو مرن و مستدام، إلى جانب تعزيز الحراك الاجتماعي بما يعزز قدرة الاقتصاد الوطني على التكيف مع الاهتمام بتطوير السياسات والمؤسسات على نحو مستمر، خاصة في فترات الأزمات، فضلا عن تقوية الإطار المؤسسي وتوسيع آفاق الانفتاح على الاستثمارات الأجنبية.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن البنك الدولي يتبنى إستراتيجية 3I للدول ذات الدخل المتوسط، والتي تقوم على ثلاث ركائز مترابطة، وهم الاستثمار، والضخ، والابتكار، موضحة أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى مساعدة تلك الدول على تجاوز «فخ الدخل المتوسط» والتحول إلى مصاف الدول ذات الدخل المرتفع، من خلال تعزيز النمو الاقتصادي المستدام.
ونوهت إلى أن الاستراتيجية تعكس مسارًا تدريجيًا لتحفيز النمو من خلال تطوير رأس المال ورفع الإنتاجية للتحول التدريجي من نموذج نمو قائم على تراكم رأس المال إلى نموذج أكثر تقدما يقوم على الكفاءة والابتكار .
وأوضحت أن المرحلة الأولى تبدأ بتكثيف الاستثمارات العامة والخاصة في البنية التحتية، ورأس المال البشري، والمؤسسات، بما يسهم في تطوير البنية التصديرية وتوسيع الطاقة الإنتاجية للاقتصاد وتهيئة بيئة مواتية للنمو المستدام، ثم تنتقل إلى مرحلة الضخ، التي تركز على نقل وتوطين التكنولوجيا والمعرفة من الخارج بشكل منهجي في القطاعات الاقتصادية المختلفة، ما يؤدي إلى تحسين الكفاءة التشغيلية ورفع الإنتاجية الكلية لعوامل الإنتاج.
وأشارت إلى أن المرحلة الأخيرة تكمن في الابتكار، حيث يتوسع الاقتصاد في إنتاج المعرفة وتطوير التكنولوجيا من الداخل، مما يُعزز من قدرته التنافسية على المستوى الدولي.