حابي تنفرد بأول لقاء مع الرئيس التنفيذي لوحدة الشركات المملوكة للدولة .. الجزء الأول

د. هاشم السيد: أتوقع بعد الحصر ألا تمثل وزارة قطاع الأعمال أكثر من 20% من الأصول الحكومية

في لقاء هو الأول على مستوى الصحافة ووسائل الإعلام المحلية والعربية والأجنبية.. استضاف صالون حابي في لقائه الثلاثين، الدكتور هاشم السيد، مساعد رئيس مجلس الوزراء، والرئيس التنفيذي لوحدة الشركات المملوكة للدولة، التي تم تأسيسها حديثًا بموجب القانون 170 لسنة 2025، والخاص بتنظيم بعض الأحكام الخاصة بملكية الدولة في الشركات التابعة لها أو التي تساهم فيها.

اضغط لمشاهدة اللقاء كاملا

E-Bank

ناقش اللقاء الذي امتد قرابة الساعتين، عشرات المحاور المرتبطة بخلفية تأسيس الوحدة الجديدة، ودورها وأهدافها، وحدود الصلاحيات المخولة لها بموجب القانون، ونقطة انطلاق عملها وأولوياتها في الفترة المقبلة.

كما تطرق اللقاء إلى ملامح التعديلات المستهدف إجراؤها على وثيقة سياسة ملكية الدولة، وخطط حصر الشركات والمساهمات المملوكة للدولة، وقواعد التصرف والتعامل معها وتقييمها وحوكمتها، وكيفية قياس أداء الوحدة.

وناقش اللقاء أيضًا دور بنوك الاستثمار في التعامل مع الوحدة ومحفظة الأصول المملوكة للدولة، والتعامل مع قرارات طرح الشركات سواء جزئيًّا أو كليًّا، وآليات اعتماد التقييمات، ودور الوحدة في مشروعات الشراكة مع القطاع الخاص، وحدود التنسيق مع الصندوق السيادي المصري، والتعديلات التشريعية التي تحتاج إليها الوحدة في القوانين المرتبطة بالنشاط الاقتصادي.

تابعنا على | Linkedin | instagram

أدار الحوار كل من: أحمد رضوان رئيس التحرير والرئيس التنفيذي لجريدة حابي، وياسمين منير مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي، ورضوى إبراهيم مدير التحرير والشريك المؤسس لجريدة حابي، وإلى تفاصيل اللقاء…

أحمد رضوان: أهلًا وسهلًا بحضراتكم في لقاء جديد من صالون حابي، اليوم هو اللقاء الأول على مستوى مختلف وسائل الإعلام مع مساعد رئيس الوزراء والرئيس التنفيذي لوحدة الشركات المملوكة للدولة الدكتور هاشم السيد. الذي أعطى لنا شرف أن نكون أصحاب هذا السبق.

نتمنى أن يلقى الحوار إعجابكم ويمثل إضافة في هذا الملف الكبير الذي فتح منذ سنوات كثيرة فيما يتعلق بإدارة الأصول المملوكة للدولة. وسنحاول التعرف خلال لقائنا هذا على طبيعة عمل الوحدة الجديدة وملامح خططها خلال الفترة المقبلة، وما هو الهدف الذي من الممكن الوصول إليه بعد الشكل القانوني الجديد الذي تم تشريعه. أهلًا وسهلًا بحضرتك دكتور هاشم السيد.

الدكتور هاشم السيد مساعد رئيس مجلس الوزراء، والرئيس التنفيذي لوحدة الشركات المملوكة للدولة

د. هاشم السيد: أهلًا بكم، أنا سعيد بكم جدًّا وأنتم تعرفون أن علاقتي بكم قديمة جدًّا، وأنا أحبكم وأعرف إلى أي مدى تتعاملون مع الأمور بحرفية ومهنية، وهو ما يجعلني أقول دائمًا إنني أحب جريدة “حابي” للغاية.

أحمد رضوان: دعنا نبدأ بسؤال نستشف من خلاله خلفيات تأسيس الوحدة وماذا وراء القانون المنظّم لعملها. لقد رأينا في العقود المتلاحقة الأخيرة أن هناك أكثر من محاولة وأكثر من جهد وأكثر من شكل تمت صياغته فيما يتعلق بإدارة الأصول الملوكة للدولة سواء كان الهدف تخارجًا أو هيكلة أو حوكمة، إلى أن وصلنا إلى الخطوة التي نقف عندها الآن، فلماذا تم تأسيس الوحدة؟ ولماذا تم وضع هذا القانون؟

تأخرنا كثيرًا في التعامل مع الأصول المملوكة للدولة

د. هاشم السيد: في الحقيقة تأخرنا كثيرًا في كيفية التعامل مع الأصول المملوكة للدولة، وأؤمن بأن هذا الملف لم يأخذ ذات الاهتمام في الطرح والمناقشة، فدائمًا كان التركيز والحديث فقط عن ديون الدولة المصرية إذ إن التقارير الاقتصادية دائمًا ما تتناول وتشير إلى الدين الداخلي والخارجي ونسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي.

الحديث ارتكز دائمًا على الدين الداخلي والخارجي ولم نعطِ أهمية كافية لحصر أصول الدولة

الحكومة تمتلك عددًا كبيرًا من الشركات تمثل قيمتها رقمًا ضخمًا وتحتاج فقط للتنظيم ورفع كفاءة الإدارة

ولكن في واقع الأمر، أرى أننا لم نعطِ أهمية كبيرة لكيفية حصر ما تمتلكه الدولة المصرية، وأؤكد أن الدولة تمتلك أصولًا كثيرة ذات قيمة عظيمة للغاية.

القانون رقم 170 يؤكد الجدية في إعادة هيكلة وحصر وتصنيف وتقييم الأصول الحكومية

بالحديث عن الشركات، نجد أن الدولة تمتلك عددًا كبيرًا من الشركات تمثل قيمتها رقمًا ضخمًا جدًّا، إلا أن كفاءة إدارة هذه الأصول كانت تحتاج إلى التنظيم، ومع إقرار قانون رقم 170 لسنة 2025 الذي وفر الدور التنظيمي، فضلًا عن أن هذا القانون كان الهدف منه التأكيد على أن الحكومة المصرية جادة للغاية في ضرورة إعادة هيكلة الأصول المملوكة للدولة من حصرها وتصنيفها وتقييمها، وفي الوقت نفسه سيعود ذلك على الخزانة العامة في النهاية بناتج جيد.

متفائل وراض تمامًا عن القانون رقم 170 لدوره الفعّال في تحسين كفاءة إدارة الشركات المملوكة للدولة

ولذلك أنا متفائل جدًّا بوجود القانون رقم 170، نظرًا لأنه يناقش أمورًا لأول مرة، ومنها وجود تشريع ملزم للشركات المملوكة للدولة ببعض الالتزامات التي ستحقق للدولة المصرية نتائج أفضل في كفاءة إدارة الشركات.

