تكنولوجيا للإنسانية والعمالة اليومية

aiBANK

بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة مصر لنشر المعلومات

تنتشر في مصر ميادين معروفة للجميع خاصة من يعملون في مجال الهندسة والمقاولات يتجمع بها في الصباح الباكر عمال اليومية.

E-Bank

هؤلاء المواطنون هم ممن ليس لديهم عمل ثابت ومعظمهم ليس لديه أي مهارات أو إمكانيات بخلاف قواه البدنية تمكنه من الحصول علي وظيفة أو عمل. فينتظر هؤلاء أي مهندس أو مقاول يحتاج إلى عمالة مؤقتة تعمل في الهدم أو نقل التشوينات إلى أدوار مرتفعة أو أي عمل آخر يتطلب قوة بدنية.

وعند مرور أي سيارة وفي نفس اللحظة التي يشك فيها أحد المنتظرين أن قائدها يبحث عن عمال ينقض عليها من تتسع له المساحة التي حول السيارة ويبدأ الجميع في استعراض مهاراته وخبراته أملًا في الحصول على الفرصة.

ثم تبدأ المرحلة التالية للاختيار وهي مرحلة الاتفاق والتفاوض على أجرة اليوم والمطلوب من أعمال. طبعًا تنجذب إلى هذه التجمعات جميع الخدمات المعاونة من شاي وأغذية وحلاقين… إلخ وتنتهي الميادين إلى مظهر غير حضاري بالمرة مهين إلى هؤلاء العمال ومنفر إلى سكان المنطقة ويمثل معاناة لكل من يبحث عن عمالة مؤقته.

يتكرر هذا المشهد في مجالات مختلفة كفلاحة الأراضي الزراعية وجني المحاصيل .. إلخ، وتكمن الإشكالية الحقيقية في أن هؤلاء العمال ليس لديهم أي حقوق أو مزايا بخلاف الأجر اليومي إذا مرض أحدهم أو أصيب لا قدر الله فقد وسيلته الوحيدة في الحصول على أجر يعود به إلى عائلته ليوفر لها اقل القليل.

بالإضافة إلى ذلك لا يستطيع أحد منهم الحصول على أي فرص تعلمه أو تزيد من مهاراته وتؤهله لفرص أكثر تخصصًا وبمقابل أعلى. وفي الوقت نفسه لا توجد أي ضمانات لصاحب العمل في أن هذا العامل لديه الكفاءة والأمانة في إنجاز الأعمال المكلف بها في وقت معقول وليست هناك وسيلة لمعرفة هذا إلا التجربة والتي كثيرًا ما تكون نتائجها غير مرضية للطرفين.

العجيب أنه في مجال المقاولات يجبر القانون أصجاب العقارات على توريد مبالغ إلى التأمينات الاجتماعية للتأمين على هؤلاء العمال غير المسجلين لدى الوزارة ولا توجد حتى الآن وسيلة لربطهم بالمشروعات التي عملوا بها والحصول على نصيبهم من تلك التأمينات المدفوعة في صورة معاش عند التقاعد.

وعلى حد علمي أن وزارة التضامن الاجتماعي تدرس مشروعًا خاصًّا بحل هذه الإشكالية ولكنه يقتصر فقط على العمل بالمقاولات المسجلة والمدفوعة.
فإذا تبنت وزارة القوى العاملة إنشاء قاعدة بيانات لهؤلاء العمال في المجالات المختلفة وتصنيفهم من حيث نوع الأعمال التي تخصصوا بها ودرجة مهاراتهم أمكن حصر هؤلاء المواطنين ومساعدتهم بالآتي:

أولًا: بناء تطبيق من خلاله يمكن لمن يرغب في الحصول على عمالة مؤقتة الاتصال بهم مباشرة بغض النظر عن تجمعاتهم الصباحية كما يمكن له تصنيف العامل والتعليق على مهاراته فإذا أجاد العامل تحسنت فرصه في الحصول على المزيد من الأعمال وإن أخفق قلَّت الفرص. كما يمكن للعامل تصنيف صاحب العمل ولو باستخدام الصور والرموز للأميين منهم لتحذير الزملاء من التعامل مع أرباب العمل المتعسفين والمجحفين والتشجيع على التعامل مع من يعدل منهم.

ثانيًا: يمكن ربط العمال بقاعدة البيانات التأمينية وتحديد أسعارهم وتحميل مقابل تأميني على صاحب العمل يتم إضافته للأجرة ويورد إلكترونيّاً للتامينات ويمكن للعامل الاستفادة بمزايا تأمينية قد يكون هو الأحوج إليها.

ثالثًا: يمكن تحويل الأجرة اليومية لحساب العامل في محفظة إلكترونية ويساعد هذا في تحول المجتمع النقدي الذي نعاني منه إلى مجتمع لانقدي كما يزيد فرص العامل في الحصول على خدمات مصرفية أو قروض متناهية الصغر إذ تتوفر معلومات موثقة عن متوسط دخله وعمله للمؤسسات المالية العملة في المجال مما يحسن وضع الدولة بمقياس الشمول المالي.

أخيرًا يمكن من حين لآخر تقديم برامج تدريبية لذوي التصنيف المرتفع لزيادة مهاراتهم بواسطة الدولة أو منظمات المجتمع المدني أو المسؤولية المجتمعية لشركات المقاولات والمعمار الكبرى وإضافة المعلومات الخاصة بهؤلاء لقاعدة البيانات لحصولهم على فرص أفضل وحياة أكرم.

الرابط المختصر