هل نقتنص الفرصة: لماذا افلست توماس كوك؟

aiBANK

محسن عادل خبير اقتصادي

انهارت منذ أيام شركة توماس كوك، أقدم شركات السياحة والسفر في العالم، مما أدى إلى تقطع السبل بمئات الآلاف من السائحين الذين يقضون عطلاتهم في مختلف أنحاء العالم وأطلقت أكبر عملية في التاريخ البريطاني في وقت السلم لإعادة مواطنين من الخارج.

E-Bank

ووفقًا لوكلات الأنباء كانت الشركة تدير فنادق ومنتجعات وشركات طيران تخدم 19 مليون مسافر في السنة في 16 دولة وحققت إيرادات قدرها 9.6 مليار جنيه إسترليني (12 مليار دولار) في 2018 وللشركة في الوقت الحالي 600 ألف زبون يقضون إجازاتهم في الخارج من بينهم أكثر من 150 ألف مواطن بريطاني ويعمل بشركة توماس كوك 21 ألف موظف وهي أقدم شركة للسفر في العالم إذ تأسست في 1841. وتبلغ ديون الشركة 1.7 مليار إسترليني.

أثار هذا الانهيار تساؤلات جوهرية حول شركة بهذا الحجم والعراقة والحصة السوقية وحجم العوائد الضخم وحجم العمالة ذات الخبرة الرفيعه كيف تنهار بهذه الصورة؟ دفعني ذلك لتتبع كافة التحليلات التي صدرت عن هذه الأزمة سواء عبر مصادر إخبارية مثل ماركت ووتش، رويترز، تلغراف، إندبندنت والاقتصادية أو مواقع إخبارية كرويترز وأرقام أو حتى تليفزيونية للبحث في هذا الملف وكانت الإجابة في نقطة رئيسية هي فشل الشركة في التطور فوفقًا لموقع أرقام فإن أعمال حجوزات السفر والسياحة عبر الإنترنت كانت تشكل خطرًا وجوديًّا على «توماس كوك»، لكن تحمل الشركة البريطانية لديون قدرها 2.1 مليار دولار حرمها من التطور اللازم لمجابهة هذا التحدي في ظل معاناة الشركة من أجل الوصول إلى السياح والمسافرين الذين يفضلون المنصات الإلكترونية، كما تعرضت الشركة لضغوط بسبب الاضطرابات الأمنية والسياسية في تركيا، التي تعد أحد أهم الوجهات بالنسبة لها، منذ محاولة الانقلاب العسكري في 2016.

ووفقًا للمصدر السابق فقد تراكمت الديون في ميزانية «توماس كوك» على مدار العشر سنوات الماضية بسبب العديد من صفقات الاستحواذ الفاشلة، حتى إنه تحتم عليها أن تحقق هدف بيع 3 ملايين رحلة لقضاء العطلة في السنة لتغطية مدفوعات الفائدة فقط، بحسب «رويترز» وخلال العام الماضي كان جليًّا كيف تعاني الشركة مع الديون، لكنها بحلول يوليو الماضي، كشفت عن خطة عمل بحاجة إلى نحو 1.10 مليار دولار لتمويلها، والتي قرر أكبر المساهمين (شركة فوسون الصينية) بالإضافة إلى مجموعة من الدائنين والمستثمرين توفيرها في هذه الأثناء، وقع أمرٌ غيَّر مجريات الأمور، حيث كلفت مجموعة من الدائنين مستشارين ماليين مستقلين بإجراء تحقيق في أوضاع الشركة، وخلصوا إلى أن «توماس كوك» بحاجة إلى 250 مليون دولار إضافية لتمويل أنشطتها وهو ما فشلت الشركة في توفيره .

قبل لحظات من إعلان خبر الإفلاس، قال رئيس الوزراء «بوريس جونسون» إن طلب الشركة خطة إنقاذ حكومية بقيمة 150 مليون جنيه إسترليني (185 مليون دولار) من أموال دافعي الضرائب قوبل بالرفض بسبب «الخطر الأخلاقي» الذي ستخلقه للشركات الأخرى.
ورغم هذا الانهيار، إلا أن تقريرًا نشرته» ميرور» تحدث عن تلقي مسؤولين تنفيذيين في «توماس كوك» لمكافآت ومزايا وتعويضات اقتربت من ثلاثين مليون جنيه إسترليني (نحو 37.5 مليون دولار).

واستفاد عدد من المسؤولين التنفيذيين في «توماس كوك» من بينهم «ماني فونتينلا»، «نوفا» و»هارييت جرين» و»بيتر فانكوزر» بشكل كبير من الشركة المتعثرة منذ عام 2007 وحصل المدير التنفيذي الحالي لـ»توماس كوك» «بيتر فانكوزر» على 8.3 مليون جنيه إسترليني (حوالي 10.5 مليون دولار) منذ توليه المنصب عام 2014، وشمل ذلك 2.9 مليون جنيه إسترليني مكافأة قبل أربع سنوات.

كما حصل رئيس مجلس الإدارة «فرانك ميزمان» على 1.6 مليون جنيه إسترليني (حوالي مليوني دولار) خلال تلك الفترة، بحسب «التليجراف»، فيما حصل المديران الماليان «مايكل هيلي» و»بيل سكوت» على سبعة ملايين جنيه إسترليني (نحو 8.7 مليون دولار) منذ عام 2014 أما المدير التنفيذي السابق «هارييت جرين»، فقد استفاد كثيرًا من إنقاذه للشركة عندما كانت على حافة الانهيار قبل سبع سنوات حيث حصل على مكافأة بحوالي 5.6 مليون جنيه إسترليني (سبعة ملايين دولار) عام 2015 جاء «جرين» بعد «فونتلينا – نوفا» التي حصلت على 17.2 مليون جنيه إسترليني (21.5 مليون دولار) بين عامي 2007 و2011، وفي نفس هذه الفترة، فقد 2800 شخص وظائفهم، وفقا لـ»التايمز».

