حسنة هي الغيرة من القطاع السياحي

aiBANK

بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية

يعتبر موسم أعياد الميلاد ورأس السنة من المواسم السياحية ذات الإقبال الكثيف في كثير من بلدان العالم. يطل علينا الموسم هذه السنة في أعقاب سنة غير مسبوقة من حيث الإيرادات الخاصة بالسياحة في مصر بحسب التقارير الأخيرة والتي سطرت أن إيرادات السياحة قد بلغت 12.6 مليار دولار في العام المالي 2018- 2019 بزيادة قدرها 28 بالمئة عن العام السابق.

E-Bank

بينما كان الرقم القياسي السابق هو عن عام 2009-2010 والذي بلغ 11.6 مليار دولار وأخذ في التراجع بعد أحداث يناير 2011. توقعات نصيب مصر من السياحة بحسب تقرير البنك الدولي لعام 2019-2020 إيجابية ومتفائلة أيضًا وتقدر بـ 16.5 مليار دولار.

هبطت الأسبوع الماضي بشرم الشيخ الطائرات القادمة من بريطانيا وفرنسا بعد مقاطعة وصلت إلى أربع سنوات مما سيساهم بلا شك في زيادة أعداد السائحين القادمين من تلك الدول وبالتالي زيادة الإيرادات السياحية.

وكما نعلم جميعًا أن السياحة تشكل مصدرًا من المصادر الأساسية للعملة الصعبة إلى جانب تحويلات المصريين بالخارج وإيرادات قناة السويس مما يشكل سندًا للعملة المحلية في مقابل العملات الأجنبية والاحتياطي الدولاري بالبنك المركزي.

لم تصل السياحة لتلك النتائج بالصدفة بل هي نجاح كلل جهود جهات عديدة بدأت برأس الدولة سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ومرورًا بالوزارات المعنية من الخارجية والداخلية والسياحة والطيران المدني والأجهزة الأمنية. أحب أن أسرد في السطور التالية أهم العوامل التي أدت إلى هذا النجاح وما نحتاجه لمزيد من النجاح والموارد السياحية:

أولًا: جهود سيادة الرئيس واستضافته للمحافل الدولية والمؤتمرات المختلفة في عدة محافظات من شمال مصر الشرقي بسيناء حتى أقصى الجنوب بأسوان دعم القضية وأبرز مصر إعلاميًّا مفندًا أي مخاوف أمنية لدول العالم بعد استضافة مصر لوفودها الرسمية في تلك المؤتمرات. جاءت تلك المحافل بعد إعادة مصر لمكانتها الدولية والإقليمية بعد سنوات تقلص فيها دورها ومكانتها إلى درجة تعليق عضويتها بالاتحاد الإفريقي حتى عادت مصر إلى قيادة الاتحاد. فقبل تلك المرحلة توقفت سياحة المؤتمرات تقريبًا بمصر وعاد بها السيد الرئيس بقيادته الحكيمة للملفات الخارجية والأمنية.

ثانيًا: جهود وزارتي الطيران المدني والداخلية والأجهزة الأمنية في إحكام السيطرة على المطارات وإعادة الثقة إلى دول العالم في إمكانية إرجاع رحلاتها المباشرة إلى مصر عامة وشرم الشيخ خاصة بعد قطيعة كبرى الدول المصدرة للسياحة لتلك المناطق.

ثالثًا: نجاح الجهود الخاصة بوزارة السياحة في الترويج السياحي والحملات الإعلانية الدعائية لمصر وجذب الزائرين وخصوصًا السياحة الأثرية والتي كانت قد وصلت إلى أقل معدلات لها في التاريخ في بلد يضم نسبة كبيرة من آثار العالم واحتضن وعاصر عدة عصور من الحضارات والثقافات. أيضًا قامت الوزارة بعدة إصلاحات إدارية وتشريعية كما وضعت خطة طويلة الأجل لإنعاش القطاع وتطوير البنية التحتية. كما عملت الوزارة على تنوع مصادر السياحة والبحث عن أسواق جديدة بعد مقاطعة الأسواق التقليدية وضعف عدد الوفود القادمة منها.

السياحة قطاع يعمل به نحو ثلاثة ملايين من أربعة عشر مليون مصري بسوق العمل أي أن نحو عشرين بالمئة من المصريين يعملون بقطاع السياحة. كما تشكل أيضًا خمسة عشر بالمئة من إجمالي الناتج المحلي لمصر. السياحة تعمل أيضًا على تنشيط الأسواق ورواج المنتجات المحلية والصناعات المغذية لها بشكل كبير جدًّا. وبالرغم من تلك الأرقام الكبيرة إلا أنه قطاع واعد وبه مجال كبير جدًّا للنمو.

لذلك وجب الاهتمام بالسياحة من كافة أجهزة الدولة وعلى رأسها الإعلام والتعليم والجمعيات الأهلية لنشر الوعي السياحي وكيفية التعامل مع السائحين والترحيب بهم بدلًا من ملاحقتهم ومضايقتهم بعرض السلع والبضائع والخدمات عليهم خاصة في الأماكن التي يتمركزون بها.

كذلك أيضًا يجب الاهتمام بجذب الاستثمارات في المجال السياحي حتى تنمو البنية التحتية من فنادق ومطاعم ووسائل ترفيه بنسبة تستوعب النمو المستهدف حتى لا تضيع الفرصة وتذهب تلك الأفواج لدول أخرى.

كما يجب أيضًا الارتقاء بمستوى الخدمات الموجودة في الأماكن السياحية وخاصة المواقع الأثرية حتى نجعل من السائح دعاية مستمرة ومتحركة ومجانية لمصر في بلده.

السياحة ملف نجحت مصر في حل مشاكل كبيرة جدًّا خاصة به برؤية واضحة وتخطيط سليم وتنسيق بين وزارات وجهات عديدة فجنينا ثماره ونأمل في المزيد، كما نأمل في تكرار التجربة في القطاعات الأخرى الواعدة بالاقتصاد حتى نحقق نموًّا يحقق لبلدنا ولأهلنا حياة أفضل.

الرابط المختصر