كريم هلال: تأهيل العاطلين قادر على النهوض بالصناعة.. وأهم المؤشرات هى الاجتماعية

مؤشرات الاقتصاد تتحسن لكنها لا تصل للطبقات الأقل.. والوضع يزداد سوءًا

أرقام الاحتياطي تتناول بسطحية.. فهناك فرق بين ما نملكه والأرصدة القابلة للاسترداد

E-Bank

تراجع التضخم غير منطقي مع زيادة تكلفة المعيشة بمعدلات تتجاوز 30%

أعداد الخريجين سنويًّا مؤشر لزيادة العاطلين.. وفرص العمل المنتجة هي الحل

التطبيق الحقيقي للشفافية ووضوح الرؤية وسيادة القانون.. روشتة مختصرة لجذب الاستثمار

تابعنا على | Linkedin | instagram

أزمتا العملة والطاقة دليل على غياب ثقافة الشفافية.. والمستثمر يحتاج الوضوح للتأقلم مع الضغوط

زرع ثقافة التعامل البنكي في المناهج الابتدائية ضرورة.. و«فيزا» رعت برنامجًا مماثلا في كندا

تركيز المسؤولية الاجتماعية للشركات على التدريب ومساندة ريادة الأعمال.. ضرورة

الحديث عن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة يمتد لسنوات.. والمبادرات القليلة تصطدم بكفاءة التنفيذ

توفير المواد الوسيطة للصناعة أولوية لجذب المستثمرين.. وتسهيل الإجراءات يبدأ من الموظفين وليس الوزراء

المشروعات السكنية توفر فرص عمل وتنمية مؤقتة.. وأخشى أن تتحول لغابات أسمنتية جديدة إذا غاب التخطيط

الزيادة البسيطة في سعر بنزين 95 تثير علامات الاستفهام.. والأولى تقليل العبء عن منتجات الفقراء

على الدولة ضغط مصروفاتها وتجنب الإنفاق الاستفزازي «التقشف يبدأ من البيت»

توسيع القاعدة الضريبية يبدأ من الشمول المالي.. والإلزام التدريجي بالتعامل البنكي أحد الحلول

السياحة أُهملت بشدة.. وتدهور سلوك العاملين الخطر الأكبر

حجم البورصة لا يتلاءم مع سياسات الصناديق الدولية.. والرهان على الشمول الاستثماري والطروحات الجديدة

ياسمين منير ورضوى إبراهيم

لخص كريم هلال، رئيس شركة أبوظبي القابضة للاستثمارات المالية ورئيس الجمعية المصرية الآسيوية للأعمال، حل مشاكل مصر الاقتصادية بأنه يبدأ من مواجهه البطالة، والدفع لاستغلالها في صناعات منتجة بالصورة التي تحدث فارقًا في حركة النشاط الاقتصادي والاجتماعي اللازم، محذرًا من مخاطر التهاون في التعامل مع هذين الملفين على وجه الخصوص.

وقال هلال ممازحًا في بداية حوار موسع مع جريدة «حابي» عن الشأن الاقتصادي والتجارب الدولية التي استطاعت أن تنطلق من كبوات مشابهة لتحقيق طفرات اقتصادية واجتماعية ملموسة: «أكثر ما نتميز به في مصر على صعيد الإنتاجية هو التكاثر، وعلينا استغلال هذه الميزة في تنمية صناعات منتجة على نطاق واسع، ومواجهة الشره الاستهلاكي الذي يتسم به الشعب المصري، وللوصول إلى ذلك لا بدَّ من وقفة مع التعليم».

وحدَّد هلال عددًا من الخطوات الهامة والبسيطة القادرة على دفع عجلة النمو بدءًا من الاهتمام بالتعليم الفني، ورفع كفاءة العمالة المصرية سواء من خلال برامج حكومية أو خاصة، وكذلك الدفع بمناهج تعليمية قادرة على إحداث فارق في ثقافة الشمول المالي، الذي يعد عنصرًا أساسيًّا للتنمية بالتجارب الدولية.

وأكد هلال أن الاستثمارات الأجنبية والمحلية على حد سواء، تحتاج فقط إلى الشفافية ووضوح الرؤية وسيادة القانون، والتطبيق الفعلي لهذه العناصر على أرض الواقع هو المحك الرئيسي لتقييم جاذبية مناخ الاستثمار، مشددًا على أن تركة الفساد والإهمال كبيرة وتحتاج إلى حلول جذرية وعقول قادرة على تطبيق الأهداف الطموحة الموضوعة.

وكان لقطاعي السياحة والمشروعات الصغيرة والمتوسطة نصيب من التوصيات، فبحكم خبرته في مجال السياحة ومراكز الغوص يقول هلال إن القطاع يحتاج إلى اهتمام خاص في ظل تردي سلوكيات العاملين، وغياب ثقافة الضيافة لصالح ممارسات همجية قد تؤثر على سمعة مصر السياحية.

وغير ذلك كثير من الموضوعات نتنتاولها تفصيلًا في السطور التالية.. وإلى نص الحوار.

