أزمة «أبراج» تفتح ملف النموذج الأفضل للاستثمار في الملكية الخاصة

مصادر: استثمارات محلية وإقليمية بدأت تبحث اقتناص إدارة صناديق المجموعة والاستحواذ على أصول تابعة

بركات: الأزمة ستنعكس على شركات الاستثمار المباشر في المنطقة ككل .. الكيانات الحديثة الأكثر تأثرًا

توقعات بزيادة آجل موافقات تمويل المؤسسات الدولية إلى 3 سنوات

E-Bank

اتجاه عالمي لمد أجل استثمار الصناديق إلى 20 عامًا لتفادي خسائر البيع الاضطراري

تغير ثقافة مشاركة مستثمري الخليج في الملكية الخاصة خلال السنوات الأخيرة

فرق إدارة استثمارات العائلات الكبرى وذوي الملاءة المالية غيرت قواعد وشروط التمويل

تابعنا على | Linkedin | instagram

أنماط جديدة لتحديد توقيت استدعاء التمويلات وحساب أتعاب الإدارة

نصائح بالتركيز على جذب السيولة المحلية .. وجمع التمويل لفرص محددة

مغاوري: مزاولة النشاط بنظام “المحافظ” الأقل مخاطرة من “الصناديق العمياء”

هلال: جهات التمويل تراجع معايير فحص مديري الاستثمار.. وأزمة الثقة ستستغرق وقتًا

ياسمين منير ورضوى إبراهيم

فجرت أزمة مجموعة “أبراج” الإماراتية، العديد من علامات الاستفهام حول مستقبل نشاط الاستثمار المباشر في مصر وأسواق المنطقة.

وطرحت “حابي” في هذا الملف على مسؤولي كبرى الكيانات العاملة بالاستثمار المباشر في السوق المحلية عدة تساؤلات عن النموذج الأمثل لجمع أموال الشركات أو الصناديق المتخصصة، لاستعادة ثقة المستثمرين في شركات إدارة الاستثمارات الخاصة، دون التعرض لمخاطر قد تهدد بقاءها، وكذلك الحفاظ على الدور الحيوي الذي يلعبه هذا النشاط في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة للاقتصاد القومي.

كما استطلعت “حابي” آراء عدد من كبار اللاعبين بالسوق المحلية، حول انعكاسات الأزمة على أعمالهم مع ممولي أنشطتهم، بعد اتهام المجموعة الإماراتية بسوء استخدام أموال بعض الصناديق المدارة بواسطتها وعدم قدرتها الالتزام بسداد ديون، وصولًا إلى سير أحد دائنيها في دعوى قضائية لتصفية وإغلاق المجموعة، التي تعد من أكبر شركات الاستثمار المباشر في منطقة الشرق الأوسط، ومن أهم رواد النشاط على مستوى العالم.

وكان من أهم الاستفهامات التي فجرتها الأزمة حدود تأثر شهية المستثمرين ذوي الملاءة المالية ومؤسسات التمويل الدولية -وهم الجمهور الأوسع لهذا النشاط- في الإقبال على صناديق الاستثمار المباشر الجديدة أو التي لم تستدعِ كامل التمويلات المتعاقدة عليها، وأسلوب التعامل الأفضل مع الأموال في حال تأخر إنهاء الصفقة التي جمعت لها.

وأيهما أكثر استقرارًا وقادر على استعادة ثقة الممولين في مزاولة نشاط الاستثمار المباشر الشركات أم الصناديق المحددة المدة، وما هي الفترة المناسبة لعمل صندوق استثمار مباشر ينتقي الفرص التي يضخ أمواله بها وقد يحتاج أن يستغرق استثماره بأحدها فترة تصل إلى 10 سنوات لتحقيق أفضل عائد ممكن ، دون أن يضطر إلى بيعها مع انتهاء مدة الصندوق.

ورغم التأكيد على أن هذا الملف يستهدف مناقشة التحديات التي تواجه النشاط، ولن يتطرق إلى تقييم أداء مسؤولي أبراج أو مناقشة كواليس القضية المثارة، إلا أن عددًا كبيرًا من مسؤولي كبرى الشركات المالية رفض نشر التعليق أو فضل عدم ذكر اسمه، مراعاه للعلاقات التاريخية التي جمعتهم بالمجموعة وقياداتها المختلفة خلال سنوات عملها بمصر والمنطقة العربية.

