مكاسب وخسائر مصر من الحرب التجارية بين أمريكا و «الكون»

السلع الأولية والمنتجات الزراعية والبتروكيماوية ربما تستفيد

aiBANK

أحمد: الدولار سيتراجع إذا اشتدت الحرب التجارية.. وفرص مثمرة للصادرات المصرية لانخفاض قيمة الجنيه

الألفي: صادراتنا من الحديد والصلب لأمريكا نصف في المائة..وأزمة الرسوم لن تستمر طويلًا

E-Bank

أبو باشا: تصاعد وتيرة الخلافات بين الدول المتصارعة يبطئ حركة التجارة العالمية.. وصادرات آسيا الأكثر تأثرًا

السويفي: للأزمة انعكاسات على الموانئ المصرية وقناة السويس.. ونمو مرتقب للصادارات المحلية في إفريقيا والشرق الأوسط

عبد الحميد: انكشاف الصادرات المصرية على العالم شبه معدوم.. وتأثيرنا في خريطة التجارة العالمية ضئيل جدًا

شاهندة إبراهيم

أجمع محللون بعدد من بنوك الاستثمار على أن فرص استفادة الاقتصاد المصري من الحرب التجارية الدولية الدائرة بين أمريكا والصين ودول الاتحاد الأوربي وكندا والمكسيك خلال الوقت الحالي محدودة، نظرًا لأن حجم الصادرات المصرية في التجارة العالمية ما زال صغيرًا، فعلى الرغم من انخفاض قيمة العملة المحلية والذي يعد أحد أهم المزايا التنافسية للصادرات إلا أن استمرار بعض المعوقات الداخلية لنمو الصناعات التصديرية يتطلب التركيز على دعم بعض هذه الصناعات.

ورشحوا عددًا من المنتجات والسلع لتحقيق نمو في صادراتها خلال الفترة القادمة، وفي مقدمتها السلع الأولية والمنتجات والمحاصيل الزراعية والمنتجات البتروكيماوية،كما قللوا من فرص استفادة صادرات الحديد والأولومنيوم بصورة مباشرة من القرارات الأمريكية والأوربية بفرض رسوم عليها ضمن واردات أخرى.

وتصاعدت وتيرة الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين مؤخرًا، إذ أعلنت واشنطن قائمة تشمل 1300 منتج وسلعة صينية، بقيمة واردات 50 مليار دولار، تعتزم فرض رسوم جمركية عليها بنسبة 25 % في مسعى لإجبار بكين على «تغيير ممارساتها حول الملكية الفكرية، ونقل التكنولوجيا الأمريكية بالقوة»، فيما أدانت الحكومة الصينية تلك الخطوة.

وردت وزارة التجارة الصينية بإعلان قائمة تضم 106 منتجات سيشملها فرض رسوم تبلغ 25 %، وقالت إن موعد دخول هذا القرار حيز التنفيذ سيُعلن في وقت لاحق، وتشكل الرسوم الجديدة تصعيدًا واضحًا على طريق حرب تجارية بين الصين والولايات المتحدة.

وتبلغ قيمة السلع التي فرضت عليها رسوم بين الجانبين 100 مليار دولار تمثل 17 % من 580 مليارًا حجم المبادلات التجارية الثنائية في 2017.

كما توقع محللو الاقتصاد الكلي انخفاض قيمة الدولار عالميًّا على المدى المتوسط حال اشتداد الحرب التجارية الدائرة، كما تلقي الحرب بظلالها على أسعار النفط العالمية وتأثر الطلب عليه.

وحددت وزارة المالية سعر برميل البترول في موازنة 2018-2019، عند مستوى 67 دولارًا لبرميل خام برنت، مقارنة بـ55 دولارًا في موازنة العام المالي الجاري، إلا أن أسعار البترول العالمية تشهد حاليًا موجة صعود قد تصل به إلى مستويات تتراوح بين 80 و100 دولار للبرميل.

وقالت المالية في البيان المالي لمشروع موازنة العام المالي الجديد، إنه في حالة زيادة سعر البترول العالمي عن السعر المحدد في الموازنة (67 دولارًا) فإن ذلك سينعكس سلبًا على العجز الكلي المستهدف، حيث إن كل دولار زيادة في سعر البرميل سيكلف الخزانة العامة 4 مليارات جنيه.

إسراء أحمد، محلل الاقتصاد الكلي ببنك «استثمار مباشر إنترناشيونال»

في البداية قالت إسراء أحمد، محلل الاقتصاد الكلي ببنك «استثمار مباشر إنترناشيونال»، إن فرصة مصر في الاستفادة المباشرة من الحرب التجارية الدولية الدائرة بين أمريكا والصين ودول الاتحاد الأوربي وكندا والمكسيك ضعيفة وليست كبيرة، لضعف حجم الصادرات المصرية، فهي تمثل (0.16 % من إجمالي الصادرات في العالم و0.34 % من إجمالي الواردات).

