وول ستريت تصل لمؤسس أبراج الذى طالما ردد: طاووس اليوم هو ريشة منفضة الغد
"فى الإدراك المتأخر هل كان من الممكن إدارة الامر بشكل مختلف.. ربما"
نقفي: عملنا باستمرار مع كل المستثمرين والدائنين وملتزمين بالحل عبر طريقة سرية ومنسقة
تفسيرات مختلفة لاتفاق أبراج مع المستثمرين وراء الخلاف القائم
محادثات بيع الوحدة فى مراحل متقدمة
فايز حسيني: «من يتفاعلون مع عارف إما أن يحبونه أو يكرهونه».
إعداد ـ مريم عبد الغني
ألتمس عارف نقفي ود بيل جيتس، والبنك الدولي وصناديق التقاعد الأمريكية بالعزف على نغمة طموحة: استثمروا في صناديق الأسواق الناشئة خاصته لكسب المال ومساعدة الفقراء في الوقت نفسه.
والآن، يزعم بعض المستثمرين في صناديق أبراج، وهي شركة الملكية الخاصة التي أسسها نقفي ومقرها دبي، أن الشركة أساءت استخدام ما يقرب من 14 مليار دولار كانت تديرها، ويقاضي دائن الشركة لعدم حصوله على دين مستحق. ويحاول نقفي أن يُبقي شركته قائمة بالتزاماتها والدفاع عن سمعته.
وكان منظم الصفقات نقفي البالغ من العمر 57 عاماً، في محادثات بشأن الأزمة الأسبوع الماضي. وقالت مصادر مطلعة إن شركة « سيربيروس كابيتال مانجمنت» الأمريكية عرضت الاستحواذ على وحدة إدارة صناديق استثمار تابعة لـ«أبراج». وزاد تأخير في إجراءات بيع حصة قدرها 1.77 مليار دولار في شركة للإمدادات الكهربائية تديرها أبراج في كراتشي بباكستان، مسقط رأس نقفي، من تفاقم مشكلات تدفق النقد التي كان يعاني منها بالفعل.
وقال نقفي، في ردٍ مكتوب عن أسئلة مقابلة طلبت صحيفة «وول ستريت جورنال» إجرائها معه: “كنا نعمل باستمرار على مدار الساعة مع كل المستثمرين، والدائنين والمنظمين»، مضيفاً: «نبقى ملتزمين بحل ذلك الأمر بطريقة سرية ومنسقة، لتحقيق نتائج مُرضية لكل الأطراف».
وينفي نقفي كل المزاعم بشأن ارتكاب مخالفات.
ووفقاً لمصادر مطلعة على عملية تدقيق تخضع لها أبراج، فقد بدأت مشكلات نقفي هذا العام عندما وظفَّت مؤسسة «بيل وميليندا جيتس» ومستثمرون آخرون شركة محاسبة للنظر في إساءة استخدام محتملة لأموال استثمروها في صندوق رعاية صحية تابع لـ«أبراج» تبلغ قيمته مليار دولار.
وقال مصدران إن عملية تدقيق الحسابات توصلت إلى أن «أبراج» لم تنفق كل الأموال كما وعدت على المستشفيات في بلدان بما في ذلك الهند ونيجيريا؛ وبدلاً من ذلك أظهر التدقيق أن الشركة أخذت بعض الأموال من صندوق الرعاية الصحية لكنه لم يوضح بالتحديد كيف استُخدمَّت تلك الأموال.
وذكرت «أبراج» أن الأموال التي أُخذَّت من صندوق الرعاية الصحية استخدمت لغرضها المُعلن أو أعيدت إلى المستثمرين، مضيفة أن عملية تدقيق منفصلة أمرت بها الشركة وأجرتها شركة « كيه بي إم جي» توصلت إلى أن كل الأموال في صندوق الرعاية الصحية اُديرت «بما يتوافق مع الإجراءات المتفق عليها».
وقال نقفي في مقابلة عبر الهاتف إن الخلاف القائم تسببت به تفسيرات مختلفة لاتفاق «أبراج مع المستثمرين»، مضيفاً: «شعرنا بأنه من ضمن حقوقنا أن نفسره بالطريقة التي نريدها، (لكن) في الإدراك المتأخر هل كنا لندير الأمر بشكل مختلف؟ ربما».
وأوضحت مصادر مطلعة أن «أبراج» أبلغت المستثمرين في مايو الماضي أنها استثمرت الأموال في صندوق آخر لأغراض عامة للشركة.
وأيضاً في مايو طالب صندوق تقاعد كويتي من إحدى محاكم جزر كايمان إعلان إفلاس شركة تابعة لـ«أبراج» ومقرها جزر كايمان، زاعماً أنها عاجزة على سداد قرض قيمته 100 مليون دولار. وقال متحدث باسم «أبراج» إن الشركة تحاول الوصول إلى “نتيجة توافقية” مع المقرض. ومن المقرر عقد جلسة استماع في المحكمة بشأن إعلان إفلاس تلك الشركة في جزر كايمان في أواخر يونيو الجاري.
وقال موظفون سابقون بالشركة، في مقابلات أجريت معهم، إن قائد «أبراج» نقفي، وهو أكبر المساهمين والقوة الدافعة للشركة، لديه سلوك يميل إلى الرغبة في الهيمنة أسس لحدوث تلك المشكلات.
ويُلقي العديد من هؤلاء الموظفين السابقين بلائمة تلك المشكلات على ما قالوا إنه التوسع الطموح أكثر من اللازم لنقفي خارج صفقات الشرق الأوسط.
