الخطر الأكبر من كورونا

aiBANK

بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ انتفضت منظمة الصحة العالمية عقب ظهور فيروس كورونا الخطير كما انتفضت من قبل عقب ظهور سارس وأنفلوانزا الخنازير إلى آخره من فيروسات جديدة تهدد الحياة على الأرض خاصة أنه في العصر الحالي يستحيل محاصرة أي مرض جغرافيًّا.

تكمن خطورة الموضوع في شقين الأول أنه قاتل والثاني أنه عند ظهوره لم يكن له علاج معروف. كالعادة امتلات صفحات التواصل الاجتماعي بالأخبار في صور مخيفة تارة وصور فكاهية تارة أخرى ونحن كمصريين خبراء في الأخيرة.

E-Bank

جذب الجدل الدائر حول وزارة الصحة ورد فعلها في التعامل مع الموقف انتباهي للبحث في أرقامها وكالعادة يصعب جدًّا في مصر وجود أرقام واضحة وبيانات معبرة إلا عند جهات قليلة تنشر البيانات ويصعب البحث فيها ووصول الباحث لمراده.

وجدت الأرقام التالية في موقع الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء وهو منجم معلومات أشكر القائمين عليه وإن احتاج إلى تحديث بياناته والمزيد من التطوير حتى يسهل على الباحث العثور على المعلومة. والأرقام هي لأعوام 2015 و2016 و2017 على التوالي مع جبر الكسور.

عدد الأطباء العاملين بمستشفيات حكومية: 88 ألفًا ثم 95 ألفًا ثم 96 ألف طبيب ومعلوماتي أن تلك النسبة قلت بمقدار 9 بالمئة تقريبًا في 2018.

عدد الأطباء العاملين بالقطاع الخاص ومن المؤكد أن هناك من الأطباء من يعمل بالقطاعين ولكن لم أستطع الحصول على تلك النسبة إن وجدت هو 20 ألفًا ثم 23 ألفًا ثم 27 ألف طبيب على التوالي مع العلم بأن كليات الطب تقوم بتخريج نحو عشرة آلاف طبيب سنويًّا.

عدد المستشفيات الحكومية: 660 ثم 662 ثم 676 مستشفى وعدد المستشفيات الخاصة هي 941 ثم 1002 ثم 117 مستشفى.

أما عدد المؤمن عليهم صحيًّا فهو 51 مليونًا ثم 53 مليونًا ثم 54 مليون مواطن وعدد السكان اليوم نحو 99 مليونًا وتسعمئة ألف نسمة تقريبًا ونسبة الزيادة السنوية في عدد السكان نحو 2.5 بالمئة.

وبتحليل تلك الأرقام نستنتج ما يلي:

أولًا: نسبة عدد الأطباء لعدد السكان في مصر قليلة بالمقارنة بالدول التي تقدم رعاية صحية أفضل ففي مصر حسب إحصاءات منظمة الصحة العالمية عدد الأطباء يقدر بطبيب لكل 1250 مواطن بالمقارنة بطبيب لكل 250 – 300 مواطن باستثناء الشرق الأوسط وإفريقيا.

ومع أن كليات الطب تقوم بتخريج عشرة آلاف طبيب سنويًّا إلا أن زيادة عدد الأطباء في القطاعين لا يتعدى الخمسة آلاف طبيب ونستنتج من ذلك أن نصف الأطباء المنضمين إلى سوق العمل يغادر مصر للعمل بالخارج وتلك ظاهرة خطيرة لو أخذنا في الاعتبار معدل زيادة السكان وهو 2.5 مليون نسمة سنويًّا.

ثانيًا: عدد المستشفيات في مصر قليل للغاية فهو نحو مستشفي لكل 60 ألف مواطن وسرير لكل سبعمئة مواطن وتتفاوت تلك النسبة من دولة لأخرى وتمثل أيضًا ثلاثة أضعاف عدد المواطنين لكل سرير مستشفى بدول الاتحاد الأوربي وكثير من دول شرق أوربا.

ثالثًا: جودة وجاهزية المستشفيات في حالة متردية وخصوصًا المستشفيات الحكومية ومنها من المستشفيات التي تم بناؤها في أوائل القرن الماضي وغير مطابقة لأي مواصفات بحسب تصريحات السيد الدكتور رئيس الهيئة العامة للاعتماد والرقابة الصحية وهو جهاز مستحدث ومستقل يراقب أي منشأة صحية في مصر وتابع مباشرة لسيادة الرئيس.

أما عن المراكز والعيادات فحدث ولا حرج فكم من طبيب لأمراض القلب لديه عيادة بدور مرتفع بعمارة خالية من أي مصاعد ولي شخصيًّا خبرة مع مركز علاج طبيعي في منطقة من أرقى مناطق مصر يقع بالدور الأول دون مصعد أو طريق مجهز لكرسي متحرك. ذلك بخلاف انعدام وجود مساحات لانتظار السيارات أو أي طريقة آدمية لإنزال المرضى من السيارات دون إغلاق الطرق وإثارة غضب قائدي السيارات المعطلة.

لذلك فأمام القائمين على أحوال الصحة في مصر تحديات كبرى ويجب وضع أهداف محددة ومعلنة لهم كعدد المستشفيات والأطباء لكل مواطن وتوزيعها الجغرافي ومستوى الخدمات بها إلى آخره.

كذلك يجب أن تتضافر جهات التمويل مع الحكومة والقطاع الخاص في تمويل ميسر للاستثمار في الصحة وذلك من وجهة نظري أهم كثيرُا من التمويل العقاري لمنشأة مشتراة لم ولن تستعمل على المدى القريب.

أخيرًا يجب ظبط الأسعار والأجور وتقليل الهادر ورفع الكفاءة المالية لتلك المؤسسات الطبية حتى تستطيع تحقيق المعادلة الصعبة من أسعار خدمات معتدلة وأجور مرتفعة وخدمة مقبولة ولا أقول حتى جيدة. أخيرًا البحث في أسباب حجرة الأطباء وتحفيزهم للبقاء في مصر.

الرابط المختصر