القانون يلزم الشركات ببعض الالتزامات التي ستحقق للدولة نتائج أفضل

عملت بالقطاع الخاص على مدار 40 عامًا ومستعد لقيادة هذا المنصب إعلاءً للمصلحة الوطنية

إذا ما تحدثنا عن القانون رقم 170 سأقول لك إنني راض عنه تمامًا، وكما تعلمون أنني أعمل طيلة حياتي في القطاع الخاص، ولأول مرة أتولى عملًا حكوميًّا على مدار 40 عامًا، وفي الحقيقة، قُلت أنا مستعد لقيادة هذا المنصب إعلاءً للمصلحة الوطنية، وبدعم من تخصصي في إطار إعادة هيكلة الأصول والشركات.

عملت بالقطاع الخاص على مدار 40 عامًا ومستعد لقيادة هذا المنصب إعلاءً للمصلحة الوطنية

ساهمت في إعادة هيكلة المؤسسة العامة للصناعة بأبوظبي وقدمت استشارات لحكومات منها السعودية والكويت والإمارات

وأستند في ذلك إلى زخم قصص النجاح التي تحققت في هذا الإطار سواء في مصر أو في بعض الدول العربية، حيث عملت على إعادة هيكلة المؤسسة العامة للصناعة في أبوظبي، بجانب تقديم استشارات للعديد من الحكومات في المنطقة ومنها: السعودية والكويت والإمارات.

آمال واسعة للبدء في وضع أطر وبرامج تنظيم إدارة وحوكمة تواجد الدولة في النشاط الاقتصادي

وبناءً على ذلك، لديّ آمال واسعة للبدء في التخطيط لكيفية إدارة وحوكمة تواجد الدولة في النشاط الاقتصادي، بجانب كيفية إدارة الأصول المملوكة للدولة بكفاءة، وبالتوازي مع صدور القانون.

الوحدة المركزية تختص بوضع البرامج التنظيمية لإدارة الشركات المملوكة للدولة

ومثلما ذكرت نص القانون على تأسيس وحدة مركزية في مجلس الوزراء والتي تختص بوضع برامج التنظيم لعمل الشركات المملوكة للدولة. وأُشير هنا إلى أن القانون منح الوحدة المركزية أطرًا تنظيمية كثيرة جدًّا وأهدافًا واسعة، وأعتقد أننا سنبدأ العمل في الوحدة فعليًّا خلال منتصف ديسمبر.

أتوقع بدء العمل في الوحدة فعليًّا مطلع يناير المقبل

الوحدة حاليًا في مرحلة التجهيز ومن المتوقع أن يبدأ برنامج عملها الفعلي مطلع يناير 2026، وأنبّه إلى أن الخطة المبدئية للسنة الأولى لعمل الوحدة ستقوم على عدة مرتكزات أساسية، إذ أنه سيتم إعداد خطة سنوية وإصدار تقارير ربع سنوية وما إلى ذلك، وأرى أن هذه المرتكزات قد تم تجهيزها بشكل جيد، وأعتقد أنها ستحقق نتائج جيدة وملموسة خلال المرحلة المقبلة.

إعداد خطة سنوية وإصدار تقارير دورية ربع سنوية عن أعمال الوحدة.. أهم مرتكزات المرحلة الحالية

أحمد رضوان: سنناقش تفاصيل القانون وتفاصيل عمل الوحدة بشكل موسع، ولكن نريد إجابة سريعة حول رؤيتك لفرص معالجة القانون 170 للتحديات والعراقيل التي كان من الممكن أن تواجه إعادة هيكلة الشركات والطروحات في الحقب السابقة؟

وثيقة سياسة ملكية الدولة ستصدر نفاذًا لقانون رقم 170

د. هاشم السيد: أعتقد أن القانون رقم 170 عالج أمورًا كثيرة بشكل كبير، إذ إنه أصبح سندًا قانونيًّا لوحدة الشركات المملوكة للدولة وستستطيع من خلاله وضع البرامج التنظيمية والرؤى لكيفية إعادة هيكلة هذه الشركات، وفي الوقت نفسه ستصدر وثيقة سياسة ملكية الدولة نفاذًا لهذا القانون، فبالتالي ستكون بذات روح القانون وسيتم تحديث الوثيقة.

سنضع رؤية لتحديث وثيقة سياسة ملكية الدولة، مع ضرورة وجود رؤية شاملة لكيفية حوكمة دور الدولة في النشاط الاقتصادي مثلما ذكرت مسبقًا، بجانب كيفية تعامل الدولة مع القطاعات المختلفة في المرحلة المقبلة.

ياسمين منير: نود أن نتحدث بشكل أكبر عن الصلاحيات الممنوحة للوحدة، والتي تستطيع من خلالها تجاوز أي عراقيل واجهت البرامج السابقة؟

الشركات المملوكة للدولة تُختزل عادة في الكيانات التابعة لوزارة قطاع الأعمال.. وهذا أمر غير صحيح

د. هاشم السيد: في الواقع الناس تختزل الشركات المملوكة للدولة في الكيانات المملوكة لوزارة قطاع الأعمال أو الشركات القابضة التابعة للوزارة، وحقيقة أرى من خلال الحصر المبدئي أنه بعد الانتهاء من الحصر الدقيق للشركات لن تمثل وزارة قطاع الأعمال أكثر من 20% من إجمالي الشركات المملوكة للدولة.

فالدولة تمتلك شركات في قطاعات عديدة وتعتبر الولاية والملكية أحد أهم المشاكل الموجودة، نظرًا لتعدد الولاية وملكية الشركات لجهات عديدة، ولذلك لا بد من الهيكلة والبدء في جعل هذه الكيانات تسير ببساطة على الطريق الذي سنرسمه، ما سيسهم في الوصول إلى الأهداف المرجوة.

ياسمين منير: نود معرفة طبيعة الصلاحيات الممنوحة للوحدة بشكل مباشر؟

د. هاشم السيد: بالنظر إلى الصلاحيات نجد أن القانون رقم 170 لسنة 2025 أعطى للوحدة الحق في وضع برامج التنظيم لهذه الشركات، ووضع أطر حوكمة اختيار ممثلي الدولة فيها.

حوكمة اختيار ممثلي الدولة في الشركات من أبرز الصلاحيات الممنوحة للوحدة

وأصبح كل ما يخص الشركات المملوكة للدولة تقريبًا يمكن أن تضعه وتحدده الوحدة بعد اتخاذ قرار يتم عرضه على المجموعة الاقتصادية ثم مجلس الوزراء.

فالقانون منح الوحدة الصلاحيات الكاملة للبدء في التعامل مع هذه الشركات وإصدار قرارات، ومتى عرضت هذه القرارات على رئاسة مجلس الوزراء واتخذ قرارًا لتنفيذها، ستكون ملزمة للجميع.

