في اللقاء الثامن عشر من صالون حابي.. حوار في الوقت المناسب مع رئيس هيئة الاستثمار _ الجزء الأول

تهيئة المناخ الجاذب للاستثمار تتطلب أولا التعامل مع التحديات الموجودة بصورة جذرية

في حوار استمر قُرابة الساعتين.. استضاف «صالون حابي» في لقائه الثامن عشر، حسام هيبة الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة، شهد الجزء الأول منه مناقشة مختلف التحديات التي يمر بها مجتمع الأعمال في مصر، فيما دارت محاور الجزء الثاني حول الفرص والحوافز التي تعمل عليها الهيئة.

اضغط لمشاهدة اللقاء كاملا

E-Bank

اللقاء شهد الكشف عن مستهدفات هيئة الاستثمار وتفاصيل وسياسة خطط التحفيز التي تعمل عليها، إلى جانب مستهدفات الاستثمار المحلي والأجنبي.

أحمد رضوان: بسم الله الرحمن الرحيم، أهلًا وسهلًا بحضراتكم في لقاء جديد من “صالون حابي”، يشرفنا اليوم في اللقاء الثامن عشر الأستاذ حسام هيبة، الرئيس التنفيذي للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة.

نتمنى أن يكون حوار اليوم مليئًا بالأخبار التي ينتظرها القطاع الخاص تحديدًا، فيما يتعلق بملف الحوافز وتسهيل ممارسة الأعمال وإلقاء الضوء على الجهود التي تبذلها الهيئة العامة للاستثمار حول مشكلة الدولار، في إطار حل وتسهيل مشاكل المستثمرين فيما يتعلق بالنقد الأجنبي.

تابعنا على | Linkedin | instagram

دعنا نبدأ حوارنا بنظرة عامة.. ما تقييم مناخ الاستثمار من وجهة نظر هيئة الاستثمار؟ وما الفرص والمشاكل التي تراها في مصر وفقا لما تتلقاه الهيئة من المستثمرين؟

حسام هيبة: هيئة الاستثمار والمناطق الحرة هي المنوطة بوضع سياسات وإستراتيجيات الاستثمار في مصر، وتحصل على موافقاتها من خلال مجلس الوزراء والمجلس الأعلى للاستثمار.

وبالطبع حتى تستطيع تهيئة المناخ الجاذب للاستثمار لا بد أولا من التعامل مع التحديات الموجودة، ما يتطلب تكوين تصور أو معرفة بمسببات هذه التحديات ومْن أين جاءت، حتى يتم التعامل معها بشكل جذري وليس إعطاء مسكنات.

حسام هيبة الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة

قبل سنوات وعلى مدار فترة طويلة كان التعامل على حل المشاكل بأسلوب “المُسكِّنات”

لأنه لو جاز لنا التعبير للقول إنه في أوقات وحقب كثيرة جدًّا على مدار سنوات وعقود طويلة قد تتخطى 5 – 6 عقود، كانت الحلول الاقتصادية عبارة عن “حل الأسبرين”، وفقا لما يطلق عليها، بمعنى حل العرَض ولكن لا يتم حل المرض نفسه.

أما الفترة الماضية فكانت فيها مكاشفة لهذا الموضوع، وقد بدأ ذلك منذ عام 2015، عندما قررت الحكومة المصرية اللجوء إلى برنامج إصلاح اقتصادي متكامل يهدف إلى إعادة هيكلة شكل الاقتصاد المصري مع إعطائه هوية.

برنامج الإصلاح الاقتصادي المتكامل استهدف بناء هوية واضحة للاقتصاد المصري

نظرًا لأنه في وقت ما كنا نسمع أن مصر دولة اشتراكية، ثم بات يُقال إنها رأسمالية أو ما أطلق عليه الانفتاح الاقتصادي في هذا التوقيت، ثم تحولت إلى الرأسمالية الوطنية، وكنت أول مرة أسمع هذا التعبير منذ أواخر الثمانينيات وأوائل التسعينيات.

ثم توجهنا بقوة إلى القطاع الخاص وانفتاح الاقتصاد المصري في الألفينات، وبعد ذلك حدث تغير جذري في أمور كثيرة عام 2011، ومن ضمنها تأثير هذه الأحداث على الاقتصاد سواء أكانت سلبية أم إيجابية، إلا أنها كانت لها آثار إيجابية عديدة.

الفترة من 2011 وحتى 2015 فتحت مجالًا ومنحت فرصة لإعادة النظر في هيكل الاقتصاد

وأُشير إلى أن هذه الفترة لم تستمر طويلا، حتى عام 2015، لكنها فتحت مجالًا لإعادة النظر في هيكل الاقتصاد الوطني، إذ أجدها فرصة في خضم التغييرات لتحقيق هذا الهدف.

