ماجد شوقي يكتب.. نجاح سويفل SWVL جرس إنذار لسوق رأس المال والشركات الناشئة بمصر

aiBANK

بقلم ماجد شوقي خبير أسواق مال واستثمار _ منذ شهر تقريبًا نشرت لي جريدة حابي مقالًا بعنوان «مصر على مشارف أن تكون مركزًا إقليميًّا للشركات الناشئة وريادة الأعمال» وفي المقال أثنيت على المجهود الذي تقوم به الدولة لدعم مجتمع ريادة الأعمال والشركات الناشئة في بداية مشوارهما.

إن هذه الموجة الجديدة في مصر تعد أحد المصادر المستحدثة والهامة لجذب الاستثمار المباشر والتي تتيح الفرصة للشباب للابتكار وحرية الإبداع، وزيادة فرص العمل لهم في مجالات جديدة تتماشى مع طموحاتهم. وأيضًا تعد المصدر الرئيسي الجديد لطرح منتجات جديدة بسوق المال المصرية لجذب مزيد من الاستثمارات المباشرة وغير المباشرة وتعميق السوق الثانوية.

E-Bank

وقد توقعت أنه في من ثلاث إلى خمس سنوات ستكون تلك الشركات الناشئة تبحث عن سوق مال يرحب بها من خلال قواعد تنظيمية وأدوات مالية مستحدثة تتواءم مع طبيعتهم الخاصة لطرح وتداول أسهمها في البورصة، وذلك خاصة في اعتماد طرق التقييم غير المعتاد عليها بالمقارنة بالشركات التقليدية، وخطط الأعمال ومعايير النمو للشركات الناشئة.

وذلك لأن الشركات الناشئة تأتي دائما بفكرة وابتكار جديد معتمد على بنية تكنولوجية بالأساس لتخترق قطاعًا اقتصاديًّا قائمًا بفكر جديد تمامًا لم يطرح من قبل وذلك متعارف عليه باسم التكنولوجيا المربكة Disruptive Technology ، وذلك على عكس الشركات التقليدية أيًّا كانت صغيرة أو متوسطة أو كبيرة فتأتي بمشروع طرح من قبل وتدخل به السوق لمنافسة الشركات التي سبقتها في ذلك القطاع.

ولكن عكس ما توقعت وأقرب ما كنت أتوقع، فقد استيقظت كما استيقظ الجميع على تغطية إعلامية عالمية شاملة وكاملة عن قيد أول شركة أسسها شباب مصري بقيمة تزيد على المليار دولار في بورصة ناسداك العالمية وهي سويفل SWVL.

وتعد SWVL هي ثاني شركة في الشرق الأوسط تسلك هذا المسار بعد شركة «أنغامي» اللبنانية.

ولا شك أن الخبر مفرح ويجعل الجميع يشعر بالفخر ويبعث الأمل لكل من تلقاه خاصة من الشابات والشباب في مصر من المبتكرين ومؤسسي الشركات الناشئة، وأنه ينتظرهم مستقبل مشرق، وأن عليهم الاستمرار في مسيرتهم والعمل والاجتهاد وتخطي التحديات لأن نهاية الطريق مكلل بإكليل النجاح.

وبقدر أن خبر طرح شركة سويفل رائع، إلا أنه جرس إنذار لطرفي المنظومة بمصر، الأول شباب وشابات ريادة الأعمال والشركات الناشئة والطرف الثاني القائمون على سياسات الاستثمار وسوق المال.

فبالنسبة لشباب وشابات ريادة الأعمال والشركات الناشئة بمصر، فإن مسيرة SWVL منذ نشأتها في مصر عام 2017 حتى طرحها في بورصة ناسداك هذا العام 2021 ستكون النموذج الذي سيحتذى به، بعد أن كان الجميع يتابع الشركات الناشئة العالمية، مسارها وتطورها ويأخذ من مؤسسيها قدوة أو نموذجًا لهم، وذلك في محاولة لتطبيق التجربة ولكن مع تطويعها للواقع المصري.