قرارات الوحدة ملزمة لجميع وحدات الجهاز الإداري في الدولة

وقد صرح دولة رئيس مجلس الوزراء عدة مرات، بأن القرارات التي ستصدر عن وحدة الشركات المملوكة للدولة هي قرارات ملزمة للجميع بما يشمل جميع وحدات الجهاز الإداري في الدولة من الوزرات والمصالح والهيئات الاقتصادية والهيئات الخدمية، بمعنى أن كل وحدات الجهاز الإداري التي لديها شركات ستتعامل بموجب هذا القانون، على أن تضع الوحدة المركزية البرامج التي سيسيرون عليها بمجرد موافقة مجلس الوزراء عليها.

تعدد جهات الولاية وتشتت الملكية أحد أبرز المشكلات في ملف الشركات المملوكة للدولة

وفي الحقيقة أتعامل من منطلق دراسة والتعامل مع كل حالة على حدة، نعلم أن هناك الكثير من الشركات المملوكة للدولة، وذلك بجانب تعدد جهات الولاية وتشتت الملكية، بالإضافة إلى أنّ الحالة المصرية شديدة التشابك والتعقيد.

وأؤكد هنا أن الحالة المصرية التي عليها الشركات الآن جاءت نتيجة التحولات الاقتصادية التي واجهت الدولة المصرية وحدثت في السوق على مدار الـ 75 عامًا الأخيرة، وكلما تطورت هذه التحولات إلى شكل معين تأتي غيرها ليتغير بعد ذلك هذا الشكل.

الدكتور هاشم السيد مساعد رئيس مجلس الوزراء، والرئيس التنفيذي لوحدة الشركات المملوكة للدولة

الحكومة جادة جدًّا في وضع برامج إعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة.. واجتماع الجدية والإرادة سيحقق الهدف

وأدت هذه التغيرات أو التحولات إلى ضرورة إعادة النظر في أوضاع الشركات، ولكن أؤكد الآن أن الحكومة جادة جدًّا في وضع برامج لإعادة هيكلة الشركات المملوكة للدولة، وأن الجدية والإرادة ستحققان الأهداف المرجوة.

ياسمين منير: بالحديث عن الجزئية الخاصة بالصلاحيات نجد أن القانون نص لأول مرة على أن المخالفات التي ستصدر عن أي جهاز من أجهزة الدولة بخصوص الأصول التابعة لها ستقابل بتدابير أو سيتم التعامل معها على أنها مخالفات تستحق الجزاء.. فهل سيتم إصدار لائحة تنفيذية مثلًا بالجزاءات أو قرارات تنظيمية؟ أم سيكون التعامل من منطق كل حالة على حدة؟

وجود توقيتات محددة وواضحة عند صياغة البرنامج التنظيمي لإعادة هيكلة أي كيان تابع للحكومة أمر ضروري

د. هاشم السيد: القانون نظم ذلك بشكل جيد، وسيتم التعامل مع كل حالة على حدة بكل تأكيد مثلما ذكرت، ومن الضروري عند وضع برنامج تنظيمي لإعادة هيكلة كيان ما، أن يتم ذلك بالتوازي مع وجود توقيتات زمنية واضحة ومحددة للتنفيذ، خاصة أن خلال الفترة الماضية كانت هناك بعض الأمور الخاصة بهيكلة ملكية الدولة للشركات امتدت لفترة طويلة بعض الشيء.

وفي الواقع كل أهدافنا والتي وجَّه بها دولة رئيس مجلس الوزراء منذ أول يوم لتأسيس الوحدة، أن تكون هناك توقيتات مستهدفة محددة، بحيث يتم وضعها للجهات المالكة على أن تبدأ تطبيق خطوات برامج التنظيم التي ستضعها وحدة الشركات المملوكة للدولة.

رضوى إبراهيم: تحدثنا عن الأهداف والصلاحيات.. نود التعرف على نقطة انطلاق عمل وحدة الشركات المملوكة للدولة؟ وكيف تم ترتيب الأولويات؟ وما الذي يتصدر هذه الأولويات؟

بدأنا مقابلة المرشحين للانضمام لفريق إدارة وحدة الشركات المملوكة للدولة

د. هاشم السيد: سأقول لكِ ما الذي يتصدر أولويات الوحدة، ولكن دعيني أذكر أولًا أن أول يوم ليّ في الوحدة كان يوم 2 نوفمبر الجاري، عقب افتتاح المتحف المصري الكبير، وتم البدء بالفعل في التجهيزات الأولى وتضمنت مقابلة المرشحين المقترحين للانضمام لفريق إدارة وحدة الشركات المملوكة للدولة.

المجموعة المرشحة للانضمام لفريق عمل إدارة الوحدة متميزة جدًّا وستعرض على رئيس الوزراء

وفي الحقيقة المجموعة المرشحة متميزة جدًّا وستعرض على رئيس مجلس الوزراء لاتخاذ القرارات اللازمة، وأُشير هنا إلى أن الوحدة تعكف حاليًا على تجهيز مجموعة من الخبراء والمستشارين والعاملين للانضمام لها، وأعتقد أنه خلال شهر من الآن سيتم الاستقرار تقريبًا من الناحية المكانية ثم الناحية التنظيمية للوحدة، بجانب وجود الخبراء والمستشارين والعاملين في أماكنهم مع تحديد الاختصاصات والمهام المختلفة لكل منهم، وهذه كانت الأولوية الأولى.

الأولوية حاليًا لاستقرار الوحدة من الناحية المكانية والتنظيمية في غضون شهر

أما الأولوية الثانية فهي العمل حاليًا على الحصر والتصنيف للشركات المملوكة للدولة، فأنا مؤمن بأن أول خطوة يتعين اتخاذها في هذا الملف هي وجود منظومة وطنية لحصر وتصنيف الشركات المملوكة للدولة.

نسعى لتدشين منظومة وطنية لحصر وتصنيف الشركات

وأعتقد أن هذه المنظومة ستكون ضمن الأهداف الأولى والأهداف المهمة للغاية للدولة للوقوف على كيفية حصر الشركات.

رضوى إبراهيم: سننتقل إلى مسألة حصر الشركات المملوكة للدولة بشكل تفصيلي في وقت لاحق من حديثنا، فقد وضعنا له محورًا لنتناول تفاصيله بعمق وتوسع.. وأريد منك أن توضح لنا ما هي الأولويات المتبقية بالتحديد؟

د. هاشم السيد: البداية المنطقية هي أن نحدد بدقة ما تمتلكه الدولة من شركات، ويجب أن نحدد أيضًا الكيفية التي نريد الحصول بها على المعلومات والبيانات عن الشركات ومعالجتها.

استهداف إنشاء قاعدة بيانات إستراتيجية شاملة للشركات

أهمية الاطلاع على القوائم المالية بشكل دوري ومنتظم

ببساطة شديدة جدًّا نرى أهمية للاطلاع على القوائم المالية للشركات بشكل دوري ومنتظم،

الاستعانة بخبراء الذكاء الاصطناعي لبناء منظومة رقمية وطنية لحصر وتصنيف الشركات

وفي هذا السياق، نحن نعمل حاليًا على تطوير برنامج متكامل، بمساهمة خبراء مرموقين في مجال الذكاء الاصطناعي، يستهدف بناء منظومة وطنية لحصر وتصنيف الشركات، بما يتيح إنشاء قاعدة بيانات إإستراتيجية وشاملة تتوافق مع المتطلبات التي نسعى إليها. وهذا يمثل الأساس الذي ننطلق منه.

