في لقائه السادس عشر.. صالون حابي يناقش خطط وأهداف توطين الصناعة – الجزء الأول

ناقش اللقاء السادس عشر من صالون حابي الذي تنظمه وتستضيفه جريدة حابي شهريًا، خطط وأهداف توطين الصناعة بمشاركة نخبة من رجال الصناعة والاستثمار.

اضغط لمشاهدة اللقاء كاملا

E-Bank

ناقش الصالون مفهوم توطين الصناعة وكيفية بناء استراتيجية واضحة تمكن مجتمع الأعمال من وضع خططهم على أساسها، بصورة تحقق أكبر فائدة ممكنة للاقتصاد الكلي، وتحقق أيضًا هدف القضاء على عجز الميزان التجاري.

شارك في الصالون الذي سيتم نشره على عددين، كل من: المهندس مجدي طلبة رئيس شركة T&C للملابس الجاهزة، والمهندس إسلام نجيب رئيس شركة المنصورة للدواجن، ومحمد ماهر خبير أسواق المال ورئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية إيكما، والمهندس وسيم عبد الله العضو المنتدب للشركة المتحدة للمسابك، والمهندس عبد الله محجوب نائب رئيس مجلس إدارة شركة سولار أنستالر.

وإلى تفاصيل الجزء الأول من اللقاء.

تابعنا على | Linkedin | instagram

أحمد رضوان: أهلًا وسهلًا بحضراتكم في لقاء جديد من صالون حابي، نود قبل أن نبدأ صالون اليوم أن نؤكد على تضامننا الكبير مع القضية الفلسطينية، ودعواتنا بالنصر لأهلنا في فلسطين ونقدم خالص العزاء لأسر الشهداء.

نناقش اليوم مفهوم الحكومة لتوطين الصناعة المحلية، ونود من خلال هذا اللقاء تحليل هذا المصطلح بشكل دقيق وكيفية تحديد أهدافه، وهل هذا المصطلح يعبر عن ضخ استثمارات برأسمال محلي أم جذب استثمارات أجنبية مباشرة إلى مصر؟ وهل يعبر عن أن مصر تكون أرضًا فقط لتدشين الصناعات المستهدفة أم أن هذا التعريف له معانٍ أكثر من الأفكار التي طرقت على أذهاننا؟

يشرفنا في لقاء اليوم المهندس مجدي طلبة رئيس شركة (T&C) للملابس الجاهزة، والمهندس إسلام نجيب رئيس شركة المنصورة للدواجن، والأستاذ محمد ماهر خبير أسواق المال ورئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية إيكما، والمهندس وسيم عبد الله العضو المنتدب للشركة المتحدة للمسابك.

أرغب أن أبدأ الصالون بسؤال موجه للمهندس مجدي طلبة، حينما يتم الحديث عن فكرة توطين الصناعة ما الذي يدور في ذهنك؟ هل ترى أن المفهوم واضح أم ربما لم يصل لمرحلة تحويله إلى إستراتيجيات وأدوات يتم البناء والاعتماد عليها في الأبحاث العلمية رغم أنه شديد الأهمية؟

مجدي طلبة: في الحقيقة المفهوم واضح، ولكن دعنا نتحدث بصورة تفصيلية وبشكل أكبر، نظرًا لأنه لا توجد دولة في العالم تستطيع توطين الصناعة المحلية بنسبة 100% لجميع القطاعات، فلا بد من أن يتم بدء عمل الدولة على إعداد دراسة حقيقية للصناعات المستهدف توطينها، وأشير هنا إلى أن هناك صناعات يصلح توطينها في دول، في حين لا يصلح تعميقها في دول أخرى.

المهندس مجدي طلبة رئيس شركة (T&C) للملابس الجاهزة

مجدي طلبة: مفهوم توطين الصناعة واضح لكن يجب دراسة الصناعات المستهدف توطينها أولًا

فلا بد أن تعد الدولة دراسة فنية علمية حقيقية لمعدلات القوة في السوق المصرية، وأبرزها العنصر البشري، حيث يتم دخول ما يقرب من مليون إلى مليون و200 ألف عامل في قطاع الصناعة كل عام.

وكان البنك الدولي قد أعّد دراسة في هذا الصدد، عن دخول ما يقرب من 45 مليون مواطن في سن العمل في مصر، في الفترة من 2010 وحتى 2050، فهل الدولة اتخذت احتياطاتها اللازمة في هذا الإطار؟

الدراسة يجب أن تبدأ ببحث عناصر القوى الرئيسية وأولها العنصر البشري

الأمر الثاني: لا بد من أن يتم العمل على تعميق حقيقي للصناعات ذات الجدوى الاقتصادية، نظرًا لأن تعميم نظرية التوطين على كل الصناعات قد يحول دون نفعها، مما يجعلها صناعة سلبية.

وأرى أنه لا بد من التخصص في الصناعات التي تتميز بقيمة مضافة عالية، لتحقيق هدف التعميق الحقيقي للصناعة، مع عدم الاتجاه لاستيراد مستلزمات إنتاج تشكل 120% من المنتج التام.

ضرورة العمل على التعميق الحقيقي للصناعة المعتمد على القيمة المضافة العالية

وأشدد على ضرورة التركيز على تعميق الصناعات بغرض التصدير، مع عدم الاعتماد على تغطية الاحتياجات المحلية فقط، وأوضح أن الميزان التجاري لأي دولة في العالم يشكل ما هو أعّم وأشمل من فكرة توطين الصناعات.

فلا بد من دراسة الدولة مّواطن الخلل في ميزانها التجاري، فضلًا عن أن المنطق لا ينادي بأن تكون الصادرات ثلاثة أضعاف الواردات.

جزء مهم من اختيار الصناعات هو مدى القدرة على التصدير وليس تغطية الطلب المحلي فقط

ويتعين اتخاذ كل هذه العناصر في عين الاعتبار، لتوطين الصناعة المحلية بشكل فني، لا بد أيضًا من استهداف 4 إلى 5 قطاعات على سبيل المثال بغرض احترافهم، من بين 50 قطاعًا صناعيًّا. وأذكر هنا مثالا على ذلك، هناك دول في العالم ألغت صناعات وركزت على صناعات أخرى، ومن بينها: أوروبا، ليصبح ميزانها التجاري إيجابيا للغاية نتيجة سياستها التصنيعية التي غزت العالم كله.

معالجة الخلل في الميزان التجاري يجب أن تكون المحرك الأهم لفكرة توطين الصناعة

فلا بد أن يتم دراسة القطاعات التي تمتلك قيمة مضافة عالية بشكل أكثر تفصيلًا، بغرض تعميق صناعتها محليًّا، حيث ترغب الدولة في تعميق صناعة السيارات على سبيل المثال، فما هي سياسة وإستراتيجية الدولة في هذا الإطار بشكل أكثر تحديدًا؟ نظرًا لأن هناك صناعات لا تتمتع بجدوى اقتصادية من تعميقها والعكس صحيح.

بجانب أن هناك قطاعات ستظل طوال الوقت تحمّل الدولة ميزانًا تجاريًّا سلبيًّا، وهناك أيضًا قطاعات في صناعة السيارات قادرة على خلق ميزان تجاري إيجابي.

من الممكن احتراف 5 صناعات فقط.. وبعض الصناعات تحمل الدولة بميزان تجاري سلبي

وأرى أنه لا بد أن تدرس الدولة بشكل مفصل القطاعات المكملة لصناعات السيارات التي تتناسب مع قدرات وإمكانيات الدولة الصناعية.

ياسمين منير: المهندس إسلام صناعة إنتاج الدواجن في مصر مرت بمشاكل عديدة خلال الفترة الماضية، ورأينا تداعياتها على مستوى السوق المحلية، بجانب انعكاسات أخرى مختلفة.. فما هي رؤيتك لاستراتيجيات الدولة لتوطين الصناعة؟ وإلى أى مدى تم الاهتمام بقطاع الدواجن؟ وإلى أي مدى تم تذليل معوقات القطاع الداجني؟

إسلام نجيب: في البداية أُنوّه إلى أن صناعة الدواجن في مصر غير تامة ولكنها تكميلية، لاستيراد الجدود في تطوير صناعة الدواجن ومكونات الأعلاف بجميع أشكالها، بجانب الاعتماد على استيراد الجزء الأكبر من اللقاحات البيطرية من الخارج مع تغطية الجزء الأصغر من مصر، لتصل نسبة المكون الأجنبي في هذه الصناعة إلى 75%.

المهندس إسلام نجيب رئيس شركة المنصورة للدواجن

إسلام نجيب: صناعة الدواجن في مصر غير تامة ولكن تكميلية بسبب استيراد مكونات الأعلاف والجدود وأغلب اللقاحات

وأرى أن لتوطين صناعة الدواجن في مصر لا بد من دعم الدولة للصناعة المحلية المتواجدة على أرض الواقع سواء لمصانع التطعيمات أو الأدوية، وأوضح أنه خلال السنوات الخمس الماضية تم افتتاح نحو 3 إلى 4 مصانع أدوية جديدة، وأُؤكد أن إنتاجها جيد جدًّا ولكن ينقصها احترافيات التسويق والدور التوعوي الذي تلعبه الشركات العالمية بشكل مستمر من خلال إطلاقها حملات توعية لتثقيف المربيين ومصنعي الدواجن لتعظيم استفادتهم.

وأوضح أمرًا آخر، وهو أن الزراعة شهدت توقف كل المزارعين عن زراعة الذرة خلال العام الماضي، نتيجة تكبدهم خسائر، نظرًا لأنهم كانوا يببعون طن الذرة بنحو 4 آلاف جنيه، في حين أن تكلفة زراعته تصل إلى 6 آلاف جنيه.

نحتاج إلى دعم الصناعة المحلية سواء على مستوى اللقاحات والأدوية أو زراعة الأعلاف

لتقفز بعد ذلك أسعار الذرة المستوردة لمستويات 12 إلى 13 ألف جنيه، مع تخفيض قيمة العملة المحلية أمام الدولار خلال العام الجاري، لتزداد تنافسية زراعة الذرة محليا، مما دفع المزارعين لزراعة الذرة من جديد، وهو ما أدى إلى التوافر الغزير للذرة سواء المستوردة أو المحلية، لينعكس ذلك بالإيجاب على أسعار الدواجن وخامات الإنتاج من الأعلاف بانخفاضها مقارنة بالفترات السابقة.

وأرى أن مبادرة الدولة لمصنعي الدواجن جيدة جدًّا، بجانب تسهيل الحكومة منح الأراضي المخصصة للزراعات التكميلية للدواجن.

مبادرة مصنعي الدواجن وزراعة الأعلاف واللقاحات يمكنها تأسيس صناعة دواجن وطنية بنسبة 100%

وعلى مستوى الشركة، فقد قدمت على أراض بمساحات كبيرة تصلح لزراعة الذرة، مما يقلل من تكلفة الإنتاج بشكل كبير، وهو ما يساهم في رفع قيمة المكون المحلي لنحو 50%، فضلا عن القدرة على دعم الصناعة المحلية من خلال تصنيع اللقاحات والأمصال البيطرية، سيضاعف القيمة المضافة المحلية لنحو 30%، وأؤكد أن اتباع هذا النهج سيدعم الصناعة الوطنية بنسبة 100%.

رضوى إبراهيم: الأستاذ محمد تمتلك استثمارات أيضًا في القطاع الصناعي بجانب خبرتك الطويلة في سوق المال.. ما هو تقييمك للخطى التي اتخذتها الحكومة لتوطين الصناعة؟ وما هي أدوات الاستثمار وإمكانية توفير فرص التمويل المباشرة للكيانات التي يتم الرهان عليها في خلق صناعة محلية على المستوى المطلوب؟

محمد ماهر: سأتحدث بناء على الدراسة والممارسة وتجربتي العملية في الصناعة، فالعالم كان يتحدث دومًا عن التخصص في الصناعة في السابق، حتى تتشكل للدول رؤية لتمكنها من إعداد إستراتيجياتها.

محمد ماهر خبير أسواق المال ورئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية إيكما

محمد ماهر: التخصص في الصناعة يبني رؤية للدولة.. واليابان قدمت نموذجًا في النسيج ثم الحديد تلاها السيارات والسفن والتكنولوجيا

وسأذكر مثالًا على ذلك بالتجربة التاريخية لليابان لأنها يحتذى بها، حيث كانت الدولة مدمرة تماما بعد الحرب العالمية، فبدأ اليابانيون التركيز في المقام الأول على بناء الدولة من جديد، ومن ثم توجهت جهودهم إلى صناعة النسيج التي بدأت بسيطة للغاية، لكنها تطورت بعد ذلك تكنولوجيًّا بشكل كبير، مما ممكنهم من غزو العالم في صناعة النسيج لمدة 10 سنوات، قبل الصين والهند وباكستان وفيتنام، وفي المقابل تراجع دور مصر في صناعة النسيج.