وأجمع مسؤولو الاستثمار المباشر أن هناك أزمة تواجه النشاط منذ عدة سنوات خاصة على مستوى الكيانات التي تمارس النشاط عبر صناديق استثمار تجمع أموالها في بداية عملها وقبل الاتفاق على صفقات محددة تسعى لاقتناصها، وأن نموذج العمل بالشركات المساهمة أو استدعاء الأموال مع كل صفقة قبل مرحلة التنفيذ مباشرة، هو الأفضل وسط نماذج الاستثمار المباشر وإدارة الأموال وأكثر استقرارًا وقدرة على تحقيق عائد منخفض المخاطر.

ولعبت الأزمة ، دورًا محوريًّا في لفت انتباه عدد من مديري الاستثمار، إلى ضرورة إجراء بعض التعديلات على نماذج العمل، وفي مقدمتها إطالة فترة الصندوق بما يسمح للمدير بانتهاج سياسات المستثمر الاستراتيجي وتلاشي الاضطرار لبيع أصل في وقت غير مناسب بسبب مدة الصندوق، والتحول إلى نموذج جمع الأموال مع كل فرصة استثمارية وليس مسبقًا.

وبالفعل شهدت الفترة الأخيرة تغيرات جوهرية في السياسات الاستثمارية لبعض شركات الاستثمار المباشر، التي بدأت تستهدف فرصًا مباشرة وانتهاج أنماط شراكة كبديل عن الصناديق مثل التحالف مع المتخصصين في النشاط المستهدف، أو نموذج الشركة الذي يعتمد على مساهمين رئيسين في كل الاستثمارات بجانب إشراك آخرين في بعض الصفقات.

كما كشفت الأراء عن فرص خلقت من رحم الأزمة، بدأ يتتبعها مديرو الاستثمار ورؤوس الأموال بمصر والمنطقة، بهدف المنافسة على إدارة الصناديق، أو الاستحواذ على أصول تابعة، إلا أن تسارع وتيرة الأحداث والتشابكات المتعلقة بالمجموعة الإماراتية قد تعرقل هذه المساعي لحين استقرار الأوضاع ووضوح الرؤية.

حازم بركات، رئيس شركة “بي إنفستمنت” للاستثمار المباشر

من جانبه، قال حازم بركات، رئيس شركة “بي إنفستمنت” للاستثمار المباشر: “تعرُّض أي شركة مزاولة للنشاط لأزمة مع أحد المساهمين أو الممولين لا يعنى بالضرورة ارتفاع احتمالات تعرض نظرائها في السوق لأزمات شبيهة، خاصة أن نماذج العمل متعددة، ولا يوجد استثمار غير معرض لمخاطر ولكن العبرة بأسلوب التعامل مع التطورات والمستجدات”.

وأشار بركات إلى أنه على الرغم من اختلاف نماذج العمل بين المؤسسات وتفاوت درجات تأثرها تبعًا لحجم أعمالها واستثماراتها أو هوية مموليها، إلا أن دائمًا ما يتأثر الاستثمار في أي قطاع عند تعرض أحد كياناته لأزمة، حتى وإن كانت أسبابًا غير معلومة أو مؤكدة، وفي هذه الحالة يكون التأثر سيكولوجي ومحدود الأجل.

وأضاف بركات أن الأزمة التي تعرضت لها أبراج ستلقي بظلالها على كل الشركات العاملة في نشاط الاستثمار المباشر في أسواق المنطقة ككل، حتى مع اختلاف معطيات كثيرة إلا أن حدوث ذلك أمر طبيعي، قائلًا: “ على خلفية تصاعد الأزمة التي يواجهها النشاط في بعض أسواق الخليج منذ فترة تلقينا استفسارات جديدة لم نكن نعتاد على التعرض لها في أوقات سابقة، مثل اطلاع العملاء على حساباتهم وبعض مستنداتهم والمراكز المالية الخاصة بهم في الشركات محل الاستثمار، وحتى وإن لم نتعرض لأزمة نتيجة المستندات والتعاملات المنضبطة، إلا أن الأزمة فعليًّا بدأ يستشعر بها الجميع بأثرها على أعماله.

واستطرد رئيس شركة “بي إنفستمنت”، أنه على الرغم من تأثيرات الأزمة على شركات النشاط نتيجة حالة الاضطراب والتوتر التي قد تصيب بعض الممولين أو المساهمين، إلا أنها ستكون قصيرة الأجل على مستوى الشركات القديمة والتي تمتلك سمعة جيدة على مدار سنوات طويلة في إدارة الأموال والثروات.