 

كريم هلال، رئيس شركة أبوظبي القابضة للاستثمارات المالية ورئيس الجمعية المصرية الآسيوية للأعمال

حابي: لديك خبرة واسعة وعلاقات متشعبة فى المجال الاستثماري تمتد لسنوات طويلة وتغطي قطاعات اقتصادية حيوية متعددة.. بحكم هذه الخبرة كيف تقيم الوضع الاستثماري فى مصر، وبحكم دورك كرئيس لشركة أبوظبي القابضة للاستثمارات المالية كيف تقيم شهية رؤوس الأموال العربية والاجنبية للاستثمار فى مصر؟
هلال: أحب أن أبدأ من الوضع العام، فعلى الصعيد الاقتصادي يوجد تحسن فى المؤشرات الكلية، وهذا التحسن مبني علي خطوات فعليه تتم، ولكنه لا يرتكز فى ذات الوقت على إنجازات حقيقية ومستدامة.

فإذا عدنا إلى عام 2010، فقد نجحت مصر فى تحقيق نتائج إيجابية جدا علي مستوي مؤشرات الاقتصاد الكلي، مسجلة نموا يتجاوز 7%، واستثمارات أجنبية مباشرة مرتفعة جدا، وكذلك سجلت السياحة أرقاما قياسية، وكل شيء كان يسير علي ما يرام لكننا فى النهاية شاهدنا ما حدث فى يناير 2011، نتيجة لأن هذه المؤشرات الإيجابية لم تنتقل إلى الأسفل ليشعر بها باقي طبقات المجتمع.

وحتى الآن، لا نرى فى تحسن المؤشرات الاقتصادية ما يفيد أنها تصل إلي الطبقات الأقل، بل بالعكس الوضع يزداد سوءا.

كما أنه للأسف هناك بعض المؤشرات المهمة التي يتم تناولها بشكل سطحى دون النظر إلى مكوناتها، مثل رصيد الاحتياطي، فهناك لَبس في المفهوم ظاهر بكل وسائل الإعلام التي تتغني بالارتفاعات المستمرة لرصيد الاحتياطي من النقد الأجنبي باعتباره إنجازا لوصوله إلي معدلات غير مسبوقة، فى حين أن مفهومه الدقيق إقتصاديا ليس احتياطيا وإنما رصيد، والفرق بينهما هو الملكية، فرصيد الشخص بالبنك على سبيل المثال ممكن أن يتضمن أموال سلف وجمعية وقروض، في حين أن الاحتياطي الشخصى هو ما يملكه الفرد من مدخرات وأرباح ولي حرية التصرف به دون التزام بسداده لأي طرف فى وقت ما.

كما أن الإحصائيات الرسمية التي تقيس معدلات التضخم تثير علامات الاستفهام، فنحن نعيش علي هذه الأرض، ونشعر وندرك حجم الزيادة المستمرة فى أسعار كل السلع والخدمات، ومن غير المنطقى أن تشير الإحصائيات إلي تراجع التضخم فى الوقت الذي تزيد فيه أسعار متطلبات المعيشة بمعدلات تدور بين 30 و50%.

وعندما تقول الإحصائيات إن معدلات البطالة تراجع إلي حدود 12% فهناك خطأ، فمشاهدتانا فى الحياه اليومية ترصد تمركز الشباب على المقاهي وارتفاع معدلات التسول وغيرها من المظاهر التي تؤكد وجود خلل ما.

حابي: هل هذا يرجع إلي منهجية إعداد هذه المؤشرات؟
هلال: في البطالة على سبيل المثال، يجب التفرقة بين عدة أمور، فهناك البطالة المطلقة التي ترتفع سنويا بشكل تلقائي، ولقد أعددت دراسة منذ سنوات أثناء عملى بشركة سي آى كابيتال، لقياس عدد الخريجين سنويا من كل جامعات ومعاهد مصر، والرقم الذي رصدناه حينها كان فلكيا، وأنا أعتبره زيادة واقعية فى حجم الطلب علي سوق العمل.

فإذا رصدنا هذا العدد المتزايد سنويا إضافة إلي المخزون القديم من الخريجين العاطلين، نجد أن النسبة كبيرة.

وكذلك هناك ما كنا نسميه بالبطالة المقنعة، والمتمثلة فى نحو 7 ملايين موظف بالجهاز الحكومي للدولة في حين أن الدولة لا تحتاج سوى إلى 10 – 15% فقط منهم، فهذه أيضا بطالة غير منتجة، كما أنها أحد الأسباب الرئيسية فى الفساد الذي نعاني منه.

ولكن كلمة حق أقولها، كلنا بجميع مستويات الدخل تأثرنا بزيادات الأسعار.

حابي: البطالة المقنعة إذا تركت وظائفها ستتحول لبطالة رسمية.. فما الحل من وجهة نظرك؟
هلال: لا يمكن تسريح هذه العمالة بكل تأكيد، فالوضع القائم ليس ذنبهم على كل حال، وأعتقد أن الاتجاه خلال الفترة المقبلة سيكون فقط لغلق باب التعيينات، والعدد سيقل تدريجيا فى ظل عدم استبدال من يصل لسن التقاعد.

وفى النهاية كل هذه التحركات مجرد أدوية توجه لعلاج وضع بائد ورث عن أنظمة سابقة ويمتد لسنوات طويلة.