وكان التصور لإعادة هيكلة الاقتصاد عام 2015 مبنيًّا على بدء اللجوء إلى آليات السوق، والخروج عن المسلمات التي كانت لا يتم الحديث عنها ومواجهتها، كالتعامل مع منظومة الدعم على سبيل المثال، والنقد الأجنبي وكيفية إدارة هذه العملية والسياسة النقدية.

أيضًا الدور الحقيقي الذي تلعبه الحكومة والقطاع الخاص وأستطيع تعريفه بشكل واضح، وهكذا تم التعامل بهذه الطريقة، ولكن إذا تحدثنا بشكل علمي، فعادةً الدول تحتاج لسنوات طويلة حتى يتم الوصول لهذا الهدف، في المقابل مصر كانت لا تملك رفاهية الوقت.

برنامج الإصلاح منح فرصة للتعامل مع آليات السوق وملفات مثل الدعم وسعر الصرف ودور القطاع الخاص

وبالفعل حدث التغير وكانت هناك تصورات وبدأنا نعمل على هذا الأساس، وصدرت قرارات للعمل على رفع الدعم عن الوقود والطاقة، ودخول منظومة أخرى لوصول الدعم إلى مستحقيه.

وبالطبع حدثت مشاكل كثيرة جدا عند دخول منطومة الدعم الجديدة، نتيجة بدء الغوص في مشاكل تعتبر جذروها عميقة للغاية دون التمهيد لها بشكل مناسب، ولكن الضرورة كانت تقتضي ذلك، لأن التمهيد سيفاقم المشكلة، أي كلما كانت هناك زيادة في الدعم، سيكون هناك ضغط إضافي على الموازنة العامة.

كان لا بد من صناعة مصادر دخل متعددة للدولة بخلاف الضرائب والرسوم.. سواء بالنسبة للأفراد أو الشركات

أما النقطة الثانية المهمة، فلا بد من إيجاد مصادر دخل للحكومة خارج منظومة الضرائب، نظرا لأن الجميع يعاني أعباءها، وليس المقصود هنا نسبة 22.5%، وإنما تعدد الأوجه المختلفة للضرائب والرسوم سواء على مستوى الفرد أو الأنشطة الاقتصادية.

وبالتالي فالمسؤول عن تعدد الضرائب لا يضعها بغرض الإزعاج، وإنما لعدم توافر أي حلول أخرى في هذا التوقيت، مع تواجد مشكلة لا بد من حلها.

وأُشدد هنا على أنه كان من الضروري إعادة هيكلة ملف الضرائب، بجانب أهمية إيجاد مصادر دخل متعددة للدولة، أستطيع من خلالها تخفيف ضغط المنظومة الضريبية، التي حدث بها تضخم بشكل كبير.

وعندما بدأت الدولة تتجه لهذا الاتجاه، من خلال الاستعانة بمؤسسات دولية، بجانب اتفاق صندوق النقد الدولي لمساعدة مصر في هذا الإطار، فالمشاكل الاقتصادية حينها كانت غير حرجة مثلما هي في الوضع الحالي.

وبالفعل بدأت مصر اتخاذ إجراءات من خلال تحريرها سعر الجنيه المصري، وشرعت المنظومة في عملها وحققت نتائج إيجابية جدا، بدليل أن الدولة أصبحت محط أنظار العالم كله، كما اختلفت نظرته لها مدفوعة بقدرتها على الخروج من الأزمة الاقتصادية الناتجة عن عام 2011.

عندما بدأت نتائج الإصلاح الاقتصادي الظهور والخروج من تداعيات 2011 حدثت مشكلة جائحة كورونا

ثم حدثت بعد ذلك مشكلة كبيرة جدا، وهي كوفيد، فهو بالنسبة لأُناس كثيرين بمثابة فترة غيرت من شكل ووضع الاقتصاد العالمي، فأنا أسرد هذا الحديث لأنه مهم جدا في تحديد تاريخ المشكلة ليتم البناء عليه بعد ذلك.

فعندما دخلت جائحة كوفيد في منظومة الاقتصاد العالمي، لماذا الاقتصاد العالمي؟ لأن مصر قررت تحرير اقتصادها منذ عام 2015، مع السماح بدخول استثمارات أجنبية كثيرة مع تعديل القوانين وصدور قانون الاستثمار في عام 2017، فكل هذا كان لتشجيع الاستثمار الأجنبي والمحلي، وبالطبع المحلي قبل الأجنبي، لزيادة عجلة النمو الاقتصادي.

تداعيات كوفيد كانت شديدة التأثير على المستوى العالمي ومن ثم المحلي الذي راهن على العالم الخارجي

وبالتزامن مع عمل مصر على هذا المنوال لجذب العالم الخارجي، تعرض الاقتصاد العالمي للإغلاق جراء الجائحة، في حين أن مصر كانت قد بدأت العمل في خطط تنمية وما إلى ذلك، فكان من الصعب تحديد موقفها حول هل ستقف أو ستكمل أو ما التصرف الصحيح، نظرا لأنه قرار ليس سهلا وغير مختص بفرد واحد.

