هل يتجه المركزي لتهدئة إيقاع التيسير النقدي في أول اجتماعات 2020؟

تباين التوقعات بشأن مصير الفائدة في أول اجتماع للسياسة النقدية بتشكيلها الجديد

أمنية إبراهيم – تعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي المصري، أول اجتماعاتها بتشكيلها الجديد، الخميس المقبل، لتحديد مصير أسعار الفائدة في أول اجتماعات العام الجديد، ويطرح المتعاملون وأصحاب الأعمال وأسواق المال تساؤلًا حول هل سيستكمل المركزي سياسته التيسيرية التي بدأها بشكل واضح منذ شهر أغسطس الماضي، أم سيميل إلى الإبقاء على مؤشر العائد عند مستوياته الحالية 12.25% للإيداع و13.25% للإقراض لليلة واحدة؟

ويأتي اجتماع لجنة السياسة النقدية القادم، في وسط ظروف ومؤشرات متباينة، فمن ناحية شهد معدل التضخم عن شهر ديسمبر ارتفاعًا بفعل تغيير أثر سنة الأساس لاتجاهه، ليسجل الرقم القياسي العام لأسعار المستهلكين معدلًا سنويًّا بلغ 7.1% مقابل 3.6% في نوفمبر.

E-Bank

وصعد كذلك الرقم القياسي الأساسي المعد من قبل البنك المركزي إلى 2.37% مقابل 2.11%، كما تشهد المنطقة تطورات إقليمية وخارجية وتوترات سياسية مما قد يلقي بظلاله على الأسواق الناشئة حال تصاعد الأوضاع.

ومن ناحية أخرى، شهد الجنيه المصري تحسنًا مفاجئًا في تعاملات الخميس الماضي، على خلفية دخول تدفقات من صناديق دولية في سوق الدين الحكومي بحسب تصريحات مسؤول بالبنك المركزي لجريدة حابي، وذلك رغم توتر الأوضاع السياسة بالمنطقة، الأمر الذي يراه البعض قد يكون حافزًا ومشجعًا للبنك المركزي لخفض الفائدة دون القلق بشأن شهية المستثمرين الأجانب تجاه سوق الدين الحكومي.

وتباينت آراء محللي الاقتصاد الكلي في بنوك الاستثمار بشأن قرار المركزي في اجتماع لجنة السياسة النقدية القادم، كما كانت متباينة قبل آخر اجتماعات 2019 والذي كان من المقرر انعقاده بتاريخ 26 ديسمبر المنقضي، قبل أن يعلن البنك المركزي تأجيله إلى 16 يناير الجاري لحين اعتماد وإعلان تشكيل لجنة السياسة النقدية الجديد.

تابعنا على | Linkedin | instagram

ويميل البعض إلى إبقاء البنك المركزي على أسعار الفائدة دون تغيير لعدة أسباب أهمها هدوء الأوضاع بالمنطقة واستيضاح الرؤية واختبار شهية المستثمرين الأجانب تجاه سوق الدين قبل إجراء خفض جديد.

فيما يرى البعض الآخر فرصة لتقليل الفائدة بنحو 50 إلى 100 نقطة أساس بدعم من وجود معدل التضخم داخل المنطقة المستهدفة وعدم تأثر تدفقات الصناديق الأجنبية بما يحدث بالمنطقة الأمر الذي انعكس على سعر صرف الجنيه الذي ارتفع مجددًا أمام الدولار بعد أن فقد نحو 7 قروش جديدة في ختام تعاملات الأسبوع الماضي.

وشهد عام 2019 تطورات كبيرة على صعيدي الفائدة وسعر الصرف، حيث بدأ البنك المركزي دورة التيسير النقدي واتباع سياسة نقدية تستهدف تحفيز النمو بشكل واضح، بعد سلسلة تخفيضات متتالية في أسعار الفائدة، في آخر 3 اجتماعات للمركزي، سبقها خفض آخر في منتصف فبراير، لتصل الحصيلة الإجمالية لخفض مؤشر العائد على الجنيه خلال العام المنقضي إلى 4.5 نقطة مئوية.