وللحق الغلاء الذي نعاني منه جميعا، والأكثر فقرا على وجه التحديد، لا يمكن إلقاء لومه على القيادة الحالية، فهو نتيجة تراكم أخطاء قرارات أو أخطاء ناتجة عن عدم اتخاذ قرار على مدى 40 إلي 50 عاما.

حابي: ما تقييمك لأداء الحكومة منذ إقرار برنامج الإصلاح الاقتصادي؟ هل تمت إدارة الوضع بالكفاءة المطلوبة لتحقيق الأهداف، خاصة على صعيد حل المشكلات الموروثة؟
هلال: الخيارات في هذا الملف كلها صعبة، وكلها تحمل جوانب مؤلمة للمواطنين، لأننا تركنا الداء يتوحش طوال كل تلك السنوات، والإصلاحات المؤلمة التي تم اتخاذها كانت ضرورية، وأمرًا حتمي التنفيذ سواء شئنا أم أبينا.

إذا هل يمكن أن يدار الوضع بشكل مختلف؟ ممكن، لكن هل بشكل أفضل.. لا أدري، لأننا حتى الآن فى مرحلة الأثر المؤلم ولم نستشعر بعد النتائج، التي من الطبيعي أن تأخد وقتا، وأتمنى أن يشعر أولادنا بثمار هذه الإصلاحات، وكما قيل من قبل نحن الجيل الذى يدفع ثمن عقود من الغباء والجهل والأخطاء.

حابي: ما الروشتة من وجهة نظرك لتقليل الفترة الزمنية اللازمة لجني ثمار الإصلاحات الاقتصادية؟
هلال: أرى دائما أن الحل فى البطالة، وهذا مبني على أن من أهم ما نتميز به على صعيد الإنتاجية هو «التكاثر»، فعدد السكان كبير جدا، ويزيد بمعدل 2.5 مليون سنويا.

وفى الماضي وحتى الآن نروج للاقتصاد المصري بحجم السوق وديموغرافيتها، فهي تحتوى على 100 مليون نسمة أكثر من نصفهم شباب، كما أن مصر مجتمع استهلاكي بشكل شرِه، وهذا بمثابة منجم ذهب لأى شركة أجنبية أو إقليمية أو محلية، إلى جانب القدرة على النفاذ للأسواق الأفريقية على اتساعها.

حابي: لماذا نراهن على المستثمرين الأجانب فى هذا الشأن بدلا من السعي للتوسع فى الإنتاج واستغلال هذه السوق؟
هلال: هذا بالفعل ما أصبو إليه من الحديث عن البطالة، فنحن حاليا نتحدث عن رفع دخل المواطن، وإذا فرضنا أن القيمة الإضافية المستهدفة تقدر بمائة دولار سنويا، الرقم الإجمالي سيكون كبير جدا، وفى ظل كوننا شعبا غير منتج ويستهلك بشراهة، سيتم ضخ هذه الأموال فى استيراد سلع إضافية، وبالتالي فإن زيادة دخل الفرد بنحو 50 دولارا فقط فى السنة سيكون لها آثار كبيرة على ميزان المدفوعات فى ظل الوضع المتدني للإنتاج.

حابي: ما الخطوات التي توصي بها لمعالجة هذا الوضع؟
هلال: لكي نصل إلى هذه النقطة علينا أولا أن نعرف جيدا جوهر المشكلة، واختيار البدء بالبطالة سببه مخاطر البطالة اقتصاديا واجتماعيا ومن ثم سياسيا وأمنيا، فالمعادلة بسيطة: الفقر+ الجهل= مشروع إرهابي، خاصة فى ظل وجود فساد وظلم فى كثير من المواقع، ومشاكل فى المفاهيم والمعتقدات الدينية.

وبالتالي لكي تمتص الدولة الملايين الباحثة عن عمل فى ظل غلق باب التوظيف بالحكومة، علينا خلق فرص عمل منتجة، وتكون بالكم القادر على إحداث فارق فى صفوف قوى العمل العاطلة، والتقليل من طابور البطالة الطويل الذي يتأهب للإطاحة بنا إذا لم نتحرك لمواجهته.

وفرص العمل المطلوبة ستتحقق عبر الاستثمار المحلى والأجنبي، ولذلك من المهم التحرك لجذب استثمارات للمشروعات المنتجة، وليس للبورصة أو أدوات الدين مثلما هو الوضع حاليا، فالحل فى الصناعة ثم الصناعة ثم الصناعة.. ومصر للأسف ليس لديها صناعة.

فمصر أصبحت أرضا لتجميع المنتجات المصنعة عالميا، ومنصة لتحقيق أرباح ناتجة عن فروق الجمارك، وبعض العلامات التجارية بالسيارات توجد فى مصر بسبب فروق الجمارك بين المستوردة كاملة والتى يتم تجميعها فى مصر، دون وجود لصناعة حقيقية.

حابي: هل ترى أن الدولة عليها أن تتبنى مشروع قومى للصناعة حتي إن اعتمد على تجميع عدد من الصناعات الصغيرة؟
هلال: هذا أحد الحلول، على غرار مدينة الأثاث في دمياط، فهذا نموذج جيد ومن الممكن تكراره، لكننا يجب أن نتخلى عن فكر الاعتماد على الدولة، فهذا ليس دورها كما أنها لا تمتلك المؤهلات اللازمة للقيام بهذا الدور، والمبادرات الفردية للقطاع الخاص تحتاج وعيا جماعيا.