وتوقع بركات تراجع عدد شركات وصناديق الاستثمار المتخصصة في الملكية الخاصة خلال السنوات القليلة المقبلة، قائلًا: “الأمر سيزاد صعوبة على مستوى الصناديق التي تؤسس من خلال كوادر ماهرة ولديها سابقة أعمال طويلة وترغب في بدء عمل جديد، خاصة التي تعتمد إلى حد كبير على مساهمات مؤسسات التمويل الدولية قى كياناتها، مقابل فوائد سنوية كبيرة”.

وأوضح بركات أن كيانات الاستثمار المباشر التي تعتمد على مساهمات وتمويلات المؤسسات الدولية، ستتعرض لأزمة أكبر من نظيرتها التي تدبر أموالها بطرق أخرى، نظرًا لكون هذه المؤسسات وقبل أي أزمات متصاعدة تستغرق وقتًا طويلًا لإنهاء موافقاتها وإجراءات الحصول على التمويل منها كان يصل إلى عامين.

ومن المتوقع أن تشهد تلك الإجراءات مراجعات جديدة لتكون أكثر صرامة ورفع مستوى التحوط من مشكلات النشاط في منطقة الشرق الأوسط، مما سيطيل فترة الحصول على التمويل قد تصل إلى ثلاث سنوات، علاوة على بعض القيود الأخرى على الموافقات، وفقًا لحازم بركات.

وعلى مستوى النموذج الأفضل لعمل كيانات الاستثمار المباشر، قال: “ في عام 2006 فضلت تأسيس شركة متخصصة في أنشطة الاستثمار المباشر وعدم مزاولة من خلال صندوق استثمار في الملكية الخاصة، وكان الدافع الرئيسي لذلك هو عدم الاضطرار لبيع أصل أو التخارج من مشروعات قادرة على تحقيق نمو في أرباحه لمجرد الالتزام بالتصفية مع انتهاء مدة الصندوق الاستثمارى، خاصة أن بعض مديري الاستثمار يفقدون جزءًا كبيرًا من قيمة استثماراتهم في حالة الالتزام بالتخارج في وقت معين؛ لأن الحصول على تقييمات جديدة يحتاج إلى مرونة في التوقيت”.

وأضاف بركات، أن أحد الصناديق التي كان يشارك بها أثناء اندلاع الأزمة المالية العالمية التي وصلت تداعيتها لبيئة الاستثمارالمحلي وقتها، تعرض لمأزق الالتزام بتصفية أصوله مع انتهاء مدة الصندوق، بعد قلق المساهمين به وعلى رأسهم مؤسسات التمويل من استمرار الاضطرابات، مما أدى إلى بيع استثمارات واعدة وجيدة في توقيت غير مناسب لدورة الاستثمار بها.

ولفت بركات إلى أن أسواق الخليج التي تعد الممول الأكبر لصناديق الاستثمار المباشر عدلت من ثقافتها في التعامل مع هذا النشاط منذ سنوات، وأصبحت لا تفضل تمويل الصناديق في بداية التأسيس بكامل المبالغ المتفق عليها وترك الحرية كاملة لمدير الصندوق في إدارة الأموال طوال فترة الصندوق، كما كان الوضع في أوقات سابقة.

بل أصبحت تفضل نموذج استدعاء المبالغ على مراحل طوال فترة الصندوق، على أن يحدد زمن كل مرحلة بناءً على وجود فرصة استثمارية تحتاج لهذا التمويل، وإدارة الأموال مقابل أتعاب إدارتها كما هو الحال في الصناديق بغض النظر عن الشكل القانوني للوعاء –شركة أو صندوق- وفقًا لحازم بركات.

ونوَّه رئيس شركة “بي إنفستمنت” إلى أن مديري الاستثمار المباشر في السوق الأمريكي أيضًا أجروا تعديلات على نماذج أعمالهم في النشاط، فهناك عدد أكبر بات يفضل تأسيس شركات لضمان التحكم في إدارة وتحديد التوقيت المناسب للتخارج من الاستثمارات دون إحداث أي خلل أو فارق في تقييمات الاستثمار وعوائد المستثمرين منها، إضافة إلى قيمة أتعاب الإدارة التي تحدد على أساسها.