أما على صعيد سوق الصرف، فقد بدأ سعر الدولار رحلة الهبوط أمام الجنيه قبل قرابة عام، تحديدًا في السابع والعشرين من يناير الماضي، وخسر خلال تلك الرحلة نحو 193 قرشًا ما يوازي نحو 11% من قيمته.

وسجل المتوسط المرجح لسعر العملة الأمريكية لدى البنوك في تعاملات اليوم الخميس، أدنى مستوى له منذ نحو 34 شهرًا، عند 15.9381 جنيه للشراء، ونحو 16.0381 جنيه للبيع، بحسب بيانات البنك المركزي، وكان سعر صرف الدولار قد بلغ 17.8650 جنيه للشراء، و17.9544 جنيه للبيع، بتاريخ 23 يناير 2018، قبيل بدء موجة الهبوط التدريجي.

ولم يسجل سعر الدولار مستوى أقل من المسجل في تعاملات الخميس الماضي، منذ ختام شهر فبراير 2017، حين بلغ 15.7679 جنيه سعر الشراء، ونحو 15.8706 جنيه سعر البيع، حيث اتخذ منذ ذلك الوقت اتجاهًا صاعدًا وصل إلى ذروته خلال النصف الأول من عام 2017، ليكسر الدولار حاجز 18 جنيهًا، ثم انخفض بعد ذلك قليلًا ليتراوح بين مستويات 17.50 إلى 17.90 حتى 23 يناير 2019.

رضوى السويفي: ضعف السيولة بالبورصة المصرية تدفعها لصدارة قائمة المتضررين من الاضطرابات الخارجية
رضوى السويفي رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس القابضة

بداية توقعت رضوى السويفي، رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس القابضة، اتجاه لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي للإبقاء على سعار الفائدة عند مستوياتها الحالية دون تغيير، في أول اجتماعتها للعام الجاري 2020، لعدة أسباب من بينها ارتفاع معدلات التضخم نسبيًّا، وإعطاء البنك المركزي مساحة كافية من الوقت لاستيضاح أثر قرارات خفض الفائدة التي تم اتخاذها في الشهور الأخيرة من العام الماضي، إلى جانب وضوح الرؤية فيما يخص التقلبات السياسية والأحداث الجارية بالمنطقة.

فاروس ترجح الإبقاء على الفائدة دون تغيير

وقالت السويفي، إن فاروس ترجح كفة تثبيت الفائدة في اجتماع الخميس المقبل، وترى أنه الاحتمال الأقرب، إلا أنها أشارت إلى أن تداول تصريحات رسمية من مصادر بالبنك المركزي عن دخول تدفقات أجنبية كبيرة من مستثمري المحافظ المالية في سوق الدين الحكومي يوم الخميس الماضي، مما انعكس بدروه على سعر صرف الجنيه الذي شهد ارتفاعًا ملحوظًا بعد تراجع متوسط سعر الدولار نحو 7 قروش دفعة واحدة، قد يكون أمرًا مشجعًا للبنك المركزي لخفض أسعار الفائدة الأساسية في الاجتماع القادم دون أن يكون هناك أي قلق بشأن شهية المستثمرين الأجانب، خاصة أن هذه التدفقات دخلت إلى مصر في الوقت رغم توتر الأوضاع وتصاعد المخاوف بالمنطقة.

سوق الدين وشهية الأجانب لم تتأثرا بالتوترات السياسية بالمنطقة

كان مسؤول بالبنك المركزي قد قال في تصريح خاص لجريدة حابي نشر يوم الخميس الماضي على بوابة حابي جورنال، إنه بالرغم من الأحداث السياسية بالمنطقة، جذبت مصر تدفقات كبيرة من الصناديق الدولية يومي الأربعاء والخميس، وجاءت تصريحات المسؤول ردًّا على تساؤل جريدة حابي حول تفسير تراجع سعر الدولار أمام الجنيه في تعاملات ختام الأسبوع.