فالصين على سبيل المثال، تعد ثالث أقوى اقتصاد في العالم، ومستوي التكنولوجيا عندها مترفع جدا، والهواتف الذكية «أبل» في يد الأغلبية هناك، فمن أين بدأت الصين؟ بدأت من الصناعات التي يطلق عليها «تحت السلم»، والورش والصناعات الصغيرة المختلفة فيما تمثل دور الدولة فى تقديم حوافز.

وبالتالي على الدولة كما نقول كثيرا، أن تهيئ المناخ السليم للتشجيع على قيام الصناعة، وحتى الآن لم نصل إلى المناخ المستهدف، لماذا؟ لا نعلم.

حابي: ما الشروط الموضوعية لمناخ الاستثمار القادر على دفع الصناعة؟
هلال: هناك شقان، الأول هو البنية التحتية القانونية والتشريعية بما تحمله من قواعد وإجراءات وقرارات، والثانى وهو الأصعب يتعلق بالعقلية القادرة على تنفيذ هذه المستهدفات، وهذه إحدى المشاكل التي نواجهها، والشباك الواحد الذي تم الحديث عنه كثيرا أحد الدلائل على ما أقول.

فيجب علينا أولا أن نفهم ماذا يريد المستثمر، ورغم كل المطالب المعقدة والتفاصيل التي يطرحها البعض لتشخيص احتياجات المستثمر، الأمر ببساطة أن المستثمر يريد توافر عناصر بسيطة ومحددة، يتصدرها الشفافية والوضوح خاصة على صعيد سن القوانين والتشريعات.

حابي: هل ترى أن الصياغات القانونية غير واضحة؟
هلال: أرى أنها تحمل مساحة كبيرة للتأويل ويمكن أن تفسر فى أكثر من اتجاه، في حين أن الهدف منها هو الوضوح لتهيئة المناخ الاستثماري المطلوب، وطمأنة المستثمر أن تطبيق القواعد والقوانين لن يتغير بتغير القيادات والأشخاص.

أما الشق الثاني فيما يريده المستثمر، فهو وضوح الرؤية، وهذا مطلب تاريخي، فأكثر ما يخيف رأس المال بكل جنسياته سواء محليا أو أجنبيا هو الشبورة وعدم الوضوح.

والمشروعات القومية التي تمت استهدفت دفع الاقتصاد الراكد، وتهيئة البنية التحتية لاستقبال الاستثمارات والنشاط الصناعي المرجو، ونأمل أن نوفر المناخ الملائم لبدء جني الثمار.

وثالثا سيادة القانون، أن المستثمر يعرف جيدا ما له وما عليه، وأن هذه الحقوق والواجبات ستطبق على الجميع.

حابي: البعض كان يرجع غياب الاستثمارات الأجنبية قبل التعويم إلي مشاكل تسعير وتوافر الدولار وما ترتب علي ذلك من صعوبة فى تحويل الأرباح وحركة الأموال.. لماذا لم نشهد نشاطا كبيرا فى حركة الاستثمارات بعد التعويم؟
هلال: أزمة العملة كانت ظاهرة وقتية ناتجة عن ظروف اقتصادية وسياسية وأمنية كلنا نعلمها، ومثلما أثرت على الاستثمارات الاجنبية أثرت علينا جميعا، ولكنها لم تكن مؤثرا رئيسيا فى حركة الاستثمارات سواء بالدخول أو الخروج.

ولكن هذا الأمر يعيدنا إلى فكرة غياب الشفافية، فالعالم بأكمله يعلم أن مصر لديها مشاكل اقتصادية، وكان من الأفضل أن تكون هناك مصارحة بأن الوضع سيتطلب وقف تحويل الأرباح أو فرض قيود ما لمدة عامين علي سبيل المثال، فالمعرفة بالنسبة للشركات هي العنصر الأهم، حتي تكون قادرة على وضع خطط تتلاءم مع هذه المستجدات المؤقتة.

فما عانته مصر من مشاكل ليس الأول من نوعه، فكثير من دول العالم شهدت أزمات متنوعة، ولكن تظل الشفافية أهم ما يفيد المستثمر، فى حين أن مصر عادة ما تلجأ فى هذه الأوقات لبث رسائل طمأنة ونفي وجود أى قيود أو إجراءات احترازية، ثم يفاجأ المستثمر بأوضاع مغايرة.

كما أخطأنا أيضا فى إدارة مواردنا من الطاقة منذ عهد مبارك، ليس فقط التعاقدات مع إسرائيل، ولكن على صعيد استخدام الموارد فى مواجهة الاحتياجات، فمن غير المنطقى أن تسعى بلد لجذب استثمارات صناعية كبرى، وتتوسع فى بيع الطاقة بهذه الطريقة، خاصة أنها عنصر رئيسي فى تنمية أى الصناعة، ما أحدث ارتباكا ناتجا عن سوء إدارة غريب لهذا الملف.

وكان من الأفضل أن يتم التحدث مع أصحاب الصناعات الثقيلة وكثيفة استهلاك الطاقة وتعريفهم بالوضع والتوقعات، والحلول التي طرحت فى النهاية جاءت عبر تدخل سياسي بحت.