لا أرى أن مصر لديها رؤية حتى الآن من حيث الصناعات ذات الميزة التنافسية والأخرى التي نخطط لها مستقبلًا

ثم بعد ذلك تخصص اليابانيون في صناعة الحديد لمدة 10 سنوات أيضًا، وأصبحوا أكبر مصنعين ومصدرين للحديد حينها، وأُوضح أن اليابان كونها بدأت بصناعة الحديد تلاها بعد ذلك مباشرة شروعها في صناعة السيارات والسفن، لتعظيم استفادتها من الحديد وخلق قيمة مضافة، وفقًا لجدولها الزمني المعتاد لمدة 10 سنوات، لتخطو اليابان خطوات مؤثرة في عدد من الصناعات خلال الفترة الممتدة من الخمسينات وحتى السبعينات.

بعد ذلك اختبرت اليابان حقبة جديدة من التكنولوجيا قادتها لبوابة المستقبل، من خلال ريادتها لصناعة الإلكترونيات والأجهزة الكهربائية، ومن بينها: الكاسيتات والكاميرات والحواسيب الآلية وإمدادات تكنولوجية أخرى.

فإستراتيجية اليابان تركز على إحداث طفرة نوعية وقيادة الريادة في الصناعات التي تستهدفها خلال مدى زمني يصل إلى 10 سنوات، وأُؤكد أنها حظيت بسابقة الأعمال في عدد من الصناعات، وأبرزها: صناعة النسيج التي استهدفتها دول النمور الآسيوية في مرحلة لاحقة، من كوريا والصين.

يجب وضع إستراتيجية واضحة تقوم على بناء مزايا تنافسية والرهان عليها.. ثم وضع سياسات وخطوات تنفيذية

وأنوّه أيضًا بتفردها في صناعة الحديد، على الرغم من عدم امتلاكها المادة الخام لعنصرالحديد، فكانت تحركات اليابان دومًا ترسم خريطة الاستثمار في القطاعات ذات الأهمية القصوى، وباتت عدة دول تحذو حذوها وتقتفي أثرها.

ما أود أن أقوله: إن اليابان تمتلك رؤية واضحة الملامح وبجدول زمني محدد، في المقابل أرى غياب الرؤية الصناعية لمصر، فما هي القطاعات ذات الميزة التنافسية التي تمتلكها الدولة، وما هي ملامح خطتها لتوطين الصناعة في الوقت الراهن، وخلال السنوات العشر القادمة، بجانب خططها للمدد الزمنية البعيدة؟

بعد ثورة يوليو كانت هناك إستراتيجية واضحة وتم بناء صناعات كثيرة منها النسيج والصلب والسيارات

وأرى أنه لا بد يكون هناك تصورات واضحة قابلة للتنفيذ، فمصر سوق كبيرة جدًّا بدعم من تعدادها السكاني الذي يصل إلى 110 ملايين مواطن، بجانب تفرد مصر بميزة تنافسية وهي قربها من الأسواق المجاورة، لتغطية طلباتها المحلية المتزايدة، وسط توجهها لأسواق أخرى، وهي: تركيا والصين، لعدم استيعاب مصر أهمية تغطية احتياجاتها في البداية، ومن ثم الوفاء بمتطلبات الأسواق المحيطة، بجانب ضرورة تبني إستراتيجية واضحة للقطاعات التي تمتلك ميزة تنافسية.

فاليابان لم تكن تمتلك ميزة تنافسية في أي صناعة، ولكنها خلقتها من خلال تخصصها وإتقانها للقطاعات التي قادت ريادتها، فتجربتها كانت ثرية مما دفع عددًا من الدول للاقتداء بها.

تشغيل الطاقات العاطلة يجب أن يكون أحد أهداف إستراتيجية بناء الصناعة.. والاستيراد أحد أسباب مشكلة سعر الصرف

وبالرغم من محاولات الحكومة لتوطين الصناعة المحلية، إلا أنني أرى أنه ليس هناك إستراتيجية واضحة الملامح، فالمنطق يشير إلى أنه لا بد في البداية من وضع الإستراتيجية ثم السياسات ثم الخطوات التنفيذية.

وأرى أن الخطوة الأولى لوضع الإستراتيجية نفسها غير واضحة، فعلى مدار خبرتي العملية الممتدة لنحو 45 عاما، لم أر قط إستراتيجية حقيقية، ولكن بالعودة لفترة ما بعد الثورة أيام حكم جمال عبد الناصر الرئيس الأسبق لمصر، رغم ما له وما عليه لكن كانت هناك إستراتيجية خمسية، بجانب تدشين عدد من مصانع الحديد والصلب وشركتي السيارات والغزل والنسيج.

وقد تعود بدايات بناء عدد من القلاع الصناعية المذكورة سلفًا إلى ما قبل الثورة، ومنها ما استمر تدشينه بعد الثورة.

وفي الفترة الماضية بدأ يتردد على مسامعنا رغبة الحكومة في النهوض بصناعتي الغزل والنسيج، والسيارات، ولكن القدرات التصنيعية والإمكانيات الحالية للدولة تحول دون ذلك.

وسأتطرق هنا لضرورة تعميق صناعات أخرى، مثل صناعة الدواجن نتيجة لأهميتها القصوى لكونها غذاء، فضلًا عن أنها لا تحتاج إلى إمكانيات تكنولوجية عالية، ولكن حتى الآن يتم استيراد الجدود والكتاكيت والأعلاف واللقاحات والأمصال، وسط عدم القدرة على التغطية المحلية لهذه المتطلبات.

وأرى أنه لو تمكنا من وضع إستراتيجية جيدة، بجانب العمل على استغلال الطاقات العاطلة في مصر، فبالتالي سترى خطة توطين الصناعة المحلية النور.

لا يمكن تخيل أننا نستورد بذور الطماطم والمحاصيل الرئيسية واللقاحات والتقاوي

وأُؤكد أن التحديات التي تعاني منها مصر من ارتفاع سعر الصرف وشح الموارد الدولاية، نتيجة الاعتماد بدرجة كبيرة على الاستيراد، وفي الوقت نفسه مصر تمتلك طاقات رهيبة معطلة وغير مستغلة بالطريقة المثلى، فعلى سبيل المثال صناعة الدواجن تعاني من عدم التكامل، بفعل عدم التركيز على زراعة خامات غذاء الدواجن، بجانب الاعتماد الكلي على استيراد الجدود.

أمتلك خبرة أيضًا في الزراعة فلماذا يتم استيراد بذور تقاوي الطماطم، بعدما وصل سعر كيلو بذور تقاوي الطماطم إلى مستوى يتراوح بين 50 – 100 ألف جنيه، ففي الماضي كنت أستورد كيلو بذور تقاوي البصل بنحو 3 آلاف جنيه.

ياسمين منير: تقريبًا هذا ما يحدث في كل الصناعات.

محمد ماهر: أقصد أن الدولة التي تصدر بذور تقاوي الخضراوات لمصر، قد تكون أقامت هذا المشروع على مساحة أرض تصل إلى 5 أفدنة فقط على سبيل المثال، في المقابل مصر تمتلك 8 ملايين فدان، فلماذا لم يتم تعظيم إنتاج التقاوي لتغطية الإنتاج المحلي، ولكن يتم استيراد التقاوي من الخارج ويتم تهريب شحناتها بشكل غير شرعية لارتفاع أسعارها بشكل كبير.

في فترات سابقة كانت المصانع تعمل بنسبة تفوق طاقتها الإنتاجية.. الآن ربما يتم الإنتاج بطاقات أقل حتى يعمل الجميع

أيضًا لماذا لم يتم تعظيم إنتاج المنتجات منخفضة الآفات والمبيدات، في حين أن زراعتها بسيطة جدا ولا تعتمد على التكنولوجيا بشكل كبير، ولكن يتم استيرادها بتكاليف كبيرة للغاية، بجانب استيراد تقاوي المحاصيل الرئيسية من الحبوب أو غيرها.

وفي الحقيقة الدولة قد قامت بإجراء تجارب بغرض تعميق الزراعة خلال الفترات السابقة، بجانب تدشينها مراكز لإنتاج التقاوي ولكن تراجعت بعد ذلك، ولا يزال يتم استيراد جميع التقاوي من الخارج، حتى تقاوي البطاطس.

ولكن أرى أن هناك صناعات عديدة لم تستغل طاقتها الإنتاجية بشكل كامل، وحتى إن غالبية رجال الصناعة الذين يمتلكون منشآت صناعية يعملون بطاقة أقل من المعتادة.

أتذكر في فترات سابقة كانت المصانع تعمل بطاقات إنتاجية تتجاوز نسبة 100%، حيث كانت شركات الأسمنت المقيدة في البورصة كنموذج توضيحي، تعمل بنحو 110 إلى 120% من طاقتها.

أما الآن فكل مصانع الأسمنت يتم إجبارها على العمل بطاقة إنتاجية أقل، للحفاظ على الطاقات التشغيلية لجميع المصانع.

الصناعة قادرة على حل مشكلة نقص العملة لما تتميز به من استمرارية مقارنة بقنوات النقد الأجنبي الأخرى

وأُشدد على ضرورة استغلال الطاقات العاطلة في المصانع، حتى يتم الاعتماد على المنتجات المحلية كبديل للسلع المستوردة، وفي الوقت نفسه هذه المصانع لا تنتج، نتيجة لمشاكل متنوعة وتقييد عملياتها التصنيعية.

وأرى أن رجال الصناعة يتم محاربتهم من جميع الجهات، سواء من المحليات أو من الجهات القائمة على إعطاء التراخيص، ومرورًا بالجهات السيادية القائمة على تحصيل الضرائب والرسوم والدمغات وغيرها، مقابل الخدمات التي تقدمها، وأُؤكد أن رجال الصناعة تحديدًا في حاجة ملحة لحل مشكلة نقص العملة، نظرًا لأنها التحدي القائم.

أحمد رضوان: المهندس وسيم، ما هو دور رجال الصناعة في كل ما يتم الإعلان عنه من مبادرات وإستراتيجيات؟ هل يتم الحديث مع رجال القطاع عند إعداد هذه الإستراتيجيات ووضع الأهداف المرتبطة بتوطين الصناعة وباختيار القطاعات التي يتم التركيز عليها، أم أن هذا الأمر غير موجود؟

وسيم عبد الله: أنا شخصيًّا لم يتم التواصل معي، لكن لا يمكن الحديث عن غيري، فمن الوارد أن يكون هناك حديث من هذا النوع مع أناس آخرين. أنا أمتلك رؤية مختلفة، بمنتهى الأمانة الموضوع المطروح أوسع من قدراتي على مناقشته في جلسة واحدة، وأرى أنه كبير وواسع جدًّا، لكن بطبيعة عملي والمجموعة التي أعمل بها نحن عمليون جدًّا ونبحث عن الحلول السريعة.

المهندس وسيم عبد الله العضو المنتدب للشركة المتحدة للمسابك

وسيم عبد الله: أؤكد على أهمية وجود إستراتيجية واضحة للصناعة تحدد الاتجاه والأهداف ولا يمكن الاستغناء عنها

أؤكد على رؤية محمد ماهر، إذا لم نمتلك إستراتيجية واضحة، فهذا يعني أنك تسعى في أي اتجاه، فلا يمكن التوجه مسرعًا إلى محطة القطار لشراء تذكرة دون وجهة محددة، فيجب عليّ معرفة إلى أين أريد الذهاب؟

وجود إستراتيجية، هذا أمر أساسي لا يمكن الاستغناء عنه، لكن هذا خارج محيط رؤيتي الشخصية كرجل في الصناعة، ومن الممكن أن الدولة تعمل عليه بشكل جيد.

أعتقد أن الظروف الاقتصادية والسياسية العالمية الصعبة التي أثرت على مصر قد تمنح فرصة لتوطين الصناعة

في الوقت نفسه، أرى أن الظروف الاقتصادية والسياسية الصعبة التي يشهدها العالم ويمر بها في الوقت الحالي، والتي وجهت ضرباتها لمصر بشكل كبير، وأدت إلى المشكلات التي تواجهها العملة المحلية، ممكن النظر لها بأنها فرصة كبيرة لتوطين الصناعة.

“لن تأتي فرصة وأنت ظهرك للحائط”، حاليًا أنت مضطر لأن تنفذ ما هو صحيح في الوقت الراهن وهو توطين الصناعة، وأعتقد أن الأزمات التي مرت علينا كانت في فترة زمنية قصيرة، وكان أغلب الناس يتوجهون للتصدير، وعند حل المشكلة خلال شهرين يعود إلى السكون مرة أخرى.

