مصر تتمتع بفرص اقتصادية تحسد عليها لكنها تحتاج إلى مزيد من الجهد للاستفادة منها

aiBANK

بقلم ريتشارد بانكس مستشار تحرير مؤتمرات يورومني

في ظل تباطؤ النمو العالمي وتزايد القومية الاقتصادية والحروب التجارية، وارتفاع مستويات الديون، وتراجع العولمة؛ يمكننا أن نجد عذرًا للمستثمرين في محاولة التربح من الموقف المصري، وعلى الرغم من هذا فلا يجب عليهم القيام بذلك على الإطلاق، لثلاثة أسباب وجيهة.

E-Bank

أولًا: قامت الدول المجاورة لمصر وحلفاؤها في الخليج بتغيير نماذج اقتصادها، حيث اعتمدت النماذج القديمة على تصدير البترول والاستفادة من دخول هذه الصادرات والعيش منها وهو ما لم يعد موجودًا.

فقد قامت المملكة العربية السعودية على وجه التحديد بإعادة الهيكلة والتوازن لخلق نموذج أكثر استدامة يجمع بين الصناعة والتمويل والخدمات، وهو ما قامت به جميع دول الخليج بشكل أو بآخر. وبينما تتحرك هذه الاقتصاديات نحو التطبيع مع العالم، ستفهم الأهمية الجوهرية للتجارة والاستثمار على المستوى الإقليمي.

إن التجارة الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لديها أقل نصيب من الناحية الاقتصادية إذا تمت مقارنتها بأي منطقة دون سبب لوجستي أو جغرافي. وهناك إمكانات هائلة للنمو الآن في ظل وجود الإرادة السياسية.

ثانيًا: إن التجارة العالمية والاستثمار هي لعبة الأمس، فالعقود الثلاثة منذ عام 1990 سينظر إليها باعتبارها نقطة التحول في العولمة كتوجه اقتصادي. فإن صعود الصين وتدفق رأس المال وتحرير التجارة خلق فرصة فريدة للشركات والمؤسسات المالية لتتواكب مع العولمة.

فقد كان للأزمة المالية عواقب سلبية على طموحات العديد من المؤسسات المالية وكذلك الأزمات السياسية المدفوعة جزئيًّا بعمليات التعهيد وإعادة التمركز الجغرافي لعدد من الشركات مما جعل الاستمرار في هذا التوجه أمرًا غير مقبول بالنسبة لصانعي القرار في الغرب (فهو غير مقبول أيضًا في أي مكان آخر).

بينما يتم التركيز في الوقت الحالي على إضافة قيم جديدة للاقتصاد المحلي وتشغيل الشركات بشكل انتقائي في الأسواق الأخرى التي تتمتع بفرص واضحة لتحقيق الأرباح.

إن الإنتاج بهدف التصدير ما زال أمرًا مهمًّا، ولكن الاتجاه العام في الوقت الحالي يركز على توطين الصناعة بما يدعم فرصة مصر في التجارة الإقليمية. فإن التعريفات الجمركية والحصص التصديرية على الصعيد الدولي ستقلص من المزايا التنافسية لمصر في بعض الأسواق التصديرية، بينما يمكنها الاستفادة من الاتفاقيات التفضيلية والحيادية من الناحية السياسية مع الاقتصادات الرئيسية في كل مكان، فقد تمكنت مصر حتى الآن من الحفاظ على علاقات جيدة مع جميع التكتلات التجارية: الولايات المتحدة والصين والاتحاد الأوربي وروسيا. يجب أن تستمر هذه العلاقات للقيام بذلك.

ثالثًا: الطبيعة المتنوعة لاقتصاد مصر وحجمها وعدد سكانها تجعلها بيئة جاذبة بشكل فريد كوجهة للاستثمار الأجنبي المباشر في عالم يواجه تحديات الاستثمار الأجنبي المباشر.

نحن نشاهد أخبارًا يومية حول الاستثمار الأجنبي المباشر الجديد في مصر، والدعم والتمويل الجديد من جهات متعددة الأطراف والمؤسسات الإقليمية وإعلان مبادرات جديدة، لذلك ففي الوقت الذي تحتاج فيه مصر إلى الحفاظ على علاقاتها الاستراتيجية مع حلفائها وشركائها، فمن دواعي السرور أنها تتمتع بخصائص هيكلية تجعلها في الأساس وجهة جاذبة مقارنة بأقرانها.

ومع ذلك، وجب التحذير أنه يُمكن أن يرى المستثمرون الأجانب السوق المصرية مكانًا صعبًا لممارسة الأعمال. فوفقًا لتقرير «سهولة ممارسة أنشطة الأعمال» الصادر عن البنك الدولي احتلت مصر المرتبة 120 من أصل 190 دولة.

وهو ما لا يخفى على أي أجنبي قام أو يحاول القيام بأعمال تجارية في مصر. قد تكون السياسات مشجعة ولكن التنفيذ يحتاج إلى تبسيط. يمكن للشركات الكبيرة التي تدعمها جهات متعددة في القطاعات كثيفة رأس المال إدارة هذه المهمة.

كما يجد المستثمرون من الشركات الصغيرة والمتوسطة في القطاعات التي توفر فرص التوظيف مثل الخدمات والتكنولوجيا صعوبة أكبر بعض الشيء. مصر تدرك أهمية الاستفادة من الفرصة الفريدة التي تواجهها، ولكنها تحتاج إلى بذل المزيد من الجهد لتحقيق ذلك، فالنتائج المترتبة على ذلك تستحق كل هذا العناء.

● كاتب المقال هو مستشار تحرير مؤتمرات يورومني، والآراء التي يتضمنها المقال تعبر عن رأيه الشخصي.

الرابط المختصر