حابي: هل تعتقد أن الاقتصاد المصري فى حاجة إلى حزم تحفيز على غرار «خطة مارشال» الشهيرة وتجارب كثيرة مشابهة للخروج من الركود؟
هلال: بالفعل نحتاج شيئا من هذا الإطار، ولكن ليس بنفس تفاصيل وتجارب الدول الأخري، فالأمر يحتاج إلى دراسة جماعية خاصة للوضع المصري، للخروج بحزمة مشروعات وتشريعات وبرامج إعادة تاهيل وعناصر تحفيز، وما غير ذلك للوصول إلي خلق فرص عمل لمواجهة البطالة وتخفيض الواردات وزيادة الصادرات، وغيرها من الأهداف المرجوة.

وفوق كل هذا يجب أن يشعر المستثمر بالعناصر الأساسية المتعلقة بالشفافية والوضوح وسيادة القانون علي أرض الواقع، وهذا سيحدث بالممارسة، فالمستثمر حتي الآن يمر بعدد كبير من الجهات والإجراءات لاستيفاء الأوراق والتراخيص اللازمة التي تمتد لعدة سنوات.

ولتلبية الاحتياجات الوظيفية علينا البدء بالتعليم، للتعرف على احتياجات السوق من كل تخصص، فما يحدث أننا نصدر سنويا عشرات الآلاف من الخريجين دون وجود أى تخطيط أو فكر لكيفية استغلالهم، ففي سنغافورة على سبيل المثال منذ 50 عاما، وضع لي كوان يو، رئيس الوزراء الأسبق والأب الروحي لهذه التجربة، مع معاونيه تصورا لما يجب أن تكون عليه البلاد بعد 20 إلي 30 عاما، ثم بدأوا فى تحليل احتياجاتهم من العنصر البشري بكل التخصصات لتحقيق هذه الأهداف.

وبالتالي يجب أن تتحرك الجامعات وفقا لخطط واضحة لتلبية مستهدفات الدولة على المدى الطويل.

حابي: هل ترى فى خطة مصر 2030 أبعادا مشابهة لتجربة سنغافورة؟
هلال: لم نر شيئا حتى الآن، فما زال الحديث عن أمور فرعية يتصدر المشهد، ولا يوجد برنامج وخطوات ملموسة محددة بأفعال وتوقيتات يمكننا تقييمها أو المحاسبة بناء عليها.

فنتيجة لخطة سنغافورة كان لكل كلية وجامعة حد أقصي للقبول سنويا وفقا لاحتياجات الدولة وسوق العمل.

حابي: فلسفة التنسيق فى الجامعات والحد الأقصي لعدد الدفعات المقبولة فى النظام المصري من المفترض أن يكون مربوطا بمثل هذه المستهدفات.. أليس كذلك؟
هلال: ولكن هذا لا يحدث، فهناك حلقات مفقودة متعددة فى ظل غياب الرؤية الشاملة، وفى دراسة الهندسة وحاليا تطبق فى الدراسات المالية ما يسمي « Reverse Engineering « أى تحديد النقطة المراد الوصول إليها ثم اعكس الطريق لوضع الخطة الملائمة، وغياب ذلك يكلفنا وقتا أطول لتحقيق ما نسعي إليه.

حابي: هل الوضع الاقتصادي يتطلب الاهتمام بالتعليم الفني؟
هلال: بالتأكيد، لو اتفقنا على أن حل جزء كبير من مشاكلنا يرتبط بوجود قاعدة صناعية حقيقية فيجب أن نعمل على توفير مناخ يسمح بهذا، وأحد أهم مكونات هذا المناخ بخلاف ما ذكر هو العمالة المدربة، فمصر سوق كبيرة جدا وتملك عمالة ضخمة، ونقول مجازا إنها مدربة، لكن على أرض الواقع الإنتاجية أثبتت أننا أقل من متوسط الإنتاجية المتعارف علي، وبالتالي قد تكون أرخص ظاهريا من حيث الأجور، لكنها قد تكون أعلى تكلفة قياسا بالإنتاجية.

والحل يتمثل فى استعادة قيمة ومكانة التعليم الفني التي انحدرت منذ عهد الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر، وحل محلها أهمية الحصول على شهادة جامعية حتى وإن لم يجد وظائف، وعلينا العمل على استعادة المكانة الاجتماعية لهذه المهن حتي تكون أحد عوامل الجذب للاستثمارات الصناعية عالميا.

ورئيس شركة أبل الامريكية قال إن اختيار الصين لتدشين مصنع هناك لم يكن للاستفادة من حجم السوق، بقدر الاستفادة من العاملة الماهرة، وهذا هو ما نصبوا إلي الوصول له.

لذلك يجب أن يكون التعليم الفني جزءا أساسيا من منظومة التعليم، وتغيير فكر أن من لم يحصل على مجموع سيتجه للتعليم الفني، بل علي العكس يجب أن تكون المهارات والطلب بسوق العمل هما المحرك الأساسي، حتي يتم الترويج لمصر عبر عمالتها الماهرة فى القطاعات الصناعية المستهدفة.