مصر عملت على عناصر كثيرة زادت تنافسية الصناعة بصورة كبيرة.. ومن قام بتأهيل نفسه نجح في بناء وضع مميز

مصر بالفعل عملت على عدة أمورة منحتها ميزة تنافسية كبيرة، فنحن على سبيل المثال مجموعة القلعة ونتيجة الرؤية المسبقة للأحداث والمعرفة في مجال المشروعات، فأنت تؤهل نفسك للتعامل مع تلك المراحل، ومعظم الصناعات في الوقت الراهن تتجه إلى رد الفعل، أما الذين اتجهوا إلى تأهيل أنفسهم للمواجهة، فقد أصبح لديها المقدرة على وضع نفسهم في مكانة جيدة.

نحن نعمل في المجال الخاص بنا على صناعة مسبوكات تغذي صناعات الأسمنت والتعدين، وكان لدينا القدرة خلال السنوات الثلاث سواء على مستوى شركتنا أو مجموعة القلعة عمومًا، على وضع معظم منتجاتنا للتصدير أو بديل للمستورد، ما سمح لنا أن نكون في مرحلة جيدة، عادت بالنفع علينا وعلى الدولة.

نستهدف في المتحدة للمسابك ومجموعة القلعة عمومًا العمل على التصدير أو توفير بديل للمستورد

على الرغم من كثرة المشكلات والصعوبات التي نواجهها حاليا، والتي أشار إليها محمد ماهر وهي واقع حقيقي ومؤثر، إلا أننا لدينا أرخص سعر كيلو وات كهرباء على وجه الكرة الأرضية، خاصة أن الغاز والمياه متوفران بأسعار مناسبة، بالإضافة إلى أننا نمتلك بنية تحتيه جيدة، فعلى الأقل لدينا 6 موانئ تم تحديثها.

كما أن الموقع الجغرافي منحنا فرصة لأن يكون لدينا الموانئ الحديثة ويمر عدد كبير من السفن، فإذا أردنا التصدير إلى أوروبا، على الأقل لدينا أكثر من 6 إلى 7 مراكب شهريًّا، خاصة أن أسعار الشحن من مصر للخارج منخفضة جدًّا.

مصر تتميز بوجود أرخص أسعار كهرباء في العالم وبنية تحتية قوية ومتطورة وموقع جغرافي تنافسي

أحمد رضوان: أين تكمن المشكلة؟

وسيم عبد الله: من وجهة نظري، بجانب التحديات، كدولة الصناعة هي مجموعة عوامل متكاملة، امتلاكي الماكينات فقط لا يعني أني ساتجه إلى إخراج منتج بجودة عالية، وإنتاجي منتجًا بجودة عالية لا يعني أنني اخترت المنتج السليم من الأساس، واختياري المنتج السليم وقيامي بإنتاجه بالصورة الجيدة لا يعني أن لدي القدرة على تسويقه وأقوم بتصديره وأجد له العملاء.

الصناعة تحتاج إلى تكامل مجموعة من العوامل.. وقصص النجاح تؤكد ضرورة تطوير الأدوات ومعرفة خطط الدولة ومتطلباتها

قصص النجاح الموجودة تشير إلى أن الصناعة في مصر، والقطاع الخاص يحتاج إلى تدخل ومساعدة، لتطوير أدواته، فيجب أن يكون لديه رؤية عن المشاريع التي تتم بين وزارة التخطيط والتجارة على سبيل المثال، وتستهدف مصر تدشينها وما هي احتياجات مصر في الفترة المقبلة؟

وبالإضافة إلى العلم، ما الذي تريد الهيئات الحكومية والوزارات شراءه في الفترة المقبلة، وأن يتاح لهم من سجلات الجمارك ما الذي نستورده، ومن سجلات المصانع أيًّا منها يمكنها إنتاج تلك المنتجات، لكن لم تتجه إليها في الوقت الراهن، وأن يكونوا على تواصل معهم لإمدادهم بمعلومات في حال إذا قمنا بتطوير منتج ما نحن لدينا طلب عليه.

أحمد رضوان: هنا نتحدث عن مساحة المعلومات؟

وسيم عبد الله: المصنعون يحتاجون إلى الدعم الفني، وإعطائهم المعلومات الكافية التي تمكنهم من اختيار المنتج المناسب، محمد ماهر أعطى حلًّا، وهو الأسرع، يتمثل في تشغيل الطاقات الموجودة.

الدعم الفني للمصنعين والمعلومات الكافية أهم ما يحتاج إليه رجال الصناعة.. ومنح الأولوية لتشغيل الطاقات المعطلة

وهنا سؤال مطروح حول ما هي الصناعات التي يمكن البدء بها، وجود إستراتيجية ستحدد لنا ذلك، لكن المؤكد ما قمت بالاستثمار فيه وأمتلك مصانع معطلة داخله، سواء على مستوى القطاع الخاص أوالحكومي، تكون لها الأولوية في التشغيل.

أوكد لكم أن الصانع المصري بحاجة إلى مساعدته على أن يعلم ما يحمل المستقبل له؟ وما المتاح وما هي الأسواق؟ وذلك من خلال التعاون بين الوزارات، ووزارة الخارجية على سبيل المثال، فأنا من وجهة نظري أن الملحقين التجاريين في كل الدول هم أنفسهم بحاجة إلى تأهيل وتدريب أكبر، فيجب أن يكون الملحق التجاري لديه كامل المعرفة عن حاجة البلد التي يعمل داخلها، فيقوم بإرسال المعلومات حول مدى احتياج البلد الذي يعمل فيه لمنتج ما، إلى وزارة الخارجية المصرية، ثم ترسل الخارجية إلى وزارة التجارة والصناعة التي تبحث مدى القدرة على تلبية هذه الاحتياجات عبر الصناعة المصرية.

الملحقون التجاريون يحتاجون إلى تأهيل أكبر لمعرفة احتياجات الدول الخارجية وتوصيلها للمصنعين المصريين

النداوت والمؤتمرات لا تؤتي ثمارًا سريعة ومباشرة، لكن العلاقات الثنائية بين شخص مهتم والمصنعين، هي ما تأتي بنتائج سريعة.

الدولة أبرمت اتفاقيات، فدول إفريقيا لديها الكوميسا، وهناك اتفاقيات جامعة الدول العربية، واتفاقية يورو 1، واتفاقية أمريكا وشمال أمريكا، والكويز، وميركوسور بأمريكا اللاتينية، وCIS رابطة الدول المستقلة.

الدولة وقعت اتفاقات كثيرة جدًّا مع مختلف الأقاليم والتكتلات.. ولكن يجب تحويلها إلى فرص

نحن كشركة بدأنا التركيز على التصدير منذ 3 سنوات، نصدر اليوم إلى 58 دولة، خاصة أن الدولة تعطينا دعم صادرات، فالمطلوب في الوقت الراهن هو وصول الخطوة القادمة للمصنع، ويمكنه الاستفادة بها عمليًّا.

أحمد رضوان : بمعنى أن البنية مهيئة ولكن هناك تواصل؟

وسيم عبد الله: الدولة قطعت 50% من الطريق، والمتبقي يتمثل في 30% قائمة على تشغيل المصانع المعطلة، والمتبقي 20%، بعيدًا عن الإستراتيجية طويلة ومتوسطة المدى، على الدولة مساعدة هؤلاء الأناس، وخلق كوادر.

أنا أعمل في مجال الصناعة، والذي لا يتواجد داخله الكثير من الكوادر في السوق المحلية، فاتجه مجبرًا إلى تدريب موظفين جدد، وبالتالي هذا يعطل إنتاجية الموظفين المدربين.

صناعة المسابك على سبيل المثال تعاني نقص الكوادر المؤهلة.. أين المعاهد والمدارس المصرية؟

أين دور الجامعات والمعاهد المصرية؟ لماذا لا نقوم بتطوير وتنمية مدارس مثل مبارك كول؟

على مستوى البحث والتطوير، لدينا نواقص كثيرة في المستهلكات، وهذه كارثة بالنسبة للصناعة المصرية، فاستيراد المعدات يكون لمرة واحدة، ثم يكون دورها هو الإنتاج، لكن ليس منطقيًّا أن أظل أستورد قطع الغيار مثل الفلاتر والسيور إلى ما لا نهاية.

الاستمرار في استيراد المستهلكات مثل الفلاتر والسيور وما شابه.. كارثة على الصناعة المصرية

فلا بد أن يكون هناك تصنيع محلي، إما بتمويل من الدولة أو من المستثمر نفسه، وبمساعدة من الجامعات المصرية التي يمكنها القيام بدور البرمجة العكسية والمساعدة على تطوير المنتجات محليًّا.

أحمد رضوان: هل يمكننا من خلال هذا الصالون أن نحدد ما هو المطلوب داخل كل صناعة من الصناعات الممثلة في مناقشاتنا، وما الفرص التي ترى أنها موجودة كمدخل إنتاج يمكنك الاستفادة منه، وبالتالي يساعدك في توفير النقد أجنبي؟ هذا يمكن أن يكون من مخرجات الصالون.

أود الترحيب بالمهندس عبد الله محجوب نائب رئيس شركة سولار إنستلر الذي انضم لنا، أهلًا وسهلًا بحضرتك، هل يمكنك أن تحدثنا عن المشكلة المركبة في ملف الطاقة، حيث توجد محطات عملاقة تم تدشينها لتوليد الكهرباء بالغاز، وكانت هناك خطة طموح وضعتها الحكومة تتعلق بالاعتماد على المصادر الجديدة والمتجددة.. لكن عندما حدثت مشكلة في ضخ الغاز، لم نجد النسبة المؤثرة أو المكون من الطاقة الجديدة التي تساعد في تلك الأزمة؟ أين يكمن السبب؟

عبد الله محجوب: دعنا نرى إيجابيات وسلبيات الموضوع. فعند النظر أولًا إلى الإيجابيات، مصر لديها فرصة ذهبية في الوقت الراهن لأنها تمتلك أرخص سعر كهرباء، بالإضافة إلى وجود فائض كبير من الكهرباء لدينا، بعيدًا عن تخفيف الأحمال الذي تسير عليه الحكومة لهدف معين.

المهندس عبد الله محجوب نائب رئيس مجلس إدارة شركة سولار أنستالر

عبد الله محجوب: فرصة ذهبية للرهان على الطاقة الجديدة والمتجددة ولدينا الأيدي العاملة ووفرة في الخامات

الواقع يشير إلى وجود فائض إنتاجي كبير لدينا، خاصة أن لدينا أيدي عاملة وصلت رواتبها إلى ما بين 15 إلى 20 ألف جنيه، لكن ما زال هناك فرق كبير بينها وبين الحد الأدنى للأجور في الصين، بالإضافة إلى وجود وفرة في الخامات، على سبيل المثال خام الكوارتز العامل الأساسي في كل الصناعات التكنولوجية وصناعات الطاقة الشمسية وغيرها.

وقد تم اتخاذ قرار إستراتيجي بوقف تصدير الكوارتز كخامة في 2016، وهناك عدة محاولات لتوطين صناعات الطاقة الشمسية في مصر، لكن مع الأسف المفاوض المصري دائمًا يكون بعيدًا عن السوق التجارية والمفاضلة بين الجيد والسيئ، وتكون تلك المفاوضات على هذه الصورة دائما، حيث نختار طرفًا واحدًا، فإذا انتهت تلك المفاوضات معه، انتهى الأمر.. في حين أنه توجد لدينا كفاءات ويمكننا تكوين لجان تمارس مع جميع التخصصات، لأن توطين الصناعات لا يتمثل في الطاقة الشمسية فقط، فهي تبدأ بالتعدين حتى الصناعات الثقيلة مثل الصلب والأسمنت في الصهر والصك، ثم نمر بمراحل مثل التقطيع.

محاولات كثيرة لتوطين صناعات الطاقة الشمسية في ظل توافر الخامات.. ولكن للأسف المفاوض المصري بعيد عن السوق التجارية

فعلى سبيل المثال لا الحصر، التقطيع الخاص بالطاقة الشمسية موجود في مصنع البصريات، لكنه يستخدم في أمور أخرى مختلفة، مع مستلزمات موجودة في السوق المحلية مثل الزجاج الذي يحتوى على نسبة قليلة من الحديد عالى الشفافية وضد الانعكاس ليناسب الطاقة الشمسية.

ستجد أن التجارب الموجودة في التصنيع بمصر أغلبها تجميع، ومعظمها يستورد جميع المدخلات، في حين أن تلك المستلزمات تقوم بالاستثمار بها لمرة واحدة ويكون المردود لها أسرع مما تتخيل.

العقود المستقبلية لأحد أصناف خام البولي سيليكون وصلت لما بين 36 إلى 60 دولارًا للكيلو عالميًا

وعند النظر للعقود المستقبلية على السيلكا 99.999% الطن منها كنا نصدره بسعر 50 دولارًا كأعلى سعر، ويصل في بعض الأحيان إلى 40 دولارًا، حاليًا الكيلو في السوق العالمية ما بين 36 إلى60 دولارًا، ووصل سعره في وقت جائحة كوفيد -19 إلى 300 دولار للكيلو الواحد.

