تفعيل الادخار وتحجيم السيولة لتطوير مناخ الاقتصاد

aiBANK

محسن عادل خبير اقتصادي

تواجه الحكومة تحديًا هامًّا يتمثل في كيفية زيادة معدل الادخار بهدف تحقيق النمو المستهدف الذي يحتاج لسيولة تمويلية ملائمة فبعد إصدار قانون استثمار جاذب وتهيئة البيئة التشريعية والاقتصادية لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة ومن ثم محاولة تعويض الاقتصاد بالتدفقات الخارجية عن ضعف الادخار محليًّا فقد تم رفع قدرة الدولة على تحقيق النمو المرتقب إذا تحولت الأنشطة الاقتصادية إلى الانتاجية بدلًا من الاستيراد والاستهلاك.

E-Bank

يستلزم معالجة هذا الوضع بتفعيل برنامج تقنين الملكيات العقارية والأنشطة التجارية من خلال تبسيط إجراءات قيد وشهر كافة العقارات غير المسجلة واللجوء لنظام القيد بنظام السجل العيني.

كما يتطلب رفع معدلات الادخار تحركًا أكبر من الجهاز المصرفي لتجميع المدخرات الصغيرة التي لا تدخل للقطاع المصرفي حاليًا وذلك باستخدام الآليات التالية مثل تفعيل قرار البنك المركزي بخصوص إنشاء فروع صغيرة للبنوك بالمحافظات والمناطق النائية مع ضرورة العمل على تخفيض رسوم وإجراءات فتح الحسابات البنكية المتبعة حاليًا لتشجيع المواطنين على فتح حسابات لدى البنوك، مع السماح لهيئة البريد بإطلاق بطاقات دفع على حسابات المودعين لديها بالتزامن مع خطة تدشين ماكينات صراف آلي بمكاتب البريد وهو ما سيحقق تنشيطًا كبيرًا في حجم التعاملات من خلال جهات مؤمنة ويمكن تتبعها خاصة في الأماكن النائية والقرى بالإضافة لإصدار البنوك لشهادات استثمار أو أوعية ادخاريه بفئات صغيرة وإطلاق حملة توعية مكثفة بأهمية الادخار مهما صغرت قيمته.

على مستوى آخر ففي ضوء الأزمة العالمية وعدم اليقين بشأن الاقتصاد العالمي وهي السبب في تمسك المستثمرين بالكاش وخوفهم من المخاطرة مع زيادة حيازاتهم النقدية فهناك ضرورة للبدء في اتخاذ خطوات وإجراءات جادة نحو وضع ضوابط لعملية تداول السيولة النقدية بالجنية المصري خارج القطاع المصرفي مع ضرورة التدرج في هذه الخطوات خلال الفترة الحالية.

من هذا المنطلق فهناك ضرورة للبدء خلال الفترة الحالية ببعض الخطوات التي ستساهم في تأهيل المجتمع لمرحلة وضع ضوابط لتداول السيولة النقدية من خلال الجهاز المصرفي المصري وعلى رأسها السماح لهيئة البريد بإطلاق بطاقات دفع على حسابات المودعين لديها بالتزامن قيام البنك المركزي بالتعاون مع الجهاز المصرفي بدراسة تقديم حافز للمواطنين والتجار على حد سواء للتعاملات التي تتم من خلال البطاقات الإلكترونية بحيث تكون هذه الحوافز أو المزايا بمثابة الدافع الأساسي والمحرك الرئيسي في عملية التحول من الاقتصاد النقدي إلى المعاملات الإلكترونية.

مع ضرورة تطوير البنية التحتية لمنظومة تكنولوجيا المعلومات بالبنوك كذا لشبكات الاتصالات مع الاستمرار في زيادة أعداد نقاط البيع وتنشيط تنفيذ الخدمات المصرفية عبر شبكات الإنترنت والمحمول، ومن الهام وضع برنامج زمني يعقب هذه المرحلة لبدء تخفيض استخدام الكاش في الجهات غير الحكومية وتشجيع عملية المدفوعات الإلكترونية مع ربط كافة خدمات الكروت الإلكترونية، ويستدعي هذا إطلاق حملات توعية مكثفة على مستوى الجمهورية لزيادة الوعي والتثقيف المالي وتوضيح أهمية استخدام البنوك في كل التعاملات المالية للمواطنين وكذا التعريف بنظام المدفوعات الإلكترونية في جميع الخدمات التي تقدم من الدولة لتقليص عملية السداد النقدي تدريجيًّا.

كل هذا يستدعي البدء بفاعلية في خطوات ضم الاقتصاد غير الرسمي إلى الاقتصاد الرسمي بإطلاق القانون الخاص بإدماج القطاع غير الرسمي والذي يتضمن تقديم حوافز تمويلية بفائدة مميزة إلى جانب تسهيلات في إجراءات استخراج التراخيص والتنظيم الضريبي لتحفيز هذا القطاع الذي يعد المصدر الرئيسي للاقتصاد النقدي على الانضمام للمنظومة.

إن الاقتصاد المصري يعطي إشارات إيجابية نحو التطوير والتحديث وهو ما يستدعي ضرورة الإسراع بدعم النمو من خلال آليات وأسس جديدة تطور من المنهج التمويلي الحالي وتدعيمه.

الرابط المختصر