سميح ساويرس: الاستثمارات الحكومية حمت مصر من الركود.. وسبقت أمريكا في التحرك بعام كامل

المرحلة تتسم بضعف الإقبال على الاستثمار ما يضاعف من أهمية دور الدولة كمحرك أساسي للاقتصاد

aiBANK

ياسمين منير ورضوى إبراهيم _ يرى رجل الأعمال المهندس سميح ساويرس، رئيس شركة أوراسكوم للتنمية القابضة، أن الحكومة المصرية نجحت في دفع النمو الاقتصادي بصورة قوية خلال أزمة وباء كورونا عبر حزمة كبيرة من الاستثمارات، سواء على مستوى المشروعات العقارية أو مشروعات البنية التحتية والمرافق، ما أثمر حالة من الرواج حمت مصر من ركود مؤكد في حال عدم التحرك والتزام الترقب خلال الأزمة العالمية الجارية.

واستشهد ساويرس في تصريحات خاصة لجريدة حابي باتجاه الولايات المتحدة الأمريكية خلال هذه المرحلة لدفع الاقتصاد عبر استثمارات تقودها الدولة بعد استشعارها أهمية هذه الخطوة في مواجهة تداعيات وباء كورونا، قائلًا: “مصر سبقتهم بعام تقريبًا في هذا الاتجاه”.

E-Bank

وأضاف أن كل القطاعات الاقتصادية باستثناء المشروعات الحكومية، تأثرت بقوة بتداعيات الوباء، موضحًا أن المرحلة الحالية تتسم بضعف الإقبال على الاستثمار أو التوسع، ما ضاعف من أهمية دور الدولة كمحرك أساسي لعجلة الاقتصاد.

وقلل ساويرس من فرص حدوث رواج استثماري خلال الفترة المقبلة على صدى الأداء الاقتصادي الجيد الذي حققته مصر، لافتًا إلى استمرار وجود معوقات ببيئة ممارسة الأعمال مما يعرقل جهود جذب الاستثمارات خاصة الأجنبية، كما يعاني المستثمر المحلي من مخاوف وقلق يتعلق بتطورات أزمة كورونا وانعكاساتها السلبية على القطاعات المؤثرة مثل السياحة والتصدير.

وقال: “مع استقرار سعر الجنيه والارتفاع النسبي للتضخم أصبحنا نفقد القدرة على المنافسة في بعض الأسواق.. لذلك أرى أن الوضع حاليًا خارج إطار التنمية الحكومية غير مبشر”.

بيئة ممارسة الأعمال ما زالت تعاني معوقات تؤثر على جذب الاستثمارات الأجنبية .. والمستثمر المحلي بين الخوف والقلق

وعلى صعيد قطاع السياحة الذي تتركز فيه أغلب استثمارات رجل الأعمال سميح ساويرس، أوضح أن إجراءات المساندة التي قدمتها الحكومة المصرية لم تكن كافية على الإطلاق، بل على العكس من ذلك تم فرض رسوم إضافية على الشركات العاملة بالقطاع السياحي في وقت حرج للغاية، وكذلك لم تحصل المنشآت السياحية على المساندة للحفاظ على العمالة مثلما تم في كثير من الدول، الأمر الذي أسفر عن اتجاه عدد كبير من الفنادق لتقليل عدد العمالة بعد أن أنهكت الأزمة الحالية قدرتهم المالية على تحمل العبء .

القروض الميسرة للسياحة أبرز الإيجابيات.. لكن عبئًا جديدًا يثقل قدرة الشركات على ضخ استثمارات في المستقبل

ولفت ساويرس إلى أن المساندة الأساسية التي قدمتها الدولة لقطاع السياحة تمثلت في مبادرات البنك المركزي المتعلقة بالقروض الميسرة للشركات العاملة بالقطاع، والتي يرى أنها ستثقل في نهاية الأمر ميزانيات الشركات وتؤثر سلبًا على أدائها في المدى البعيد، في ظل ما سيترتب عليها من أعباء مالية تعوق القدرة على التوسع والدخول في مشروعات جديدة.

إجراءات مساندة قطاع السياحة غير كافية.. وأغلب الدول سددت رواتب العمالة حتى تحمي الوظائف وميزانيات الشركات طوال الأزمة

وتابع: “أغلب الدول سددت نيابة عن أصحاب المنشآت السياحية رواتب العمالة حتى تحمي ميزانيات هذه الشركات طوال فترة الأزمة، في حين تحملت الحكومة المصرية رواتب عدد محدود من الأسابيع لا يتجاوز الشهر في مقابل امتداد أزمة كورونا لنحو 16 شهرًا حتى الآن، وهي مبالغ كبيرة للغاية تتحملها الشركات، علاوة على تحملها فوائد القروض في ظل عدم وجود دخل مواز يعادلها، وبالتالي تراكم الفوائد بغض النظر عن تحصيلها من عدمه سيضعف هذا القطاع لفترة طويلة بعد انتهاء الأزمة”.