وعند تلخيص مسيرة التطور لشركة SWVL، فهي قد أسست عام 2017 في مدينة القاهرة من ثلاث شبان مصريين لتكون أول شركة ناشئة تكنولوجية تستهدف قطاع النقل الجماعي بمصر.

ومع نجاح التجربة بمصر، بدأ مؤسسو سويفل في تطوير استراتيجيتهم لتشمل دولًا إفريقية بداية بكينيا وبعض الدول الآسيوية بداية بباكستان كمرحلة أولى، ثم الدول التي تتسم بكثافة سكانية حول العالم. ومع بداية الدخول في المرحلة الثانية من استراتيجيتهم وللمزيد في التوسع في مدن وعواصم عالمية، لجأت الشركة إلى المرحلة الثانية من سلاسل التمويل Series B التي اكتتب فيها عدد كبير من المؤسسات وصناديق رأس المال المخاطر العالمية بمبلغ يقدر بنحو 42 مليون دولار.

وفي عام 2019، اتخذ مؤسسو الشركة قرارًا بنقل المقر الرئيسي للشركة من القاهرة إلى دبي، مع تأكيد مؤسسيها على استمرار استراتيجية الشركة في توسع النشاط وتطوير الخدمات بمحافظات مصر المختلفة، وذلك ليصبح بلد التأسيس مغايرًا لبلد النشاط.

ومع استمرار التوسع والنمو، بدأت الشركة في دراسة الخيارات المتاحة لطرح الشركة في إحدى البورصات الإقليمية أو العالمية. وعندها انتهت إلى الذهاب إلى السوق الأمريكية التي طرحت بدائل لقيد وتداول الشركات الناشئة دون الإجهاد المادي والقانوني وطول الإجراءات ووضعت من آليات ومعايير تتماشى مع هذا التطور الذي يشهده العالم وذلك تحت مظلة قانونية معروفة باسم Special Purpose Acquisition Company (SPAC) وهي نوع جديد من الشركات المتخصصة ليس لديها نشاط تجاري تم تأسيسها لزيادة رأس المال من خلال طرح عام أولي (IPO) لغرض الاستحواذ على الشركات الناشئة.

وعليه، فالرسالة لشركاتنا الناشئة المصرية المستوحاة من تجربة سويفل هي: أولًا: مصر ستظل السوق الكبير والأساسي في المنطقة للانطلاق إقليميًّا ثم عالميًّا.

ثانيًا: أن دولة الإمارات وخاصة إمارة دبي هي المركز الإقليمي لتأسيس الشركات الناشئة التي تسعى إلى الذهاب إلى العالمية والتي توفر كل الدعم لهذه الشركات ولمن يعمل بها، حتى الدعم المعنوي الذي تجلى في إشادة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة ورئيس مجلس الوزراء وحاكم دبي بنجاح شركة سويفل عبر حسابه بتويتر.

ثالثًا: أن السوق الأمريكي، رغم بعده جغرافيًّا، فهو الأقرب لشركاتنا الناشئة للذهاب إليه لطرح الأسهم في إحدى بورصاته.

وأما بالنسبة للطرف الثاني واضعي سياسات الاستثمار والقواعد التنظيمية لسوق المال المصرية فإن الرسالة المستوحاة من تجربة سويفل تعد بمثابة جرس إنذار.

الفرصة لم تفت فإننا لدينا كل الأسس والإمكانيات لجعل مصر المركز الإقليمي للشركات الناشئة وريادة الأعمال. فالتطوير يحتاج، ليس فقط للتطبيق، بل للتطور الفكري والرؤية بالجهات والهيئات واضعي ومطبقي السياسات والقواعد التنظيمية والرقابية لكي تتعامل مع هذه النخبة الشابة الجديدة من مجتمع الأعمال والاستثمار.

وأخيرًا، أؤكد على أهمية أن تلعب الدولة دور الحليف بقدر أكثر ما تلعب كرقيب في هذا الشأن.

الرابط المختصر