وتابعت السويفي، أن دخول تدفقات جديدة من مستثمري المحافظ المالية الأجنبية في سوق أوراق الدين الحكومية رغم ثورات المنطقة، أمر جيد ويعكس ثقة المتعاملين بالاقتصاد المصري، ويعزز عدم وجود مخاوف بشأن مدى تأثر شهية المستثمرين تجاه مصر.

مخاوف من تصاعد الأحداث وانعكاساتها على التدفقات الأجنبية وأسعار البترول

وأوضحت رئيس قطاع البحوث ببنك الاستثمار فاروس القابضة، أن هناك تخوفات حول تأثر نسبة الاستثمارات الأجنبية بشكل عام في دول المنطقة، إذا ما حدث تصاعد جديد في الأحداث وزادت حدة التوترات السياسية وهو أمر لا نتمنى حدوثه، حيث إن أي تقلبات أو اضطرابات سياسية يكون لها تأثير سلبي على استثمارات المحافظ المالية.

وأشارت السويفي، إلى أن اضطراب الأوضاع السياسية بشكل عام ينعكس سلبًا على عدة نواحٍ منها سوق وسعر الصرف والتضخم وحجم التدفقات الأجنبية وأسعار البترول، كما يصيب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بشلل، وكلها أمور سيئة لا نتمنى حدوثها.

ولفتت السويفي، إلى أن تأثر دول المنطقة بالأحداث السياسية الجارية يشكل قلقًا بشأن تحويلات المصريين العاملين في الخارج، والتي تعد أحد المصادر الرئيسية للنقد الأجنبي بالبلاد.

وأكدت رئيس قطاع البحوث في بنك الاستثمار فاروس القابضة، أن مصر لم تشهد أي تأثير سلبي حتى الآن بخصوص ما يحدث من قلق وتوتر في المنطقة، وإذا ما شهدت الأمور تصاعدًا فسيكون لذلك تأثير على حجم التدفقات النقدية الأجنبية وبالتالي سعر الصرف كما ينعكس ذلك على مدى قدرة البنك المركزي في الاستمرار في سياسته النقدية التوسعية.

خفض الأهلي ومصر لعائد الشهادات الثلاثية خطوة متأخرة

وبسؤالها عن تفسير خفض البنوك العامة وتحديدًا بنكا الأهلي ومصر لأسعار الفائدة على شهادات الادخار أجل 3 سنوات، قالت السويفي، إن تحرك البنكين الحكوميين بمثابة خطة متأخرة، نظرًا لأن إجمالي نسب الخفض التي اتخذها الأهلي ومصر كانت أقل من معدلات خفض البنك المركزي لأسعار الفائدة خلال النصف الثاني من 2019.

وحول توقعاتها لسعر صرف الجنيه، لفتت رئيس قطاع البحوث، إلى أن توقعات فاروس ترجح ارتفاع الجنيه مقابل الدولار في حدود من 3 إلى 5% خلال العام الجاري، مشيرة إلى أن العملة المحلية أظهرت قوة على مدار عام 2019 لترتفع بنحو 10% على مدار العام، ومن المرجح أن تواصل الارتفاع ولكن بوتيرة أقل نسبيًّا.

إسراء أحمد
إسراء أحمد محلل الاقتصاد الكلي في شركة شعاع للأوراق المالية مصر

من جهتها ترى إسراء أحمد، محلل اقتصادي أول بقطاع البحوث في شركة شعاع لتداول الأوراق المالية – مصر، أن البنك المركزي عازم على استكمال خطته للتيسير النقدي وتعزيز معدلات السيولة بالسوق، ولكن مسألة التوقيت الأفضل والأنسب لقرار خفض أسعار الفائدة الأساسية، تدعم بنسبة كبيرة إبقاء صانع السياسة النقدية على أسعار الفائدة عند مستوياتها الحالية دون تغيير في اجتماع الخميس المقبل.