حابي: هل القطاع الخاص عليه دور فى هذا التأهيل من منطلق المسئولية المجتمعية؟
هلال: بالفعل للقطاع الخاص دور فى تدريب العمالة ورفع كفاءتها، عبر توجيه جزء من الاموال التي ترصد للمسئولية الاجتماعية للتأهيل الفني، سواء من خلال تدريب ورفع مهارات العاملين بالمؤسسة ذاتها، أو تقديم منح لتدريب أصحاب المهارات على التخصصات المطلوبة، والتي ستستفيد منها المؤسسة فيما بعد، أو تنفيذ حضانات لريادة الأعمال، بما يساعد على خلق ابتكار أو منتج قابل للاستخدام تجاريا.

كذلك العديد من الدول تلزم بالمناقصات والمزايدات على تخصيص جزء من الاعمال للشركات الصغيرة ورواد الاعمال، وأتمنى أن تتجه الدولة لتفعيل ذلك، من خلال وضع شروط واقعية تساعد على التنمية.

فالحديث عن دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة بدأ منذ اكثر من 10 سنوات ولم يتم على أرض الواقع سوى خطوات صغيرة، مثل مبادرة التمويل التى أطلقها البنك المركزي وألزم البنوك بتوجيه نسبة من محفظتها للشركات الصغيرة.

ولكن للأسف أيضا عندما نتحرك بضع خطوات نتعثر بالعقول القائمة على التنفيذ، فالقروض الممنوحة ضمن المبادرة لم توجه كلها للغرض المستهدف، كما حكى لي أحد أصحاب شركات السياحة الصغيرة بالغردقة، أنه عرض عليه تمويل ضمن المبادرة من احد البنوك، وعندما رفض لعدم احتياجه له، بدأ مندوب البنك فى إقناعه بإمكانية الحصل على القرض بالفائدة المنخفضة وإعادة توظيفه فى أحد الأوعية الادخارية مرتفعة العائد فى نفس البنك.

حابي: ما الخطوات الأخرى المطلوبة لتنشيط المجال الصناعي باعتباره الأهم خلال هذه المرحلة؟
هلال: بخلاف المعوقات التقليدية والبيروقراطية، لدينا في مصر مشكلة نقص فى مواد الإنتاج والخامات الوسيطة التي تحول دون إنتاج منتج متكامل، فالمصانع الصغيرة على وجه الخصوص تواجه صعوبة فى استيراد هذه المواد، فيما يتعلق بالإجراءات وشروط تغطية الاعتمامدات المستندية والجمارك وغيرها، كما تسهم فى رفع تكلفة المنتج في النهاية، وبالتالي يكون أسهل للمستثمر أن يستورد السلعة عن أن يصنعها.

وهذه الفكرة التي قام عليها مجمع التحرير التابع لشركة كاربون القابضة، وهو توفير المادة الخام الوسيطة القادرة على تنمية صناعات متعددة أخرى.

والتجربة الكورية كمثال بدأت فى الستينيات بمشروع تحرير البرتوكيماويات الذي يدشن حاليا فى مصر، وامتد الامر إلى أن أصبح لديهم أكثر من 10 مجمعات تعمل علي تفتيت النفط، بما ينتج العديد من المواد البتروكيماوية التي تستخدم فى العديد من الصناعات مثل البلاستيك والكاوتش والفايبر أوبتك وغيرها الكثير.

فتوافر هذه المواد الخام يشجع على الصناعة، وحاليا نحن نستورد تقريبا كل شيء، فمصر تستورد خيوط صيد أسماك بنحو 50 مليون دولار سنويا، لعدم توافر مادة معينة تستخدم فى تصنيعه، كذلك نعتمد على الاستيراد من الصين ودول اخري لحقائب المدارس، التي لديها سوق كبيرة فى مصر فى ظل دخول من 8 إلي 12 مليون طالب جديد سنويا، وذلك لعدم توافر مادة معينة تستخدم فى تصنيعها، وبالتالي إذا تم الاهتمام بتوفير هذه المواد ستكون محفزا قويا لظهور صناعات كثيرة.

حابي: ما الدور المستهدف من الدولة فى هذا الشأن؟
هلال: تهيئة المناخ، فمشروع مجمع التحرير التابع لشركة كربون على سبيل المثال سينتج نحو 14 مادة وسيطة، وكل مادة منها قادرة على توليد صناعات كثيرة، ما يشجع على التصنيع خاصة أمام المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ويخلق فرص عمل ويدفع تجاه زيادة الصادرات سواء عبر الاستفادة من الاتفاقات التجارية والجمركية أو من خلال التوجه للأسواق الافريقية التى لديها احتياج لمختلف المنتجات.

فمصر لديها كل المقومات القادرة على إنجاح المشروعات الصناعية، ولكن رغم سهولة الأمر يجب أن يرتبط بفكر ومنهج يضع أهداف طموحة قابلة للتحقق، وعقليات متفهمة قادرة على تنفيذ هذه المستهدفات لباقي المستويات الادنى فى الهرم الوظيفي، فالوزراء وتغييرهم لن يؤثر إذا لم نرتقِ بكفاءة وفكر الأيادى المسئولة عن التنفيذ بالمصالح والمؤسسات الحكومية.