الأمر معتمد على عمليات واضحة أن ترفع نقاء الخامة، هذا موجود بالرمال السوداء، مع استخدام مادة تيتانيوم دايوكسايد توضع على الكوارتز لرفع نقائه إلى 99.999%، يمكنك بعدها بيعه في السوق العالمية بسعر جيد، ويمكن وضع قيمة مضافة على منتجات بشكل متتالي واحدًا تلو الآخر.

الموروث الحكومي على مستوى الموظفين واللوائح أحد أهم المشاكل التي تواجه الاستثمار

ماذكرته إيجابيات، أما عند الحديث عن السلبيات فتجد كامل الأمر تحت يدي موظف حكومي لا يمكنني لومه لكن هذا موروث، هو لديه لوائح وخطوات يسير عليها، وتسلم إدارة هذا الملف بنفس العقلية، في البداية يجب تأهيل هذا الموظف سواء للاستثمار أو التصنيع أو الرقابة على سوق المال، ليكون دوره هو الدعم والتعزيز وليس ليعرقل، وهذا باختصار شديد المعوقات.

أحمد رضوان: في مجال الطاقة الشمسية تحديدًا، البيانات الصادرة عن الشعبة تتحدث عن مطالب معينة تتضمن بعض الأمور ليس لها علاقة بالموظف، فعلى سبيل المثال عندما طالبت بوجود معاملة معينة بشأن حساب القيمة المضافة، هو أمر لا علاقة له بالموظف، بجانب الأمور المتعلقة بآليات توفير النقد الأجنبي.

عبد الله محجوب: فيما يخص النموذج الذي أعمل به، سيكون الأفضل بالنسبة لنا توطين الصناعات، بدلًا من توفير عملة صعبة وتوجيهها للاستيراد أيضًا، ففي نهاية الأمر لم يتم حل شيء.

أحمد رضوان: هل هناك أي محاولات جرى تنفيذها ثم توقفت؟

عبد الله محجوب: هناك عدة محاولات بالفعل، فخلال فترة تولي اللواء العصار رحمة الله عليه وزارو الإنتاج الحربي، كانت هناك محاولات عبر الوزارة بالتعاون مع شركة جي سي إل الصينية، واستمرت المفاوضات ما بين 8 إلى 10 أشهر، لتوطين الصناعات بالكامل بداية من التعدين وحتى ألواح الطاقة الشمسية.

هناك عدة محاولات لتوطين صناعات الطاقة الشمسية لكنها تعطلت ولم يتم تكرارها

ولكن في النهاية اللجنة المصرية، وهم أساتذة بالنسبة لنا، إلا أنهم نظروا للتجربة الشخصية ولم ينظروا إلى الأمر من المنظور التجاري، فالهيئة العربية للتصنيع لديها مصنع لتجميع الألواح بقدرة إنتاجية تصل إلى 50 ميجا سنويًّا، ولم يتمكنوا من تسويقها جيدًا، والأمر نفسه بالنسبة لوزارة الإنتاج الحربي تمتلك مصنعًا بقدرة 50 ميجا ولم يتمكنوا أيضًا من تسويقه جيدًا، لكونه بعيدًا عن الأسواق العالمية واشتراطاتها، وعن التواجد في أشهر التقارير المختصة في هذا الشأن مثل بلومبرج، والتي توفر اعتمادًا كبيرًا بالأسواق العالمية.

شركة جي سي إل طالبت بإنتاج 2 جيجا، على أن تتولى تسويق جيجا منهما، وتتولى مصر تسويق الأخرى، ما دفع اللجان المصرية لرفض الأمر، بسبب عدم القدرة على تسويق 100 ميجا حاليًا، فكيف بتسويق جيجا؟ الأمر أصبح تسويقه سهلًا للغاية حاليًا مثل الذهب تمامًا.

مشكلة التسويق عالميًّا كانت أحد العقبات أمام المنتج المحلي

الصين تقتنص الحصة العظمى من السوق العالمية بالكامل باستثناء بعض الأسواق مثل الولايات المتحدة التي تفرض رسوم إغراق على المنتجات الصينية لحماية صناعاتهم.

أمام مصر فرص كبيرة في هذا الإطار، في ظل انخفاض سعر الكهرباء وتوافر فائض كبير فيه، كما أن جهاز مشروعات الخدمة الوطنية نفذ أول مرحلة من الصناعة ليصل إلى 999 تقريبًا، وإجراءات الوصول إلى 99999 ليست صعبة على الإطلاق، واستثماراته ليست كبيرة.

الصين مسيطرة على السوق العالمية في صناعات الطاقة الشمسية.. ومصر الوحيدة التي تستطيع منافستها

وفقًا لتجربة شخصية، كانت هناك قطعة أرض صناعية في العين السخنة، تم بناؤها وفقًا لاتفاقية جي سي إل مع الإنتاج الحربي، والتي تقضي بتوفير خامات ومستلزمات إنتاج للتصنيع من خلالها، وعندما توقفت هذه العملية الإنتاجية توقفت أيضًا أعمالنا، وكانت النتيجة سحب الأرض الخاصة بنا لانقضاء المهلة المحددة.

حاولنا شرح الموقف للجهات المختصة، وتوضيح مستهدفاتنا بتوطين الصناعة، وبعدنا كل البعد عن مسألة «تسقيع الأراضي» نظرًا لامتلاك قطعة أرض واحدة وتخصيصها لتوطين الصناعة فقط، لأنه كان من المفترض أن تتواجد خامات التصنيع.

قسم البحوث والتطوير التابع لدولة الصين دخل في تكنولوجيا معينة تعمل على تطوير جزئيات معينة، إلا أن آخر مصنع جي سي إل احترق في ظروف غامضة ما قضى على هذه التكنولوجيا تمامًا، ما نتج عنه إغلاق نحو 500 مصنع في أوروبا، لينخفض سعر المصنع الذي كنت أشتريه بنحو 13 مليون يورو إلى 470 ألف يورو حاليًا، نظرًا لعدم توافر الخامات اللازمة.

هناك تجربة شخصية ملخصها تعطيل الحصول على أرض بسبب توقف مشروع جي سي إل

وحال التفكير خارج الصندوق ودخول التكنولوجيا التي لا تتضمن حقوق الملكية الفكرية ويمكنها إفادة كل المصانع العاملة في هذا المجال، وامتلك دراسة بالفعل في هذا الشأن والتي تنص على إمكانية توفير المنتجات بسعر يقل 25% عن المنتج الصيني، مع الاستفادة بالعمالة منخفضة التكلفة لدينا والكهرباء منخفضة السعر أيضًا.

أحمد رضوان: إذا سمحت لنا، يمكن عرض هذه الدراسة بمنتجات حابي المختلفة.

عبد الله محجوب: نعم بالطبع.

ياسمين منير: نتحدث عن الميزات التنافسية التي تمتلكها مصر للصناعات، وهناك تجارب خاضتها مصر بالفعل نحو توطين الصناعات وتطويرها، مثل مدينة الجلود وصناعة الأثاث، وخطة مستمرة منذ سنوات طويلة ماضية بقطاع الغزل والنسيج، وحاليًا نتحدث عن توطين صناعة السيارات الكهربائية، ما هو تقييمك للتجارب التي تمت بالفعل، وما هي الأمور التي نمتلك ميزات تنافسية فيها ولكنها لم ينظر إليها حتى الآن؟

مجدي طلبة: أود الحديث بشكل عام عن أن هناك أمرين يجب الحديث فيهما بمنتهى الصراحة، هناك مستويان، المكرو والميكرو، فأي دولة أو شركة أو مؤسسة إن لم تعمل بأسلوب فني علمي ممنهج فلن يتم الوصول إلى شي، وبالحديث عن أي دولة عالمية هناك 3 سياسات، منها السياسات الاقتصادية للدولة ككل بوجود إستراتيجية عامة على مستوى الدولة.

المهندس مجدي طلبة رئيس شركة (T&C) للملابس الجاهزة

مجدي طلبة: السؤال الذي يفرض نفسه.. لماذا لا يوجد تكامل بين السياسات المالية والنقدية والاقتصادية؟

يكون التخديم على هذه الإستراتيجية من خلال أمرين، وهما السياسات المالية والأخرى النقدية، والسؤال هنا: هل هناك تكامل بينهما؟ الإجابة: لا.

القرار الاقتصادي يجب أن يكون موحدًا، وأن يتوافر شخص يرأس السياسات بأكملها ويكون في النهاية مايسترو، ولكننا مع الأسف نسير منفردين وكل شخص يقيس نجاحه بأرقامه هو، وإن تعارضت مع بعضها البعض.

لا توجد خريطة بالصناعات المطلوبة.. وهناك مشكلة كبيرة في نوعية التمويل المناسب

وبالحديث عن مشاكل مستوى الميكرو، هل هناك خريطة حقيقية للصناعة للمشروعات التي تصلح للتنفيذ؟ فليست هناك فكرة تنفيذ الدولة لكل شيء، دولة مثل سويسرا كانت تقوم بتصنيع سيارتين على مدار 70 عامًا، ثم قالت إنه من غير المنطقي أن نستمر في تصنيع السيارة بتكلفة 10 آلاف دولار، في حين تقوم كوريا بتصنيعها بقيمة 3 آلاف، فقاموا بوقف تصنيع السيارتين، ولكنهم نفذوا أضعاف ما نفذوه بصناعة السيارات.

هناك صناعات معينة نقوم باستيراد مستلزمات إنتاجها بسعر يتخطى 120% من قيمة تصنيعها في بلاد أخرى، ما يعد استنزافًا للعملة الأجنبية، وأرى حاليًا ترويجًا لصناعات لا تصلح لمصر، أو على الأقل جزء فقط منها يصلح.

مشكلة كبيرة في توافر العنصر البشري المؤهل للصناعة ولا يوجد تعليم فني متوسط جيد

العنصر البشري يعد ميزة نسبية كبيرة للغاية في مصر، فخلال 40 عامًا بين 2010 و2050 سيكون لدى مصر 45 مليون فرد في سن العمل، فهل هناك أي تعليم فني جاهز لهؤلاء الأفراد، حيث كان يجب أن تكون هناك صناعات تصديرية، وسأعود بالحديث مجددًا عن الخلل في الميزان التجاري، والذي يعد أساس الحديث حاليًا.

قبل 25 يناير 2011 كنت أترأس صناعة صادرات المنسوجات، وكانت تواجهنا مشكلة العمالة، في حين كنا نسجل نموًّا بنحو 30% في الصادرات، تم تنفيذ بروتوكول قبل يناير بنحو 4 أشهر بين 3 وزارات، استهدف إصلاح التعليم الفني، وكان البروتوكول مبنيًّا على قيام كل 3 مصانع بالمساهمة في شيء وطني، كالتعليم الفني في المنطقة المحيطة بهم، في ظل تدهور مدارس التعليم الفني.

هناك نسب غير مسبوقة لدوران العمالة داخل المصانع.. وهي مشكلة مدمرة للجودة

العامل يتخرج من التعليم الفني المتوسط في سن 16 عامًا، في حين ينص قانون العمل المصري على أن سن العمل يبدأ من 18 عامًا، ليذهب العامل خلال العامين بين سن 16 و18 عامًا إلى وظائف أخرى مثل سيارات الأجرة وغيرها، ما يفقد الصناعة العمود الفقري في العمالة، بدليل وجود نسب بطالة مرعبة، مع وجود دوران عمالة داخل المصانع بنسب غير مسبوقة.

ففي قطاع المنسوجات الذي كنت أرأسه حتى وقت قريب، كانت نسبة دوران العمالة تصل إلى 15% شهريًّا، ما يعني تغيير عمال المصنع بالكامل كل عام، ما يدمر أي معايير جودة بالمصنع.

وبالعودة إلى البروتوكول الموقع بين 3 وزارات، فالعالم بأكمله يبدأ سن العمالة فيه من 16 عاما ولكن بشروط خاصة، وهو ما أقرته الوزارات الثلاث، القوى العاملة والتربية والتعليم والصناعة، فهل تم النظر إليها الآن أو تحديثها أو استثمارها؟

تجربة بنك التصدير المتخصص مهمة للغاية لتوفير التمويل المناسب والمشجع للصادرات

وفيما يخص التمويل، هل هناك تمويل حقيقي للاقتصاد المصري والصناعة والصادرات تحديدًا؟ هناك تجارب ناجحة لا نستطيع الاستفادة منها، وحاولت كثيرًا توصيل هذا الامر ولكن لم يتم الاستماع لما أقوله، وهي فكرة عبارة عن تجربة بنك التصدير المتخصص، فالبنوك التجارية لا تتمكن من التعامل بشكل صحيح مع التصدير.

فدولة مثل تركيا على سبيل المثال أنشأت بنك التصدير التركي، ولا يخضع لقواعد البنك المركزي، وهذا البنك يعمل على تمويل مستلزمات إنتاج وشراء ماكينات فقط، بعيدًا عن أي رأسمال عامل آخر، وكانت الفائدة 1% ومع ارتفاع الدولار، ارتفعت الفائدة إلى 2% فقط، على أن يتم تمويل فارق الفائدة عبر برنامج مساندة التصدير.