وفي الحقيقة الدولة بدأت تفكر بطريقة مختلفة ومغايرة للطرق التقليدية الخاصة بها وهي الحيطة والحذر، لتأخذ مصر قرارا بالاستمرار في خطتها، لأنه حال عدم اكتمالها كانت ستبقى الدولة في مكانتها نفسها وقد تكون أسوأ.

الدولة راهنت على إدارة الاقتصاد خلال كورونا بعيدًا عن مبدأ الحيطة والحذر وقررت الحفاظ على دوران عجلة الاقتصاد

واتُخذ قرار جريء جدا، هو عدم غلق الاقتصاد الوطني بحيث يتم العمل مع اتخاذ الإجراءات الاحترازية، وهناك أناس كثيرون اعترضوا على ذلك، لتدفع بأن الإنسان المصري ليست له قيمة، وأرى أن هذا الحديث غير صحيح، وما بعد كوفيد قد أثبت ذلك، بأن هذا الموضوع كان لا يحتاج إلى هذا الإجراء الشديد الذي طُبق في دول كثيرة جدا.

وعاود عدد من بين هذه الدول العمل مرة أخرى، بداية من عام 2023، فأغلب دول شرق آسيا بدأت تعمل فعليا منذ مطلع العام الماضي، أي أغلقت 3 سنوات، لتتأثر اقتصاديا بشكل كبير، كما أثرت على الاقتصاد العالمي بالتأكيد، لأنها المورد الرئيسي لسلاسل الإمداد للأسواق الأوروبية.

في حين أن مصر كانت من المفترض أن تستقطب الاستثمارات من أوروبا وآسيا، ومع الإغلاق الاقتصادي تبددت الاستثمارات وأصبحت المواد الخام والمنتج التام لا ينتجان، في وقت كانت تبدأ فيه مصر وضع اللمسات الأولى لجذب الاستثمارات إليها، لتقليل الفاتورة الاستيرادية والضغوط الأخرى.

تأكدنا بعد الجائحة من أن قرار عدم الإغلاق كان صائبًا.. لكن تواصل انغلاق بعض الاقتصادات المهمة لمصر وراء استمرار التداعيات

ومن انعكاسات تداعيات الإغلاق الاقتصادي الأخرى، باتت هناك ندرة في حجم المعروض، ما تسبب في ارتفاع الأسعار وتكلفة الاستيراد، أي أصبح التضخم مستوردًا، وهو ما مارس ضغوطًا متزايدة، لأن قيمة الجنيه المصري مقوم بعجز الميزان التجاري، وما زال هناك عجز كبير في الميزان التجاري.

وبالتأكيد فذلك عمّق من حدة الضغوط بشكل كبير للغاية، إضافة إلى تأثير التضخم الداخلي، وكلما ارتفعت معدلات التضخم زودت الضغوط على مستوى المعيشة وتكلفة الاستثمار والتمويل، فكل هذه التداعيات نتيجة الإغلاق الاقتصادي.

مصر سعت لاستقطاب استثمارات ومواد خام من آسيا وأوروبا ما زاد الضغوط على النقد الأجنبي جراء الإغلاقات الخارجية وارتفاع فاتورة الاستيراد

وعند بدء العمل على معالجة هذه التداعيات، وجدنا أنفسنا أمام حرب في أوروبا، ما زود صعوبة اتخاذ الإجراءات، بجانب أن هذه الحرب في منطقة مهمة جدا بالنسبة لمصر، كونها المورد الرئيسي للمواد الغذائية الأساسية كالحبوب وتحديدا القمح، إذ تستورد مصر نحو 25% تقريبا من احتياجاتها للقمح عبر ذه الدول.

يأتي ذلك إضافة إلى أن مصر كانت تستورد احتياجاتها بعقود نظام دفع مريحة جدًّا، أما اليوم فتوقف كل ذلك تمامًا، ما دفعها للاستيراد من الأسواق العالمية التي تبيع بأسعار أعلى من الموجودة، مع غياب تعاقدات طويلة الأجل تضمن توفير أسعار جيدة، ما تسبب في زيادة شديدة وسريعة في مؤشر التضخم، نتيجة ارتفاع أسعار الغذاء.

بعد عبور جائحة كورونا اشتعلت الحرب بين روسيا وأوكرانيا المورد الأساسي لاستيراد الحبوب

كل ذلك حدث في الفترة نفسها وبأوقات سريعة، وشكّل ذلك ضغطًا في ظل أنك ما زلت غير متعافَى، وبالكاد بدأت أولى الخطوات في طريق التعافي.

في المنتصف أيضًا نواجه صعوبة في اتخاذ القرار الخاص بالاستمرار أو التوقف، ففي النهاية الدرس المستفاد هو عدم انتقاد القرار من دون النظر إلى ملامح وظروف الحقبة وقتها وأمتلك كل المعطيات، التي تمكني من الحكم عليه.