حابي: ذكرت أن أغلب المشاكل تاريخية وتحتاج إلي خطوات وخطط لمعالجتها، ما هو جدول الأولويات من وجهة نظرك؟
هلال: الأولويات تحمل القيل والقال، أنا متاكد أن البحث عن حلول او نقطة بداية للوصول الي حلول أمر يؤرق اغلب الوزراء حتى الآن، فمشكلة مثل الامن الغذائي هامة للغاية، ولكن من أين يتم مواجهتها لا أعلم، كذلك وضع الرعاية الصحية، هل هناك فعلا موارد قادرة علي تنفيذ قانون التأمين الصحي الشامل؟
كما أن النهوض بالتعليم لن يتأتي فقط بإنشاء مدارس جديدة، فالسؤال الأهم: هل لدينا معلمون ومناهج تعليمية قادرة على إحداث هذه الطفرة؟.. كلها علامات استفهام مازلنا لا نعرف الإجابة عليها أو نرى خطوات حقيقية تجاه حلها.

ورغم أهمية المشروعات القومية الكبرى التي نفذتها الدولة خلال الفترة الاخيرة، إلا أنه من الافضل التحرك وفقا لجدول أولويات يحمل أبعاد الاستدامة فى فرص التوظيف والانتاجية، فالمشروعات السكنية على سبيل المثال توفر فرص عمل لفترة الإنشاء فى حين قد تتحول إلي غابة أسمنية مظلمة جديدة إذا لم تكن هناك استدامة، فى مقابل مدينة مثل دمياط للأساس وكذلك مدينة الجلود، فهذه نماذج جيد وقابلة للتكرار، فى ظل توليد فرص عمل منتجة تغطي السوق المحلي وتساعد على التصدير وتفتح المجال أمام الشركات الصغيرة والكبيرة على حد سواء.

حابي: الطبقة المتوسطة والأقل دخلا تعاني بالفعل من آثار برنامج الإصلاح الاقتصادى، وبعد رفع أسعار الوقود يتأهب الجميع لموجة تضخم ثانية ترفع اأسعار باقي السلع والخدمات من جديد.. ما الوسيلة التي تراها مناسبة لتخفيف العبء عن هذه الطبقات دون أن نتخلف عن تنفيذ إجراءات الاصلاح؟
هلال: الطبقة الوسطى رغم معاناتها مازالت لم تصل الى درجة المعاناة التي بلغتها الطبقات الفقيرة، والدعم النقدى هو الحل الامثل لهذه الطبقة لمواجهة الغلاء، فإجراءات الاصلاح كان من المفترض أن تسير جنبا الى جنب مع رفع تدريجي فى الدخول، لكن الوضع الاقتصادي حال دون ذلك.

ولكن ما يثير علامات الاستفهام توقيع زيادات بسيطة جدا على بنزين 95 الموجه للسيارات الفارهة فى مقابل تحريك أسعار باقى أنواع الوقود والسولار بنسب ضخمة، فمن أين نتحدث عن تقشف ونحافظ على دعم وقود لهذه الطبقة، فى حين أنه من المنطقى توجيه الدعم للسولار وفئة بنزين 80 باعتبار أن لها تأثير مباشر على مستوى الاسعار وعلى الطبقات العاملة بهذه الطبقة.

وهناك مقولة إنجليزية معروفة تقول إن عمل الخير يبدأ من البيت، ولقد أضفت عليها أن التقشف أيضا يجب أن يبدأ من البيت، وبالتالي على مؤسسات الدولة أن تلتزم بقدر عالي من التقشف وضغط المصروفات، فهذه أمور استفزازية وسط كل الضغوط الاقتصادية التي تحاصر المواطن، وقد تشير أيضا إلى وجود تخبط فى الرؤى والأهداف، فيما يتعلق بماذا يجب أن نفعل ولصالح من.

فمنظومة الكارت الذكى للبنزين على سبيل المثال التي تم إعلان إلغائها مؤخرا بعد سنوات من التجهيز والتكاليف تشير أيضا إلى وجود تخبط.

حابي: علي صعيد ملف الضرائب.. هل تري أن السياسات الضريبية عادلة وموزعة بصورة جيدة على مختلف شرائح المجتمع؟
هلال: نحتاج بالتأكيد لتوسيع قاعدة المحاسبين ضريبيا، سواء بضم الاقتصاد غير الرسمي أو الاقتصاد الرسمي غير المحاسب ضريبيا مثل الأطباء والمهندسين والمحامين وغيرها من المهن، فالوضع حاليا أشبه بالجباية، وكثرة الضغوط التي توجه لنفس الشريحة الملتزمة ضريبيا بدأت تصل الي منحنى خطر.

وآليات توسيع القاعدة الضريبية من وجهة نظري تبدأ من الشمول المالي.

فطالما أن المواطن لا يتعامل مع البنوك ويحتفظ بالنقود سائلة، سيكون من الصعب الوصول إليه، فى حين أن الإلزام التدريجي بأن تدخل كل المعاملات للمنظومة المصرفية سينعكس على ضم شريحة عريضة للتعامل الرسمي وبالتالي من السهل الوصول إليه ومحاسبته، أو على الاقل سيكون الشخص متحرجا من التهرب الكامل من الضرائب حتى إن لم يلتزم بتسجيل كل الانشطة المطالب بتسديد ضرائب عنها دفعة واحدة.