رغم كوني من أكبر المستفيدين من برنامج المساندة التصديرية إلا أنني ضد البرنامج بوضعه الحالي

ورغم كوني حاليًا واحدًا من أكبر 5 في مصر يحصلون على المساندة التصديرية، إلا أنني ضد برنامج المساندة بالمنظومة الحالية التي تقضي بالحصول على أموال نقدًا، وكنت من مهندسي برنامج عام 2019 وحاولت كثيرًا التأكيد على أن فلسفة المساندة تأتي بإجبار المصدر على إعادة ضخ الأموال في هيكل الصناعة.

وخلال حديثي مع كبار المسؤولين أكدت على إمكانية العمل على مدار 3 سنوات في ظل تحقيق خسارة، إلا أن العمل لمدة 6 أشهر في ظل وجود عجز تدفقات نقدية سيجبرني على الإفلاس، وبالتالي يجب المحافظة على عجز التدفقات النقدية للمصانع.

وبرنامج 2019 كان مبنيًّا على تنفيذ مقاصة مع كل خدمات الدولة، مياه وكهرباء وغاز بحيث تحصل الحكومة على مستحقاتها من المساندة التصديرية، ما يساهم في دخولها في هيكل الصناعة.

دعم الفائدة البنكية أهم من المساندة التصديرية.. وتطبيقه ليس صعبًا ومتعارف عليه عالميًّا

كما أن برنامج دعم الصادرات يصل إلى 10 مليارات جنيه سنويًّا على مدار 3 سنوات، يمكن وضع تلك الأموال في دعم الفائدة البنكية وتشغيل البنوك التجارية، هل هذا الأمر صعب تطبيقه؟ فلماذا لا نقوم بدراسة تجارب الدول الأخرى؟

وبالنظر إلى جزئية تحديث الصناعة والتي تعد من أخطر ما يمكن، فهناك صناعات على وشك أن تنتهي في مصر، ففي صناعة المنسوجات 65% من مصانعها ستغلق أبوابها خلال 7 إلى 8 سنوات بسبب توجه التكنولوجيا العالمية لاتجاه آخر تمامًا، فهناك احتياج شديد للتطوير والتحديث.

دعم تحديث ماكينات المصانع ضرورة.. ومجتمع الأعمال نفسه أحد مشاكلنا في مصر

دولة الهند حاليًا توفر دعمًا بنسبة 15% من قيمة ماكينات الصناعة ودولة أخرى توفر 24%، ما ساهم في تحديث مصانعها بشكل كبير للغاية، بينما أصبحت نسبة كبيرة من مصانعنا قديمة وسنصل إلى مرحلة يصعب فيها المنافسة بشكل كبير، مقابل الصين وبنجلاديش.

وبالتالي فمشاكلنا تتركز في عدم توحيد القرارات الاقتصادية ثم التمويل، وثالثًا والجزء الأخطر هو مجتمع الأعمال الخاص بنا، فهناك دول في شرق أوروبا خلال 20 و30 عامًا مضى قاموا بتكسير طبقة رجال الأعمال ووضعوا قواعد جديدة لمن يمثل هذه الطبقة.

ما يقرب من 65% من مصانع النسيج المحلية خارج الاتجاه العالمي.. ويجب قياس تطورنا بتطور العالم وليس بنفسنا

ففي صناعة النسيج هناك ما يقرب من 67% من الصناعة خارج التوجه العالمي، وخلال 2020 وضحت هذا الأمر، وتعهدت أمام مسؤولين كبار بزيادة الصادرات من 3.1 مليارات دولار إلى 12 مليار دولار خلال 4 سنوات فقط.

أحمد رضوان: صناعات نسيجية فقط؟

مجدي طلبة: نعم، والمستهدف الذي يتحدث عنه الرئيس السيسي بالوصول إلى 100 مليار دولار صادرات، هو رقم قليل بالنسبة لمصر، فعلى سبيل المثال في منتصف ستينيات القرن الماضي كانت صادراتنا الصناعية 2 مليار دولار، وكوريا الجنوبية 6.5 مليارات دولار، أما العام الماضي مصر سجلت 34 مليار دولار في حين تخطت كوريا الجنوبية 640 مليار دولار، ومشكلتنا هي المقارنة بأنفسنا وليس بالعالم.

ضرورة تحفيز المنتج التام المصنوع من القطن طويل التيلة بدلًا من تصدير القطن الخام

وعند تنفيذ دراسة للقطاع وجدنا أن معظم مصانعنا ستغلق، رغم أننا نمتلك في مصر قطنا طويل التيلة لا يمتلكه إلا 7 دول في العالم بفضل التربة والمناخ، فمنذ 70 عامًا كان لدينا 2 مليون فدان قطن، انخفضت إلى 300 ألف حاليًا وتعاني مشاكل كبيرة نظرًا لاحتياج المحصول لميكنة مبيدات، في حين قمنا بإلغاء التعاونيات والميكنة، وقمنا بتفتيت الأرض الزراعية فأصبح هناك من يمتلك فدانًا وثلاثة أفدنة ليتم تدمير محصول القطن، فحتى الـ300 ألف فدان يتم تصدير محصولها لألمانيا وسويسرا وغيرها، يقومون بخلطها ويبيعونا المنتج باعتباره طويل التيلة.

وتحدثت لأحد كبار المسؤولين بأن هناك سياسة واضحة بتوجه العالم نحو 3 أمور، أولًا جذب المستثمر عبر عدة محفزات منها زراعة محصول قطن طويل التيلة، وكان هناك مشروع مع الاتحاد الأوروبي وكنت أمثل مصر فيه، يضم 18 علامة تجارية عالمية، كان هدفهم فقط هو الحصول على القطن طويل التيلة، لأقوم بإقناعهم بتنفيذ مشروع داخل مصر بمساهمة تمويلية منهم، ولم أجد أي استجابة من الحكومة، الفارق بين تصدير كيلو القطن الخام وكيلو المنتج يصل إلى 9 أضعاف القيمة.

يجب الاهتمام بالمنسوجات المصنعة من البتروكيماويات وإعادة التدوير

العالم يتجه نحو المنسوجات من البتروكيماويات مثل الملابس الرياضية، وهو ما يتضمن قيمة مضاعفة عالية للغاية، حيث نمتلك مصنعًا أو اثنين أجنبيين في مصر، ويجب التوسع في هذا الأمر، خاصة أن عمليات الميكنة الخاصة بهذا المصنع وتكلفته مرتفعة وتحتاج لتمويل وهو دور الحكومة.

كما أن العالم يتوجه نحو إعادة التدوير، فيما نقوم نحن ببيع المنتجات التي تحتاج لإعادة التدوير إلى ورش السيارات وغيرها بكميات تصل إلى الأطنان، وبالتالي كان حديثي بتوجيه دعم الصادرات في هيكل الصناعة.

لا يوجد ما يسمي بتوطين صناعة السيارات.. وإنما توطين جزء من هذه الصناعة

يجب النظر لكل صناعة بشكل منفصل، فعلى سبيل المثال ليس هناك ما يسمى بتوطين صناعة السيارات، ولكنها جزء من صناعة السيارات، فنحن نمتلك قيمة مضافة في الإيدي العاملة، فبدلًا من تصدير 3 إلى 4% من إنتاج الأتوبيسات يمكن تصدير 80% حال توافر شخص يضع إستراتيجية صناعة حقيقية.

ويمكن تنفيذ هذا الأمر مثلما فعلت تركيا وكوريا منذ 50 عامًا، عبر تصنيع الباص بداية من الميكروباص وحتى أعلى أتوبيس سياحي، ويكون توجهنا تصديريا بنسبة 80%، ما يساهم في توفير عملة صعبة تقدر بعشرات الأضعاف من الحالية.

جميع اتفاقات الإعفاءات الجمركية الموقعة مع العالم والتكتلات الإقليمية تصب في صالح الشريك الأجنبي

عذرًا على الإطالة، ولكنني في الحقيقة أشعر بالحزن الشديد بعدما رأيت كل تلك الأمور وبعد دراستها ضمن أعمالي في الحكومة، وحتى نعلم أن المشكلة لدينا، بالنظر إلى اتفاقيات التجارة الحرة مع نصف دول العالم، بداية من الاتحاد الأوروبي وتركيا وغيرها، تذهب لصالح الشريك الأجنبي بأكملها.

اتفاقية الكويز التي وقعتها مصر عام 2004، كان من المفترض أن تصل صادرات مصر بموجبها حاليًا إلى 15 مليار دولار، ورغم إتاحتها لتصدير كل السلع، إلا أننا بعد كل هذه السنوات نصدر بنحو 1.2 مليار دولار و90% منها ملابس فقط، لم يسأل أحد قط عن أعمال هذه الإتفاقية.

أزمة كورونا كانت فرصة ذهبية لمصر في ظل توقف الأسواق المنافسة.. وضاعفت استثماراتي خلال الأزمة

والنقطة الأخيرة التي أود الحديث عنها، وأعتذر مجددًا على الإطالة، ولكن لماذا أدخلنا أنفسنا في أزمة كورونا والحرب الروسية والأوكرانية، بدلًا من الاستفادة منها؟، فمع بداية أزمة كورونا تعثرت دول جنوب شرق آسيا.

كان لدي 4600 عامل يتم توزيع كمامات عليهم، ولم يكن عامل واحد يستخدم الكمامة رغم توزيعها يوميًّا، وعندما رغبت المصانع الأمريكية التابعة للعلامات التجارية الأمريكية في القدوم لمصر عادت أدراجها مرة أخرى لعدم جاهزية المصانع.

ووفقًا لتجربتي الشخصية اتخذت قرارًا في الربع الأول من عام 2020، بمضاعفة الاستثمارات 3 مرات، فكنت أنتج نحو 18 ألف قطعة يوميًّا، لترتفع إلى 60 ألف قطعة يوميًّا على مدار السنوات الثلاث الماضية، كما ارتفعت أعداد العلامات التجارية من 3 إلى 18 علامة تجارية مختلفة.

رضوى إبراهيم: كنا نتخيل أن مصر ستستفيد من أزمة كورونا، لأننا من الدول على الأقل التي استغرق الإيقاف فيها فترة وجيزة جدًّا، ولكن فوجئنا بأن الحديث أخذنا لطريق آخر.

المهندس مجدي طلبة: أرقام الصادرات خلال عام 2021 مقارنة بعام 2022 ، على رأسها الصادرات للصين، ارتفعت من 2.5 تريليون دولار إلى 3.3 تريليونات دولار، وألمانيا من 1.3 تريليون إلى 1 تريليون، فيما ارتفعت قيمة الصادرات لروسيا من 337 مليارًا إلى 492 مليار دولار، كلها خلال فترة كورونا، وتركيا من 169 مليارًا إلى 225 مليار دولار. إذن نحن أضعنا فرصة ذهبية، فالرقم المستهدف تحقيقه من الصادرات بالوصول إلى 100 مليار دولار ليس كبيرًا.

إمكانيات مصر الحالية قادرة على الوصول بالصادرات إلى 150 مليار دولار خلال 5 سنوات بشرط حسن الإدارة

وإمكانيات مصر اليوم خلال 5 سنوات يمكن أن تتخطى استثماراتها 150 مليار دولار لو أحسن إدارة منظومة الصناعة بشكل جيد على المستوى الجزئي والكلي.

رضوى إبراهيم: نأمل أن يساهم هذا اللقاء في استنباط نقاط محددة تسهل الطريق لأصحاب القرار.

مجدي طلبة: المشاكل معروفة والحلول معروفة ينقصها انفراجة الحل.

رضوى إبراهيم: أستأذن حضرتك أن ننتقل من صناعة المنسوجات للمهندس إسلام، ولا أود أن أكتفي بالحديث فقط عن كل ما هو مرتبط بصناعة الدواجن، فنحن ندرك أن أي شخص ينتمي للقطاع يكون لديه متابعة بشكل أو بآخر لباقي الصناعات الأخرى. الصناعات الغذائية وكل ما هو مرتبط بالغذاء من المفروض أنه يمثل أمنًا قوميًّا في كل دول العالم بأشكال اقتصادها المختلفة، ويعتبر قطاع الصناعات الغذائية في مصر أكثر حظًّا بوجود عدد كبير من المصانع سواء التابعة للحكومة أو الجهات شبه الحكومية أو القطاع الخاص، ونحظى بطلب غير طبيعي يؤهلنا لنصبح سوقًا جيدة بسبب العدد الكبير للسكان في مصر.. ما المشكلة التي نواجهها في هذا القطاع بشكل عام ومجال صناعة الدواجن بشكل مباشر؟ ماذا ينقصنا؟ وما الذي نحتاجه من الحكومة لتلبية الطلب بالكفاءة التي يأمنها المستهلك؟

إسلام نجيب: دعم الحكومة، حضرتك سألتِ السؤال وأجبتِ عليه، فنحن ليس لدينا مشكلة، بالعكس فمصر رائدة في مجال المواد الغذائية في المنطقة، مثل تركيا والسعودية.

