يجب على دبي السيطرة على «أبراج» قبل أن يفعلها شخص آخر

aiBANK

فرانك كين صحفي اقتصادي مقيم في دبي

تنشر الأحداث التي تتكشف في مجموعة أبراج الإماراتية شعوراً متنامياً بالفشل. فيبدو أنه لا يمر أسبوع دون أن يغادر مدير تنفيذي رفيع المستوى أكبر شركة استثمار في الأسهم الخاصة في الشرق الأوسط، أو يَظهر إدعاء جديد بسوء استخدام أموال الاستثمارات، أو يُفتَّح تحقيق جديد في ممارسات الشركة.

E-Bank

وأصبح الأمر بمثابة سيل مستمر من الأخبار السيئة التي تُمثل تهديداً لما هو أكبر بكثير من الشركة نفسها، أو منصب مؤسسها ورئيسها التنفيذي عارف نقفي.

ولفهم مدى الضرر الذي يسببه الأمر- سواء كان حقيقياً أو محتملاً- عليك فهم المكانة الفريدة التي تحتلها أبراج في دبي، وفي قطاع الخدمات المالية في الخليج. منذ عام 2002، عندما أطلق نقفي الشركة في دبي، أصبحت أبراج الشركة الإقليمية الرائدة في الأسهم الخاصة، وأظهرت للمديرين الماليين في نيويورك ولندن أن الشرق الأوسط بإمكانه مضاهاتهم.

ولم تنتج الشركة فقط للمستثمرين عائداً جيداً وسليماً، بل إنها فعلت ذلك بالتزامن مع التركيز على المستوى الإقليمي، مما سمح لها بإدعاء تحليها بإيثار استثنائي في الأعمال المالية.

ورسم نقفي، على وجه الخصوص، صورةً لأبراج باعتبارها أداة للتغيير الاجتماعي، كونها مؤسسة استثمارية توجه الاستثمارات إلى قطاعات الرعاية الصحية، والتعليم والتنقل الحضري ونطاق من الأشياء الأخرى التي رغبتها الطبقات المتوسطة الطموحة في الأسواق «متسارعة النمو».

جذبت هذه الفلسفة، والقدرة الفطنة على تحقيق الربح، المستثمرين من أصحاب الأسماء الكبيرة في المنطقة وخارجها. واستثمر بعض أهم الأشخاص في دبي والإمارات أموالهم في أبراج، فضلاً عن مستثمرين عالميين مثل مؤسسة «بيل وميليندا جيتس» والبنك الدولي.

وأضحت أبراج حجر الأساس في مجال الاستثمارات في دبي ومركزه «مركز دبي المالي العالمي»، فضلاً عن كونها راعية سخي للمشهد الثقافي الإقليمي عن طريق رعايتها لمعرض آرت دبي/ِArt Dubai.

لكن صورة مختلفة للغاية برزت على مدار الشهور القليلة الماضية. ففي فبراير الماضي، أعلن بعض المستثمرين أنهم قلقون بما يكفي على أموالهم- على الأخص 200 مليون دولار خُصصَّت لمرافق طبية في باكستان ونيجيريا- لتعين محققين لتبيُّن ما حدث.

وردت أبراج بتوضيح أن القيود المنظمة للعملية عرقلت استثمار النقود لكن الأموال أٌعيدت إلى المستثمرين.

إلا أن تلك لم تكن نهاية الأمر، فلم تُفلح عمليات تحقق ومراجعة لشركة «كيه بي إم جي» في تهدئة مخاوف المستثمرين.

وأخفقت كذلك عملية إعادة هيكلة أجريت لممارسات أبراج أدت إلى فصل صناديق الاستثمار عن إدارة المجموعة و«تنحي» نقفي عن إدارة الاستثمارات اليومية، لإيقاف الضجة.

وتُوشك عملية مراجعة ثانية- تجريها شركة ديلويت- على الإنتهاء. لكن مهما كانت النتائج، فقد لحق بالشركة بالفعل قدر كبير من الضرر. وقال كثير من الخبراء الماليين في دبي إن المستثمرين في الأسهم الخاصة في المنطقة أحجموا عن الاستثمار، وانخفضت عمليات البحث عن تمويل إلى أن توقفت فعلياً.

وأصبحت سوق الاستثمارت الإقليمية تحصل على المعلومات من وسائل الإعلام الدولية في المقام الأول. وتكررت التقارير الإعلامية عن رحيل مسؤولي الشركة، وعن زيادة استياء المستثمرين وعن حلول محتملة للوضع المنذر بكارثة الذي يزداد تفاقمه.

وفي الآونة الأخيرة، قالت شركة «سيربيروس لإدارة رؤوس الأموال»، وهي مستثمر أمريكي كبير، إنها ستخوض محادثات للاستحواذ على حصة بأبراج، في حين وافقت الشركة الإمارتية على التخلي عن صندوق رعاية صحية مثير للجدل ليكون خاضع لإدارة جديدة لتهدئة المستثمرين الدوليين الكبار.

ومن بين الصفقات الهامة أيضاً، عملية البيع المثيرة للنزاع لمحطة توليد الطاقة في كراتشي بباكستان، والتي بإمكانها إعادة ما يصل إلى 500 مليون دولار إلى أبراج.

لكن لا يزال رحيل المديرين التنفيذيين الذين يمكن أن يساعدوا في إتمام هذه الصفقات مستمراً. وكانت هناك تقارير هذا الأسبوع عن رحيل مات ماكجواير، الذي عُيَّن في فبراير مديراً للعمليات والذي رأى البعض أنه سيصبح الرئيس التنفيذي «الجديد الذي سيدخل تغييرات هائلة» على الشركة. واعترف مسؤولون آخرون معرفون على نحوٍ كبيرعينوا حديثاً بالهزيمة.

وفي خضم كل هذا، كان هناك صمت فعلي من جانب الهيئة التنظيمية «سلطة دبي للخدمات المالية»، بخلاف بيان قالت فيه إنها «على علم بمختلف الأمور».

ولدى سلطة دبي للخدمات المالية، والتي تنظم علم الشركات في مركز دبي المالي العالمي- بما في ذلك أبراج – سياسة طال أمدها من الإحجام عن التعليق على التحقيقات القائمة، ويمكنك التأكد من أنها تأخذ القضية على محمل الجد.

لكن ما يحتاجه المستثمرون والمساهمون في أبراج بشكل عاجل الآن هو بعض الإيضاحات العامة الحازمة بشأن القضية وحجم المشكلات، وخارطة الطريق للوصول إلى لحل.

وإذا لم يحصل أولئك على هذا الإيضاحات من الهيئة التنظيمية في دبي، فالتحرك الأكثر ترجيحاً هو الخروج من الإمارات ومن تحت إداراتها. وكانت هناك بالفعل تقارير عن استياء المستثمرين في جزر كايمان، حيث تأسست الشركة القابضة التابعة لأبراج.

لدى شركة أبراج مكتب في ولاية نيويورك، فضلاً عن مستثمرين أمريكيين كبار وكذلك فإن معظم أعمالها مقوَّمة بالدولار. قد يكون لدى السلطات المالية الأمريكية، التي لا تتردد في التدخل، أيضاً مطلب معقول بفوائد مشروعة.

بعد كل ما فعلته أبراج لوضع دبي على الخريطة المالية للعالم، يجب أن تكون السلطات في الإمارات هي الجهة الموائمة للمساعدة في التعامل مع مشاكلها الملحة الحالية.

نقلا عن ميدل إيست أفيرز

الرابط المختصر