شاهندة إبراهيم _ قال المهندس شريف الصياد ، رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، ورئيس مجلس إدارة شركة تريدكو المتخصصة في المكونات المغذية لتصنيع للسيارات، إن وثيقة سياسة ملكية الدولة في منتهى الأهمية وجاءت في وقت مناسب للغاية، نظرًا لأن منافسة الدولة والقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي دائمًا ما تأتي بنتائج عكسية للطرفين.
أضاف الصياد، في تصريحات لجريدة حابي، أن المنافسة بين الحكومة والقطاع الخاص غير عادلة بدعم من أن المؤسسات التابعة لجهات حكومية تمتلك بعض الامتيازات والفوائد، ومن بينها على سبيل المثال سرعة التخليص الجمركي وعدم دفع ضرائب على الأرباح، فضلًا عن أن منظومة الأجور منخفضة لوضعها في إطار سياسات الدولة.
التنافس بين الدولة والقطاع الخاص في النشاط الاقتصادي يأتي بنتائج عكسية للطرفين
وتابع: دائمًا تكون المنافسة بين القطاع العام والخاص غير عادلة بدفع من الامتيازات المذكورة سابقًا، لتميل كفة القطاع العام في التكاليف الاستثمارية ما يؤدي إلى خروج القطاع الخاص من النشاطات التي تنافس فيها الدولة.
وذكر رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية، أن وثيقة سياسة ملكية الدولة وضحت القطاعات التي سوف تتخارج منها الحكومة خلال مدد زمنية تتراوح بين عام أو 3 أو 5 أعوام، لتبرز رؤية ووجهة نظر واستراتيجية الدولة خلال الفترة المقبلة.
ويرى شريف الصياد ، أن تحقيق الحياد التنافسي بين القطاع الحكومي والعام والخاص شيء صعب للأسباب المذكورة سلفًا في إطار الامتيازات التي تتمتع بها المؤسسات الحكومية.
توفير خطوط ملاحية سريعة منخفضة التكلفة لزيادة القدرات التصديرية
وأوضح أن المنافسة غير العادلة بين القطاعين تؤدي في كثير من الأحيان إلى انخفاض أسعار العديد من المنتجات التابعة للمؤسسات الحكومية، مما يصعب التنافس مع القطاع الخاص الذي يتكبد أعباء جمارك وضرائب وتأمينات اجتماعية إلى جانب تكاليف إضافية أخرى، فكل هذه الأسباب تضعف من قدرته على أن يقدم منتجًا منخفض السعر.
ويري الصياد، أن الفترة المقبلة تحتاج التركيز بصورة ملحة على إنتاج الخامات ومكونات التصنيع، نظرًا لامتلاك مصر صناعات جيدة جدًّا وضرب مثالًا على ذلك بالقطاع الهندسي وصناعة الآلات والأجهزة المنزلية وشاشات التلفزيون وصناعة الكابلات وصناعة السيارات، فكلها صناعات متطورة إلى حد ما، ولكن ينقصها فقط أن يكون جزءًا كبيرًا من خاماتها ومكوناتها منتجًا في مصر.
وبين الصياد، أن 50% من مكونات إنتاج الصناعات الهندسية يتم استيرادها من الخارج، فيما يتم تغطية النسبة المتبقية من السوق المحلية، مؤكدًا على ضرورة استبدال المكون المستورد بمنتج وطني بخامات محلية وفقًا لتعبيره.
فيما أشار إلى أن أغلب المشاريع التي تقوم على إنتاج الخامات مكلفة للغاية، إذ إن نجاحها يتوقف على إما أن تتبناها الشركات العالمية أو دخول الدولة فيها، مؤكدًا أنه من الصعب للغاية أن يحرز القطاع الخاص بشركات محلية تقدمًا في هذا الشأن.
المزايا الممنوحة لاستثمارات الدولة سبب في انخفاض أسعار منتجاتها
وشدد رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية في تصريحاته لجريدة حابي، على ضرورة تركيز الدولة على صناعة الخامات والمكونات لتوفير جزء كبير من العملة الصعبة التي تشتري بها مواد أولية من خارج البلاد.
وأكد الصياد، على أن هناك جدوى اقتصادية كبيرة من تركيز الحكومة في الاستثمار بالقطاعات التي لا يستطيع القطاع الخاص تغطية تكاليف تشغيلها نظرًا لارتفاعها واحتياجها لرأسمال كبير، ولكنها في النهاية ستفيد الصناعات الموجودة حاليًا.
وضرب شريف الصياد ، مثالًا على ذلك بأن صناعة الأجهزة المنزلية تستخدم البلاستيك وغيره من المواد والستانلس ستيل والمحركات الكهربائية والصاج، ولو قامت الدولة بإقامة مصنع لمنتج الاستانلس ستيل على سبيل المثال ستوفر جميع احتياجات مصانع البوتاجازات التي تنتج في مصر.
وتابع رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية: نفس الحال إذا أقامت الدولة مصنعًا لخامات البلاستيك لتورد جميع احتياجات المصانع من المكونات البلاستيكية، التي تضطر لاستيراد خاماتها من الخارج.
