ماهر عشم يكتب: الابتكار المزعزع

aiBANK

بقلم د. ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ قد يبدو وقع العنوان على السمع غريبًا ولكنها أفضل ترجمة عربية وجدتها وأنا أبحث في مصطلح فرض نفسه على العالم وخاصة على الأعمال وأسواق المال وهو “Disruptive Innovation”.

إضغط لتحميل تطبيق جريدة حابي

E-Bank

تعريفه هو أي ابتكار يخلق شبكة سوق وقيمة جديدة ويتسبب في نهاية المطاف في تعطيل شبكة السوق والقيمة الحالية، وبالتالي إزاحة الشركات والمنتجات والتحالفات الراسخة الرائدة في السوق.

أطلق عليه اسم الفكرة التجارية الأكثر تأثيراً في أوائل القرن الواحد والعشرين. فمن منا لا يزال يشاهد أشرطة الفيديو أو يستمع إلى شرائط الكاسيت؟ بل إن معظم الصغار قد لا يتعرفون على استخدامات تلك الأشرطة والاجهزة إإن صادف أحدهم رؤيته.

هناك شركات كثيرة باتت ضحية للابتكار المزعزع إذ إنها لم تواكب العصر. مثلًا سمعنا الأسابيع الماضية في ظل الوباء الحالي هزيمة شركات عملاقة في مجال البيتزا والملابس لم تصمد أمام ابتكارات التجارة الإلكترونية.

سمعت أيضًا مؤخرًا عن مئة جنية يريد البرلمان إجازة تحصيلها من مالك كل سيارة مقابل استخدامها للراديو. سمعت أيضًا دفاع المسؤولين عن تحصيل تلك المبالغ لتمويل العجز في ميزانية ماسبيرو. لا أعلم صحة هذا الكلام وأرجو ما أرجوه أن تكون دعابة سخيفة أو إشاعة من إشاعات التواصل الاجتماعي.

وإن كانت حقيقية أرجو إعفاء كل من لا يستمع للراديو أثناء قيادة السيارة. فكنت مستمعًا قديمًا لفيروز على إذاعة الأغاني الثامنة والنصف يوميًّا حتى بدأت الإذاعة بمقاطع طويلة من الإعلانات السخيفة والمنافية للذوق العام وأكيد المزعزعة للمزاج الناتج عن الاستمتاع بالجمال.

الإذاعة والتليفزيون بالمفهوم التقليدي لا يستحقون صرف المليارات من موازنة الدولة لأنهما في طريقهما للموت إن لم يكونا قد ماتا إكلينيكيًّا بالفعل ونحن نحمل موازنة الدولة ونثقل على الشعب بمزيد من الرسوم والضرائب مقابل بقائهما حتى لو صارا بلا فاعلية بدون برنامج تغيير واضح وعصري يطيل بقاءهما. واسمحوا لي أن آخذكم في جولة وسط أرقام الابتكار الذي زعزع عرشهما.

في مصر 70 ملون مواطن أكبر من 13 سنة وتسعون بالمئة منهم أي 63 مليونًا يملكون هواتف ذكية. منهم 39 مليونًا لديهم حسابات على الفيسبوك مثلًا خمسة وتسعون بالمئة منهم يشاهدون محتوى بالفيديو من خلال الفيسبوك.

أيضًا نحو 30 مليون مصري يشاهدون محتوى الفيديو من على يوتيوب. في المجمل 97 بالمئة من مستخدمي الإنترنت بمصر يشاهدون محتوى فيديو من خلاله. 39 بالمئة من مستخدمي الإنترنت يشاهدون محتوى يتم بثه بما فيه مباريات كرة القدم الأكثر شعبية.

تلك الأرقام وأكثر منها تفصيلًا موجودة بموقع داتاريبورتال. إحصاءات كثيرة عن تطبيقات وشركات البث كنتفليكس وشاهد وساوند كلاود وديزر.. إلخ. وبالرغم من أني لم أجد أي إحصاءات عن متوسط عدد المشاهدين في القنوات الفضائية المختلفة ومعدلات نموهم وإن كانت سالبة أم موجبة إلا أني أشك كثيرًا في أنها موجبة وأنها تفوق بأي حال من الأحوال معدلات النمو في المشاهدة الرقمية.

تكون هذه الصناعة من محتوى يحب أن بكون مشوقًا، وقنوات اتصال يجب أن تنتهي حيث يكون المتلقي، حتى يتمكن المشاهد «الزبون» من الاستمتاع والتسلية والاستفادة في الوقت نفسه.

تراجعنا كثيرًا في إنتاج المحتوى فلا أذكر آخر محتوى لماسبيرو حاز على شعبية جارفة بعد أن كان متربعًا على عرش المشاهدة العربية وكانت برامجه الأكثر متابعة.

ما زال ماسبيرو يستخدم تكنولوجيا غير مواكبة للعصر في القنوات التي يبث عليها المحتوى. ازدحمت الساحة بالمنافسين الجدد سواء من قنوات فضائية أخرى لن تدوم طويلًا إن لم تترقمن أو من شركات البث الرقمي الأعلى نموًّا تلك الأيام.

يحتاج ماسبيرو إلى شكل جديد يتكلف استثمارات طائلة حتى يستطيع إعادة إقناع المشاهد بمتابعة محتواه على قنواته هذا بالإضافة إلى الاستثمار المطلوب للإنتاج الجيد الذي نفتقده والتحديث في طرق البث والتكنولوجيا المصاحبة.

لدينا احتياج كبير لمحتوى يعيد للشباب قيمًا وعلمًا واهتمامات في طريقها للزوال أمام الطوفان الجارف من المحتوى الرديء الذي يبث في عقول حتى الأطفال أفكارًا ورموزًا وقيمًا أخرى مدمرة.

ولدينا احتياج لتوصيل هذا المحتوى حيث ينتظره المتلقي لا حيث يستطيع ماسبيرو بثه ولدينا أيضًا احتياج في أن نخفف العبء على موازنة الدولة والمواطن فلا نزيد من أعبائه عبء تحمل كيان عملاق في طريقه للانقراض إن لم يتغير تغيرًا شاملًا. ولنتعلم من كل الكيانات العملاقة التي زعزعتها الابتكارات التقنية الحديثة لأنها لم تستطع التجديد والمواكبة والتطور قبل إنفاق المزيد من المليارات.

خصم خاص بنسبة 50% على خدمات بوابة حابي

الرابط المختصر