رضوى إبراهيم: وما هي الأولويات الأخرى؟ سؤالي هنا يتعلق بهيكل الأولويات وترتيب العمل عليها؟ فكل محور حددناه سنقف عنده ونتناوله بالتفصيل خلال لقائنا هذا، فربما يكون هناك محور تعمل عليه الوحدة الآن ولم يتضح لنا.

د. هاشم السيد: لن نتمكن من الكشف عن كل التفاصيل في هذا اللقاء.

رضوى إبراهيم: ولكننا نحاول الكشف عن التفاصيل ونطمع في كرمك.

التصنيف الشامل للشركات وسياسة ملكية الدولة محوران أساسيان في عمل الوحدة بالمرحلة الراهنة

د. هاشم السيد: أستطيع التأكيد على أن اهتمامي في المرحلة الراهنة يرتكز على محورين جوهريين: الأول محور التصنيف الشامل للشركات، والآخر هو محور سياسة ملكية الدولة، باعتبارها الإطار المنظّم لحوكمة دور الدولة في النشاط الاقتصادي.

بلورة أطر جديدة تحدد دور الدولة في النشاط الاقتصادي

هذان الملفان يمثّلان، في تقديري، الركيزة التوجيهية التي سنعتمد عليها في رسم مسار العمل.

مجلس الوزراء يستعد لإعداد نسخة محدثة من وثيقة سياسة ملكية الدولة بناء على الأطر المقترحة من الوحدة

فنحن نعمل حاليًا على بلورة الأطر المقترحة التي ينبغي أن تستند إليها الدولة في تحديد حدود تدخلها في النشاط الاقتصادي، بما يسمح بإحالة هذه الأطر إلى مجلس الوزراء لاعتمادها، وصولًا إلى إصدار النسخة المُحدّثة من سياسة ملكية الدولة في صورتها الجديدة، وأرى أن هذا المسار يُعد الأساس الحقيقي لانطلاق العمل.

رضوى إبراهيم: دعني أساعدك في توضيح الصورة والسؤال بشكل أكبر حتى لا نستبق المحاور التي نريد التوقف عندها لمناقشتها بالتفصيل والتحليل فيما بعد، د. هاشم لقد أشرت إلى أن من بين أولوياتك استكمال هيكل تشكيل الوحدة وتدعيمها بالخبرات والكوادر التي يمكن استقطابها لدعم العمل، لذا نود أن نعرف ما الصورة النهائية المتوقعة لهذا التشكيل؟ وكم عدد الأعضاء الذين سيضمّهم؟ وما المعايير المعتمدة لتصنيفهم؟ وما نسبة الكوادر التي تم استقطابها من القطاع الخاص؟ وكم سيكون الوزن النسبي للمتخصصين في التمويل وإعادة الهيكلة سواء من خبراء بنوك الاستثمار أو المصرفيين ضمن هذا التشكيل؟ لنقف عند هذه النقطة ونستعرض تفاصيلها بدقة.

تم الاتفاق على تأسيس الوحدة بمجموعات عمل متخصصة ومتكاملة بذات منهجية القطاع الخاص وبنوك الاستثمار

د. هاشم السيد: حسنًا سأوضح لك، البداية كانت مع التركيز على كيفية تحديد هيكل الوحدة، وفي عدة لقاءات مع رئيس مجلس الوزراء تم الاتفاق على أن يتم تأسيس هذه الوحدة عبر مجموعات تخصصية متكاملة، مستلهمة من المنهجية المعمول بها في القطاع الخاص، كما هو متبع في بنوك الاستثمار وشركات إدارة الأصول، والهدف من هذه المجموعات هو خلق فرق عمل متكاملة تعمل لتحقيق الأهداف المرجوة.

ويُعتبر القانون الأساس الذي يستند إليه كدليل استرشادي في تأسيس الوحدة، حيث ينص على إنشاء وحدة مركزية في مجلس الوزراء تُعرف باسم وحدة الشركات المملوكة للدولة، ويحدد مجموعة واضحة من المهام والأهداف التي تصل إلى نحو 20 هدفًا مفصلًا.

رضوى إبراهيم: لقد قمنا بمذاكرة ودراسة بنود القانون جيدًا.. وأريد أن أعرف منك تفاصيل التشكيل؟

د. هاشم السيد: حسنًا، سأوضح لك التشكيل. قمنا بترجمة ما ورد في القانون إلى برنامج تنفيذي عملي يوضح كيفية تطبيقه على أرض الواقع. وبناءً عليه، وضعنا خمسة قطاعات رئيسية.

القطاع الأول دوره التخطيط ووضع السياسات ومتابعة أداء الشركات المملوكة للدولة

القطاع الأول يختص بالتخطيط والسياسات ومتابعة أداء الشركات المملوكة للدولة، وهي نقطة محورية يركز عليها القانون، هذا القطاع يتكون من فريق متكامل يشمل المديرين التنفيذيين والمساعدين، ويقع تحته مجموعة من المحللين، بحيث يشكل هذا الفريق وحدة عمل متماسكة مسؤولة عن كل العمليات المتعلقة بهذا المحور وهذه الفرق تعمل بشكل منسق، والقطاع الأول هو المختص بالتخطيط ووضع السياسات والمتابعة.

القطاع الثاني يتولى الحصر والتصنيف ودعم اتخاذ القرار بقاعدة بيانات متكاملة

الجزء الثاني في التشكيل، يختص بالحصر والتصنيف ودعم عملية اتخاذ القرار، لكي يمكننا اتخاذ أي قرار بشأن برنامج التنظيم، يجب أولًا أن نمتلك معرفة دقيقة بكل شركة وبياناتها المالية. لذلك، من الضروري أن تتوافر لدينا قاعدة بيانات متكاملة تضم كل المعلومات الجوهرية عن الشركات، وهو ما نعمل عليه حاليًا، بما يتيح لنا اتخاذ قرارات تنظيمية.

القطاع الثالث معني ببرامج التنظيم وإعادة هيكلة الشركات وحوكمة تواجد الدولة

بعد ذلك ننتقل إلى الجزء الخاص ببرامج التنظيم واتخاذ القرارات المتعلقة بإعادة هيكلة الشركات وحوكمة تواجد الدولة فيها، فمنهجية العمل داخل الوحدة تتبع تسلسلًا منطقيًّا يبدأ بالتخطيط، يليه الحصر والتصنيف، ومن ثم إعادة هيكلة الشركات التي تم تحديدها من خلال هذا التصنيف والحصر، وصولًا إلى المرحلة الرابعة التي تتناول كيفية تنفيذ إعادة الهيكلة واتخاذ القرارات المتعلقة بتخارج الدولة.

