الدكتور أمجد الوكيل: لا تأثير للانفجار الروسي على البرنامج النووي المصري
نمتلك برنامجا طموحا لن يتوقف عند محطة الضبعة
محمود علي
استبعد رئيس هيئة المحطات النووية، الدكتور أمجد الوكيل، أي تأثير لحادث الانفجار النووي الروسي على مشروع الضبعة المصري، الذي تنفذه شركة آتوم روس.
وأوضح الوكيل، في حواره مع جريدة حابي، أن محطة الضبعة من الجيل الثالث المتطور، وستتمع بأنظمة آمان عالية، تتحمل اصطدام طائرة تزن 400 طن محملة بالوقود وتطير بسرعة 150 مترًا في الثانية، كما يتحمل عجلة زلزالية قيمتها 0.3 عجلة الجاذبية الأرضية، فضلًا عن تسونامي حتى 14 مترًا.
وأكد أن البرنامج النووي المصري لتوليد الكهرباء لن يتوقف عند مشروع الضبعة، كاشفًا عن اختبار عدد من المواقع المرشحة لإقامة محطات أخرى.
كما تحدَّث رئيس هيئة المحطات النووية عن مساعي مصر نحو تطوير وتوطين صناعة المكونات النووية وتصديرها إلى محيطها العربي والإقليمي.
بدايةً حابي.. هل من تداعيات لحادث الانفجار النووي في روسيا على مشروع الضبعة المصري؟
الوكيل: لا علاقة بين الحادث الذي وقع في روسيا وبين مشروع الضبعة النووي؛ فالأول كان انفجارا خلال تجربة أحد الصواريخ التي تعمل بالوقود النووي بينما المحطات النووية عمومًا، ومن بينها المحطة الجاري إقامتها بالضبعة، واحدة من التطبيقات السلمية، والتي تتميَّز بأنظمة أمان عالية.
ومحطة الضبعة من الجيل الثالث المتطور، وسيكون لها مبنى احتواء مزدوج يستطيع تحمل اصطدام طائرة تزن 400 طن محملة بالوقود وتطير بسرعة 150 مترًا في الثانية، كما يتحمل المفاعل عجلة زلزالية قيمتها 0.3 عجلة الجاذبية الأرضية
كما تتحمَّل تسونامي حتى 14 مترًا، فضلا عن قدرتها على الإطفاء الآمن التلقائي دون تدخل العنصر البشري، وستزود بمصيدة قلب المفاعل حال انصهاره، وهو الأمر الذي لا تتعدى احتمالية حدوثه واحد على 10 ملايين مفاعل سنة.
حابي: ولماذا وقع الاختيار على الجانب الروسي لتنفيذ المشروع النووي المصري؟
الوكيل: هناك عدة أسباب، منها: أن العرض الروسي هو الأفضل فنيا وماليا، كما أن موسكو الوحيدة القادرة تكنولوجيا على تصنيع كامل مكونات المحطة النووية دون الاستيراد، فضلًا عن كون «روس آتوم» شركة رائدة عالميا، وتمتلك خبرات كبيرة في هذا المجال.
العرض الفني والمالي أهم أسباب اختيار روس آتون
حابي: ما هي الخطوة التالية بعد الحصول على إذن قبول موقع الضبعة؟
الوكيل: العمل بمشروع المحطة النووية يمر بثلاث مراحل رئيسية: تحضيرية (ما قبل الإنشاءات) ومدتها حوالي عامين ونصف، والإنشاء ومدتها خمسة أعوام ونصف تقريبا، واختبارات قبل التشغيل ومدتها عام تقريبًا.
والمشروع حاليًا في مرحلته التحضيرية، وإذن قبول الموقع من هيئة الرقابة النووية والإشعاعية إقرار بأن موقع الضبعة وخصائصه تتوافق مع المتطلبات المصرية الوطنية وكذلك اشتراطات الوكالة الدولية للطاقة الذرية لمواقع محطات القوى النووية.
وإذن قبول الموقع شرطا للحصول على وثيقة الترخيص التالية «إذن الإنشاء»، وهو ما تعمل هيئة المحطات النووية بالتعاون مع المقاول الروسي للمشروع «أتو مستروي إكسبورت» على الوفاء بمتطلبات استصداره؛ للانتهاء من المرحلة التحضرية واستكمال مرافق البنية التحتية وإعداد التجهيزات اللازمة بالتنسيق بين فريقي المشروع من الجانبين المصري والروسي وتبادل الوثائق الفنية وتنفيذ التزامات طرفي التعاقد وفق الجدول الزمني المتفق عليه.
حابي: ماذا عن المشاركة المحلية في مشروع الضبعة النووي؟
الوكيل: هناك لجنة وطنية مصغرة لتيسير المشاركة المحلية في المشروع، تضم وزارات: الكهرباء، والإنتاج الحربي، والبترول، وغيرها من الجهات المعنية.