الأزمة الروسية الأوكرانية دفعت مصر للبحث عن أسواق أكثر تكلفة ما انعكس على مؤشرات التضخم محليًا

في ظل كل هذه التداعيات، ما نظرة مجتمع الأعمال إلى مصر.

حسام هيبة الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة في حوار مع حابي

أحمد رضوان: هل نتحدث هنا عن المجتمع المحلي أو الخارجي؟

حسام هيبة: كلاهما، ما نظرتهم، وهنا كان لا بد من النظر إلى معطياتي، وما سوق العمل الخاص بمصر، كسوق وتشريعات وإجراءات وهيئات وظيفتها تقديم هذه الخدمات.

مجتمع الأعمال ينظر للسوق المصرية على أنها ضخمة وزاخرة بالموارد وتتمتع بسيولة عالية وبيئة عمل تشريعية وتكنولوجية جيدة

لا يوجد خلاف على السوق، فهي قوية وكبيرة، فمهما تكاثرت الأقوال عن قلة موارد مصر وهذا تصنيف أعترض عليه، فنحن نمتلك موارد كثيرة ولكن علامة الاستفهام تدور حول استغلال وإدارة هذه الموارد.

البشر، من ضمن هذه الموارد، فهم يعدون أحد الموارد الطبيعية القوية ونطلق عليه المورد البشري، والسوق متوافرة، والسؤال هنا هل تتوافر الأموال والإجابة نعم يوجد وبكثرة، ولكن ليست لدى الحكومة، بينما في السوق والناس.

التحديات تكمن في التطبيق العملي للحوافز والتفسيرات والإجراءات الخاصة بالتشريعات

وهنا سيُطرح سؤال أين هذا؟ وأؤكد وجود أموال في السوق وبكثرة، بدليل أن البنوك تمتلك سيولة لا تعلم كيف تستغلها بالشكل الأمثل.

لدي بيئة عمل تشريعية كقانون، أمتلك قانون استثمار له ما له وعليه ما عليه، ولكن مجمله أن هناك حوافز، ويؤكد توفير بيئة ومناخ استثمار مهم وجيد جدا، مع التأكيد على ضرورة العمل إلكترونيا، ولكن كيف يسير التطبيق؟ هذا هو التحدي.

هناك إجراءات وتفسيرات للقانون، ما طبيعتها؟ وهذا يعد تحديا أكبر، ولدي أنشطة مختلفة، فدائما ما نتحدث عن أن مصر تمتلك زراعة وسياحة وقناة السويس وأيضا الصناعة والتي عادة ما يصفها البعض بأنها ما زالت وليدة، وأنا لا أرى هذا.

مصر حاليًا مركز إقليمي لصناعة الأجهزة المنزلية تضم كبريات الشركات العالمية.. عكس ما يتردد من وجود أزمة في الصناعة

أنا لا أعلم من أين جاء هذا المفهوم، ولكنه خطأ، بدليل أننا اليوم مركز، إن لم يكن يوصف بالعالمي، فهو إقليمي لصناعة الأجهزة المنزلية، فأكبر شركات العالم في هذا المجال تمتلك مصانع هنا سواء اشترتها أو أقامتها.

أكبر شركات العالم في الأجهزة المنزلية موجودة في مصر، وتعمل وننتظر أول إنتاجها الشهر المقبل وحصلت على الرخصة الذهبية شهر مارس الماضي، وبدأت إنشاء مصنعها في أبريل، وسيكون الافتتاح في فبراير 2024.

«بيقولوا أنهم أسرع مصنع في العالم ينشأ خارج الصين هنا في مصر» فماذا يدل هذا، أمتلك أيضا صناعة سيارات، دول أخرى استغلت أن مصر في 2011 كانت تعاني هبوطا في معدلات نموها، لتحقيق تقدم.

بعض الدول استفادت من التحديات التي مرت بها مصر في 2011 وحققت تطورًا كبيرًا في مجال صناعة السيارات

اليوم، كم عدد المصنعين الموجودين؟ يتراوح عددهم ما بين خمسة أو ستة مصنعين، وخلال الشهور الماضية وُقِعت تسع اتفاقيات مع تسعة مصنعين لطرازات مختلفة.

وبالنسبة للشركات المغذية لصناعة السيارات، أكبر المؤسسات المغذية في العالم اليوم، فتحت في مصر منذ أكثر من عشر سنوات وتعمل على إنشاء مصنعها الخامس، وهناك شركات أيضا قادمة إلى مصر وبصدد افتتاحها بعد تخصيص الأرض لها وحصولها على الرخصة الذهبية، وتجرى حاليا مرحلة الإنشاءات.

مصر وقعت 9 اتفاقيات في الأشهر الستة الأخيرة مع 9 من شركات السيارات

الأسبوع المقبل سيُفتتح واحد منها في الفيوم، وحاصل على رخصة ذهبية.