رضوى إبراهيم: نود لمشاهدي ومتابعي صالون حابي التعرف على تفاصيل تشكيل وحدة الشركات المملوكة للدولة.. هل أنت كرئيس تنفيذي للوحدة يعمل تحت إدارتك أربع مجموعات عمل؟

الوحدة تضم 5 قطاعات رئيسية تشكل الهيكل التنفيذي لتحقيق الأهداف المحددة بالقانون

د. هاشم السيد: التشكيل يتكون من خمس مجموعات عمل متخصصة.

رضوى إبراهيم: فما هي المجموعة الخامسة؟

القطاع الرابع مسؤول عن صياغة كيفية تنفيذ إعادة الهيكلة واتخاذ القرارات المتعلقة بالتخارجات

د. هاشم السيد: سأوضّح لك. دعينا نراجع أولًا ما سبق. كما ذكرنا، القطاع الرابع يتعلق بالشركات نفسها، وهي الشركات التي سيتم طرحها، وللتأكيد ولتوضيح الأمر للجميع الوحدة لا تقوم ببيع الشركات، بل تضع برامج تنظيمية، بمعنى أن الدولة يمكن أن تعزز دورها في هذه الشركات أو تدخل بالشراكة مع القطاع الخاص فيها.

فالجزء الرابع أو مجموعة العمل الرابعة، تركز على حوكمة تواجد الدولة في الشركات، وهو محور بالغ الأهمية، إذ يتيح لنا تصميم برامج تنظيمية تهدف إلى تحقيق عائد اقتصادي من الاستثمارات المملوكة للدولة، فلدينا محفظة شركات ومن الضروري أن تحقق هذه المحفظة عائدًا للدولة.

وتجدر الإشارة إلى أن القيمة السوقية لهذه المحفظة تقدر بتريليونات، إلا أن العائد الحالي منها لا يزال محدودًا، ونحن نسعى من خلال برامج التنظيم إلى تعزيزه وتنميته بما يحقق مردودًا اقتصاديًّا مناسبًا ومقبولًا.

القطاع الخامس متخصص في البحوث القانونية والأطر المؤسسية لضمان توافق برامج التنظيم مع القوانين التي تتبعها الشركات

أما القطاع الخامس فيختص بالبحوث القانونية والأطر المؤسسية للشركات، فكما تعلمين، بعض الشركات تتبع قانون 203 والبعض الآخر قانون 159. هذا القطاع معني بدراسة الأنظمة الأساسية للشركات وتحديد الحاجة لأي تعديلات عند وضع برامج التنظيم، ليضمن توافقها مع الأطر القانونية المؤسسية.

بهذا الشكل يضم هيكل وحدة الشركات المملوكة للدولة خمس قطاعات متكاملة تعمل كفريق واحد، ولكل قطاع فرق فرعية متخصصة. وفي نهاية كل ثلاثة أشهر نقوم بإصدار تقرير دوري يوضح ما تم إنجازه من برامج التنظيم، مع متابعة مستمرة للعمل مع السلطة المختصة في كل شركة.

رضوى إبراهيم: ما هو تصورك لعدد أعضاء التشكيل بالكامل؟

التشكيل الأولي للوحدة يضم 5 أعضاء أساسيين مع 2 إلى 3 مساعدين ومجموعة باحثين في المرحلة الأولى

د. هاشم السيد: كما ذكرت سابقًا، التشكيل يضم خمسة أعضاء أساسيين، بالإضافة إلى 2 أو 3 مساعدين لرئيس الوحدة، ومجموعة من الباحثين في المرحلة الأولى.

المرحلة الأولى للوحدة محدودة الحجم ومرنة وقابلة للتوسع بعد الانتهاء من حصر البيانات

المرحلة الأولى ليست كبيرة نسبيًّا، ومن المتوقع أن تتوسع المراحل لاحقًا بعد الانتهاء من الحصر وتجهيز البيانات، بما يتيح دخول الأعضاء الجدد في الوقت المناسب وبالترتيب الملائم لتنفيذ المهام.

أحمد رضوان: ما فهمناه أن هناك إطارًا حاكمًا لعمل الوحدة، يحدد توجهاتها ويضبط الأدوات المتاحة لها ويتمثل في وثيقة سياسة ملكية الدولة.. ما التعديلات التي ترى أنها مطلوبة على هذه الوثيقة في ضوء النسخة المتداولة والتي سبق طرحها؟

إعادة النظر في وثيقة سياسة ملكية الدولة بعد مرور ثلاث سنوات ونصف كان ضروريًّا لتعكس المتغيرات الاقتصادية

د. هاشم السيد: وثيقة سياسة ملكية الدولة صدرت في عام 2022، ومرّ الآن ما يقرب من ثلاث سنوات ونصف على إصدارها. وخلال هذه الفترة طرأت متغيرات اقتصادية عديدة ومؤثرة، ما يجعل من الضروري إعادة النظر في مضمون الوثيقة.

نحن حاليًا نقوم بعملية حصر ودراسة لهذه المتغيرات، وقد عقدت اجتماعات متتالية برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وبمشاركة فريق كامل، للبحث في كيفية تحديث وثيقة سياسة ملكية الدولة وإصدار نسخة محدثة تعكس التطورات التي شهدها الاقتصاد المصري.

الدكتور هاشم السيد مساعد رئيس مجلس الوزراء، والرئيس التنفيذي لوحدة الشركات المملوكة للدولة

جوهر الوثيقة يركز على دور الدولة كمنظم للنشاط الاقتصادي وإفساح المجال للقطاع الخاص

هناك بالفعل متغيرات كثيرة تستدعي التحديث، وأتصور أنه خلال نحو شهر من الآن، وبعد اكتمال تشكيل الوحدة، سنبدأ في وضع تصورنا للتعديلات المطلوبة. وكما ذكرت سابقًا، فإن جوهر الوثيقة يقوم على تحديد دور الدولة باعتبارها منظما للنشاط الاقتصادي، مع إتاحة مساحة أوسع للقطاع الخاص، وهذا هو الاتجاه الرئيسي الذي ينبغي تثبيته داخل الوثيقة بصورة واضحة ودقيقة.

نحن لا نستهدف وضع برامج تنفيذية داخل الوثيقة نفسها، بل نركز على صياغة الإطار العام للسياسة، بينما ستقوم الوحدة لاحقًا بإعداد برامج تنفيذية محددة بتوقيتات واضحة لحوكمة دور الدولة في الأنشطة الاقتصادية المختلفة.

أحمد رضوان: إذن البرامج التنفيذية ستكون خارج الوثيقة؟

البرامج التنفيذية الخاصة بوثيقة سياسة ملكية الدولة ستكون مستقلة وواضحة التوقيت وخطة العمل

د. هاشم السيد: نعم، هذا رأيي الشخصي أرى أن البرامج التنفيذية يجب أن تُوضع في مسارات تنفيذية مستقلة، توضح متى سيتم تنفيذ كل بند، وما هي خطة العمل والإجراءات المحددة لكل عنصر من عناصر التنفيذ، فالأمر في جوهره بسيط وواضح.