المهندس إسلام نجيب رئيس شركة المنصورة للدواجن

إسلام نجيب: دعم الحكومة هو العنصر المفقود في تطور وتشجيع الصناعة وخاصة في المجال الغذائي

فاليوم لدينا مصانع منتجات ألبان وجبن على جودة عالية جدًّا تضاهي الماركات العالمية سواء الأوروبية أو الأمريكية، ومع ذلك ما زالت حتى يومنا هذا لديها مشكلة، فمصنع جهينة كشف عن عدم قدرته على شراء المركزات بسبب ندرة العملة الصعبة، وبالتالي فإنه بتعريف الواردات نجد أن هناك نوعين من الواردات، إما تامة الصنع مثل السيارات أو أي منتج كامل يتم استيراده، أو مدخلات الإنتاج والتي لا يجب الاقتراب منها ووضع قائمة أولويات لها.

فبعد الإنجازات التي حققتها مصر في مجال الصناعات الغذائية لا يجب أن يتم إيقاف مصانع كبيرة تشغل ما يتراوح بين 10 ألف إلى 15 ألف عامل بسبب نقص العملة الصعبة يتم إيقاف ماكينة عن العمل تشغل من 5000 إلى 6000 عامل، أو وقف إنتاج طلبية تصدير قد تصل إلى 20 أو 30 مليون دولار، بسبب مواد خام بقيمة 100 أو 200 ألف دولار، لذلك فإننا بحاجة إلى عقد اجتماع مع المصنعين لمعرفة مطالبهم وكيفية دعمهم.

شاركنا في معرض جلف فوود العام الماضي وأبرمنا اتفاقات تصدير كبيرة.. ولكن تعطلت بسبب عدم وجود البنية اللازمة

الشركة التي أتولي رئاستها اشتركت في معرض جلف فود العام الماضي وحضرنا في الجناح المصري وحصلنا على طلبيات للتصدير بأرقام غير مسبوقة وبأسعار جيدة لبيع البيض المخصب للإمارات والسعودية، وبعد رجوعي أخبرت المسؤولين برغبتي في التصدير، فأكدوا على منع التصدير إلا من خلال محطات جديدة للتصدير، وبعد معاينتها وجدناها لا تتوفر بها مياه أو كهرباء وغير مؤهلة، وحتى تتم معالجة موقف مزارعنا التي يرون أنها غير مؤهلة والانتقال لمحطات التصديرالجديدة فإن هناك ضرورة لتحديد الموارد غير المتوافرة لدينا ونقوم باستكمالها.

صناعة المواد الغذائية في مصر تمر بفترة ازدهار ولكن تحتاج إلى دعم حكومي.. وهذا الدعم يبدأ بأولوية توفير العملة الصعبة

وأرى أن صناعة المواد الغذائية في ازدهار لكنها بحاجة إلى دعم كبير من الحكومة.

رضوى إبراهيم: ما نقاط الدعم المحددة التي تحتاجونها؟

إسلام نجيب: عندما أخبرك أن الإنتاج متعطل أو طلبية تصدير بملايين الدولارات متوقفة بسبب 100 ألف دولار فهذا يعني أنه لا يوجد منطق، مما يتطلب وضع أولويات، فعلى سبيل المثال كما ذكر المهندس مجدي طلبة عند طلب فتح اعتمادات مستندية بقيمة 30 ألف دولار لطلبية تصدير بقيمة 30 مليون، يتم فتح الاعتماد فورًا للتمكن من التصدير مرة أخرى بعد شهر أو شهرين بالنسبة المنتجات الغذائية.

رضوى إبراهيم: الصناعة المصرية دائمًا ما تعاني أنها في المرحلة الأخيرة، ودائمًا تعاني من نقص مستلزمات الإنتاج التي يتم استيرادها من الخارج، متى نتحرك لإنتاج المواد الخام التي يتم استيرادها وتصنيعها في مصر إذا كانت هناك أزمات في التمويل أو استقطاب شراكات طالما أننا نستطيع التواصل؟ لماذا لا يتم استقطاب شركاء لتصنيع المواد التي نقوم باستيرادها؟ وإذا كانت الأزمات التي تواجهها الشركة تمويلية أين دور البورصة بما أن الشركة مقيدة بالفعل؟

إسلام نجيب: ليست لدينا مشكلة في التمويل بالقدر الذي تتحدثِ عنه، فمشكلتنا في شيء آخر، فقد سألت سؤالًا مهمًّا جدًّا عن دور الشراكات مع الشركات الأجنبية.

لا نواجه مشكلة في التمويل.. مشكلتنا الحالية تتعلق بالنقد الأجنبي وما يتعلق بسعر الصرف

كنا بصدد توقيع عقد مع شركة أجنبية كبيرة جدًّا وبمبلغ تمويلي مرتفع نحو 100 مليون دولار، لكننا اختلفنا بسبب أن سعر الصرف في البنك 31 جنيهًا والسعر في السوق الموازية بلغ 48 أو 49 جنيهًا، ما يعني أن هناك 45% تقريبًا فرصة مفقودة من التمويل الذي سنقدمه لك.

مجدي طلبة: بالإجابة عن سؤالك لماذا لا نستقطب شركاء من الخارج لتصنيع المواد التي نستوردها في مصر، فالعملية التصديرية لها تقنيات، أنا لست مخيرًا لاستقطاب شراكات في مجالات معينة للعمل في مصر، لأننا ملزمون بالشراء من الموردين المرشحين لذلك، حتى مواد التعبئة والتغليف يجب شراؤها من مصنع معتمد لدى مصدرينا، لذلك العملة التصديرية تكون حساسة جدًّا في هذه الأمور، والقصة كلها أنه يجب إصلاح الخلل في الميزان التجاري، فليس عيبًا أن نقوم بالاستيراد لكن العيب هو أن تكون الصادرات ثلث الواردات.

محمد ماهر خبير أسواق المال ورئيس الجمعية المصرية للأوراق المالية إيكما

أحمد رضوان: أستاذ محمد دائمًا هناك مشكلة يتم الحديث عنها في أكثر من صالون، وفي الحديث الصحفي بشكل عام، وهي فكرة أولوية تدبير النقد الأجنبي، تقريبًا أغلب القطاعات تطالب بأولوية تدبير العملة لها، وإن كنا نقول إن الطاقة الشمسية تطالب في وقت مثل هذا بأولوية تدبير النقد الأجنبي، وصناعة مثل الدواجن تطالب بتدبير النقد الأجنبي لصناعة المركزات، والتي تعتبر صناعات غذائية ولها أولوية، وهو ما تطالب به أيضًا الصناعات الدوائية التي تأتي في المرحلة الثانية بعد الغذائية بنفس الطلب.

محمد ماهر: سأخبرك بتجربة عملية بسيطة.. غدًا نفتح اعتمادًا مستنديًّا لقطع غيار وآخر لاستيراد كريز، سيتم فتح الثاني قبل اعتماد قطع الغيار.

أحمد رضوان: هل هذا يحدث بالفعل؟

محمد ماهر: هناك خلل، فالمجموعة الاقتصادية ليس لديها حوار ولا قيادة، والاهتمام بالحلول الاقتصادية للمشكلة التي نمر بها لا يتم مناقشتها لأنها أولوية أولى، ولكن كل شخص له أجندة يعمل بها وأولوياته التي يعمل بها ويركز عليها.

محمد ماهر: يوجد خلل في أولوية تدبير النقد الأجنبي.. ربما تفتح اعتمادا لاستيراد “كريز” بصورة أسرع من استيراد مادة خام!!

فنحن لدينا سياسة نقدية ومالية، وسياسة أخرى عامة للدولة تشمل زراعة وصناعة وسياحة وتجارة وغيرها.

رغم المشاكل الكبيرة لكن هناك فرصة ذهبية في ظل انخفاض أسعار الطاقة والأراضي والأيدي العاملة ومدخلات الإنتاج

واليوم لدينا فرصة ذهبية فقد عدنا مجددًا.. في تكلفة الطاقة والعمالة والأرض ومدخلات الإنتاج بصفة عامة لدينا ثروة كبيرة من المعادن القابلة للاستخراج والاستخدام، لذلك فإن الإمكانيات المتوفرة لدينا بالتزامن مع الظروف الصعبة التي تمر بها العملة تخلق فرصًا كبيرة جدًّا؟

لا يوجد تنسيق بين صناع السياسات وترتيب الأولويات.. وبالتالي تظهر مشاكل مثل عدم وضوح معايير تدبير النقد الأجنبي

فالميزة التنافسية لدينا ارتفعت في مواردنا المحلية التي تعتبر ضمن مدخلات الصناعة. وحول أولوية توفير النقد الأجنبي للاستيراد يكون بالتركيز على الصناعات التي تتكون من مدخلات تتمتع بميزة تنافسية بالتالي تكون تكلفة الإنتاج النهائية جذابة جدًّا والتي بدورها ستحل محل الاستيراد، مع إمكانية التصدير بمنافسة، وذلك في ظل إستراتيجية عامة ما يمنحنا ميزة كبيرة للتوسع ليس فقط في إنتاج الطاقة من مصر، ولكن يمكننا تصديرها للخارج وذلك بعد العجز الذي حدث، مع ضرورة عمل الحكومة على وضع إستراتيجية لتكثيف كل الجهود والسياسات النقدية والصناعية وغيرها لحل هذه المشكلة وتذليل جميع العقبات.

يجب العمل في ظل إستراتيجية عامة على مستوى مختلف الصناعات وليس جزرًا منعزلة

ياسمين منير: المهندس وسيم.. في ضوء المشكلات التي نسمعها باستمرار وتدل على غياب الإستراتيجية، لو أردنا وضع نقاط مرتبطة بالحوافز، خاصة أننا وسط العديد من الأسواق التي تقدم حوافز قامت على أساسها صناعات وننظر إليها الآن على أنها من الأسواق الرائدة على الرغم من تأسيسها منذ سنوات قليلة، فما هي الحوافز التي تراها مناسبة وسط الظروف الصعبة والاضطرابات المحيطة كي نستطيع من خلالها التحرك على الأقل خطوتين إلى الأمام؟

أحمد رضوان: ونود من حضرتك الحديث أكثر عن صناعة المسابك؟

وسيم عبد الله: نحن نعيش بالفعل في وضع صعب وقائم على الرغم من وجود ما يسمى بأخطاء في الأولويات وخلافه، ولكننا نردد دائمًا أن الحل يمكن في توفير العملة لاستيراد الخامات، على الرغم من أننا لا نستطيع تدبير العملة، وهذا حل من الناحية النظرية ونفترض توفير العملة لحل المشكلة.

المهندس وسيم عبد الله العضو المنتدب للشركة المتحدة للمسابك

وسيم عبد الله: الوضع الصعب القائم يتطلب التخطيط والتنفيذ السليم من الشركات والرهان على التصدير

فما الذي يمكننا أن نقدمه لحل المشكلة؟ وأنا كوسيم جئت إلى هنا للحديث وأمثل مجموعة «الحمد الله» تمر بأزهى أوقاتها لأننا فكرنا وخططنا ونفذنا بطريقة صحيحة.

وأصبحنا لا نعاني الآن من مشاكل العملة وبمقدورنا استيراد الخامات، لأننا نصدر ونقوم بالتطوير وتكبير مشروعاتنا وحاليًا نستثمر ونطور أيضًا.

المشكلة في معظم الصناعات ليست معقدة بصورة كبيرة.. وعلى الحكومة والشركات الكبرى مساعدة صغار المصنعين

وحل مشكلتنا حاليًا يتمثل في مساعدة القطاع الخاص على تصدير منتجاته وبالتالي مشكلاته ستحل وقتها، وأيضًا مشكلات أي مصنع نتحدث عنه الآن ستحل حال تصديره غدًا، ويصبح لديه عملة صعبة ويستورد بعدها كل خاماته.

وحل المشكلة ليس على مستوى البلد، ولكن لا بد من مساعدتها، في حل مشكلة كل مصنع تلو الآخر، وجزء بعد جزء، لنستطيع وضع نهاية للمشكلة، وأود أن ألفت انتباهكم إلى أن الموضوع في معظم الصناعات ليس معقدًا بدرجة كبيرة.

ونحن كمجموعة نتيجة وجود أشخاص يقودون بعقلية كبيرة وفكر ورؤية واحتكاك بالسوق، استطعنا في النهاية تحقيق ما وصلت إليه المجموعة الآن، وهناك العديد من المصنعين الذين لا يزالون في البداية والمتوسطين والكبار أيضًا لا يمتلكون هذه الأدوات، ودوري هنا كدولة مساعدته.

