بقلم صالح ناصر رئيس قسم التحليل الفني في بايونيرز
الأسماء المستخدمة في هذه الحدوتة هي أسماء غير حقيقية رغم أن الأحداث حقيقية، وأي تشابه في الأسماء هو غير مقصود ولا نتحمل مسؤوليته.
……بالنسبة لأحمد أبوهيبة فلم أره منذ انهيار السوق حتى قابلته مصادفة بعدها بشهر تقريبًا. كان أحمد شاحب الوجه وحزينًا فسألته ”مالك يا عم مش بعت لما السوق كان فوق؟“ فرد بحزن شديد ”أيوة يا صالح والله بعت وماشترتش تاني من ساعتها“ فسألته ”أمال مالك“ فرد بطريقة غريبة جدًّا ”أنا خسرت كل فلوسي“.
– ”إزاي يا أحمد أنت مش يابني بعت كله؟“ – ”أيوة يا صالح بس عملت مصيبة“ – ”إيه هي“
– ”بنك….. كان فيه ديل”deal” عليه وأنا عارف عن الديل دة وكنت متأكد إنه حيتنفذ فاشتريت بكل الفلوس في البنك وأخدت عليه مارجن كمان بالحد الأقصي“.
– ”مش فاهم يا أحمد“. – ”يعني أنا بعد ما بعت عشان إنت كنت قايل لي نبيع عشان نسبة المارجن في السوق بقت عالية أوي دخلت اشتريت بمارجن مرة تانية في البنك دة عشان كان عليه ديل“.
نظرت إليه نظرة غير مصدقة لما حدث، فقد باع أحمد أبوهيبة أسهمه كلها ما بين مستوى الـ11000 والـ12000 حيث إن نسبة الشراء الهامشي في السوق كانت عالية جدًّا ثم قام بالشراء بكل ما يملك من أموال واستخدم آلية المارجن (التي باع بسببها أسهمه) ليشتري في أسهم البنك الذي كان من المتوقع أن يباع في ذلك الوقت.
فقلت له ”يا أحمد إنت بعت عشان المارجن ودخلت اشتريت بمارجن تاني؟“ فرد سريعًا ”أيوة يا صالح ما أنا كنت متأكد إن الديل دة حيتم وكان عندي معلومات أكيدة“ فسألته ”طيب حتعمل إيه؟“ فرد أحمد ”والله ما عارف أنا فلوسي خلصت ما إنت شايف السهم نزل حوالي 60% وأنا دلوقتي عليا فلوس لشركة السمسرة كمان“ سكت قليلًا ثم أخذته معي نتكلم في أحد المقاهي في منطقة الدقي.
هذا يحدث كثيرًا معنا، نبيع أسهمنا في مستويات عالية ونجني أرباحًا مرتفعة ثم نقوم باتخاذ قرارات بها قدر عظيم من المخاطرة، كالشراء بكل ما نملك في سهم معين لأن عليه أخبار سوف تظهر للعامة قريبًا مثلًا وهذا ما يسمي باتخاذ قرارات بناء على المعلومات الداخلية أو الـ“insider information” وهذا ما يبحث عنه الكثير من المستثمرين رغم أنه ممنوع دينيًّا وأخلاقيًّا قبل أن يكون ممنوعًا قانونيًّا ولكن للأسف ما زلنا نتعامل بنفس الطريقة ونحاول أن نحصل على معلومات قبل أن تظهر للعامة.
وأغلب من قاموا بالشراء سواء بناءً على معلومات داخلية أو بناء على أخبار لم يتم تأكيدها بعد (كما رأينا خلال الفترة السابقة في سهم جلوبال وغيرها من الشركات الأخرى) خسروا قدرًا كبيرًا من أموالهم. وهذا يأخذنا إلى منحى آخر وهو عدم الشراء بكل أموالنا في شركة حتى إذا كنا متأكدين أن عليها أخبارًا جوهرية فكثيرًا ما تحدث تغيرات جذرية في قرارات إدارات الشركات قد تؤثر سلبًا على سير الأحداث فبالتالي تؤدي إلى هبوط الأسعار.
وإلى القصة القادمة إن شاء الله.