أحمد رضوان: إذن أنت مع الرأي القائل بأن الوثيقة ينبغي أن تكون إطارًا عامًا أكثر منها خطة تفصيلية؟

الوثيقة ستظل إطارًا عامًّا ومرجعًا.. بينما سيتم ترجمة هذه السياسات إلى إجراءات عملية في مسارات مستقلة لاحقًا

د. هاشم السيد: بالتأكيد، وهذا رأيي الشخصي وأنا متفق معه تمامًا، فالجميع عند تناول الوثيقة يتعامل معها باعتبارها وثيقة مرجعية، وبالتالي يفترض أن تحدد الإطار العام لسياسة ملكية الدولة، على أن تتولى البرامج التنفيذية اللاحقة ترجمة هذا الإطار إلى إجراءات عملية، وأنا أؤيد هذا الرأي بشكل تام.

ياسمين منير: دعنا نعود إلى ملف الحصر خلال الفترات السابقة تكرّر الحديث عن قيام الجهات المختلفة بحصر أصول الدولة أكثر من مرة ومن واقع ما ترصده الآن، كيف تقيّم مستوى البيانات المتاحة؟ وإلى أي مدى تمنحكم هذه البيانات مؤشرًا واضحًا عن حجم الأصول المملوكة للدولة والمستهدف؟

د. هاشم السيد: دعيني أوضح الأمر، لم تكن هناك جهة محددة تتولى عملية الحصر بشكل مركزي، بل كانت كل جهة تقوم بالحصر من منظورها الخاص، وفق ما يتوافر لديها من معلومات، وكل طرف كان يجتهد ويعمل وفق رؤيته، لدينا بالفعل بيانات جيدة لدى مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، وقد بذلوا جهدًا كبيرًا في هذا الملف، ولدينا كذلك معلومات مهمة عن الأصول لكنها تركز على الجوانب الأساسية مثل القيمة والتبعية.

برامج التنظيم تحدد دور الدولة في القطاعات الإستراتيجية وإمكانية التخارج الجزئي أو الكلي

أما نحن، فبرامج التنظيم التي ستتولى الوحدة صياغتها تتطلب مستوى أعمق بكثير من المعلومات، لأننا نتعامل مع الشركات بصورة تحليلية وفنية، نحن بحاجة إلى بيانات مالية واقتصادية وفنية، ومعلومات تفصيلية عن العمالة والهياكل التشغيلية، وهي بيانات قد لا تكون متوافرة بالضرورة حاليًا لدى جهة واحدة بشكل كامل، ولذلك سنبدأ بجمع كل ما هو متاح في الجهات المختلفة، ثم توحيده في قاعدة بيانات موحدة.

أساليب التصرف تشمل تعزيز الحوكمة ودعم إدراج الشركات في بورصة الأوراق المالية

وكما ذكرت، أنا مقتنع ومؤمن تماما بأننا بحاجة إلى مشروع متكامل لرقمنة بيانات الشركات المملوكة للدولة، على سبيل المثال، في البورصة المصرية تُلزم الشركات بالإفصاح عن بياناتها المالية كل ثلاثة أشهر، وإلا تتعرض لتدابير وإجراءات تنظيمية، ونحن نحتاج إلى إطار مشابه مع الشركات المملوكة للدولة، بحيث تلتزم بنشر بياناتها بشكل دوري عبر منصة سيتم إنشاؤها لهذا الغرض.

قرار تطوير المنصة الرقمية يتحدد بعد تقييم طبيعة وحجم البيانات سواء بتعاقد خارجي أو فريق داخلي

أطمح إلى إنشاء منظومة وطنية متكاملة لحصر وحوكمة الشركات المملوكة للدولة، وهذه المنظومة تحتاج إلى حجم كبير من البيانات، بالإضافة إلى تدخل فني وتقني واستخدام مكثف لتطبيقات الذكاء الاصطناعي، حتى نتمكن من جمع الصورة كاملة وتحليلها بشكل دقيق. وقد بدأت بالفعل في هذا المشروع، واستعنت بخبراء متخصصين وعقدت معهم اجتماعات متتالية خلال الأسبوعين الماضيين، لأنني أريد أن ننطلق بسرعة في تنفيذ هذا العمل.

ياسمين منير: هل تتجهون للتعاقد مع جهة خارجية لتطوير المنصة الرقمية أم سيجري تنفيذها من خلال فريق داخلي؟

د. هاشم السيد: الأمر سيعتمد على شكل البيانات المتاحة وطبيعتها، وبعد تقييمها سنحدد الإجراء الأنسب، سواء كان التعاقد مع جهة متخصصة تستطيع تنفيذ المشروع بكفاءة، أو الاعتماد على جهة داخلية تمتلك القدرة الفنية على القيام به، فجميع الخيارات مطروحة ومتاحة.

رضوى إبراهيم: د. هاشم اسمح لي أن أصيغ السؤال أولًا ثم أوضح مقصدي.. أود أن أفهم ما هي القواعد والأساليب المعتمدة للتصرف في الشركات وفقًا لما نص عليه القانون والتي من المفترض أن يعرضها رئيس الوحدة على رئيس مجلس الوزراء؟ كما أود معرفة خصائص ومواصفات الشركات المستهدف التخارج منها؟

الوحدة تختص بوضع أساليب التصرف في الأصول استنادًا إلى طبيعة الشركة وملكية الدولة الكاملة أو الجزئية

د. هاشم السيد: كما ذكرت لك سابقًا، نحن سنبدأ في عملية الحصر والتصنيف، ولا يمكن وضع أو تحديد أي قواعد قبل أن نطّلع على البيانات التفصيلية لكل شركة، فأنا مؤمن تمامًا بأن التعامل سيكون حالة بحالة مع الشركات المملوكة للدولة.

دعيني أوضح هنا نقطة مهمة، هناك مصطلح لا أستخدمه إطلاقًا في حياتي وهو الخصخصة، لا ألجا إليه أبدًا ولا يعبر عن فلسفة عمل الوحدة، فنحن نتحدث عن إعادة هيكلة لكل شركة على حدة.

برامج التنظيم تتطلب بيانات مالية وفنية واقتصادية تفصيلية عن الشركات المملوكة للدولة

عندما نأخذ إحدى الشركات للعمل على هيكلتها سنقوم بجمع بياناتها بالكامل، ثم تعمل عليها القطاعات المختلفة وفرق العمل داخل الوحدة، وسنصل من خلال ذلك إلى برنامج تنظيم واضح، وقد تكون النتيجة أن الدولة ستعزز وجودها في قطاع معين إذا كان قطاعًا إستراتيجيًّا، وهنا نصمم برنامجًا يدعم هذا التوجه.

