أحمد صبور: تعميق الشراكات بين الحكومة والقطاع الخاص ضرورة لتحسين مناخ الاستثمار
مطلوب التوسع في تجربة المطور العام وإقرار امتيازات ضريبية وحوافز للأراضي
حمدي أحمد _ قال المهندس أحمد صبور رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة الأهلي صبور للتطوير العقاري، إن السوق العقارية المصرية أثبتت خلال 2025 مجددًا أنها الخيار الاستثماري الأكثر ثباتًا ومقاومة للتقلبات، رغم الظروف الاقتصادية وتحديات التضخم وارتفاع تكاليف مواد البناء.
لن نشهد تهدئة حقيقية في الأسعار طالما أن الطلب يتجاوز حجم المعروض

أضاف صبور، لـ»حابي»، أننا على مدار السنوات، نرى أنه كل أربع سنوات تقريبًا يواجه القطاع العقاري محليًّا وعالميًّا هزات كبيرة سواء بسبب تداعيات الحروب، أو الجائحة العالمية، أو تغيّرات حادة في أسعار الصرف، ومع ذلك أثبتت السوق المصريت أنها أكثر صلابة وقدرة على التكيّف، محتفظًة بجاذبيتها الاستثمارية.
وأوضح رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة الأهلي صبور للتطوير العقاري، أنه رغم هذه التحديات، ظل الطلب قويًّا ومدفوعًا بثلاثة محركات رئيسية، تتمثل في المصريين الباحثين عن حفظ القيمة، والمستثمرين العرب الراغبين في تنويع محافظهم، والأجانب الذين ينظرون لمصر كسوق واعدة على المدى الطويل.
من المتوقع نمو حجم السوق المصرية إلى 33.67 مليار دولار بحلول 2029
وأشار صبور، إلى أن الأرقام العالمية تعزز هذه الصورة، إذ من المتوقع أن ينمو حجم السوق المصرية من 20.02 مليار دولار في 2024 إلى 33.67 مليار دولار بحلول 2029، وهو ما يعكس قدرة القطاع على الاستمرار كقاطرة استثمارية للاقتصاد الوطني، ويُضاف إلى ذلك التحولات السكانية والعمرانية، حيث وصل عدد سكان مصر إلى 108 ملايين نسمة وفقًا للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، مع احتياج سنوي لا يقل عن 450 ألف وحدة سكنية، وارتفاع الرقعة المعمورة من 6–7% لتقترب من 14%، ضمن خطة طموحة للوصول إلى 18% بحلول 2030.
وتابع: «أما في 2026، فالمشهد مرشح لمواصلة الاتجاه الصعودي، مع استمرار الطلب القوي خاصة في المناطق الساحلية مثل رأس الحكمة والساحل الشمالي التي تشهد اليوم زخمًا استثماريًّا غير مسبوق، إلى جانب التوسع في المجتمعات العمرانية الجديدة».
وأكد صبور، أننا لن نشهد تهدئة حقيقية في الأسعار طالما أن الطلب يتجاوز حجم المعروض، لكن ما نتوقعه هو مزيد من التوازن في المعادلة السوقية من خلال دخول مطورين جدد، وابتكار منتجات استثمارية أكثر تنوعًا، واعتماد شراكات إستراتيجية تسهم في تعزيز المعروض وتحقيق استدامة النمو.
وحول أبرز المناطق الواعدة استثماريًّا، قال أحمد صبور إن الفرص الحقيقية في السوق العقارية ترتبط بالمواقع التي تجمع بين النمو الحالي والقدرة على خلق قيمة مستقبلية، موضحًا أن العاصمة الإدارية الجديدة أصبحت اليوم محورًا إداريًّا واقتصاديًّا يتجاوز تقييمه التريليون جنيه، كما أن شرق القاهرة وخاصة مستقبل سيتي، يرسخ مكانته كوجهة مستدامة وذكية، بينما مدن الجيل الرابع مثل العلمين الجديدة والمنصورة الجديدة تشكل اليوم استثمارات في بداية دورة حياتها، ما يجعلها رهانات إستراتيجية لعوائد طويلة المدى.
وأضاف: «لكننا نرى أن الساحل الشمالي ورأس الحكمة تحديدًا هما الأكثر زخمًا بفضل الطفرة في البنية التحتية وتيسير الوصول عبر الطرق القومية الجديدة، حيث أصبح الساحل رهانًا إستراتيجيًّا طويل الأمد يتجاوز كونه وجهة موسمية».