وأشارت محلل الاقتصاد الكلي ببنك «استثمار مباشر إنترناشيونال»، إلى أن هناك بالطبع فرصًا للتوسع في تصدير السلع التي يتم فرض رسوم حمائية عليها بين الكتلتين الكبيرتين، وعلى وجه التحديد السلع الأولية والزراعية، فإذا لم يتم تعميم التعريفات الجديدة على جميع الواردات إلى السوق الأمريكية أو تفاوضت مصر للحصول على استثناء من تلك التعريفات، يمكن محاولة التوسع في تصدير الحبوب الغذائية والفاكهة والصويا والأثاث على سبيل المثال وليس الحصر بشكل كبير لكل من الدولتين، قائلة: «بالطبع لا توجد فرصة للاستفادة من تصدير السلع عالية التقنية والتي تمثل جزءًا كبيرًا من الواردات الصينية إلى الولايات المتحدة الأمريكية».

ولفتت إلى أن مصر في حاجة شديدة لزيادة دعم إنتاج السلع التصديرية، وأن يتعافى إنتاجها بشكل سريع لاستغلال الفرص التي أتاحتها هذه الأزمة التجارية، وحتى تتمكن من اختراق تلك الأسواق بشكل أكبر خاصةً في ظل انخفاض قيمة العملة المحلية، كما تحتاج إلى إحكام الجودة والالتزام بالمعايير المطبقة بتلك الدول خاصة فيما يتعلق بالسلع الغذائية كالفاكهة والحبوب.

أما القنوات الأكثر تأثيرًا على مصر هي قنوات غير مباشرة، حيث إن الإجراءات الحمائية التي يتم فرضها حاليًا من الدول التجارية الكبرى تحد من حركة رأس المال وتزيد مخاطرته وبالتالي تتأثر تدفقات رأس المال إلى الولايات المتحدة بشكل كبير، مما قد يمثل ضغطًا على السعر العالمي للدولار وبالتالي قد يحد من الضغط على العملة المحلية، فمن المتوقع تراجع سعر الدولار في المدى المتوسط حال اشتدت الحرب التجارية.

وأوضحت أنه من ناحية أخرى تلقي الحرب التجارية بظلالها على أسعار النفط العالمية أيضًا، فتقييد حركة التجارة من شأنه خفض معدل النمو العالمي المتوقع وتأثر الطلب على النفط وكذلك التأثير على صناعة الخام الأمريكي سلبًا بشكل كبير، وفي هذه الوضعية بالطبع مصر مستفيدة بشكل كبير من انخفاض كل دولار في سعر البرميل بالسوق العالمية لأنها مستورد له وهو ما سينعكس بدوره على عجز الموازنة.

عمرو الألفي، مدير إدارة البحوث في شركة شعاع لتداول الأوراق المالية

ومن جانبه اعتبر عمرو الألفي، مدير إدارة البحوث في شركة شعاع لتداول الأوراق المالية، إجراءات فرض رسوم حمائية من قِبل أمريكا على واردات الحديد والصلب والألومنيوم من الاتحاد الأوربي والمكسيك وكندا ليس بمثابة حرب تجارية حتى الآن، إلا في حال بدء تأثر حجم التجارة العالمية سلبيًّا نتيجة لها.

ورأى الألفى أن فرض مثل هذه الرسوم في حقيقته بمثابة فرض ضرائب على المستهلك الأمريكي الذي سيتأثر بزيادة تكلفة استيراد الحديد والصلب والألومنيوم، وكذلك المصنع محليًّا الذي سيلجأ إلى رفع أسعار منتجاته وإن كان حجم تأثر المنتج النهائي على المستهلك الأمريكي يكاد لا يُذكر.

وكشف عن قلقه إزاء تصاعد وتيرة فرض الرسوم من جهة أمريكا وكذلك ردود الفعل من الدول الأخرى، وهو ما قد يؤدي في نهاية الأمر إلى حرب تجارية، قائلًا: «وإن كنت أرى أن مثل هذه الحروب التجارية قد عفا عليها الزمن ولو حدثت لن تستمر طويلًا» وفقًا لتعبيره.

أما بخصوص الصادرات المصرية، علق قائلًا: «لا أرى تأثيرًا يُذكر حيث إن صادرات مصر من الحديد والصلب والألومنيوم لأمريكا تمثل تقريبًا نصف في المائة من حجم استيراد أمريكا».

وعلى جانب آخر عظم استفادة مصر من فرض تلك الرسوم، عن طريق تصدير منتجات بديلة للاتحاد الأوربي نظرًا لقرب المسافة ووجود سوق تصديرية بالفعل، ولكن مصر لن تكون وحدها في التنافس على الطلب بالسوق الأوربي.

محمد أبو باشا، نائب رئيس قطاع البحوث بالمجموعة المالية هيرميس

من جهته رأى محمد أبو باشا، نائب رئيس قطاع البحوث بالمجموعة المالية هيرميس، أنه ليست هناك أي استفادة مباشرةٍ لمصر من وراء الحرب التجارية القائمة بين أقطاب الاقتصاد العالمي، وأن قطاعات الحديد والصلب والألومنيوم قطاعات هامة جدًا على المستوى العالمي ولكن ليس بالضرورة أن تؤثر على حركة التجارة العالمية ولكن من الممكن أن تعطي مؤشرات على تدهور وتأثر قطاعات أخرى بها نتيجة خلق حالة من التوتر عند المصنعيين والمستثمريين.

