ما أنقذه أغرقه

بقلم صالح ناصر رئيس قسم التحليل الفني في بايونيرز

الأسماء المستخدمة في هذه الحدوتة هي أسماء غير حقيقية رغم أن الأحداث حقيقية، وأي تشابه في الأسماء هو غير مقصود ولا نتحمل مسؤوليته.

E-Bank

قصتنا اليوم هي قصة أحمد أبوهيبة وهو أحد الأشخاص العاملين في أحد البنوك، وقد اتصل بي في عام 2008 عندما كان السوق في أعلى مستوياته وسألني ونحن على الهاتف ”مش إنت قلتلنا قبل كدة إن لما المارجين يكون عالي ده معناه إن السوق بيكون قمة عشان ده معناه إن الناس اشترت بكل فلوسها وإنهم بيستلفوا عشان يشتروا زيادة؟.

“ فأجبت عليه ”أيوة يا أحمد فعلًا لو نسبة المارجين عالية ده خطر أوي على السوق“ فسكت قليلًا كأنه يفكر في شيء ما حتى أني اعتقدت أنه أغلق الهاتف فإذا به يقول ”يا صالح إحنا في البنك مخلصين الحد الأقصى اللي ممكن نسلفه لشركات السمسرة وده معناه إن الناس شارية مارجن بكثافة شديدة“ .

فقلت له إن هذا معناه أن كل هؤلاء الأشخاص سيضطرون للبيع مما سيؤدي بالسوق إلى الهبوط الشديد في حالة بيع المستثمرين لمراكزهم الهامشية. فقال سريعًا إنه سيبيع الأسهم التي يقتنيها حتى نرى ماذا سيحدث للسوق وبعدها يقرر ما إذا كان سيشتري مرة أخرى أم لا. فأجبته أن هذا التصرف سليم وأن البيع هنا قرار جيد بالذات أن نسب المارجن عالية جدًّا في السوق.

تابعنا على | Linkedin | instagram

بعد أسبوع اتصل بي أحمد وقال لي إنه باع أسهمه وأنه مرتاح نفسيًّا بغض النظر عن حركة السوق خلال الفترة القادمة. فهو قام بالبيع بأرباح جيدة وأنه سينتظر بفارغ الصبر ليرى كيف سيتحرك السوق من هذه المناطق السعرية. وقال لي إنه حتى لو ارتفع السوق فلن يدخل مرة أخرى حتى يتأكد من هذا الصعود.

من الجدير بالذكر أن في أول مكالمة كان مؤشر السوق الرئيسي عند 12000 نقطة وفي المكالمة الثانية (بعد أن قام أحمد بالبيع) كان المؤشر يتداول بالقرب من ال11000 أو أعلى قليلًا مما يعني أنه باع بين هذين المستويين.

اليوم التالي بعد المكالمة الثانية خرجنا سويًّا وقابلنا أحد الأصدقاء من العاملين في إحدى شركات السمسرة، وكان من الواضح على صديقنا الثالث انبهاره بأداء السوق حتى أنه قال لنا إن السوق لن يهبط مرة أخرى خلال هذا العام.

فتكلمت معه أنه يمكنه الاحتفاظ إن أراد ولكنه يجب أن يتخلص من المراكز الهامشية كلها وأن يحدد نقطة للخروج (و لتكن 10500) إذا بدأ السوق في اتجاه هابط. وكان رد هذا الصديق أن السوق لن يهبط مرة أخرى وأنه متأكد من ذلك.

وقام أحمد أبوهيبة بالتأكيد على هذا الشخص أن ما يفعله ليس سليمًا وأنه يجب أن يبيع مراكزه الهامشية على الأقل. وكما نعلم جميعًا فقد انهار السوق وخسر صديقنا الثالث أمواله ودخل في مرحلة نفسية سيئة لفترة من الوقت.

بالنسبة لأحمد أبوهيبة فلم أره منذ انهيار السوق حتى قابلته مصادفة بعدها بشهر تقريبًا. كان أحمد شاحب الوجه وحزينًا فسألته ”مالك يا عم مش بعت لما السوق كان فوق؟“ فرد بحزن شديد ”أيوة يا صالح والله بعت وماشترتش تاني من ساعتها“ فسألته ”أمال مالك“ فرد بطريقة غريبة جدًّا ”أنا خسرت كل فلوسي“……

الحدوتة لم تنتهِ بعد.

الرابط المختصر