الدعم بالمعلومات عنصر جوهري جدًّا في تشغيل المصانع.. وثقافة التصدير لا تأتي بين يوم وليلة

واليوم أنا كدولة أمتلك ملحقًا تجاريًّا في بلد إفريقية، هل حضراتكم سمعتم من قبل عن ملحق قام بطرق باب مصنع مصري وأخبره باحتياجات هذه البلد الإفريقية، وليكن فلاتر للغسيل الكلوي في زامبيا، وهذا لا يحدث ولم يحدث.

لذلك نجد في مصر مصنعًا معطلًا لا يستطيع بيع منتجاته، ولكنه لا يعرف أن زامبيا أو أي بلد إفريقية تعاني من نقص منتجات مصنعه، وأيضًا هو لا يمتلك الأدوات لمعرفة هذه المعلومة.

وهل المطلوب من كل مصنع صغير أن تكون له أذرع في كل هذه الدول وميزانية أنه يسافر لمعرفة هذه المعلومات، ونحن داخل البلد ولا نمتلك البيانات والمعلومات الكافية، وعلى سبيل المثال أنا لا أعرف المستلزمات التي تعتزم وزارة الصحة شراءها العام المقبل، والمفترض إعطاؤنا هذه المعلومات ودعمنا بها.

والتصدير ثقافة وعلى سبيل المثال بلد كالسويد ذات تعداد سكاني قليل جدًّا، ولكن منتجاتها منتشرة في العالم بأكمله، وليس هناك بلد لا يوجد به منتج سويدي، وهذه الثقافة لا تأتي بين يوم وليلة، وأيضًا لا تستطيع كل شركة صغيرة القيام بها.

وأرى أن العديد من البلاد بجوارنا لديها احتياج لمنتجات كثيرة من التي تقوم المصانع المصرية بإنتاجها، ولكن هذه المصانع لا تعرف أنهم بحاجة لهذه المنتجات، ولا أحد وفر لهم لقاءات مباشرة مع هؤلاء العملاء، والعملية بسيطة جدًّا، ولا أقول إن هذا سيضع حلًّا لمشاكل مصر كلها ولكنه سيساهم أيضًا.

أحمد رضوان: بالفعل هي بسيطة، وهناك نموذج يصل إلى توقيع الاتفاقيات ولكن يتوقف بسبب مشكلة ما واجهته، ودعنا نتحدث عن نموذج الشركة المتحدة للمسابك.

وسيم عبد الله: المتحدة للمسابك منذ 3 سنوات قررت أنها تجري بحثًا عن الصناعات الموجودة في مصر، والصناعات في البلاد المجاورة، وما المنتجات التي تحتاج إليها هذه البلاد؟ وأنا هنا لم أبحث عن المنتجات التي تقوم مصر بإنتاجها، ولكن بحثت عن المنتجات التي لم تنتجها مصر.

المتحدة للمسابك قررت قبل 3 سنوات التركيز على احتياجات السوق المحلية من المنتجات المستوردة لتصنيعها

وأصبحت أذهب إلى العميل الجديد، وعلى سبيل المثال كنت متواجدًا في صناعة الأسمنت وذهبت إلى عميل في صناعة الأسمدة وتحدثت إليه لمعرفة ماذا يستورد، وأخبرته أن يدعني أوفر له هذه المواد، وهذا قبل حدوث مشكلة العملة.

وبدأ يخبرني عن منتجات يقوم بشرائها من السوق المحلية من مصنعين آخرين، ولكن أخبرته أنني أتحدث عن المنتجات المستوردة وليست التي يحصل عليها من السوق المحلية بهدف توفير مبلغ قليل من المال.

وتحدثت معه عن الخوض في تجربة أننا نوفر له المنتجات التي يستوردها بالعملة الصعبة وبالفعل نجحنا، وقمنا بتنفيذ هذه التجربة ليس فقط داخل مصر ولكن أيضًا خارجها.

كررنا نفس الفكرة مع مناجم الذهب في غرب إفريقيا على مستوى توفير قطع الغيار.. ونبيع حاليًا في 3 دول

وكنا نرسل أشخاصًا لمدة تصل إلى شهرين أو ثلاثة أشهر إلى مناجم الذهب غرب إفريقيا من أجل رسم قطع الغيار المستهلكة التي يمتلكونها، ويقومون بعمل عمليات هندسة عكسية لتنفيذ أخرى مماثلة لها، واليوم نبيع في 8 دول و30% من المبيعات في هذه الدول ناتجة عن الهندسة العكسية التي قمنا بها على أشياء ليست عليها حقوق ملكية، والفكرة هنا أننا وضعنا إستراتيجية.

محمد ماهر: وحتى ولو عليها ملكية؟

وسيم عبد الله: هناك بلاد أخرى تنفذ هذا ولا تهتم بالملكية، ولكن أنا لا أستطيع الدخول في شيء غير قانوني وأخاطر بسمعتي.

ولذلك خضنا التجربة ونجحنا، وأود أن ألفت انتباهكم إلى أن الموضوع كان أبسط مما تتخيلون، لأن هذه الدول يتم ابتزازها اقتصاديًّا من شخص ما قام بتوريد معدات لهم دون رسومات ويتم إجبارهم على شراء قطع الغيار، وأنا أقوم بعمل اتفاقيات مريحة جدًّا في العمل معهم، وهم أيضًا يقومون بتوفير أكثر من 50%.

تمت الاستعانة بخبرات ذات كفاءة عالية وبتكلفة أقل من الخارج ممن وصلوا إلى سن التقاعد

أحمد رضوان: في رحلة التوسع حتى تغطي هذا الطلب…

وسيم عبد الله: تمام ولكن دعني أستكمل نقطة مهمة جدًّا؟

أحمد رضوان: تفضل.

وسيم عبد الله: عندما قمت بعمل الهندسة العكسية، الخبرات المحلية الموجودة لدي لم تكن كافية، والخبراء الأجانب الذين تجاوزت أعمارهم سن 60 عامًا يقضون باقي أعمارهم في لعب الرياضة، ولكن هناك أشخاصًا منهم مستعدين أن يأتوا للعمل لمجرد أنهم يريدون أن يعملوا، فالتكاليف أقل مما تتوقع في الحصول على الخبراء.

ونحن استطعنا الوصول لهؤلاء الخبراء، ولكن هناك آخرين لا نستطيع الوصول إليهم، فأين دور الملحق التجاري الذي يرى بندًا ناقصًا يقوم بإكماله، أو حتى خبراء داخل مصر وجامعات، فأنا لو أخذت أي منتج من منتجات شركتي وذهبت به لمعهد الفلزات لإنتاج واحد آخر مماثل له ويقوم بدراسته ويخبرني بطريقة إنتاجه.

فمن يستطيع أن يوجه الأشخاص المصنعين الصغيرين لاختيار المنتج الجديد ويساعدهم في إنتاجه بطريقة صحيحة، ويسهل لهم الوصول إلى العميل؟

يجب مساعدة الشركات الصغيرة والمتوسطة على اختيار الصناعة المناسبة.. وهذا دور رئيسي للدولة

وعندما نذهب لبلد مثل غانا أو مالي أو بوركينا فاسو، في خلال شهرين يصبح لديك عمل، فالعملية ليست معقدة ونبدأ خطوة خطوة بدلًا من التحضير كدولة لمدة 3 أشهر للذهاب كوفود إلى كازاخستان أو أوزبكستان لمجرد فقط مقابلة بعض المسؤولين هناك.

فأين العمل والعميل الذي التقيت به واطلع على منتجاتنا وطلب عرض سعر وتم تقديمه وقام بعمل طلبية؟ فهذه القصة تحتاج إلى تدريب لكوادر الدولة للقيام بهذا الدور.

هل أنا كدولة لا أستطيع أن أخبر كل ملحق تجاري لتقديم قائمة بـ5 منتجات تحتاج إليها السوق، وكل شهرين يقوم بتقديم منتجين للعمل عليهم، وبعدها تتم مطالبة بتقديم قائمة بالمستوردين لهذه المنتجات، وبعدها تقوم وزارة الصناعة بالذهاب للمصانع لمعرفة قدراتها على إنتاج هذه المنتجات، ويتم عمل رابط مع مستوردي هذه المنتجات، وبعدها يتم التواصل مع شركة مصر للطيران.

أفريكسيم بنك يقدم حلولًا تمويلية مهمة للمصدرين ولكن الكثيرين لا يعرفون هذه الأدوات

وهل هناك أحد ذهب للمصنعين ليخبرهم أن هناك بنكًا في القاهرة اسمه أفريكسيم بنك يقوم بتمويل العمليات التجارية، واليوم بلد مثل غانا تعاني من مشكلة عملة مثلنا، أفريكسيم بنك يقوم بمساعدتك ويضمن لك فاتورتك، فهناك أدوات متاحة ولكنها لا تصل إلى المصنعين.

أحمد رضوان: هل تحصل دعم الصادرات بصعوبة؟

وسيم عبد الله: الدولة نفذت الجزء الصعب، وتقوم بتوفير العملة أو المخصصات المالية للموضوع، والطبيعي من المفترض أنني قمت بالتصدير وحصلت على فاتورة التصدير، وشملت الفاتورة أو ما يفيد أنني حصلت على أموال يتم بعدها الحصول على الدعم في خلال شهر.

ولكن المنظومة التي تعمل اليوم هي تقديم ملفات فقط وبعد 4 أو 6 أشهر تتم مراجعتها مرة واحدة بشكل لا أعلم ترتيبه، وهنا أنا لا أشكك في النزاهة إطلاقًا، هي فقط المنظومة غير واضحة إطلاقًا.

نحصل على دعم الصادرات بصعوبة رغم توفير الدولة المخصصات المالية اللازمة للدعم

وبالنسبة لنا تم ما ذكره المهندس مجدي وأخبرناهم بتسديد قيمة الكهرباء والغاز المستحقة علينا، وتم الاتفاق على تسديد الغاز والكهرباء ومنذ شهر 7 حتى الآن لم يقوموا بالتسديد، ولو تم إعطاء المال لتسديد الكهرباء والغاز وفي حال عدم السداد لم يتم إعطاء الدعم الذي يليه لقمت بالسداد من وقتها.

vv متوسط فترة سداد الدعم حاليًا تصل إلى عام ونصف، وكانت قبل ذلك 3 سنوات ونصف، وأنا كنت في وقت ما جزءًا من صنع القرار، وأعلم ماذا يدور في الكواليس.

التزامات الدولة تجاه المصدرين تنقسم إلى قسمين، أحدهما هو رد ضريبة لكل ما هو مستلزمات محلية، وأنا شخصيًّا رغم تواصلي مع الحكومة لم أحصل على الدعم منذ 4 سنوات، وكانت هناك تعليمات بعدم نزول لجان المتابعة حتى لا تلتزم بالسداد، وتصبح الأموال في حوزة الحكومة لأطول فترة ممكنة.

طلبنا تسوية مستحقاتنا من دعم الصادرات بالتزاماتنا تجاه الكهرباء وتم الاتفاق على ذلك ولكن لم يقوموا بالسداد

المتوسط السريع لصرف الدعم حاليًا أصبح عامًا ونصف، ويتم الصرف بعد خصم نسبة 15% رسوم دفع معجل.

أحمد رضوان : هل ما تقوم بوضعه في حساباتك من قيمة دعم الصادرات هو ما تحصل عليه بالفعل؟

وسيم عبد الله : وفقًا لآخر مرة.. نعم.

أحمد رضوان: وما هي نسبته؟

وسيم عبد الله: ما حدث هو شيء مدهش بالنسبة لي، فمن أجل الحفاظ على حق الدولة لم تقم الحكومة بسداد مستحقاتي من قيمة رد أعباء التصدير أو سداد التزاماتي نيابة عني لصالح الجهات الأخرى، مثل شركتي الكهرباء والغاز الطبيعي، في المقابل واجهت مشكلة عدم سداد فاتورة الكهرباء منذ شهر يوليو الماضي، بالرغم من تنازلي عن جزء من المستحقات، وفي حال سداد قيمتها ستكون تكلفتها مضاعفة.

أحمد رضوان: معنى ذلك أن حساباتك لقيمة دعم الصادرات تطابقت مع المبالغ المستحقة بالفعل، والتي تم الاتفاق على توجيهها لسداد الالتزامات الأخرى من كهرباء وغاز وغيرها.. ولكن لم يتم التنفيذ؟

وسيم عبد الله: بالفعل.. وأعاني حاليًا من مشاكل جراء عدم الالتزام بسداد قيمة دعم الصادرات، علمًا بإلغاء نسبة الخصم المقدرة بـ 15% وهو أمر جيد.

أحمد رضوان: عند الاتفاق على سداد التزاماتك نيابة عنك هل حصلت على إيصال أو ما يفيد بذلك؟

وسيم عبد الله : لا.. فهم رفضوا منحي خطابًا موجهًا لشركة الكهرباء يفيد بسدادهم تكلفة الكهرباء نيابة عني أو حتى رقم الائتمان.