ووفقًا للاقتصادية يبدو أن الشكوك التي تحوم حول دور المديرين التنفيذين للشركة في انهيارها، دفع برئيس الوزراء بوريس جونسون إلى التساؤل عما إذا كان من الضروري أن يدفع المديرون مبالغ مالية ضخمة باعتبار أن شركتهم انهارت.

وتضغط المعارضة البريطانية ممثلة في حزب العمال في أن يسدد مديرو توماس كوك المكافآت المالية التي تلقوها يضاف إلى ذلك، أن «توماس كوك» لديها أصول مادية محدودة من الطائرات أو الفنادق، ولذلك عندما غادر العملاء إلى الإنترنت لحجز رحلاتهم الجوية أو الفنادق، انخفضت قيمة الشركة، وتراجعت أسهمها إلى الحد الذي وصف فيه المحللون في سيتي جروب أسهم الشركة في وقت سابق من هذا العام بأنها بلا قيمة، في حين ألقى خبراء شكوكًا حول أن تراجع الحكومة عن الدعم يأتي في ظل توقعات بأن يشهد الاقتصاد البريطاني حالات مشابهة بعد الخروج من الاتحاد الأوربي، وسيكون من الصعب أو شبه المستحيل أن تقوم الحكومة البريطانية بإنقاذ الجميع.

آراء الخبراء العالميين حول الانهيار عبر وسائل الإعلام تراوحت ما بين أن الإدارة فشلت في إدراك شدة التحديات التي تواجه نشاطها التجاري، ولم تمتلك رؤية حقيقية للتعامل مع الأخطار بطبيعة الحال، مثلت من الناحية الاقتصادية المحضة العامل أو العوامل المباشرة للفشل، وأن انهيار توماس كوك يقدم نموذجًا مباشرًا لعدم القدرة على التكيف مع المعطيات الجديدة في الأسواق، مبينًا أن تلك التجربة مثال حي على فشل مفاهيم الإدارة التقليدية في مواجهة الاقتصاد الرقمي ويعتقد البعض أن شركة توماس كوك ربما تدخل التاريخ باعتبارها أول شركة تخسر نشاطها التجاري بسبب التغيرات المناخية، فقد أدت موجة الحر التي ضربت جميع أنحاء أوربا في مايو من العام الماضي إلى انخفاض حاد في الطلب على العطلات، وقام العملاء بتأخير اتخاذ القرارات المتعلقة بالإجازات.

وفي الوقت الراهن تباينت ردود الأفعال حيث قالت وزارة السياحة التركية إنها ستقدم دعمًا للشركات المحلية المتأثرة بانهيار توماس كوك وقالت وزارة السياحة المغربية إنها شكلت خلية أزمة للتعامل مع تداعيات انهيار توماس كوك كما قالت مجموعة بلو سكاي، وكيل توماس كوك في مصر، إنه جرى إلغاء 25 ألفًا من الحجوزات في مصر حتى أبريل 2020 وكانت الشركة تدير فنادق ومنتجعات وشركات طيران تنقل نحو 19 مليون مسافر سنويًّا إلى 16 دولة مختلفة علمًا بأنه بعد أيام من توقف عمليات شركة «توماس كوك» في المملكة المتحدة، تقدمت الوحدة التابعة لها في ألمانيا بطلب لاعتبارها في حالة عسر مالي، في الوقت الذي تعهدت فيه ببذل جهود مضنية لإعادة الهيكلة ومواصلة العمل.

التأثير المتوقع على مصر؟
المقصد المصري يتعامل في الأسواق المصدرة لحركة السياحة بشكل طبيعي، ويمكن التعامل مع شركات أخرى ومتنوعة وبالتالي فإن حجم التأثير على المقصد السياحي سيكون محدودًا للغاية ولا توجد مشاكل بالنسبة للسائحين الوافدين عبر الشركة، إلا أن الموقف الحالي يوفر فرصة حقيقية للسياحة المصرية .

صديق مصري يقطن بإحدي الدول العربية أطلق حملة تحمل مقترحًا وهو أنه يجب على (الدولة) بالتنسيق مع شركات السياحة تكثيف الجهود بكل السبل والطرق لكي تجتذب السياح الذين ألغيت رحلاتهم خصوصًا في عطله نهاية العام التي اقتربت وتقديم عروض مخفضة سواء على الطيران أو الحجوزات أو الانتقالات وهذا سيساهم في تحقيق أمور كثيرة أولًا: «العالم كله بيتكلم عن توماس كوك(ترند) وبالتالي انتشار خبر زي دا هيكون له أثر كبير علي السياحة وسمعة مصر كجاذب للسياحة»، ثانيًا: سيشجع شركات السياحة في العالم علي توجيه عملائها الي مصر، ثالثا: العائد من إنفاق هؤلاء السياح داخل السوق المصرية وتأثيره على الاقتصاد .
إلى صديقي المبدع «محمد يوسف» أتمنى أن ننجح في اقتناص هذه الفرصة خاصة وأن على رأس منظومة السياحة وزيرة نشطة ومبدعة أثق في قدراتها على تحقيق هذا الهدف .

الرابط المختصر