كما أن بعض مديري الاستثمار المباشر في السوق الأمريكية وعددًا من الأسواق المتقدمة الذين ما زالوا يفضلون مزاولة النشاط من خلال صناديق للاستثمار في الملكية الخاصة عدلوا من المدة التقليدية للصناديق والتي كان يدور متوسطها في حدود 7 سنوات، وأصبحت تصل حاليًا إلى 20 عامًا ليقترب من نموذج الشركة في استقرار فترات الاستثمار ومرونة وحرية تحديد وقت التخارج من الاستثمارات.

 

عمر مغاوري الرئيس التنفيذي لشركة “FEP” كابيتال للاستثمار المباشر

ومن جهته رفض عمر مغاوري الرئيس التنفيذي لشركة “FEP” كابيتال للاستثمار المباشر التعليق على تفاصيل وأسباب أزمة أبراج.

وعلى صعيد النموذج الأفضل لمزاولة نشاط الاستثمار المباشر، يرى مغاوري أن السياسة الاستثمارية التي تنتهجها شركته في التعامل مع عملائها هي الأمثل والأقل مخاطرة ، والتي تعتمد على تكوين محافظ ومراكز منفصلة لكل مستثمر أو مشارك في تمويل إحدى صفقاتها، والالتزام باستدعاء الأموال المتفق عليها وقت التأكد من جاهزية الفرصة الاستثمارية المستهدف اقتناصها.

وأكد مغاوري أن مزاولة نشاط الاستثمار المباشر عن طريق صناديق الاستثمار أصبح غير ملائم لثقافة الممولين والمساهمين ذوي الثروات أو لطبيعة عدد كبير من الفرص الاستثمارية بقطاعات اقتصادية مختلفة، خاصة التي تحتاج فترة استثمار طويلة وتزيد عن العمر التقليدي لهذه الصناديق.

وأضاف مغاوري أن ثقافة سوق الاستثمار المباشر تغيرت وتراجع المجال أمام نمط صناديق الاستثمار “المظلمة” أو “العمياء” كما يطلق عليها، والتي كانت تجمع رؤوس أموالها عند التدشين بعد الاتفاق مع المساهمين والممولين على ملامح السياسة الاستثمارية للصندوق، وتحديد مقابل أتعاب الإدارة منذ البداية، على أن يلتزم بتصفية الأصول مع انتهاء مدته المتفق عليها أو تجديدها في حال نجاحه في تحقيق عوائد جيدة.

وأشار رئيس شركة “FEP” إلى أنه منذ فترة طويلة يواجه صعوبة في إقناع المستثمرين بضخ أموالهم في نشاط الاستثمار المباشر بأسواق منطقة الشرق الأوسط، خاصة بعد الأزمة المالية العالمية التي زادت من صعوبة نجاح العديد من رحلات جمع التمويلات سواء على مستوى مؤسسات التمويل الدولية كبنك الأعمال الأوربي على سبيل المثال، أو على مستوى مستثمرين الخليج العربي والشركات العائلية الكبرى وصناديق التأمينات والمعاشات التي تفضل إدارة ثرواتها عن طريق هذا النوع من الصناديق.

ولفت مغاوري إلى أن أحد معالم تغير ثقافة جمهور صناديق الاستثمار المباشر، أصبح لدى الشركات العائلية الكبرى والمستثمرين ذوي الملاءة المالية خلال الوقت الحالي فريق منخصص في استثمار أموالهم، ويتولى هذا الفريق التنسيق مع مديري صناديق الاستثمار في حال المساهمة في تمويل فرصة استثمارية حددها الصندوق واقترب من اقتناصها فعليًّا، وبعد الاطلاع على قيمتها وكافة تفاصيلها، بدلًا من اعتماد هؤلاء المستثمرين بشكل كامل على مديري صناديق الاستثمار في أوقات سابقة.

وأضاف رئيس شركة “FEP” أن التغيرات التي شهدها نشاط الاستثمار المباشر خلال السنوات الأخيرة لم تقتصر على تعدد نماذج العمل وتراجع فرصة صناديق الملكية الخاصة النمطية، ولكن تطرقت إلى أساليب تحديد أتعاب الإدارة ومقابل الأداء، وفي بعض الحالات يتم الاكتفاء بتحديد نسبة على الربحية المحققة وبدون أتعاب الإدارة الذي كان يتم الحصول عليها بغض النظر عن تقييم الأداء سابقًا.