حابي: على صعيد قطاع السياحة.. ما توصياتك للحكومة بهذا الملف؟
هلال: السياحة من القطاعات التي أهملناها بشدة، وهى أيضا تبدأ من التعليم، تعليم أصول الضيافة والمعاملة الجيدة، وكذلك التعريف بأهمية السياحة حتى لا نشاهد هذا النهم على حصد أموال السائحين من أول يوم لهم فى أى مدينة مصرية.

وبالفعل من تجربتي المباشرة فى العمل بهذا القطاع بمدينة الغردقة، وجدت أن ثقافات العاملين تعتمد على الاستفادة المباشرة من السائح بكل الطرق بدعوى أننا لن نقابله مرة أخرى، وهذا صحيح فلن تراه هو ولا أى من أصدقائه بعد هذه الممارسات التي تشمل المغالاة والتحرش والنصب وغيرها الكثير من السلوكيات المعيبة.

حابي: لكن مصر بالفعل كانت قد حققت معدلات عالية بالنشاط السياحي قبل الثورة.. هل أصبحنا غير قادرين على الوصول لهذه المعدلات؟
هلال: الوضع اختلف تماما حاليا، فرغم أن ما حققناه من قبل لم يكن أيضا على القدر المطلوب أو الملائم لوضع مصر السياحي، لكنه كان هناك ثقافة الضيافة بدرجة أعلى من الوضع الحالي، خاصة أن الفترة الأخيرة انتشرت أفكار متطرفة التي تحرم السياحة والعديد من الخدمات المرتبطة بها.

حابي: من موقعك كرئيس لبنك الاستثمار أبو ظبي الإسلامي، كيف تقيم شهية المستثمرين العرب والأجانب تجاه الفرص المصرية باعتباركم الوسيط فى أى تحركات استثمارية يستهدفها عملاؤكم؟
هلال: أى شركة استثمار قادرة على أن تقول إن حجم الاستثمارات والصفقات لا تتجاوز 10% من المفترض جذبه للسوق المحلية نتيجة للمعوقات السابق ذكرها، وأى بنك استثمار قادر على مضاعفة حجم الصفقات التي يجريها أكثر من مرة إذا توافر المناخ الملائم.

حابي: هل هذا يعني أن هناك صفقات مجمدة لحين اتضاح الرؤية بصورة أكبر؟
هلال: قد يكون هذا صحيح فى بعض الصفقات، لكن علينا ان نعي جيدا أننا لسنا السوق الوحيدة الباحثة عن جذب استثمارات، فالمنافسة قوية مع الدول الناشئة، فهناك العديد من المقاصد الجاذبة، والمستثمر ينتقى من على الخريطة ما يناسب سياسته الاستثمارية من بين الفرص المتاحة بالعالم عبر دراسة الحوافز ودرجة السهولة بكل دولة، وأعتقد أن مصر لا تتصدر أفضل الخيارات المتاحة وهذا واضح فى ترتيبنا بمؤشر التنافسية.

وهذه الامر ينطبق على الاستثمارات الإستراتيجية والمالية على حد سواء، فالاستثمارات المالية إما أن توجه لأسهم أو سندات، وفى مصر لا يوجد سوق للسندات سوى الاصدارات الحكومية، التي نعتبرها مثل هدايا الكريسماس التى توجه للأجانب بصورة شهرية، فى ظل أسعار الفائدة المرتفعة، فى حين أن سوق الاسهم فى مصر لا تتوافق مع السياسات الاستثمارية للصناديق الدولية الكبرى، والتى تصل قيمة العملية الواحدة بها يدور حول 50 إلى 100 مليون دولار، وهي قيمة تتجاوز حجم التداول اليومي بالبورصة.

حابي: هل تراهن على الطروحات الحكومية المستهدفة لجذب استثمارات الصناديق للبورصة المصرية؟
هلال: قد تساعد بعض الشيء، لكن هذا الأمر يعيدنا مرة أخرى للشمول المالي.

فطالما أن قاعدة المتعاملين بالبنوك لا تتجاوز 10-12% فقط، فسنجد أن عدد المتعاملين النشطين بالسوق مجرد بضعة آلاف، وهذا يعني أنه لا توجد سوق وفقا للمعاير المتعارف عليها عالميا.

وأهمية ترسيخ الشمول المالي تبدأ من التعليم، من خلال إدخال مناهج تعريفية للمراحل الابتدائية للتعريف بكروت الائتمان والمعاملات البنكية المختلفة، وهذا يحدث بالفعل فى العديد من الدول لرفع الوعي المجتمعي بالخدمات المصرفية.

وحضرت من قبل مؤتمرا فى كندا عن الشمول المالي، وكان المتحدث مسئول بشركة «فيزا»، وتحدث عن برنامج ترعاه شركته لطلاب المدارس الابتدائية فى كندا، ويستهدف التعريف بمزايا الادخار البنكي والحسابات المصرفية وأنواعها وكيفية الاستخدام الآمن لبطاقات الائتمان.

كريم هلال
كريم هلال، رئيس شركة أبوظبي القابضة للاستثمارات المالية ورئيس الجمعية المصرية الآسيوية للأعمال في حوار مع حابيحاب

 

الرابط المختصر