عامل التوقيت المناسب يدعم كفة تثبيت الفائدة

وقالت محلل الاقتصاد الكلي، إنه من الواضح استهداف البنك المركزي لدعم موقف السيولة، وتحريك السوق عبر ضخ عدد من الحزم التمويلية بأسعار فائدة مخفضة، وإنه لا يوجد ما يستدعي الاستعجال بشأن خفض أسعار الفائدة الأساسية في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل، والتي يمكن إعادة النظر فيها خلال الاجتماع اللاحق له، إذا ما كانت الظروف مواتية بصورة أفضل بالنسبة لتوقيت القرار.

استئناف التيسير النقدي خلال النصف الأول من العام

وأشارت أحمد، إلى أن البنك المركزي سيستكمل خطته التيسيرية سواء خلال الربع الأول من العام الجاري أو النصف الأول من العام، وأن العبرة فقط بمدى ملاءمة التوقيت لاتخاذ القرار.

وتابعت: «نتوقع هدوءًا في إيقاع التيسير النقدي خلال اجتماع المركزي القادم، برغم توافر مساحة للخفض، ونرى أن مسار انخفاض التضخم يسير بشكل جيد، ونتوقع أن تكون قراءات التضخم متوافقة مع هدف البنك المركزي البالغ 9% يزيد أو يقل 3% خلال عام 2020.

ومع ذلك، نعتقد أن لجنة السياسة النقدية قد تفضل الاحتفاظ بأسعار الفائدة عند مستوياتها خلال الاجتماع القادم، ليس فقط من أجل ارتفاع قراءات التضخم نسبيًّا مقارنة بقراءات سابقة، ولكن أيضًا لاختبار شهية المستثمرين في أدوات الخزانة قبل إجراء خفض آخر، وخاصة في ظل الاضطرابات الحالية التي تشهدها المنطقة والتي رغم كل شيء من المستبعد أن يستمر أثرها طويلًا.

وأشارت إلى أنه رغم الدخول الملحوظ للتدفقات الأجنبية في عطاء وزارة المالية الأخير يوم الخميس الماضي، والذي شهد إقبالًا ملموسًا وتمت تغطيته بمعدلات مرتفعة، إلا أن العطاء السابق له لم تكن نتائجه بنفس المستوى، مؤكدة أن الوقت الحالي مناسب بصورة أكبر لتثبيت البنك المركزي لأسعار الفائدة.

وعن تحرك بنكي مصر والأهلي ذراعي الحكومة بالقطاع المصرفي لخفض أسعار الفائدة بواقع 100 نقطة أساس على شهادات الادخار الثلاثية، قالت أحمد، إن تحركات البنكين الحكوميين في خفض الفائدة منذ بدء البنك المركزي دورة التيسير النقدي في أغسطس الماضي، كانت ضعيفة نوعًا ما وأقل من معدلات خفض المركزي، مما يعطى مساحة لإجراء تخفيض لتكلفة الأموال لديهما.

أما عن تطورات سوق الصرف والتحسن الأخير في قيمة الجنيه، قالت أحمد، إن الانخفاض المفاجئ في سعر الدولار أمام الجنيه، ارتبط في الآونة الأخيرة، بدخول تدفقات لاستثمارات أجنبية بمعدلات جيدة في سوق الدين المحلي، وهو ما حدث بالفعل في ختام الأسبوع الماضي، وانخفض على إثره الدولار بنحو 7 قروش.