وقد أعدت هذه اللجنة قائمة مبدئية تشمل 150 شركة وطنية لديها الإمكانات التي تؤهلها للمشاركة كمقاولي باطن في أعمال الإنشاءات.
كما جرى إطلاق الموقع الإلكتروني www.enlc.gov.eg ؛ لتمكين الشركات الراغبة في العمل بالمشروع من تسجيل أسمائها وتقديم معلومات عنها ونبذة عن المشروعات التي نفذتها من قبل.
ويعكف المقاول الروسي (شركة أتو مستروي إكسبورت) على تقييم هذه الشركات بالتعاون مع اللجنة.
وتستهدف اللجنة وضع استراتيجية لتوطين هذه التكنولوجيا في مصر، ووضع السياسات الهادفة لتذليل أية عقبات أو معوقات قد تواجه الشركات المحتمل مشاركتها في تنفيذ أنشطة المشروع، واقتراح آليات لدعم ونقل الخبرات للشركات الوطنية، وإعداد قواعد بيانات بالقدرات والإمكانات المحلية في تصنيع مكونات المحطة وتوفير المواد الخام، بالإضافة إلى العمل على تأهيل القدرات الوطنية المشاركة في إنشاء المحطات النووية.
حابي: الجانب الروسي ألغى مناقصة لأعمال البنية التحتية لارتفاع العروض المالية.. فهل هناك إمكانية لمراجعة أسعار إقامة المحطة؟
الوكيل: لا مراجعة لأسعار الإنشاءات مع «روس آتوم» أو «أتو مستروي إكسبورت».
لا مراجعة لأسعار تنفيذ المشروع
وإجراء المناقصات والتعاقدات مع مقاولي الباطن لتنفيذ المشروع هي مسئولية المقاول الرئيسي «روس آتوم»؛ حيث أن العقد نظام «تسليم مفتاح» محدد السعر.
حابي: متي يعلن التحالف الفائز بمناقصة حماية موقع المشروع من المياه الجوفية؟
الوكيل: شركة أتو مستروي إكسبورت تدرس العروض المالية والفنية المقدمة للوقوف على الحلول الهندسية المناسبة، ومن المرتقب الإعلان عن الفائز قريبا.
الإعلان قريبا عن الشركة الفائزة بمناقصة حماية المشروع من المياه الجوفية
حابي: «روس آتوم» عدَّلت بعض التصورات الهندسية للمرحلة الأولى .. فهل راجعتم هذه التعديلات لاعتمادها؟
الوكيل: أي تعديلات تجرى خلال مراحل المشروع يتم تبادل الوثائق الفنية والحلول الهندسية والتصاميم الأولية الخاصة بها ويتم مراجعتها واعتمادها من الهيئة أولا قبل تسليمها لهيئة الرقابة النووية والإشعاعية لمراجعته واعتمادها.
حابي: هل هناك إمكانية لزيادة نسبة المكون المحلي في مراحل تنفيذ المشروع؟
الوكيل: جرى الاتفاق مع الجانب الروسي على أن تكون نسبة المشاركة المحلية بدءًا من الوحدة الأولى بنسبة 20% كحد أدنى وصولا إلى 35% كحد أدنى في الوحدة الرابعة، وهذه النسب مرهونة بقدرات وخبرات الشركات المصرية.
ولهذا جاء تشكيل اللجنة الوطنية المصغرة لتطوير الصناعة الوطنية؛ وهو أحد أهم أهداف البرنامج النووي المصري للاستخدامات السلمية، وهو برنامج طويل المدى تتصاعد فيه نسب التصنيع المحلي طبقا لخطة واضحة وملتزم بها؛ مما يحدث نقلة ضخمة في جودة الصناعة المصرية وإمكاناتها ويزيد من قدرتها التنافسية في الأسواق العالمية نتيجة لمعايير الجودة الصارمة التي تتطلبها صناعة المكونات النووية، والتي ستنتقل بالضرورة إلى صناعة المكونات الأخرى التي تنتجها نفس المصانع.
حابي: ما هو دور الهيئة أثناء تنفيذ محطة الضبعة؟
الوكيل: هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء تضطلع بأربع مهام، الأولى: تنفيذ أعمال البنية التحتية وإعداد التجهيزات اللازمة للبدء في إنشاء المحطة، والثانية: مراجعة الوثائق الفنية واستصدار التراخيص والموافقات، والثالثة: الإشراف على أعمال التنفيذ (البناء والتوريدات والتركيبات)، والرابعة: إعداد وتأهيل الكوادر البشرية بالداخل والخارج.