وقال المدير السابق بـ«أبراج» فايز حسيني: «من يتفاعلون مع عارف إما أن يحبونه أو يكرهونه».
ويُمثَّل تغير الحظ ذلك تحولاً مباغتاً لنقفي، الذي كان صعوده نتيجة تحدي اعتقاد أن الأسواق الناشئة أكثر خطورة من تلك الغربية باعتبارها وجهة استثمار، وهي وجهة نظر وصفها بالمتعجرفة.
وقال في مؤتمر بنيويورك في سبتمبر الماضي: «أجرؤ على القول، بصراحة شديدة، أنه عندما حلَّت المخاطر على النظام المالي العالمي وعلى حياتنا فقد جاءت مباشرة من هنا، من مدينة نيويورك، في 2008 مع انهيار ليمان براذرز».
درس نقفي في كلية لندن للاقتصاد، حيث تعرض للوم مرة لتدخينه في غرفة مشتركة، كما قال. وفي دليل على قوة الأموال قال إنه عاد إلى الجامعة بعد 25 عاماً للتبرع بأموال واستأذن قبل أن يدخن سيجارة أثناء عشاء، حيث قيل له هذه المرة: «بالطبع لك ذلك».
بعد تخرجه انضم إلى شركة المحاسبة «آرثر آندرسن»، والتي لم تعد موجودة في وقتنا هذا. وتولى مهمات في شركة «أمريكان إكسبريس» تليها «مجموعة العليان» السعودية. واستقر في دبي كمستثمر في عام 1994، وفي عام 2002 أسس «أبراج».
كان المستثمرون الأوائل في «أبراج» من العائلات الشرق أوسطية الثرية، والتي قال عنها نقفي إنها «غالباً ما كانت ترسل لنا الأموال بمكيات كبيرة قائلة لنا وزعوها حيث شئتم». وجمع أموالاً أكبر معتمداً على الاستثمارات الناجحة ووظَّف مئات العاملين، بما في ذلك رؤساء خدم. وأظهرت وثائق جمع التمويل لشركة «أبراج» أنها حققت أرباحاً أكثر من أربعة أضعاف استثماراتها في خمس شركات بيعت بحلول عام 2007 وسجلت عوائد سنوية صافية عام 2016 بلغت 17.9 ٪ .
ولتوسيع نطاق قاعدة مستثمري «أبراج» وانتشارها الجغرافي، قاد نقفي في عام 2012 عملية الاستحواذ على « أوريوس كابيتال». وجمعت الشركة العالمية المتخصصة في إدارة صناديق الملكية الخاصة ومقرها لندن أموالاً من مؤسسات غربية بما في ذلك «مؤسسة جيتس». وبعد ذلك مباشرة، شاركت «مؤسسة جيتس» في مشروع لـ«أبراج» في باكستان.
اكتسب نقفي مكانة مرموقة برعايته لمعرض فن دبي/Art Dubai. ووقع على “تعهد العطاء” – وهي حملة خيرية من بيل وميليندا غيتس ووارن بافيت – بعد بدء عمل خيري بقيمة 100 مليون دولار في باكستان. وحصل على مرتبة شرفية، بما في ذلك قلادة Sitara-i-Imtiaz الباكستانية وجائزة أعمال من أجل السلام بأوسلو.
وسافر نقفي بطائرة خاصة واشترى يختاً، ومنزل في دبي يقطن إلى جواره فيه المليارديرات وكذبك قصرًا بقيمة 12.7 مليون دولار بالقرب من قصر بلاينهايم في إنجلترا.
بحلول عام 2017، كان يسعى لتتويج إرثه بجمع 6 مليارات دولار في ما كان ليصبح أكبر صندوق ملكية خاصة في الأسواق الناشئة. ووافق نظام تقاعد المدرسين في لويزيانا ومجلس ولاية واشنطن للاستثمار على الاستثمار مع نقفي.
ثم تغير كل شيء. وقال نقفي، في المقابلة عبر الهاتف، إن أخباراً عن تحقيقات متعلقة بصندوق الرعاية الصحية انتشرت في فبراير تسببت في «اضطراباً» إذ أنها «فتحت الباب على مصراعيه» لتوجيه المستثمرين أسئلة لـ«أبراج» بشأن ما يحدث بالشركة.
وأعفى نقفي مستثمرين من تعهداتهم بتقديم أموالاً إضافية.
ورد جيمس نابر، أمين صندوق خطة التقاعد الخاصة بمعلمي ولاية لويزيانا، عندما سُئل عما إذا كان سيدرس الاستثمار في صندوق مستقبلي لـ«أبراج» ، قائلاً إنه يملك «قاعدة شخصية غير مكتوبة» يتبعها عند دراسة الاستثمار في شيء: «إذا كان الصندوق يعاني من مشكلة ما سابقة لا أفهمها تماماً، (حينها) لا أريد ذلك (الاستثمار)».
ووسط تلك المخاوف، تنحى نقفي عن إدارة وحدة إدارة الصناديق وعرضها للبيع. ومع ذلك يبقى أكبر مساهم في الشركة التي تدير الوحدة وتتخذ من جزر كايمان مقراً لها. ورفض «دويتشه بنك» الألماني، وهو ضمن المستثمرين في الشركة بجزر كايمان، التعليق على الأمر.
وقال نقفي إن محادثات بيع الوحدة في مرحلة «متقدمة».
إنه وضع صعب، حتى بالنسبة لرجل لطالما أكد على أهمية التواضع، إلى جانب ترديده مراراً ملاحظة في حديثه مع صحيفة «وول ستريت جورنال»: “طاووس اليوم هو ريشة منفضة الغد».