تحسن الجنيه مرتبط بالدخول المفاجئ والكبير للأجانب في سوق الدين

وعن التوقعات، قالت محلل الاقتصاد الكلي، إنه في ظل التوقعات باستقرار أوضاع الأسواق الناشئة سيكون هناك معدل إقبال جيد لمستثمري المحافظ المالية الأجنبية بسوق أدوات الدين، وقد يشهد الجنيه ارتفاعات بالتوازي مع أي دخول مفاجئ للأجانب في سوق الدين، إلا أنها أشارت إلى أن التحسن في قيمة الجنيه لن يكون بمعدلات كبيرة على مدار العام، نظرًا لضعف احتمالية إقدام بنك الاحتياطي الفيدرالي على خفض الفائدة خلال العام الجاري أو أنها ستكون بوتيرة أقل.

وتابعت أن سياسة الفيدرالي الأمريكي في عام 2019 ساهمت في حدوث انتعاشة كبيرة في إقبال المسثمرين الأجانب على سوق أدوات الدخل الثابت في مصر في ظل جاذبية العائد واستقرار الأوضاع، الأمر الذي انعكس بدوره على حجم التدفقات الدولارية النقدية وكذلك أسعار الصرف، مما سمح للجنيه للارتفاع بصورة ملموسة.

الجنيه مرشح للارتفاع بمستويات أقل من 2019 لاختلاف توجهات الفيدرالي

وأضافت أن فرص تحسن الجنيه خلال عام 2020 ستكون أقل نوعًا ما عن معدل الارتفاع خلال 2019، في ظل غياب عامل مؤثر كان له تأثير كبير العام الماضي وهو انتهاج بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض الفائدة.

وعلى الناحية الأخرى قالت أحمد: «إذا ما حدثت تطورات جديدة مفاجئة على صعيد التوترات السياسية بالمنطقة وهو أمر لا نتمنى أو نتوقع حدوثه خاصة أن الأجواء شهدت هدوءًا على مدار الأيام الأخيرة بعد تصاعد الأحداث في مطلع العام، ولكن إذا ما حدث ونتج عن ذلك خروج لاستثمارات الأجانب من أسواق الدين من الأسواق الناشئة والسوق المصرية، فإننا لا نتوقع أن يكون هناك تراجع عنيف في سعر الجنيه أمام الدولار».

المركزي اتخذ عدة تحركات لتعزيز السيولة بالسوق ولا يوجد ما يستدعي استعجال الخفض

واستطردت أحمد، أن الرهان على استقرار سوق الصرف وعدم حدوث ارتفاع مفاجئ قوي للدولار أمام الجنيه، مرهون بحسن إدارة البنك المركزي واتخاذ الاحتياطات الواجبة لإدارة خروج جزء من التدفقات الدولارية إلى الخارج في حال حدوث ذلك، لمنع المضاربة على العملة أو عودة ظاهرة الدولرة، والحفاظ على استقرار وانضباط سوق الصرف.

وعلى صعيد قراءات بيانات التضخم، قالت محلل الاقصاد الكلي، إن ارتفاع معدل التضخم السنوي كان أمرًا متوقعًا، وأرجعت ذلك إلى انحسار أثر الأساس الإيجابي الذي ساد في الفترة السابقة، حيث عكس اتجاهه ليلعب دورًا معاكسًا مما أدى لارتفاع الرقم نسبيًّا، خاصةً بالمقارنة بأرقام فترة سبتمبر وأكتوبر 2019 والتي كانت منخفضة بشكل استثنائي.

وأكدت أحمد، أن أسعار المواد الغذائية والمشروبات لا تزال قيد السيطرة، حيث سجلت المواد الغذائية والمشروبات زيادة سنوية بنسبة 0.1%، بينما انخفضت على أساس شهري بلغ سالب 0.8%.

فيما سجلت بنود الاستهلاك الأخرى معدلات مختلفة من الزيادة على الأساسين الشهري والسنوي، فشهريًّا سجلت جميع العناصر تقريبًا ارتفاعات ما بين 0.1% و0.2%، بينما سجل التعليم أعلى ارتفاع سنوي بنسبة 28.5% بسبب الطبيعة الموسمية لقياس هذا البند تحديدًا، تلاه عنصر النقل الذي سجل زيادة سنوية قدرها 15%.