حابي: هل يتوقف المشروع النووي المصري عند محطة الضبعة؟
الوكيل: مصر تمتلك برنامجا نوويا طموحا لن يقتصر على إنشاء محطة الضبعة؛ حيث أجرينا مسحا شاملا لعدد من المواقع في أنحاء مختلفة من الجمهورية لدراستها من أجل إنشاء محطات أخرى وفقا للمتطلبات والمعايير النووية المصرية، والمواقع الأقرب حتى الآن (النجيلة1، والنجيلة 2) بمحافظة مطروح.
والتعاقد الحالي مع الجانب الروسي يشمل: إنشاء أربع وحدات من الجيل الثالث المتطور طراز VVER1200 بموقع الضبعة.
حابي: هل من رقابة دولية لأعمال إقامة محطة الضبعة وفقًا للاتفاقات المتعارف عليها؟
الوكيل: تتعاون الهيئة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية من خلال برامج تعاون فني لصقل كوادرها الفنية وتأكيد شفافية البرنامج النووي المصري لتوليد الكهرباء.
وتلتزم الهيئة بتنفيذ المشروع وفق المعايير المحلية والدولية، وتضطلع هيئة الرقابة النووية والاشعاعية بالمهام الرقابية والتنظيمية وكل ما يضمن أمن وأمان وسلامة الإنسان والممتلكات والبيئة من أخطار التعرض للإشعاعات، ولها في سبيل تحقيق ذلك الصلاحيات اللازمة كافة طبقا لقانون إنشائها.
وهيئة الرقابة النووية والاشعاعية هي المنوط بها ترسية وسحب وإلغاء وتجديد الأذونات والتراخيص بدءًا من إذن قبول الموقع ثم إذن الإنشاء ثم إذن اختبارات ما قبل التشغيل فإذن التحميل بالوقود ثم ترخيص التشغيل وتجديد التشغيل انتهاءً بالترخيص بالخروج من الخدمة والتكهين.
حابي: هل من تعاون في الفترة المقبلة بين مصر والدول العربية والإفريقية في مجال إنشاء المحطات النووية؟
الوكيل: نعم؛ فهو أحد أهم الأهداف الاستراتيجية للبرنامج النووي المصري، والممكن تحقيقه من خلال نقل وتوطين التكنولوجيا النووية وزيادة نسبة المشاركة المحلية.
ومصر من خلال دورها الرائد في المنطقة وبما تمتلكه من قدرات بشرية وكوادر علمية مؤهلة للاضطلاع بهذا الدور في إطار الاستخدامات السلمية للطاقة النووية من خلال: إقامة مراكز تدريب إقليمية أو من خلال تقديم الخدمات الاستشارية في مجال تصميم أو إدارة المشروعات النووية أو في مجال التشغيل والصيانة.
كما أن تطوير الصناعة المحلية، وهو أحد أهم أهداف البرنامج النووي المصري كما ذكرت، سيتيح للشركات الوطنية المشاركة في بناء محطات الكهرباء من الطاقة النووية بالدول العربية والإفريقية.
نسعى للتحول إلى بيت خبرة عالمي
وباختصار نحن نطمح لأن نجعل من هيئة المحطات النووية بيت خبرة عالمي يزيد من قوى مصر الناعمة في محيطها العربي والإقليمي.
حابي: كم عدد المتدربين المصريين بهذا المجال في الخارج؟
الوكيل: نعمل على الاستفادة من اتفاقات التعاون الثنائي مع بعض الدول مثل كوريا الجنوبية، حيث حصل 12 فردًا على درجة الماجستير في المفاعلات النووية، كما حصل 15 آخرون على دورات تدريبية فى إدارة البنية التحتية لمشروعات المحطة النووية.
كما نتعاون مع اليابان وروسيا الاتحادية، حيث تم إرسال ثلاث مجموعات إلى الأخيرة، تضم كل واحدة 15 فردًا (مهندسين وعلميين) للتدريب على التكنولوجيا النووية وإدارة الوقود النووي والوقود المستنفذ ووضع المواصفات للمحطة النووية، واختيار وتأهيل المواقع، والأمن النووي، ودراسة مكونات الدائرة الابتدائية والثانوية.
هذا فضلًا عن البرامج التي تم تنفيذها بالاتفاق مع الاستشاري وورلي بارسونز، وأخيرًا التدريب الداخلى بالهيئة.
لذا فإن هناك كوادر مدربة شاركت منذ بداية هذا المشروع في عمليات التفاوض والتعاقد بالإضافة إلى مكتب استشاري فني عالمي ومكتب استشاري عالمي قانوني لمعاونة هذه الكوادر.
كما يشمل التعاقد مع «روس آتوم» تدريب 2150 فردًا على تشغيل وصيانة وإدارة المفاعلات النووية؛ حيث يخضعون إلى تدريب نظري ثم عملي في المحطة المرجعية والمصانع في روسيا خلال فترة لن تقل عن سنة، بالإضافة إلى التدريب في محاكي محطة الضبعة النووية، التي سينشأه الجانب الروسي ثم المشاركة في تجارب التشغيل.