ارتفاع أسعار الأراضي السياحية أحد عوائق التوسع.. وانخفاض عدد المشروعات مقارنة بالعقود السابقة دليل

كما لفت إلى أن ارتفاع أسعار الأراضي السياحية بصورة كبيرة يعد أحد عوائق جذب مستثمري القطاع للدخول في مشروعات جديدة، موضحًا أن التسعير الحالي يتجاوز عدة أضعاف التسعير الرمزي الذي قدمته الدولة من قبل مقابل التزام المستثمر بتنفيذ المشروع وتشغيل العمالة، كما يعد غير مغرٍ مقارنة بالدول الأخرى، وقد ترتب على ذلك انخفاض عدد المشروعات الجديدة بالقطاع السياحي خلال السنوات الأخيرة مقارنة بالعقدين السابقين.

وفيما يتعلق بإجراءات تنشيط حركة السياحة، أشار ساويرس إلى طلب تم تقديمه منذ فترة للجهات المعنية في الدولة للبدء في التطعيم ضد فيروس كورونا بالمدن الساحلية، مشددًا على أن التأخير في التنفيذ يضعف جدوى هذه الخطوة ويفتح المجال أمام الأسواق المنافسة لاستباق السوق المصرية في جذب السياح.

التعجيل بتطعيم المدن الساحلية ضد كورونا ضرورة لإعلانها آمنة وفك قيود السفر الخارجية

ولفت إلى أن قرارات منع السفر لمصر التي اتخذتها عدة دول أوروبية من بينها إنجلترا وألمانيا بسبب استمرار تزايد أعداد المصابين، الأمر الذي يتطلب الإسراع في التطعيم بالمدن السياحية مثل شرم الشيخ والغردقة حتى يتم إعلانها مدنًا آمنة بما يساعد على فتح السفر لهذه الوجهات.

أنتهج فلسفة الحرص على سداد الالتزامات لحين انتهاء الأزمة.. وأستبعد الدخول في قطاعات جديدة

وأكد ساويرس أن فلسفته الحالية في إدارة الاستثمارات تتسم بالحرص الشديد على الوفاء بالالتزامات، وبالتالي لا يفكر في ضخ استثمارات جديدة لحين وضوح الرؤية حول الأبعاد والمدى الزمني لانتهاء أزمة الوباء العالمية.

وانتقد بعض الممارسات المتعلقة بالتعامل الضريبي في مصر، ومن بينها العمل على فتح ملفات قديمة ترجع إلى سنوات تتجاوز العشرة أعوام في بعض الأحيان دون الاعتراف بالتقادم، مما يسفر عن نوع من القلق والتخوف من ضخ استثمارات جديدة، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية الحالية وتراكم الفوائد والأعباء، وهي أمور تشكل في مجموعها عوائق مؤثرة أمام الاستثمار بالقطاع السياحي، مستبعدًا في الوقت نفسه الاتجاه لاختراق قطاعات استثمارية جديدة.

وحول فرص التوسع الخارجي خلال هذه المرحلة، قال ساويرس: “العالم أجمع ما زال يعاني من تداعيات أزمة كورونا التي لم تنته بعد، كما أن هناك تأثرًا ثانويًّا من دولة لأخرى، فنحن في مونتينجرو كمثال نعاني من مشكلات مشابهة لتلك التي نواجهها في مصر على مستوى تراكم القروض وغياب المساعدة المالية القادرة على تعويض الخسائر، الأمر الذي يؤثر على قدرة الشركات العاملة في هذه الدول على دخول مشروعات جديدة في المرحلة الحالية”.

أعتزم الاستثمار بقوة في سويسرا خلال العامين الجاري والمقبل بسبب الدعم الحكومي وتوافر التمويل

وأكد أن الدول الأوروبية تعد الأبرز في دعم الشركات العاملة بقطاع السياحة، ما يجعلها مرشحة لاستقبال دفعة بحركة ضخ الاستثمارات، قائلًا: “لم نتخذ قرارًا بضخ استثمارات جديدة بعد حيث لا يوجد داعٍ للاستعجال، ولكن يمكنني التأكيد على استكمال التوسع بقوة في سويسرا خلال العامين الجاري والمقبل، في ظل توافر القدرة على الحصول على التمويل وكذلك عدم تأثر الموقف المالي لمشروعات الشركة بسبب الدعم المقدم من الحكومة السويسرية”.

ودلل على ذلك بأن نتائج أعمال شركته في سويسرا خلال العام المنتهي جاءت في نفس مستوى الأداء المحقق في العام السابق دون وجود تأثير واضح للأزمة، في حين يختلف الأمر على صعيد الاستثمارات المحلية، متوقعًا إنهاء العام الجاري بميزانية محملة بقروض أكثر وأعباء أكبر من الفوائد، في مقابل دخل أقل وضغوط بسبب مستحقات العمالة التي تؤثر على حركة تدفق السيولة، خاصة مع تزايد احتمالات عدم استغلال موسم الصيف.

أنصح المستثمرين بالدراسة الوافية للفرص المتاحة.. حتى يتوافر الاستعداد لاستغلالها في التوقيت المناسب

ونصح ساويرس المستثمرين خلال هذه المرحلة بالدراسة الوافية لكل الفرص المتاحة، حتى يكونوا على دراية واستعداد فوري لاستغلالها حال توافر الظروف الملائمة.

الرابط المختصر