وترى أحمد، قراءة التضخم لشهر ديسمبر عادية برغم ارتفاعها النسبي، حيث إن زيادة التضخم من 3.6% إلى 7.1% كانت متوقعة ومنطقية، بسبب انعكاس أثر الأساس في ديسمبر، وتعتبر زيادة نسبية لا أكثر، وبمقارنتها بالمعدلات التي سادت خلال الأشهر السابقة وتحديدًا في سبتمبر وأكتوبر 2019 والتي ترى أنها منخفضةً بشكل استثنائي.

ولفتت إلى أن قراءات التضخم السنوية المتوقعة في المسار المعتاد في مصر تتراوح ما بين 6 إلى 8% في الأوقات العادية، من المتوقع أن تسود في معظم قراءات العام المالي الحالي 2019/2020، بفرض عدم وجود مفاجآت كبيرة، خاصة السلبية منها، مثل صدمة العرض من الفواكه أو الخضروات بسبب المناخ على سبيل المثال، أو زيادة في أسعار التجزئة للوقود في أي مراجعة دورية قادمة لأي ظرف.

محمد أبو باشا
محمد أبو باشا نائب رئيس قطاع البحوث في المجموعة المالية هيرميس

فيما جاءت توقعات محمد أبو باشا نائب رئيس قطاع البحوث بشركة المجموعة المالية هيرميس، في اتجاه آخر، حيث رجح إقدام البنك المركزي على إجراء خفض جديد في أسعار الفائدة في اجتماع لجنة السياسة النقدية المقبل واستكمال مسيرته للتيسير النقدي، بنسبة تتراوح بين 50 إلى 100 نقطة أساس.

50 إلى 100 نقطة أساس خفضًا متوقعًا

وأرجع أبو باشا، توقعات المجموعة المالية هيرميس إلى أن أرقام التضخم عن شهر ديسمبر مشجعة للبنك المركزي لإجراء خفض جديد لأسعار الفائدة، خاصة في ظل عدم وجود أي مخاوف أو قلق بشأن سوق الصرف مع التحسن الملحوظ الذي شهده سعر صرف الجنيه في ختام الأسبوع الماضي، وانخفاض الدولار بنحو 7 قروش دفعة واحدة يوم الخميس، الأمر الذي يشير إلى أن توتر الأوضاع السياسية والمخاطر الجيوسياسية بالمنطقة لم يلقِ بأي ظلال على السوق المصرية وشهية المستثمرين الأجانب تجاهها.

ونوه نائب رئيس قطاع البحوث في المجموعة المالية هيرميس، إلى أن أسعار البترول واتجاهاتها خلال الفترة المقبلة، قد تكون هي القناة الأكثر تأثيرًا إذا ما استمر ارتفاع أسعار النفط ليستقر لفترة بين مستوى 70 إلى 75 دولارًا للبرميل، أما إذا كان ارتفاعًا عارضًا لمدة شهر ليعود وينخفض لمستويات 65 إلى 70 دولارًا فلن يكون له تأثير قوي.

وأضاف أبو باشا: «إذا اتجه البنك المركزي للإبقاء على أسعار الفائدة في اجتماع الخميس القادم دون تغيير، فإن ذلك يعني إنه أكثر حرصًا وحذرًا وتريثًا لمراقبة الأوضاع واتجاهات السوق، وبما أنه أجرى سلسلة تخفيضات في مؤشر أسعار العائد على مدار الشهور الأخيرة من العام الماضي، فقد يتوقف لمراقبة الوضع والتيقن لوضوح الرؤية بصورة أفضل ليعود بعدها ويستكمل ما بدأه في التيسير النقدي».