حسام هيبة الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة

ياسمين منير: هل نستطيع القول إن هيئة الاستثمار رتبت المنزل من الداخل، وإن المناخ حاليا لولا الظروف الاقتصادية المحيطة فهو ملائم، ومن ثم فإن جدول أولوياتها هذه الفترة هو جذب الاستثمار فقط، وما أولويات تنفيذ هذا، هل نرتكز على قطاعات أو جنسيات بعينها، أو أن هناك أشياء أخرى تحتاج إلى ترتيب؟

حسام هيبة: أشياء عديدة تحتاج إلى ترتيب، فهذه الأمور لا يمكن إنهاؤها خلال شهر أو شهرين أو ثلاثة، لأننا نمتلك ثقافة لها جذور.

أمور عدة تحتاج إلى إعادة ترتيب من الداخل.. ومنها بعض الثقافات المتجذرة

نحن في إطار التطوير بشكل كبير سواء على مستوى الإجراءات أو التحول الرقمي وليس التكنولوجي، فكثيرا ما يرددون أني أنقل الإجراءات على الحاسب الآلي بدلا من استخدامه على الورق، وهذا ليس حقيقة الأمر، بل على العكس.

نمتلك منظومة رقمية، ولن أقدم أي خدمة إلا عن طريق ديجيتال سيستم ولها إطار وقتي ومعدلات لتقييم الأداء، حتى لا يلجأ المستثمر لأي بشر لقضاء احتياجاته، وهذا هو مفهومنا في النهاية هو تقديم الخدمة المطلوبة بشكل سريع ومن دون تعطيل من أي شيء.

نأخذ في اعتباراتنا التجارب الناجحة في البلدان الأخرى، وندرس ما إذا كانت التجربة تتواءم مع ملامح السوق هنا، وهل يمكن مواءمتها؟

نحن الآن في إطار التطوير على مستوى الإجراءات والتحول الرقمي على قدر جميع الخدمات

نعم أستطيع القول إننا نجحنا بنسبة 60% في تحقيق بيئة عمل مُثلى، نستطيع من خلالها أن تصبح مصر من أحسن بيئات العمل الجاذبة في المنطقة وأفريقيا أيضا.

بنسبة 60% وضعنا أرضية لبيئة عمل مثالية جاذبة للاستثمار مقارنة بالمنطقة وأفريقيا

يتبقي العديد من التحديات، لا بد من رفع كفاءة الكوادر الماهرة لدينا، ولكن في النهاية أرغب دائمًا في الانتقال بهم من مرحلة إلى أخرى، وهذا يستغرق وقتًا لتنفيذه، وهذا ما نعمل عليه حاليًّا.

ولإكمال المنظومة ينبغي أن تكون جميع الجهات التي نتعامل معاها على قدر من التطوير الذي يتم، وهذا موجود بالفعل لأن هذا مشروع موجود بالحكومة منذ أربع سنوات وهو التحول الرقمي للدولة.

أسعى لحصول المستثمر على جميع الخدمات إلكترونيًّا دون التعامل مع العنصر البشري

حدث تطوير كبير في عدد من قطاعات الحكومة، وما زال هناك غيرها بالانتظار، وحدث تأخير، ولكن ما زالت العملية جارية، بالطبع وُضعت خطط زمنية للانتهاء من هذا الإجراء.

حسام هيبة الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة

رضوى إبراهيم: أستاذ حسام، استعرضتَ الفترة الطويلة التي اختبرها الاقتصاد المصري، وتحدثتَ عن بعض المزايا والترتيبات التي قدمتها الحكومة، وأيضًا التحديات التي واجهتها سواء على صعيد اختصاصها الداخلى أو الدولى وانعكاساته علينا، ولكن نتحدث من وجهه نظر عضو داخل الحكومة.

دعنا نمثل الجانب الغائب عن لقائنا وهو القطاع الخاص، نود أن نلقي نظرة على بيئة الاستثمار من وجهة نظره؟

سنعود إلى جزء من سؤال أحمد رضوان، والخاص بتحديات العملة والحياد التنافسي، والتي رأينا بخصوصهما توصيات وتوجيهات من مؤسسات دولية وعلى رأسها صندوق النقد الدولي الذي تربطنا به برامج تمويل متكررة خلال السنوات الماضية.

نقطة الحياد التنافسي التي كانت تطور بالنسبة للحكومة كرد فعل على هذه التوصيات، أنها أصدرت وثيقة تعبر عن سياسة ملكيتها، وتم تحديد بعض القطاعات التي سيُتخارج منها كليا أو جزئيا، أو غيرها التي قررت الدولة الاستمرار داخلها، لأنها إستراتيجية وتحتاج إلى وجودها وزيادة استثماراتها بها.

ومع ذلك سمعنا خلال الفترة الماضية عن وجود تغييرات ما ستطرأ على هذه الوثيقة، البعض قال إنها ستخص بعض القطاعات التي ستتراجع الحكومة عن التخارج منها، وآخرون اتجهوا إلى أن عملية البيع ستتم بأشكال مختلفة، نود أن تحدثنا عن هذا الموضوع، وأرجو عدم نسيان الجزء الخاص بالعملة.