سوق العقار أثبتت في 2025 أنها الخيار الاستثماري الأكثر ثباتًا ومقاومة للتقلبات
وفيما يتعلق بالتحديات التي تواجه القطاع، قال إنها تتمثل في ارتفاع أسعار مواد البناء، وتذبذب العملة، وضغوط التمويل الناتجة عن الفائدة المرتفعة، وكلها رفعت الأسعار بما يصل من نحو 30% إلى 100% في بعض المشروعات الجديدة، لكن هذه التحديات لم تُضعف السوق، بل جعلتها أكثر مرونة؛ لأن الشركات واجهتها عبر الإسراع في وتيرة التنفيذ، والتعاقد المبكر على الخامات، واتباع آليات تسعير ذكية تراعي القدرة الشرائية وتوازن بين مصلحة المطور والعميل.
وتابع: «في المقابل، نرى جهودًا حكومية واضحة لتثبيت العملة وخفض الفائدة، ما يخلق بيئة أكثر استقرارًا، لكن الأهم أن هذه الضغوط أصبحت وقودًا للابتكار من خلال شراكات أوسع بين القطاعين العام والخاص، وتنويع أدوات التمويل العقاري الحديثة كالملكية الجزئية، والاعتماد على تقنيات بناء حديثة تقلل التكلفة وتسرع الإنجاز، وبهذه الرؤية يتحول التحدي إلى فرصة، ويظل العقار ركيزة أساسية للنمو الاقتصادي المستدام».
ارتفاع أسعار مواد البناء وتذبذب العملة وضغوط التمويل رفعت الأسعار بنحو 30% إلى 100%
وأشار صبور، إلى أن تحسين مناخ الاستثمار العقاري في مصر يتطلب شراكة أعمق بين الحكومة والقطاع الخاص لضمان استمرار النمو، ورغم الجهود الكبيرة المبذولة لدعم المطورين، تبقى الحاجة ملحة لتفعيل التمويل العقاري بفائدة منخفضة، وإقرار امتيازات ضريبية وحوافز للأراضي، مع التوسع في تجربة المطور العام، كما أن تفعيل قانون تنظيم السوق العقارية وتعديل قانون الشهر العقاري يمثلان خطوة جوهرية لضبط المنظومة، إلى جانب إتاحة تمويل الوحدات تحت الإنشاء وتيسير إجراءات التسجيل، وأخيرًا، فإن تطبيق نظام الإقامة الذهبية للأجانب مع حملات ترويجية فعالة سيساهم في تعزيز تصدير العقار وجذب استثمارات أجنبية أكبر.
ولفت إلى أن البحر الأحمر بدأ يفرض نفسه على خريطة الاستثمار العقاري، خاصة مع خطط تطوير مناطق رأس بناس ورأس شقير، التي تتمتع بموقع إستراتيجي يجمع بين السياحة والأنشطة العمرانية، ما يجعلها بيئة خصبة لجذب المستثمرين، موضحًا أن البحر الأحمر سيكون امتدادًا طبيعيًّا للساحل الشمالي في المرحلة المقبلة، وسيمثل تحوّلًا استثماريًّا قويًّا يضيف بعدًا جديدًا للتنمية السياحية والعقارية في مصر.
وذكر أحمد صبور أن نظام الملكية الجزئية يمثل اتجاهًا متقدمًا في السوق العقارية، يتيح للمستثمرين دخول القطاع بعوائد أقل وسيولة أعلى، ما يوسع قاعدة العملاء ويزيد من حجم الطلب، ويسهل تداول الأصول العقارية ويمنح السوق ديناميكية أكبر، كما يعزز من تنوع المنتجات الاستثمارية المتاحة.
نظام الملكية الجزئية اتجاه متقدم في السوق يتيح للمستثمرين عوائد أقل وسيولة أعلى
كما أنه يفتح الباب أمام شريحة جديدة من العملاء، خاصة الشباب الذين قد لا تسمح قدراتهم الشرائية بامتلاك وحدة كاملة، لكنه يمنحهم فرصة الدخول إلى السوق والاستفادة من عوائد الاستثمار العقاري بشكل مرن، وبذلك لا يقتصر دور الملكية الجزئية على كونه أداة استثمارية، بل يصبح أيضًا أداة للتمكين المالي والاجتماعي من خلال دمج فئات أوسع في المنظومة العقارية.
وأضاف: «بالنظر إلى التجارب العالمية، فإن هذه الأدوات المالية تساهم في استدامة الطلب وتنشيط المبيعات، خاصة في الأسواق التي تبحث عن حلول مرنة تجمع بين الاستثمار والعائد المجزي، وعلى المدى الطويل، فإن تعزيز هذا التوجه سيدعم تنويع قاعدة العملاء، وزيادة معدل السيولة، وضمان استمرارية النشاط السوقي بما يتماشى مع تطورات الاقتصاد الكلي والاتجاهات العالمية».