المركزي أمامه فرصة لخفض مؤشر العائد 200 نقطة خلال 2020

وقال أبو باشا، إن قطاع البحوث في المجموعة المالية هيرميس، يرى أن هناك فرصة لخفض مؤشر الفائدة بنحو 200 نقطة أساس خلال العام الجاري، وأغلب الظن أن تكون خلال النصف الأول من 2020، وبغض النظر إن كانت ستبدأ التخفيضات من أول اجتماع للجنة السياسة النقدية في العام الجديد أو الاجتماعات اللاحقة المقرر انعقادها قبل نهاية يونيو القادم.
وتوقع أبو باشا، استمرار احتفاظ سوق الأوراق المالية الحكومية في مصر بجاذبيتها للاستثمارات الأجنبية، مشيرًا إلى أن شهية مستثمري المحافظ المالية والصناديق الأجنبية تجاه سوق أدوات الدخل الثابت ستظل عند مستوياتها، إلا أنه أشار إلى أن الأمر سيتوقف أيضًا على مقدار الخفض القادم في أسعار الفائدة خلال عام 2020.
وتابع نائب رئيس قطاع البحوث: «لا بدَّ أن تحافظ سوق الدين على دفع عائد حقيقي موجب للمستثمرين للحفاظ على جاذبيتها، وبافتراض استقرار التضخم حول معدل 7% فإن سعر الفائدة الحقيقي بالنسبة لمستثمري الأوراق المالية الحكومية يقدر بنحو 4% آخذًا بالاعتبار سعر الضريبة، حيث يبلغ صافي العائد من الأذون نحو 11% بعد خصم الضرائب».
وأضاف أبو باشا: على الأقل يجب أن يحصل المستثمرون الأجانب على 2% فوق معدل التضخم بالسوق المستثمر فيها حتى يكون استثمارًا مجديًا ذا نفع، ولذا ترى المجموعة المالية هيرميس أنه ما زالت هناك مساحة أمام البنك المركزي لخفض أسعار الفائدة بمقدار 200 نقطة أساس خلال العام الجاري.

ارتفاع متوقع في قيمة الجنيه بنسب محدودة خلال العام الجاري

وبالنسبة لاتجاهات سوق الصرف، قال أبو باشا، إن التدفقات النقدية الدولارية الواردة من استثمارات المحافظ المالية والصناديق الأجنبية، دعمت من موقف الجنيه الذي أظهر قوة ملحوظة أمام العملات الأجنبية على مدار العام الماضي، مشيرًا إلى أن العملة المحلية مرشحة لتحقيق ارتفاعات جديدة خلال العام الجاري ولكنها ستكون محدودة إلى حد ما.

دخول تدفقات أجنبية لأدوات الدخل الثابت يدلل على عدم تأثر شهية المستثمرين بأحداث المنطقة

وفسر أبو باشا، ذلك بأنه على مدار العام الماضي كانت هناك زيادة ملحوظة في التدفقات النقدية الأجنبية مما أدى إلى زيادة في المعروض الدولاري، قابله من الناحية الأخرى تباطؤ في نمو الاستهلاك الخاص مما أدى إلى تراجع في الطلب على الدولار للعمليات الاستيرادية، الأمر الذي سمح للجنيه بالارتفاع أمام الدولار في ضوء وفرة المعروض من النقد الأجنبي.

وتابع أبو باشا، أن الأوضاع والظروف في 2020 تغير عن العام السابق، حيث إن حجم التدفقات الواردة لمصر متوقع أن تكون أقل من مستويات 2019، في حين أن هناك توقعات بزيادة في الطلب على العملة الصعبة وزيادة في الواردات مع التوقعات بنمو حركة الاستهلاك للقطاع الخاص، وهو الأمر الذي يحدث توازنًا نسبيًّا ليجعل الارتفاعات المتوقعة في سعر الجنيه أقل من تلك المحققة على مدار العام الماضي.

الرابط المختصر