معايير قرار التخارج من الشركات تستند إلى الربحية والإستراتيجية وطبيعة القطاع

وفي حالات أخرى قد نرى أن التخارج الجزئي مناسب، فيكون هناك برنامج يحدد كيفية دخول القطاع الخاص، وقد تكون هناك حالات يتطلب فيها الأمر التعاقد أو الشراكة أو إعادة هيكلة من نوع مختلف.

رضوى إبراهيم: أتحدث هنا عن المرحلة التي ستلي وضع برامج التنظيم وما بعد الانتهاء من حصر الأصول.. فما هو الشكل الذي ستتخذه القواعد وأساليب التصرف في هذه الأصول والشركات؟

برامج التنظيم تحدد طرق تحسين أداء الشركات ودور القطاع الخاص

د. هاشم السيد: قواعد وأساليب التصرف تتلخص في أنه سيتحدد فيما بعد إما بالاحتفاظ بالشركة أو زيادة أو تقليص مشاركة الدولة في شركة ما، وفي حالة التخارج هل سيكون كليًا أم جزئيًا، أيضا يمكن أن يتم قيد وإدراج الشركة في بورصة الأوراق المالية وتعزيز الحوكمة بها.

القرارات التي ستتخذ ستكون وفقا لهذه الآليات وستعتمد على هذه القواعد كما نص عليها القانون، وستعرض على الجهات المختصة، وبالطبع سيتم اتخاذ القرارات من مجلس الوزراء، وسيتم ذلك على أساس التعامل مع كل حالة على حدة.

رضوى إبراهيم: أود أن أعرف كيف تفكر في هذا؟ وما هو التصور الذي تتبناه عند اتخاذ القرارات بشأن تلك الشركات؟ متى يمكن أن تقرر الاحتفاظ بشركة معينة أو زيادة مشاركة الدولة أو دمج شركة مع أخرى أو تقسيمها أو التخارج كليًّا أو جزئيًّا؟ وما هو الشكل العام للقواعد التي تحكم وتوجه هذه القرارات؟

أداء الوحدة سيقاس بالنتائج الواقعية على الأرض من خلال تنفيذ برامج الطروحات وخطط العمل

د. هاشم السيد: أود أن أوضح نقطة مهمة عند الحديث عن القواعد، وهي أننا تعلمنا من تجربة إدارة المحافظ الاستثمارية أنه لا توجد قاعدة ثابتة أو جامدة تصلح للتطبيق على جميع الحالات.

ما يمكننا وضعه هو أساليب للتصرف، أي نهج عام يوجه القرارات، وليس قواعد صارمة، القانون نفسه ذكر أن هناك “قواعد وأساليب للتصرف»، وأنا أركز هنا على الجزء المتعلق بأسلوب التصرف.

التعامل مع الشركات المملوكة للدولة سيكون حالة بحالة وفق بياناتها التفصيلية

الفكرة هي أننا سنتعامل مع كل شركة على حدة، هل الشركة مملوكة للدولة كليًّا أم جزئيًّا؟ وهل نحتفظ بها أم لا؟ هذه السياسات التي سنتفق عليها داخل الوحدة وسنقوم بعرضها على مجلس الوزراء، وستحدد إطار التعامل مع كل حالة بعد الانتهاء من الحصر والتصنيف.

بعد ذلك، سنطبق هذه الأساليب على كل شركة بحسب خصوصياتها، أي «حالة بحالة»، فلا يمكن وجود قاعدة واحدة تصلح لجميع الشركات، لأن طبيعة شركة X تختلف عن شركة Z وشركة Y وبناء على ذلك، سيقوم الفريق داخل الوحدة بوضع أساليب التصرف وفق هذا الإطار، ولا توجد إجراءات إضافية تتجاوز هذا النهج.

رضوى إبراهيم: وما هي مواصفات الشركات التي سيتم التخارج منها؟

د. هاشم السيد: قد تكون الشركات التي لا تحقق عائدًا، ففي هذه الحالة يطرح برنامج التنظيم السؤال: كيف يمكن تحسين أدائها؟ وعند دراسة الشركة بعمق، يمكن أن نرى أن من الأفضل إدارة هذا القطاع من خلال خبراء متخصصين في نوعية هذه الشركات، بهدف تحقيق عائد بدلًا من الإبقاء عليها في حالة خسارة، والمحك الأساسي هنا هو قدرة الشركة على تحقيق العائد الاقتصادي. وبالتالي، معايير التصنيف ستستند إلى عدة عوامل، منها الربحية، وطبيعة القطاع، والإستراتيجية، إلى جانب عوامل أخرى متعددة.

رضوى إبراهيم: وماذا عن الآليات التي سيتم اتباعها؟

الآليات التنفيذية تشمل التخارج الجزئي أو الكلي وتعزيز الحوكمة وإمكانية التعاقد مع خبراء ومتخصصين لإدارة الشركات

د. هاشم السيد: الآليات، كما ذكرت سابقًا، تتضح عند صياغة برنامج التنظيم، قد نقترح على مجلس الوزراء التخارج من شركة معينة، أو تعزيز حوكمة الشركة من خلال إدراجها في بورصة الأوراق المالية، أو السماح للقطاع الخاص بالحصول على نسبة معينة والمشاركة في إدارتها، وفي بعض الحالات، قد نتجه إلى أن نوصي بالتعاقد مع جهة خارجية متخصصة لإدارة الشركة بدلًا من الإدارة الحالية، فهذه هي الآليات التنفيذية الأساسية التي سيتم وضعها ضمن برامج التنظيم التي أشرتِ إليها.

أحمد رضوان: دكتور هاشم بناءً على التجارب السابقة، كثيرًا ما نكتشف بعد فترة طويلة أن بعض البرامج لم تسر بالوتيرة المتوقعة، أو أن بعض الوزارات التي تم تجميع الشركات العامة أو المملوكة للدولة تحت إشرافها لم تحقق الأهداف المرجوة أو لم تكن الأداة المثلى.. عندما تقوم بتقييم أداء وحدة الشركات المملوكة للدولة بعد ثلاث سنوات من الآن، على أي معايير ستستند في التقييم؟ وما هي المؤشرات التي ستأخذها في الاعتبار سواء كانت أرباحًا متحققة من الشركات، أو تخارجات، أو شراكات، أو عناصر أخرى يمكن قياس الأداء من خلالها؟

تستطيعون تقييم أداء الوحدة بعد مرور سنة واحدة من انطلاق عملها

د. هاشم السيد: عندما نراجع القانون، نجد أن هناك أهدافًا أساسية للوحدة، لذلك، عند تقييم أدائها، لن ننتظر ثلاث سنوات، بل يمكن البدء بالتقييم بعد سنة من التدشين، على سبيل المثال، أحد الأهداف المحددة يتمثل في تنشيط الأسواق المالية، وكما تعلمون خبرتي الطويلة في سوق المال وعملي كعضو مجلس إدارة في البورصة ولجنة القيد، ما يؤهلني لتصور كيف يمكن تحقيق هذا الهدف.