مجدي طلبة: حينما شرعنا في وضع فلسفة دعم الصادرات منذ 3 سنوات أخذنا في الاعتبار تكلفة الأراضي داخل المنطقة الحرة وخارجها، وكان يجب تحقيق العدالة في ذلك، خاصة أن العميل الخارجي يتعامل مع نحو 5 مصانع سواء داخل المنطقة الحرة أو خارجها.

مجدي طلبة: متوسط فترة سداد دعم الصادرات يصل إلى عام ونصف.. ثم يتم خصم نسبة 15% كسداد معجل

وتم الاتفاق على منح مصانع المناطق الحرة دعمًا للصادرات بنسبة 50% رغم عدم التزامها بسداد ضرائب أو جمارك وتمتعها بامتيازات أخرى متعددة، وبعد أحداث 25 يناير 2011 زادت تلك النسبة لتصبح 75%.

وعند عودتي للعمل العام في 2019 وبعد مناقشات حادة مع العديد من الأطراف، وتحقيقًا لمبدأ العدالة توصلنا إلى أن النسبة العادلة لدعم صادرات مصانع المناطق الحرة هي 50%، وبعد خروجي من العمل العام بأسبوع واحد تمت إعادة تلك النسبة مرة أخرى لتصبح 75%، وبصرف النظر عن عدالة النسبة من عدمها، فإن السياسات الاقتصادية السليمة لا يجب أن تدار هكذا.

وسيم عبد الله: هناك مشكلة أخرى تواجه المصدرين، والذي يمثل التصدير نسبة 80% من دخلهم، وهي سحب نسبة كبيرة من السيولة المالية شهريًّا كرصيد لدى الدولة من أجل سداد ضريبة القيمة المضافة، ورغم التحديات في اعتماد ذلك الرصيد، لا يتم سداد الالتزامات المفروضة على المصدر، ويظل هذا الرصيد مؤجل الدفع لأجل غير مسمى، إلى أن تظهر مستحقات ضريبية أخرى وخلافه.

مشكلة أخرى تواجه المصدرين تتعلق بالقيمة المضافة التي يتم سدادها ولا يتم ردها بسهولة

وهذا أمر صعب عليّ كمصدر، ويدفعني إلى الاتجاه لبيع منتجاتي في السوق المحلية من أجل الاستفادة من رد نسبة الـ 14% المخصصة لضريبة القيمة المضافة.

مجدي طلبة: يجب أن ترسل الوزارة لجنة الفحص حتى تتمكن من رد تلك النسبة، وهو ما لا يحدث.

وسيم عبد الله: للأسف أولوية اللجنة في تحديد قيمة الالتزامات المفروضة على المصدر، وليس صرف المبالغ المستحقة.

أحمد رضوان: هل من الممكن طلب لجان للفحص؟

وسيم عبد الله: المشكلة ليست في لجان الفحص، وإنما في فترة رد الأعباء، والتي تصل إلى 5 سنوات على الأقل.

رغم كل المعوقات التي يعاني منها المصدر، إلا أنه إذا كان هناك مصدرون مؤهلون للوصول إلى الأسواق الخارجية بدعم من الدولة سيكون حالهم أفضل، وتختفي حينها كل المشاكل بشكل تدريجي، مع تدفق الموارد الدولارية لصالح الشركات المصدرة وبالتالي زيادة حصيلة الدولة من النقد الأجنبي بفضل الانتظام في عمليات الإنتاج والتصدير.

حال وجود شركات مؤهلة يمكن مساعدتها للوصول إلى الأسواق الخارجية من السهل حل مشكلة الدولار

الشركات تواجه صعوبات في الحصول على حل متكامل لجميع الأزمات عبر خطوة واحدة.

أحمد رضوان: بالتأكيد لا ننتظر الحصول على حل متكامل، ولكننا نضع أيدينا على بعض النقاط التي من الممكن حلها.. ما رأيك؟

وسيم عبد الله: أنا كمصدر لدي قناعة بأنه في ظل ظروف مصر الحالية والجهود المبذولة لدعم المصدرين، وإن شاب ذلك بعض القصور، فلدينا وضع مميز لزيادة معدلات التصدير وحل أزمة نقص موارد النقد الأجنبي من خلال خطوات سريعة.

الحلول طويلة الأمد مثل المشروعات الصناعية التي يتم تنفيذها حاليًا بغرض التصدير، أرى أنها ستحقق عائدًا، ولكن على المدى الطويل، وأنا أتحدث وفقًا لرؤيتي وتجربتي الشخصية للأوضاع الحالية.

كيف يتم السماح بتصدير الخردة في ظل الرهان على الصناعة المحلية؟

أنا كرجل مصدر وضعي أفضل نسبيًّا رغم معاناتي من مشاكل أخرى، ومنها على سبيل المثال ليس هناك تفسير لسماح الدولة بتصدير الخردة للخارج، في ظل أزمة نقص المواد الخام عالميًّا، من أجل الحصول على عائد شهري بقيمة مليون دولار فقط، في حين أستطيع تصدير منتجات أخرى تحقق عوائد بقيم تصل إلى 5 ملايين دولار شهريًّا.

هذه الخطوة تستهدف الدولة من خلالها توفير موارد للنقد الأجنبي، في حين أنها إذا منحت المصدر مهلة لمدة عامين لإنتاج وتصدير منتجات أخرى فسيحقق عائدًا أكبر من ذلك، مع الحفاظ على مخزون البلاد من المواد الخام، وهناك دول متأخرة عنا كثيرًا ترفض تصدير الخردة للخارج رغم عدم امتلاكها مقومات صناعية، حيث تقوم بادخار الخردة لاستخدامها في دعم صناعتها المحلية حال الاحتياج إليها.

لدينا مشكلة أخرى متمثلة في التعليم المهني، شركتي تحولت إلى مدرسة فقط تقوم بتدريب مجموعة من الطلاب وإكسابهم المهارات والتدريب اللازمة، وبعد فترة يتركون الشركة بحثًا عن فرصة عمل في مكان آخر دون الاستفادة منهم، وأضطر إلى تدريب مجموعة أخرى من البداية، ما يكبدنا أعباء ضخمة على الطاقة الإنتاجية.

مدرسة مبارك كول هي الوحيدة القادرة على تخريج عمالة فنية مدربة، ولكنها لا تستطيع تلبية احتياجات كل المصانع، المشكلة أن دولة بحجم مصر بكل ما تمتلكه من كفاءات في الجامعات والمعاهد غير قادرة على توفير العمالة الفنية المدربة لجميع القطاعات الصناعية خلال مدة تصل إلى 6 أشهر لتشغيلهم في المصانع.

مجدي طلبة: هذا أمر مهم للغاية، لأن مصر تعد الدولة الوحيدة من مجموعة الدول التي تصبو إلى تحقيق زيادة في معدل النمو، لا يوجد لديها ربط بين التعليم وسوق العمل والصناعة.

رضوى إبراهيم: سؤالي للمهندس عبد الله محجوب.. ما هي الحوافز التي يتطلبها مجالكم.. وما هي أبرز المشاكل التي تواجهكم في بيئة الاستثمار بمصر؟

عبد الله محجوب: لدينا حلول لجميع المشاكل التي تواجه قطاع الصناعة، إلا أن اتخاذ القرارات مقتصر فقط على الاستشاريين ورؤساء الجامعات وهذا ليس أمرًا سيئًا، ويجب أن تكون هناك مشاركة فعالة لأعضاء القطاع الذين يواجهون الظروف والمشكلات اليومية، خاصةً أنهم على دراية كاملة بالاحتياجات والفرص المتاحة.

المهندس عبد الله محجوب نائب رئيس مجلس إدارة شركة سولار أنستالر

عبد الله محجوب: يجب الاستعانة بلجان حكماء من المتخصصين والممارسين لوضع الخطط الصناعية

وليس بالضرورة تقلدهم مناصب تنفيذية، ويمكن الاستعانة بهم عبر تشكيل لجان من الحكماء بكل قطاع صناعي، يكون لهم رأي استشاري في القرارت المتخذة وفقًا لاحتياجات ومتطلبات كل تخصص.

هناك إجراءات حال تطبيقها ستساعد القطاع الصناعي على توفير إيرادات بمليارات الدولارات خلال مدى قصير، على سبيل المثال عمليات إدراة المخلفات التكنولوجية سواء كانت طاقة شمسية أو أجهزة كمبيوتر أو السيرفرات وما شابه، نستطيع فصل مكوناتها من المعادن كالقصدير والفضة والنحاس وغيرها، والعمل على إعادة تسويق كل مكون على حدة كخردة، ما يوفر قيمة مضافة لكل عنصر.

لدينا مدافن بها مخلفات خامات مهمة جدًّا يمكن الاستعانة بها في الصناعة

هناك عناصر من السيليكا النقية أو البوردة ذات الطبقات المتعددة أو المواد البلاستيكية وغيرها من المكونات التي تصنف ضمن المخلفات الصلبة، يتم دفنها وعدم الاستفادة من إعادة تدويرها بحجة الحفاظ على البيئة، ونحن لدينا مدافن تضم تريليونات من المكونات، نستطيع استخراجها والعمل على إعادة استغلالها من خلال مصانع متخصصة لتدوير النفايات الإلكترونية واستخدامها بالطرق الصحيحة وبيعها كخردة، ما يوفر موردًا هائلًا للنقد الأجنبي على المدى القصير.

نسعى للاستفادة من هذه الخامات ولكن الموظفين يرون أن القانون يلزم بدفنها

قرار إعادة تدوير المخلفات الإلكترونية يستطيع المسؤولون اتخاذه بسهولة، خاصةً أن دفن المكونات البلاستيكية غير سليم من الناحية البيئية، كما أن المخلفات الإلكترونية الصلبة لا تصنف ضمن المخلفات البلاستيكية، بل هي عبارة عن أشباه موصلات أو شرائح أو السيليكا النقية، ولا يوجد اهتمام بإعادة تدويرها والاستفادة منها مع استمرار عمليات دفنها، وهذا نتاج أبحاث قديمة منذ 50 عامًا ولا تزال مطبقة حتى الآن.

مجدي طلبة: لدي تعليق على ما سبق، هناك اتجاه عالمي في قطاع الملابس والمنسوجات نحو إعادة تدوير المواد، ولدينا تعليمات من الشركات العالمية في الخارج بأنه خلال 5 سنوات إن لم تكن هناك نسبة تتراوح بين 20 و25 % من صادراتنا بمواد معاد تدويرها سيتم وقف تصدير المصنع.

وسيم عبد الله: المسؤولون في مصر متفهمون للحلول التي يتم طرحها من قبل المتخصصين، المشكلة الحقيقية تكمن في ترجمة ذلك على أرض الواقع.

من وجهة نظري، أنه لا توجد رؤية لمن يستطيع امتلاك زمام المبادرة لإقامة شركات متخصصة في عمليات إعادة تدوير المخلفات والاستفادة منها، هل الحكومة من ستقوم بإنشاء شركات تقوم بهذا الدور، أم تطرح هذه الفرصة على القطاع الخاص مع منحه عددًا من الامتيازات وإطارًا تشريعيًّا للتنفيذ.. ما تصور المهندس عبد الله في هذا الأمر؟ وكيف يمكن خلال شهر البدء في استخراج المخلفات التكنولوجية وإعادة تدوير مكوناتها والاستفادة منها؟

مشكلة في ثقافة التعامل مع العمالة الفنية على أنها أقل اجتماعيًّا من حملة المؤهلات العليا

عبد الله محجوب: في كل أماكن المخلفات العمومية هناك جزء مخصص لمخلفات البلاستيك المستخرجة من الأجهزة الإلكترونية بعد فرزها ودفنها بعيدًا عن باقي المخلفات الأخرى، وهناك جهات مسؤولة عن استخراج تلك المخلفات، هي وزارة التجارة والصناعة بالتعاون مع وزارة البيئة ممثلة في جهاز شؤون البيئة، بالإضافة إلى الهيئة العامة للاستثمار، تستطيع وضع برامج للشركات الصغيرة لاستخراج تلك المخلفات وفرزها وتسليمها للجهات المختصة التي ستقوم بدعم هذه العمليات.

أحمد رضوان: هل هناك جهات أخرى تقدمت بهذا المشروع في صورة مقترح؟

عبدالله محجوب: الفكرة في صعوبة مخاطبة عقول تعودت على موروث قديم، وهو دفن المخلفات الصلبة والبلاستيكية وعدم الاستفادة منها وفقًا للقانون، رغم أن تلك المدافن تحتوي على ثروات ضخمة، ولكنها بحاجة إلى من يستخرجها ويعيد تدويرها، وفي هذه الحالة ستحقق مكاسب هائلة من ذلك.

الجزء الثاني من صالون توطين الصناعة في العدد المقبل من جريدة حابي

الرابط المختصر