حسام هيبة: كل ما تفضلتي به هو أساسي، وأرغب في التأكيد أننا جميعا على هذه الطاولة نمثل المستثمر، لأن هذا دوري.

أؤكد أنني كهيئة استثمار أمثّل المستثمر وهذا هو دوري.. ولا أدافع عن الحكومة

أنا كهيئة الاستثمار دوري هو صوت المستثمر لدى الحكومة، فهنا عندما أتحدث لا يكون باعتباري عضوا في الحكومة ولا أتبني جبهة دفاع أو موقفًا ما للدولة.

عندما كُلفت بهذا المنصب، أول ما فعلته ذهبت بناءَ على تشاور مع بعض الزملاء والأصدقاء في القطاع الخاص، لعمل ما سميته business form، أو منتدى العمل.

في بداية تسلمي رئاسة الهيئة صنعت ما يمكن تسميته منتدى استثمار لإيجاد حلقة تواصل مع مجتمع الأعمال

ووقتها طلبت من القطاع الخاص عمل هذا المنتدى ويديره، باعتبارها مبادرة خاصه بهم، وكان هدفه خلق تواصل بين قطاع الأعمال عامة، والحكومة ممثلة في هيئة الاستثمار، لوضع التحديات الموجود لدى مجتمع الأعمال ككل والعمل على تطبيق حلولها.

نحن نعلم المشاكل والحلول والجميع يعلم ذلك، ولكن العقبة في آليات التنفيذ.

وعندما بدأنا تنفيذ هذا الأمر، كان حينها الأشخاص فاقدي الثقة، فالقطاع الخاص والمواطنون فاقدو الثقة في الحكومة، كما أن الأخيرة فاقدة الثقة في القطاع الخاص، لكنها لم تفقد الثقة أبدا في المواطنين فهي موجودة لخدمتهم.

حسام هيبة الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة

وضعنا جميع التحديات التي يواجهها مجتمع الأعمال للعمل على حلها بآليات تنفيذ واضحة

واسترجاع هذه الثقة ليست بالأمر السهل، إذ يستوجب تقديم نتائج على أرض الواقع، بجانب تغيير التوجه الخاص بنا، ويجب أن يمنحنا القطاع الخاص فرصة لتنفيذ هذا الأمر، فأي شيء سأنفذه ويلقى انتقادات وهجومًا من القطاع الخاص لن ننفذه بطبيعة الحال.

الفكرة بالكامل كانت تدور حول كيفية الجلوس بشكل موضوعي دون الدخول في تفاصيل يعلمها الجميع ولا داعي لإعادة ذكرها، وعندما بدأنا العمل على هذا الأساس اقترحوا أن تكون الجلسات مقسمة قطاعيا، ففي البداية كان هناك 15 شخصًا، والمرة الثانية شهدت حضور 35 شخصا، والثالثة امتلأت القاعة على آخرها، وكنا نسمح بحضور المزيد في المرات التالية ويكون الاجتماع في مناطق أوسع.

في بداية لقاءات المنتدى كان هناك شك في حل التحديات.. وأصبح ضروريًّا استعادة الثقة بين الحكومة ومجتمع الأعمال

وبدأنا تقسيم الأمور، إذ طالبوا بتقسيم الجلسات على قطاعات بدلا من تحدث الجميع على كل القطاعات مرة واحدة، لنقول لهم إننا مستعدون لتنفيذ أي طريقة وأسلوب ترونه مناسبا، لنبدأ تنفيذ الاجتماعات القطاعية هذه، إذ يأتي ممثلون عن القطاع، وعادة ما يحضر مجتمع الأعمال من خلال الجمعيات الممثلة لهذا المجتمع بجانب بعض الشركات الأعضاء وفقا لاختيارهم.

مع تزايد إقبال المستثمرين على المشاركة في المنتدى.. قُسِّمَت اللقاءات على أساس قطاعي يشمل حضور ممثلي الجهات المنظمة

وندعو نحن الجهات التي ستضع آليات التنفيذ للحلول، على أن نخرج من هذه الجلسات بحلول وتوقيتات وآليات تنفيذ.

اللقاءات كانت تنتهي بحلول وآليات تنفيذ وجدول زمني محدد.. واستُصدرت 22 قرارًا أغلبها ناتج عن الاجتماعات القطاعية

ياسمين منير: حضرتك تقصد جهات حكومية أخرى؟

حسام هيبة: نعم جهات حكومية مختلفة بحسب كل قطاع، وبعد تنفيذ تلك الأمور خرجنا بتوصيات واضحة يمكن تنفيذها، ومن ثم عرضت كل الأمور على رئيس مجلس الوزراء، بحيث أعرض حلول كل قطاع ومطالبه من الحوافز، لتتم الموافقة ويطلب عرضها على المجلس الأعلى للاستثمار ومن ثم إصدار 22 قرارا أغلبها صدر من تلك الاجتماعات القطاعية سواء من خلال الهيئة العامة للاستثمار أو عبر وزارات أخرى، لنخرج بمجموعة كبيرة للغاية من القرارات التي أحدثت ثورة كبيرة في طريقة تفكير وتوجه الدولة المصرية.