وأكد أن تركيز الدولة على بعض القطاعات التي لا يتوافر لها مصنع محلي لإنتاجها، سيحدث طفرة كبيرة سواء للقطاع المحلي أو الخاص الذي يحتاج لهذه الخامات.
وحول نوعية المحفزات التي يحتاج إليها القطاع الخاص في الوقت الراهن، يرى الصياد، أن أبرز المشكلات التي تواجه الشركات حاليًا هي عدم القدرة على فتح الاعتمادات المستندية، ولكنه أشار إلى أنها مشكلة مؤقتة، إلا أن ذلك يحول دون استيراد المكونات من الخارج ومعنى ذلك أن المصانع كلها عرضة لتتوقف في فترة قريبة مع عدم مقدرتها على إدخال الخامات.
ونادى بضرورة الاستجابة لتلبية احتياجات المصانع في أسرع وقت، ليتم فتح الاعتمادات البنكية خلال شهر أكتوبر لاستيراد المكونات، منوهًا إلى أن القيادة السياسية قد أشارت إلى أن الحل سيكون خلال شهرين، إلا أن الوضع الراهن بالسوق يتطلب فترة أقصر من ذلك.
وعلى نحو آخر، قال إن محفزات تنمية الصادرات المصرية تحتاج في الأساس إلى تفعيل برنامج دعم الصادرات بصورة أفضل من ذلك، نظرًا لأن البرنامج لا يؤتي ثماره بشكل سريع مع تأخر رد مستحقات المصدرين.
وتابع: هناك حاجة ملحة لإعداد خطة استراتيجية لتعميق التصنيع المحلي، بحيث يتم استهداف أن المكونات والخامات المحلية تنتج في مصر ولا يتم استيرادها.
وأضاف أن المصدرين في احتياج لتواجد خطوط ملاحية سريعة منخفضة التكلفة لبعض البلاد المستهدفة في إفريقيا لتوسيع القدرات التصديرية للقارة السمراء على وجه الخصوص.
وأوضح شريف الصياد ، أن الشحن في مصر مكلف للغاية، لدرجة وصلت إلى أن تكلفة المنتج بعد تصنيعه محليًّا معقولة ولكن بعد إضافة مصاريف الشحن يرتفع سعره بصورة كبيرة جدًّا في البلد النهائية، بالإضافة إلى استهلاك وقت كبير حتى وصوله، قائلًا: “في بعض الأوقات المراكب التي تبحر من مصر لإفريقيا تستهلك فترة زمنية أكبر من الناقلات القادمة من الصين”.
وحول ملامح السياسة الاستثمارية لشركة تريدكو، قال إن الشركة لديها توسعات في مصر خلال الفترة المقبلة، وتمتلك مصنعًا لإنتاج الأجهزة المنزلية، ومن المرتقب الدخول في تصنيع البوتاجازات والغسالات.
وكشف رئيس شركة تريدكو، عن أنه يتم الإعداد حاليًا لهذه المصانع القائمة لتكون جاهزة للإنتاج في الربع الأول من العام القادم، وفقًا لرؤية الشركة بأن مصر ستبقى مركزًا لتصنيع وتصدير الأجهزة المنزلية في المنطقة المحيطة سواء جنوب أوروبا أو شمال إفريقيا والخليج.
تريدكو تستهدف التوسع في قطاع النقل الكهربائي بمصر ودول الخليج والسعودية في المقدمة
وأضاف أن الشركة تمتلك مصنعًا آخر لوسائل النقل التي تعمل بالكهرباء، معتبرًا أنه مشروع واعد جدًّا ولكنه لم يتم الدخول فيه بالقوة التي ترغب فيها “تريدكو”، مع رصد استثمارات لزيادة الطاقات الإنتاجية خصوصًا مع إقرار قانون ترخيص السكوتر الكهربائي في شهر يوليو الماضي.
وفيما يتعلق بتوقعات مؤشرات الأداء على صعيد السيولة النقدية والإيرادات للشركة، قال إنها انخفضت بشكل ملحوظ نتيجة ارتفاع سعر الدولار ما أدى بدوره إلى صعود التكلفة، فضلًا عن أن أغلب الشركات لا تستطيع رفع أسعارها دفعة واحدة حتى يتم استيعاب الزيادات، ما يدفع في النهاية إلى الانكماش في الإيرادات والأرباح.
وأشار إلى أن أغلب الشركات عند تأثر إيراداتها وأرباحها تقل بالتبعية استثماراتها أيضًا، وهو أمر منطقي وطبيعي، لافتًا إلى أن الغالبية توقفت بالفعل عن تنفيذ استثمارات جديدة للحفاظ على السيولة المتوفرة لديها بغرض التحوط من الفترات القادمة.
وتوقع أن تستمر مرحلة الانكماش الاقتصادي لفترة بين 6 أشهر إلى عام، ليكون معدل الزيادة في الاستثمارات على أضيق الحدود.
وكشف عن أن شركته تستهدف إجراء توسعات في قطاع النقل الكهربائي في مصر ومنطقة الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية.