ماهر عشم يكتب: البيانات الشخصية صارت محمية

aiBANK

بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ كم من مرة تلقيت اتصالًا سخيفًا من رقم مجهول ليقاطع عملًا مهمًّا كنت تقوم به أو يخترق مساحتك الشخصية من ممثل لبنك أو شركة تأمين أو تسويق عقاري أو حتى محاولات مستميتة لأحدهم لبيع العسل الجبلي في إلحاح وإصرار غريب أن تسمع العرض حتى آخره.

إضغط لتحميل تطبيق جريدة حابي

E-Bank

في الأشهر الماضية كنت أتلقى اتصالات من شركة لعرض برنامج تأمين طبي على الأقل مرة أسبوعيًّا من مندوب مختلف وكل مرة كنت أطلب منهم حذف اسمي حيث إنني مشترك بالبرنامج نفسه من شركة أخرى.

والسؤال المهم هو من أين حصلت تلك الشركات على بياناتنا الشخصية؟ فهي تعرف معلومات كثيرة عنا منها الفئة العمرية والاسم ونوع الهاتف المحمول وأحيانا حجم المدخرات.

والإجابة لها احتمالات كثيرة منها أنها اشترتها بمقابل من كيان لديه تلك المعلومات من قبل أو أنك قد قمت بتحميل تطبيق على الهاتف الذكي وسمحت له بتتبع بياناتك. على سبيل المثال عندما نستخدم تطبيقات الخرائط والطرق فإنها بعد فترة تعرف عنوان العمل وعنوان البيت إلى آخره من احتمالات.

في يناير 2012 وضعت المفوضية الأوربية خططًا لإصلاح حماية البيانات، من أجل تجهيز أوروبا للعصر الرقمي، وبعد مرور أربع سنوات تحديدًا في أبريل 2016، تم التوصل إلى اتفاق بشأن القانون وكيفية تطبيقه. تم نشر القانون بجميع اللغات الرسمية للاتحاد الأوربي في مايو 2016. دخل التشريع حيز التنفيذ في جميع أنحاء أوربا في 25 مايو 2018.

تبنت أكثر من 80 دولة ومقاطعة مستقلة، منها كل دول أوربا تقريبًا والعديد من الدول في أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وآسيا وإفريقيا، قوانين حماية البيانات الشاملة. وقوانين حماية البيانات، هي قوانين تمنع الإفصاح عن المعلومات الخاصة بالأفراد أو إساءة استخدامها.

قوانين حماية البيانات لها أهمية كبرى بالإضافة إلى الغرض الأساسي من وجودها وهو الحفاظ على الخصوصية فمعظم الشركات العالمية لا تقوم باستضافة البيانات في مراكز بيانات موجودة في دول ليس لديها قانون لحمايتها وبالتالي كان لغياب قانون مماثل في مصر أثر سلبي على الدخل الممكن أن نحققه من نشاط مراكز البيانات بالعملة الصعبة وهو نشاط اقتصادي يؤهلنا له بشدة موقعنا الجغرافي المتوسط بقارات العالم والذي تعلمناه في الطفولة نظرًا لمرور كابلات الاتصالات التي تربط أمريكا وأوربا بشرق إفريقيا وجنوبها وقارة آسيا بمصر.

ومراكز البيانات هي مراكز مؤهلة لاستضافة الحاسبات والخوادم التي تعالج وتخزن أي محتوى رقمي كالمواقع والتطبيقات الرقمية التي نستخدمها يوميًّا. بل وساهم غياب القانون في قيام العديد من الأفراد والشركات بالاستضافة في مراكز بيانات أجنبية والتي ساهمت أيضًا في خروج مبالغ ليست بقليلة من العملة الصعبة.

أخيرًا في الشهر الماضي قام سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بالتصديق على القانون رقم 151 لسنة 2020 قانون حماية البيانات الشخصية، وذلك بعد موافقة البرلمان عليه بأغلبية الثلثين، وتم نشره في الجريدة الرسمية بتاريخ 15 يوليو 2020.

والبيانات الشخصية التي في حماية القانون هي الاسم أو الصوت أو الصورة أو أي رقم تعريفي أو محدد للهوية أو أي بيانات تحدد الهوية النفسية أو الصحية أو الاقتصادية أو الثقافية أو الاجتماعية. ومعالجة تلك البيانات في نص القانون هي أي عملية إلكترونية أو تقنية لكتابة البيانات الشخصية أو تجميعها أو تسجيلها أو حفظها أو تخزينها أو دمجها أو عرضها أو إرسالها أو استقبالها أو تداولها أو نشرها أو محوها أو تغييرها أو تحليلها.

وبالرغم من أن قانون حماية البيانات استثنى بعض الجهات من أحكامه ومنها البنك المركزي والجهات التابعة له والخاضعة لإشرافه ما عدا شركات الصرافة وكنت أتمنى الا تستثنى البنوك والتي –حسب علمي- تخضع لسرية الحسابات وليست البيانات في قوانين أخرى. إلا أنني أعتقد أن صدور القانون هو مكسب كبير جدًّا لحماية الأفراد وأنه إن أحسن استغلاله يمكن تحقيق مكاسب كبيرة للاقتصاد المصري.

قانون طال انتظارة ولا يجب أن يمر مرور الكرام بل تحتاج كل المؤسسات العاملة في مصر إلى الاضطلاع عليه وشرحه ومعرفة كيفية الالتزام به كما يحتاج الأفراد إلى معرفة حقوقهم الجديدة المكتسبة بموجب صدوره. القانون إن اتفقنا أو اختلفنا على نصوصه هو بداية مهمة على الطريق الصحيح للحاق بمكتسبات كل الدول التي سبقتنا في إصدار قانون مماثل خاص بها.

خصم خاص بنسبة 50% على خدمات بوابة حابي

الرابط المختصر