كما خلقت دور جديد لمدير الاستثمار وهو المساهمة في تمويل الصفقات كأحد وسائل رفع ثقة المستثمرين في الفرصة محل الاستحواذ، وظهرت شريحة كبيرة تشترط اشتراك مدير الاستثمار في تمويل جزء من الصفقة حتى وإن كان بمبلغ محدود، علاوة على رد الأموال التي تم جمعها لاقتناص فرصة استثمارية محددة فورًا حال عدم النجاح في إتمامها خلال مواعيد محددة مسبقًا.

عمرو هلال، مدير الاستثمار بشركة كابستون للاستثمار المباشر

ومن جهته، قال عمرو هلال، مدير الاستثمار بشركة كابستون للاستثمار المباشر أن النشاط يواجه أزمة ثقة كبيرة، قد تمتد إلى أكثر من عام، والسوق بالفعل بدأ يعاني منها على مستوى جمع السيولة، ليس في المنطقة فقط، بل في الأسواق الناشئة بشكل عام.

وأشار هلال إلى تقرير حديث عن تراجع حجم الأموال الموجهه للاستثمار المباشر في المنطقة خلال الربع الأول من العام .

وكشف هلال عن تحرك المؤسسات الدولية لتشديد معايير فحص صناديق الاستثمار ومديريها، وهو الإجراء الذي يتم للموافقة على ضخ استثمارات، وسينعكس ذلك على طول الفترة الزمنية التي تستغرقها الموافقة ، والتي كانت تدور بين 6 إلى 9 أشهر.

وأوضح أن عملية مراجعة معايير الفحص قد تستغرق وقتًا للتأكد من كفاءتها والاطمئنان لقدرتها ، خاصة أن تراجع الثقة له جذور تاريخية، ناتجة عن أداء ضعيف لبعض مديري الاستثمار، ما قلل من جاذبية ضخ استثمارات في الصناديق دون التعرف المسبق على الفرص الاستثمارية التي يتم جمع تمويلها.

وأكد هلال أن الوضع الحالي فرض ضرورة التنويع في مصادر تمويل الاستثمارات المباشرة وتوسيع قاعدة الشريحة المستهدفة، والتأقلم على المتطلبات التي تسعى إلى رفع درجة الشفافية في إدارة أموال المستثمرين.

وأشار إلى أن النموذج الأمثل للاستثمار المباشر في هذه المرحلة، هو انتقاء فرص بعينها والتحرك لجمع تمويلها، ثم المفاضلة بعد ذلك بين الغطاء الأمثل لإدارتها، سواء من خلال صندوق أو شركة استثمار، فالعبرة ليس في الشكل القانوني، وإنما في استعادة الثقة في أن الأموال سيتم استثمارها بالكفاءة المطلوبة.

كما نصح هلال مديري الاستثمار بالتركيز على جذب الاستثمارات المحلية، معتبرها فرصة لمخاطبة شريحة عريضة من رؤوس الأموال المصرية، موضحًا أن السوق المحلية تتمتع بتوافر سيولة مرتفعة، وشهية متعطشة للاستثمار في مختلف القطاعات.

في حين قال مسؤول أحد شركات الاستثمار المباشر الحديثة أن النشاط يعتمد في الأساس على السمعة الجيدة، وهذه السمعة عرضة للتأثر بثلاث عناصر رئيسية، أن يكون الأداء الاستثماري غير جيد، أو المبالغة في حساب الأتعاب التي يطلع عليها “CARRY”، من خلال المبالغة في تقييم الأصول تحت الإدارة لقياس تطور قيمتها خلال فترة الإدارة، وأخيرًا في حال استغلال الأموال في أغراض مختلفة عن التي استدعت من أجله.

وأوضح أن النموذج الأخير هو أساس مشكلة “أبراج”، ولكنه كشف في المقابل عن تعقد وتشابك كبير في المعاملات المالية، قد يطيح ليس فقط بسمعة مديريها بل قد يمتد الأمر إلى المساءلة القانونية والملاحقة القضائية، بخلاف أزمة عدم سداد الديون التي تواجهها، والتي يقدرها البعض بنحو مليار دولار، مؤكدًا أن الأزمة بات من الصعب التكهن بمسارها في ظل التطورات المتلاحقة التي تعرقل جهود المجموعة لإجراء هيكلة منظمة.