إلغاء جميع الإعفاءات والامتيازات للمؤسسات المملوكة للدولة أحد القرارات المهمة

أحمد رضوان: نود ذكر بعض النماذج، حيث أشعر بنبرة تفاؤل كبيرة تعلو حديث حضرتك، ونتمنى أن تكون بهذه الواقعية وتستمر معنا، لكننا نريد بعض النماذج، بأن نذكر مشكلة ما حدثت وأُصدر قرار يخص هذه المشكلة، وسأطرح نموذجًا مثل فكرة توحيد المزايا والإعفاءات ما بين قطاع الأعمال عموما بغض النظر عن الملكية بأن تكون كل الإعفاءات الموجودة في القوانين واحدة، أو توحيد المزايا الممنوحة؟

حسام هيبة: ماذا لو تم وقف كل تلك الإعفاءات من الأساس؟

أحمد رضوان: جيد للغاية، هل أُزيلت تمامًا؟

حسام هيبة: نعم تمامًا.

أحمد رضوان: من دون أي استثناءات؟

حسام هيبة: دون أي استثناءات، حيث جرت إزالة الاستثناءات وتعديل القانون وتمت الموافقة عليه ولن أنسى هذا التاريخ لتزامنه مع تاريخ مولدي، وصدر القانون بالفعل بإزالة جميع الإعفاءات والامتيازات للمؤسسات المملوكة للدولة بخلاف الأمن القومي والأمن الداخلي.

هيئة الاستثمار تضع وثيقة سياسة ملكية الدولة ضمن أهدافها فيما يتعلق برفع مساهمة القطاع الخاص في الاقتصاد

حسام هيبة الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار والمناطق الحرةفي حوار مغ حابي

أحمد رضوان: هل هذا الأمر تم تعريفه، بمعنى تحديد المشروعات التي تدخل ضمن الأمن القومي والداخلي؟

حسام هيبة: ليست هناك أي مشروعات، الحديث هنا على بعض الجهات مثل القوات المسلحة ووزارة الداخلية والأمور الخاصة بنشاطهم فقط، ولكن المشروعات الاقتصادية أُزيلت إعفاءاتها وامتيازاتها بالكامل طبقا لهذا القانون، ويسرى بالفعل حاليا، ولن يخالفه أحد، وتلك المؤسسات أكثر الملتزمين بها، فنحن في دولة قانون بالفعل.

رضوى إبراهيم: هذا الأمر جزء خاص بالحياد التنافسي، ولكن فيما تبقى من التخارجات البعيدة عن الصفقات التي تمت في البورصة هل شهدت أمورًا جديدة؟

حسام هيبة: دعيني أتحدث عن الحياد التنافسي ومن ثم الانتقال إلى التخارجات، نحن حاليا نتحدث حول الاتجاه نحو القطاع الخاص ووضعناها كإستراجية في رؤية مصر 2030، وفي وثيقة ملكية الدولة، ووضعناها في الهيئة، من ضمن أهدافنا زيادة مساهمة القطاع الخاص في الناتج القومي المصري لتصل إلى 65% بحد أدنى مستقبلا.

ولتنفيذ هذه الأمور يجب تدشين مؤسسات وجهات وأجهزة تساعد في تنفيذ هذه الأمور، وفعّلنا دور جهازي حماية المنافسة والمستهلك ويعملان بدرجة كبيرة من القوة حاليا، وحال ضبط أي شركتين تنفذان أمورًا تحمل شبهة احتكارية يتم التعامل بقوة، وكان آخرها بسبب مسألة زيادة الأسعار في الأسواق الفترة الماضية، إذ شُكلت لجنة لهذا الأمر، وكنا مشاركين فيها وبرئاسة من وزيرة التخطيط، بمشاركة كل الجهات المعنية بهذا الأمر.

جهازا حماية المنافسة والمستهلك يعملان بقوة بصفتهما مهمين لتطبيق سياسة ملكية الدولة

وأجرينا حصرًا كاملا لكل المنتجات في الأسواق ومخزونها لدى المصانع بمشاركة اتحاد الغرف واتحاد الصناعات وكل القطاع الخاص، وتوصلنا في النهاية لتلافي كل الفجوات الموجودة وكيفية التعامل معها بمشاركة جهازي حماية المنافسة والمستهلك، وعملنا على وضع قواعد وقوانين، وطالب البعض بوضع تسعيرة موحدة ليرفض جهاز حماية المنافسة هذه الفكرة من الأساس، لمخالفة قانون حماية المنافسة، وهنا يوجه حديثه لجهات تابعة للدولة.

