ماهر عشم يكتب: من حجر رشيد إلى الناتج القومي

aiBANK

بقلم ماهر عشم رئيس شركة كومتريكس للتجارة الإلكترونية _ في عام 1798 شن نابليون بونابرت حملة عسكرية على مصر بهدف الدفاع عن مصالح فرنسا ضد إنجلترا وبقي فيها الفرنسيون ثلاث سنوات. وبعيدًا عن الأبعاد السياسية والعسكرية للحملة كان لها نتائج أخرى علمية مهمة جدًّا. أولها الوصف الجغرافي والتاريخي والثقافي لمصر وشعبها وأرضها وطبيعتها موثقًا بمجلدات «وصف مصر»، وثانيهما اكتشاف «حجر رشيد» على يد الضابط بيير فرانسوا بوشار في 19 يوليو عام 1799.

إضغط لتحميل تطبيق جريدة حابي

E-Bank

تم نقش حجر رشيد في عام 196 قبل الميلاد، وهو بمثابة مرسوم ملكي صدر في مدينة منف تخليدًا للحاكم بطليموس الخامس، كتبه الكهنة بلغتين اليونانية وهي لغة الطبقة الحاكمة والمصرية كما نقشت اللغة المصرية بنصين «الهيروغليفي»، الطريقة الرسمية للكتابة في ذلك الوقت، و»الهيراطيقي»، الطريقة المعروفة للعامة في مصر القديمة.

خرج الفرنسيون من مصر عام 1801 وعملوا نسخًا من نقوش حجر رشيد من الورق المقوى والأحبار لطبع كل ما جاء به. استعان شامبليون بنسخة منها، وأصبح الحجر ضمن مقتنيات المتحف البريطاني منذ عام 1802.

ظهر اهتمام جون فرانسوا شامبليون بالتاريخ المصري والنص الهيروغليفي في سن مبكرة. في عمر السادسة عشرة، ألقى محاضرة أمام أكاديمية غرينوبل والذي جادل فيها بأن اللغة المحكية من قِبل المصريين القدماء، والتي كتبوا من خلالها النصوص الهيروغليفية، كانت مرتبطة بشدة باللغة القبطية كان شامبليون قد استمع لأول مرة لقداس باللغة القبطية في كنيسة بإحدى ضواحي باريس، إنها كنيسة «سان روش»، التي تعرّف فيها -بفضل أستاذه دوم رافائيل- على كاهن مصري للأسف لا نعرف عن حياته الكثير ويدعى يوحنا شفتشي الذي جاء إلي فرنسا عام 1802، وكان يجيد اللغة القبطية.

واللغة القبطية هي المرحلة الأخيرة من مراحل تطور اللغة المصرية التي تكلم بها وكتبها قدماء المصريين منذ أكثر من خمسة آلاف سنة. والرأي السائد لدى العلماء أنها تنحدرُ من اللغة المصرية المتأخرة مباشرة، حسبما كانوا يتحدثونها في القرن السادس عشر قبل الميلاد مع بداية الدولة الحديثة.

فاللغة القبطية هي اللغة المصرية القديمة التي تكلم بها الشعب منذ فجر التاريخ المصري وحتى القرن الثاني عشر.

ما زالت اللغة العامية تحتضن الكثير من المفردات القبطية ومنها «تاتا وأمبو وحاتي وكاني وماني» إلخ..

ذكر مقال للبي بي سي بتاريخ 30 يونيو 2020 أن القبطية كانت في ذهن شامبليون وهو يعكف على دراسة الكتابة الهيروغليفية ويقارن بين حروف اسم “كليوباترا”، وحروف اسم “بطليموس”، ولاحظ اشتراك الاسمين في خمسة أصوات، وأن حرف “اللام” في الاسمين عبارة عن رسم أسد، والأسد في القبطية “لابو”، كما لاحظ غياب صورة النسر في اسم بطليموس في حين يتكرر النسر مرتين في اسم “كليوباترا” مكان حرف الألف، والنسر بالقبطية “أخوم”، أما صورة الفم، وهو بالقبطية “رو”، فتقوم مقام حرف الراء في كلمة كليوباترا، أي أن صوت الحرف الهيروغليفي المصور هو عبارة عن صوت الحرف الأول من الكلمة القبطية التي يرسم مدلولها.

استوقفني هذا التاريخ العظيم الذي جاء بالمقال المشار إليه والذي شاركني به أخي العزيز في البحث و استخلاص بعض الدروس المستفادة وأود مشاركتكم بها.

تاريخ مصر مصدر مصدر إلهام لشعوب العالم و مقتنيات متاحف العالم الأثمن والأغلى أخذت من مصر.

وتاريخ مصر سلسلة بدأت بعلم المصريات و تلاه زمنيا علم الدراسات القبطية والذي بدونه ما استطاع أحد فك طلاسم اللغة المصرية القديمة. لا أحد يستطيع أن ينكر جهل الغالبية العظمى من المصريين بالتاريخ والحضارة المصرية وأنا أولهم. ومن غير المعقول أو المقبول أن لا نقوم بتدريس علم المصريات في مدارسنا.

كما أنه لا يوجد اي قسم للدراسات القبطية بأي جامعة مصرية أيضا. فبمبادئ الأجداد التي نفتقد منها الكثير أقامت حضارتنا وحافظت علي مواردنا الطبيعية وبمعرفتها قد نعيد إلى الأذهان والقلوب مبادئ سامية نحتاجها و بشدة.

التاريخ المصري يمكن أن يستغل لا علي صعيد السياحة فقط بل من خلال الإنتاج الفني فإيرادات أفلام هوليوود التي قامت علي قصص متعلقة بالمصريات غير خافية علي أحد.

يمكن أيضا للقصص المصرية القديمة والأماكن المتعلقة بها أن تكون مصدرا لإلهام العاملين مجالات الواقع الافتراضي والالعاب الالكترونية التي يمكن أن تنتج محتوي رقمي ضخم وألعاب رقمية نجحت دول كبري كالصين و الولايات المتحدة في أن تجعل منها مصدرا مهما من مصادر النمو.

الاتصال بالماضي سيساهم في تعظيم موارد الدولة وزيادة إجمالي الناتج القومي لأن السياحة الأثرية والصناعات والخدمات والفنون المتعلقة بها بعيدة جدا عن ما يمكن أن تحققه من استفادة إن أصبحنا دولة متصلة تماما بماضيها ومتبنية لتاريخها ليس علس مستوى وزارة السياحة فقط بل علي المستوى الشعبي.

لذلك أرجو من وزارة التربية والتعليم صياغة وتدريس منهج لعلم المصريات الشيق والملهم بداية من المرحلة الابتدائية حتي نتمكن من تحقيق تلك المكاسب واستعادة ما فقدناه من هويتنا وحضارتنا الأصيلة و علي رأي المثل “من فات قديمه تاه”.

خصم خاص بنسبة 50% على خدمات بوابة حابي

الرابط المختصر