وكشف عن تحركات من مديري استثمار مباشر محليين وإقليميين للتعرف على فرص اقتناص حقوق إدارة الصناديق التابعة لإدارة أبراج، خاصة أن مجالس إدارات وأمناء الصناديق لديهم الحق في تغيير مديرالصندوق وفقًا لبنود التعاقد، رغم أن هذا البند قلَّما يستخدم ، ولكن في هذه الحالة قد يكون أحد الحلول المطروحة.

و أضاف أن التطورات السريعة للأزمة خلال الأسابيع الأخيرة، قد تعرقل أي فرص لعقد صفقات تخص المجموعة أو أصولها التابعة، سواء على صعيد الاستحواذ أو الإدارة، لحين استقرار الأوضاع والاستقرار على خارطة طريق واضحة لهذه الأزمة، خاصة بعد رفض مؤسسة التأمينات الاجتماعية الكويتية اتفاق لتجميد الديون، والمواصلة في دعوى قضائية لتصفية وإغلاق الشركة.

ومن جانبه قال مدير استثمار آخر فضل عدم ذكر اسمه، أن فرص الكيانات المحلية والإقليمية في اقتناص حقوق إدارة الصناديق التابعة لأبراج قد يكون ضعيف في مواجهه مديري الصناديق المحترفين بأمريكا وأوربا اللذين أبدوا اهتمامهم بتولي إدارة صندوق الرعاية الصحية على سبيل المثال.

وأوضح أن المساهمين لن يجازفوا بإسناد هذه الصناديق مرة أخرى لمؤسسات الأسواق الناشئة، باعتبار “أبراج” أكبر وأهم هذه الكيانات وبالتالي ستكون المخاطرة غير منطقية، في حين قد تكون فرص الشركات المحلية والإقليمية أوفر في اقتناص الأصول التابعة لهذه الصناديق.

وأضاف أن المؤسسات العالمية لن تكون مهتمة بالأصول التابعة للصناديق، في ظل صغر حجمها والذي يدور بين 50 إلى 100 مليون عن متوسط الصفقات التي تستهدفها هذه الكيانات، كما أنها تتطلب عملًا ودراسات تقلل من جدواها الاستثمارية من منظورهم، باستثناء شركات قليلة من التي لديها تواجد بالفعل بالمنطقة مثل شركة “كارلايل” الأمريكية للاستثمار المباشر، والتي لديها تاريخ طويل من الاستثمار في إفريقيا.

وأشار إلى أن المجال مفتوح أمام رؤوس الأموال المصرية والإقليمية لدراسة الفرص المتاحة تحت مظلة “أبراج”، خاصة أن بعض الأصول التابعة قد تكون عرضة لعروض استحواذ قبل الوصول إلى الفصل النهائي من أزمة المجموعة الإماراتية، خاصة تلك المتداولة بالبورصة، مثل شركة مستشفي كليوباترا المتداولة بالسوق المحلية.

وأشار إلى أن مستثمرين استراتيجيين بدأوا بالفعل في بحث الفرص المتاحة بمحفظة أبراج للرعاية الصحية بمصر،وأبدي أيضا مستثمرين ماليين اهتمامهم بالمحفظة، في ظل تزايد احتمالات رغبة المجموعة في التخارج من الأصول التابعة في حال تلقي عرض جيد.

وفي حين أكد أن أزمة أبراج ستلقي بظلالها على جاذبية نشاط الاستثمار المباشر، وعلى قدرة مديري الصناديق في جمع الأموال ، خاصة أن الاستثمارات الخليجية تعزف خلال السنوات الأخيرة عن المشاركة في الصناديق سوى العالمية باعتبارها الوسيلة الأمثل للاستثمار بهذه الدول، في حين يفضلون ضخ استثمارات على فرص محددة بالمنطقة وليس عبر الصناديق.

ولفت إلى أن أزمة الثقة هذه دفعت كثيرًا من شركات الاستثمار المباشر خلال السنوات الأخيرة لتغيير نموذج عملها بما يسمح بشفافية أكثر في تمويل وانتقاء الفرص لتسهيل عملية جمع الأموال، في حين أن الاتهامات التي تواجه أبراج قد تصعب المهمة على باقي اللاعبين، خاصة في ظل حالة الغموض المحيطة بالأبعاد الكاملة لهذه الأزمة.

الرابط المختصر