وتابع: «يوجد عدة مؤشرات تشير إلى تباطؤ حركة التجارة العالمية إذا ارتفعت مستويات وتيرة الخلافات بين أمريكا والصين والاتحاد الأوربي وكندا والمكسيك بشكل أكبر من الوضع الحالي إلى جانب الإجراءات التعسفية التي تتخذها كل بلد على حدة ضد الأخرى»، مشيرًا إلى أن أمريكا والاتحاد الأوربي حلفاء حتى في ظل عدم تواجد قدر كبير من التفاهم فيما بينهم.

وعن انعكاسات تباطؤ حركة التجارة العالمية على الصادرات المصرية، علق قائلًا: «صادراتنا أقل جدًّا من أنها تتأثر، ودول آسيا هي التي سوف تتأثر بشكل كبير».

رضوى السويفي، رئيسم قسم البحوث بشركة «فاروس القابضة»

فيما اتفقت رضوى السويفي، رئيسم قسم البحوث بشركة «فاروس القابضة»، مع الرأي السابق الذي يتلخص في عدم وجود استفادة مباشرة لمصر من الحرب الدائرة بين أقطاب التجارة البارزين، غير أن مصر تحتاج إلى ثورة صناعية لتحل محل الصين على سبيل المثال، ورأت أن الاستفادة الوحيدة تتمحور في مدى قدرتنا على توفير منتج تصديري تنافسي وتوجيهه لتلك الدول المتصارعة.

واستطردت: «مصر ستستفيد بشكل غير مباشر من هذه الحرب التجارية العالمية على مستوى بعض صناعات البتروكيماويات، فالصادرات المصرية بهذا القطاع جيدة وتنافسية».

وأشارت رئيسم قسم البحوث بشركة «فاروس القابضة»، إلى أن أمريكا لجأت لفرض الرسوم الحمائية على الدول المصدرة لحماية صناعتها الوطنية، وشددت على أن تباطؤ حركة التجارة العالمية سيكون بالغ التأثير على حركة الموانئ المصرية التي دائمًا ما تتأثر بحركة التجارة في أوربا فضلًا عن تأثر حركة قناة السويس.

وأردفت: «في تخيلي أن كل ما يحدث في الوقت الحالي ما هو ألا محض تهديدات، وفي حالة حدوث تأثير سيكون ضعيفًا، إلى جانب أن حركة التجارة العالمية ستتضرر لو لجأت كل دولة لتحقيق اكتفائها الذاتي وهو أمر شبه مستحيل وسوف يأخذ دورة زمنية طويلة».

وتوقعت زيادة معدلات نمو الصادرات المصرية في الفترة القادمة بأسواق إفريقيا، وسوريا والعراق وليبيا، لافتة إلى اهتمام شركات الأدوية والأغذيه بغزو أسواق إفريقيا وأسواق الشرق الأوسط بشكل عام خلال الوقت الحالي.

المهندس أحمد عبد الحميد، رئيس غرفة البناء باتحاد الصناعات

ومن جانبه قال المهندس أحمد عبد الحميد، رئيس غرفة البناء باتحاد الصناعات، إن تأثير مصر في خريطة التجارة العالمية قليل جدًّا، فمن الممكن أن لا نتأثر إطلاقًا بسبب صغر حجم الصادرات المصرية في سوق التجارة العالمية، وبالتالي عدم تأثر قطاع الحديد والصلب والألومنيوم في مصر بنسب كبيرة لانخفاض حجم صادراتها.

وأضاف رئيس غرفة البناء باتحاد الصناعات، أن انكشاف الصادرات المصرية على العالم يكاد يكون معدومًا كما أنها لم تخترق ملعب اللاعبين العالميين، وبالتالي تباطؤ حركة التجارة العالمية لا يكون له انعاكسات عليها، وإن تأثرت الصادرات المصرية بالسلب أو بالإيجاب يعود بالأساس إلى الإجراءات والتعقيدات والعقبات الإدارية والبيروقراطية في مصر وتتأثر أيضًا بالأعباء التي تتحملها الصناعات التصديرية، مشيرًا إلى أن حجم صادراتنا حوالي 20 مليار دولار في حين أن حجم صادرات فيتنام ـ دولة ناميةـ 280 مليار دولار والصين بلغت صادراتها 2 تريليون دولار، وبالمقارنة مع هذه الدول فصادراتنا قليلة جدًّا.

وحول الأسواق المتوقع نمو حجم الصادرات المصرية إليها، قال: «الأسواق التي يستهدفها المصدرون بأنفسهم، مناشدًا المُصدرين المصريين بطرق كل الأبواب واقتحام الأسواق المجاورة وغير المجاورة لتسويق المنتجات المحلية والترويج لها، والعرض يخلق طلبه، لذا وجب عليهم طرق جميع الأبواب».

الرابط المختصر