تنشيط الأسواق المالية أحد الأهداف المطلوبة من الوحدة.. وخبراتي في سوق المال تؤهلنا لتحقيق ذلك

على سبيل المثال، هناك شركات مملوكة للدولة يمكن أن تتوافق مع قواعد القيد الحالية، وإذا قمنا بطرح نسب بسيطة من هذه الشركات في السوق، فإن ذلك سيؤدي إلى تنشيط الأسواق المالية بشكل ملموس. لدي تصور متكامل يوضح كيف يمكن أن يرتفع رأس المال السوقي للبورصة المصرية خلال عدة أشهر نتيجة هذه المبادرة.

طرح نسب بسيطة من بعض الشركات المملوكة للدولة يسهم في تنشيط السوق

مثال آخر، عند النظر إلى التجربة السعودية، فإن طرح أرامكو وبعض شركات المرافق والبنوك أدى إلى زيادة كبيرة في رأس المال السوقي للبورصة السعودية. بنفس المنطق، إذا نظرنا إلى شركة مثل العاصمة الإدارية الجديدة المملوكة للدولة، وهي شركة لها قيمة سوقية كبيرة، فإن طرح نسبة صغيرة منها في السوق سيؤدي إلى زيادة كبيرة في رأس المال السوقي.

أحمد رضوان: إذن يمكن اعتبار طرح الشركات التي تتمتع بالجاهزية والجاذبية أحد عناصر التقييم.

رأس المال السوقي للبورصة مرشح للارتفاع بصورة غير مسبوقة في غضون أشهر قليلة حال طرح شركات جاذبة

د. هاشم السيد: بالضبط، والسؤال الأساسي هنا هو كيفية تحقيق الجاذبية الاستثمارية للشركات، لدينا شركات مملوكة للدولة بعضها عملاقة وذات قيمة عظيمة، فكيف نجعل هذه الشركات جاذبة للاستثمار؟ وكيف يمكن تنشيطها؟ نحن عادةً نتحدث عن برنامج الطروحات، ولكن يجب أن ندرس الملف بعمق ونحدد أي الشركات سيتم طرح نسب منها، وكيف يتم تسريع برنامج الطروحات؟ وقد لا يكون بالضرورة طرح نسب كبيرة من هذه الشركات، بل من الممكن أن تكون نسبة الطرح 1% أو 2% فقط من شركة ضخمة، وهذا كفيل بتحفيز الأسواق المالية وزيادة رأس المال السوقي، لدينا أدوات عدة لتحقيق ذلك.

أحمد رضوان: وهل يمكن قياس هذه النتائج؟

د. هاشم السيد: نعم، يمكن أن نقيس الأداء، من خلال النتائج الواقعية على الأرض، على سبيل المثال، خلال السنوات الثلاث الماضية كان هناك حديث متكرر عن طرح شركات محددة، لكن لم يحدث تقدم ملموس، واليوم تدخلت الوحدة وبدأنا في اتخاذ إجراءات عملية بطرح نسب محددة، وتنفيذ برامج محددة، ووضع خطط واضحة، وبناءً على هذه الإجراءات، يمكننا تقييم أداء الوحدة بشكل دقيق.

التقرير سيوضح ما تم إنجازه ومساهمة الوحدة في إعادة هيكلة الشركات وحصرها ورقمنتها

أؤمن بأن إدارة الوحدة يجب أن تتم بفكر ومنهجية بنوك الاستثمار وإدارة الأصول في القطاع الخاص، حيث يتم تنفيذ البرامج بشكل منظم وتحقيق النتائج المرجوة.

 

الدكتور هاشم السيد مساعد رئيس مجلس الوزراء، والرئيس التنفيذي لوحدة الشركات المملوكة للدولة

أحمد رضوان: هل هناك مؤشرات أخرى إلى جانب الطروحات يمكن استخدامها لتقييم أداء الوحدة؟

د. هاشم السيد: يمكن تقييم أداء الوحدة بعدة مؤشرات رئيسية، أولها كفاءة إدارة الشركات وحوكمة ممثلي الدولة فيها، نحن نعمل على حوكمة تواجد الدولة في الأنشطة الاقتصادية بشكل منهجي، ووفقًا للقانون، لا يجوز إنشاء أي شركة تابعة للجهاز الإداري للدولة إلا بعد الحصول على موافقة كتابية من الوحدة.

لن تنشأ أي شركة جديدة تابعة للجهاز الإداري للدولة إلا بعد موافقة كتابية من الوحدة

وبالتالي بما أنه تم حوكمة تأسيس الشركات الجديدة المملوكة للدولة، لم يعد بإمكان أي جهة إنشاء شركة في أي نشاط بشكل عشوائي، فعلى سبيل المثال، إذا كانت الشركة تعمل في قطاع الخدمات أو إدارة المنشآت السياحية، فلن يتم تأسيس شركة لها، حيث يمكن التعاقد مع علامات تجارية عالمية مثل ريتز كارلتون أو هيلتون لإدارة المنشأة، فالفكرة الأساسية هي تطوير برامج تعاون مع القطاع الخاص لإدارة هذه الشركات بدلًا من إنشاء شركات جديدة وتحمل تكاليف إضافية، مع ضرورة دراسة التكلفة بعناية قبل اتخاذ أي قرار.

بالتالي، إذا تمكنا من تحقيق الأهداف المحددة وفقًا للأطر الموضوعة، فمن السهل تقييم أداء الوحدة من خلال ترجمة أهداف ومهام القانون وقياسه على ما تم تحقيقه في الواقع.

الوحدة ستصدر تقريرها ربع السنوي الأول نهاية مارس 2026

لنفترض بدء العمل الفعلي في الأول من يناير 2026، وفي نهاية الربع الأول تحديدًا في 31 مارس، سنصدر تقريرًا يوضح ما تم إنجازه، وسيكون هناك شفافية كاملة لعمل وحدة الشركات المملوكة للدولة، بحيث سيظهر التقرير مساهمة الوحدة في إعادة هيكلة الشركات، وإنشاء منظومة لحصر الشركات، وبرنامج رقمنة البيانات وقاعدة المعلومات، وتنشيط برنامج الطروحات، بالإضافة إلى تعزيز حوكمة دور الدولة في النشاط الاقتصادي.

أي جهة تعمل بما يحقق المصلحة الوطنية ستحظى بدعم المجموعة الاقتصادية ومجلس الوزراء

ونحن نتحدث عن إعلاء المصلحة الوطنية، وأي جهة تتوافق أعمالها مع هذه المصلحة ستحظى بالدعم الكامل من المجموعة الاقتصادية ومجلس الوزراء، بالتالي، أي قرارات أو توصيات تصدر عن الوحدة، طالما تصب في صالح الاقتصاد الوطني، ستلقى تأييدًا كاملًا.

أحمد رضوان: استراحة قصيرة ونعود للجزء الثاني من لقاء صالون حابي مع د. هاشم السيد مساعد رئيس الوزراء ورئيس وحدة الشركات المملوكة للدولة، في أول ظهور له بعد توليه المنصب الجديد.

الرابط المختصر