أحمد رضوان يكتب: توحيد جهود التعافي

بقلم أحمد رضوان رئيس تحرير جريدة حابي _ منذ أن بدأت تداعيات فيروس كورونا في تهديد نمو الاقتصاد العالمي وأشعلت مخاوف تسريح ملايين العمالة وتعطل أهداف التشغيل، ولا تخلو المناقشات على تشعبها واختلاف درجة تخصصها من أفكار للحد من هذه التداعيات وآثارها السلبية.

إضغط لتحميل تطبيق جريدة حابي

E-Bank

بعض هذه الأفكار جاءت مواكبة ومكملة لخطط قائمة بالفعل كتلك المرتبطة ببرامج الاقتراض من مؤسسات التمويل الدولية، وبعضها الآخر جاء من بنات أفكار الأزمة الجديدة، ومهما اختلفت منابع الحلول فإنها لا بدَّ أن تصب في نفس الغايات أو هكذا يُفترض، فليس من المعقول والمنطقي والعملي أن ينتج عن تطبيق الحلول مشاكل أكبر من تلك التي صنعت لمواجهتها.

كما أنه من الوارد خلال رحلة التطبيق أن تظهر بعض مواطن الخلل الواجب معالجتها، أو الرضا بكون بعضها آثارًا جانبية لا مفرَّ من تحملها، وفي جميع الأحوال تظل المراجعة ومصداقية التعامل مع النتائج وحسن قراءتها بتواضع كافٍ، هي العوامل اللازمة لتبيان هل نسير في الاتجاه السليم أم لا؟

لو افترضا أن متجرًا صغيرًا في سوق واجهت ركودًا كبيرًا وسعى إلى تنشيط مبيعاته بإعلان خصومات على أسعار سلعه، وقرر في الوقت نفسه تخفيض رواتب عمالته ووقف أي خطط جديدة للتوظيف، بمعنى أنه تحرك على جانبي تنمية الإيرادات والحد من المصروفات، ثم جاءت نتائج أعماله مخيبة لأي آمال في تحسين وضعه المالي والتنافسي، فليس من المنطقي أن يفكر بنفس الأسلوب عند معالجة الخلل الظاهر للعيان بعد تطبيق هذه الخطط، لأن المسألة ببساطة قد ترتبط ببَوار سلعته من الأساس، وبتفكير أكثر هدوءًا كان من الممكن أن يكون تنويع سلعه حلًّا أكثر فائدة.

تابعنا على | Linkedin | instagram

نفس الشيء ينطبق على السياسات المالية للدول التي تنبت سياسات متعارضة تمامًا في مواجهة الأزمة، توسع في الإنفاق، وزيادة في الضرائب أو رفع رسوم وفرض أخرى جديدة، ربما تكون هذه السياسة مفيدة شكلًا على مستوى تماسك مؤشرات الاقتصاد الكلي وتحديدًا ما يتعلق بالنمو وعجز الموازنة والتضخم. لكنها ليست مفيدة على الإطلاق في الحفاظ على دوران عجلة القطاع الخاص ومساعدته في الحفاظ على العمالة، ولا نقول زيادتها واستيعاب جزء من العمالة المؤقتة واليومية أو عمالة القطاعات الأكثر تضررًا مثل السياحة والسفر.

هذا التناقض الذي يكسر ولو أي إيحاء بتشجيع القطاع الخاص على العمل والتوسع أو مجرد مساعدته في مواجهة أزمة جديدة شكلًا ومضمونًا على الجميع، ربما يكون أحد الأسباب التي دفعت صاحب المتجر إلى وضع خطط غير سليمة، لأنه لم يدرك أن زيادة الرسوم وعدم منح حوافز ضريبية كافية وارتفاع معدل البطالة وزيادة الدعم الموجه لقطاع اقتصادي واحد على حساب مختلف القطاعات الأخرى، لم يدرك أن كل هذه العوامل لا يشفع معها الأوكازيون الذي أعلنه وشمل أسعار جميع سلعه، لأنها عوامل من شأنها الحد من قدرة الأفراد على الإنفاق من الأساس إلا على ما هو بالغ الضرورة والأهمية وتحديدًا الأكل والشرب وسداد الديون وفواتير الخدمات (كهرباء – تليفون – وما شابه) ثم الصحة والتعليم.

الدول لا تدفع ثمن الأخطاء بالسرعة التي سيدفعها بها صاحب هذا المتجر، لا شك في أنه أخطأ عند وضع خططه، لكنه ليس مسؤولًا عن تفجير أزمة عجز أمامها العالم وأنفق في سبيل مواجهتها مئات التريليونات من الدولارات بعضها جاء من الضرائب التي كان يدفعها صاحب المتجر نفسه وقت رواج مبيعاته.

ببساطة الدولة وصاحب المتجر كانا ينشدان التعافي، ولكن لا يعرفان عن حقيقة خطط بعضهما شيئًا، الدولة تسعى لتماسك المؤشرات الكلية ولو تولد النمو من قطاع واحد، وصاحب المتجر ظن -وبعض الظن إثم- أن خفض رواتب موظفيه وأسعار سلعه كافيان لعبور هذه الأزمة دون أن يشعر بحاجته لحوافز ضريبية أو دعم لبعض مدخلات إنتاج السلع التي يبيعها ولو فيما يتعلق بفواتير الطاقة فقط، مثلما لم يشعر بالأساس أنه بات يبيع سلعة في غير وقت رواجها.

أعتقد أن مشاركة الدول هموم صاحب هذا المتجر كان من شأنه وضع خطط لن أقول أكثر نجاحًا، ولكن في أقل تقدير أكثر مرونة ووضوحًا وفائدة لشرائح أوسع من أصحاب الأعمال على اختلاف حجم مشروعاتهم والقطاعات التي يعملون بها، وأومن أن التعافي الناشئ عن سياسات متفق عليها وموحدة، هو تعافٍ أقوى وأكثر رسوخًا واستدامة من ذلك الذي تعبر عنه أرقام ربما تتعارض مع الكثير مما يكشفه الواقع.

خصم خاص بنسبة 50% على خدمات بوابة حابي

الرابط المختصر