تفعيل هذه الأجهزة مهم للغاية، فعمر هذه الأجهزة سنوات قليلة للغاية، وبمن ثم لا تتوقع أنه سيهيمن على السوق مرة واحدة، إذ يحتاج لبعض الوقت، وما أتحدث عنه هنا ليس بأن كل الأمور تسير على ما يرام، ولكن يجب أن تتفاءل في ظل وضع قواعد للحل الجذري.

لا أقول إن الدنيا وردية.. لكنّي متفائل بسبب وضع قواعد للحل الجذري لتحديات الاقتصاد

قوى السوق لا تعني ترك الجميع يعمل كما يريد، ونحن غير معتادين على هذا الأمر، فهناك أشخاص تتخيل أن وضع قانون يحكم السوق يعد من قبيل تدخل الحكومة في أعمال القطاع الخاص، بالطبع هذا الحديث غير صحيح، فيجب أن يوجد منظم للسوق وإجراءات لحماية المستهلك، ففي النهاية الحكومة يعنيها المستهلك وتجب حمايته، ومن ثم ضرورة وضع قواعد للعمل بشكل عادل.

هناك أشخاص عديدون يتحدثون عن الشركات التي تملكها القوات المسلحة، نعم هناك كيانات تملكها القوات المسلحة وأخرى تابعة لوزارة الداخلية وأجهزة سيادية، ولكن كم يبلغ عدد هذه الشركات مقارنة بالكيانات المملوكة للحكومة، ستجدها لا تمثل شيئًا.

أحمد رضوان: ماذا عن حجمها؟

حسام هيبة: أحجام الكيانات الحكومية أكبر من تلك الشركات بأضعاف، وإن كان هناك بعض الشركات أكبر من المملوكة للحكومة، ولكن هل العملية تكمن في الملكية أم إدارة، ومن ثم يجب الحديث حول تلك النقطة، بكيفية جعل القطاعات التي تملكها الدولة تدار بشكل جيد، وهو ما تحدث عنه الرئيس السيسي في مناسبات عديدة ماضية، بأن الحكومة ليست الأفضل فيما يخص عملية الإدارة، وأعلن عن رغبته في دخول القطاع الخاص.

عدد وحجم الشركات المملوكة للجهات السيادية لا يُقارن بالكيانات المملوكة للقطاع العام

وتم تفعيل دور الوحدة المركزية للمشاركة مع القطاع الخاص بوزارة المالية بعد توقفها لفترة زمنية لتعود مجددا للعمل بالشخص نفسه الذي كان يديرها لتبدأ العمل في هذا الأمر مجددا.

رضوى إبراهيم: نفهم من ذلك اكتفاء الدولة بالتخارج الإداري؟

حسام هيبة: لا، ستتخارج من بعض الشركات التي ترى عدم جدوى استمرارها في فيها كمساهم أو مالك من خلال بيعها، كما أن هناك أنشطة مثل المستشفى والمدرسة، وكما تحدثت سابقا عن الهيئة، فهناك مشروع موجود وهو منطقة استثمارية في مركز الصف أُنشئت بغرض تنفيذ استثمار يشمل مشروعات صغيرة ومتوسطة، ونتيجة الأحداث جرى تأجيله سنوات عدة.

حسام هيبة الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة

علينا مناقشة المسألة الأهم وهي كيفية إدارة الكيانات المملوكة للدولة بأسلوب القطاع الخاص في مناخ تنافسي

وعندما بدأنا في بحث تنفيذ نفس الفكرة حاليا، وجدنا تغيرا كبيرا في السوق والمنطقة نفسها، لنتخذ قرارًا بتغيير الفكرة والغرض، وبعد مباحثات مع العديد من شركات القطاع الخاص خلال العامين الماضيين، توصلنا إلى أن هذه المنطقة مؤهلة لنشاط الاستشفاء لعدة أسباب منها قربها من مياه نهر النيل وتحيطها مناطق زراعية.

قررنا تحويل منطقة استثمارية للصناعات الصغيرة والمتوسطة في مركز الصف إلى مدينة للاستشفاء بالشراكة مع القطاع الخاص عبر الإدارة

وهناك مستثمر في المجال السياحي اقترح أن يحصل على الأرض وينفذ مستشفى وتوفير خبراء من الخارج وقدم دراسة جيدة للغاية لنوضح له عدم ممانعتنا، حيث يمكن منحه الأصل لإدارته، وهو ما تم تنفيذه ووقعنا العقود معه بالفعل وحصلنا على كل الموافقات.

ياسمين منير: ما طبيعتها هل هي مجرد عقود إدارة، وما مدتها وقيمة العائد عليها؟

حسام هيبة: عقود إدارة.. هدفها تطوير المكان بما يتناسب مع المشروع وإدارته مع مشاركته في العائد من هذا المشروع.

الدولة ستتخارج من شركات لا تحتاج الاستمرار في ملكيتها.. وهناك كيانات وأنشطة ستُطرح لإدارة القطاع الخاص

ياسمين منير: هل هذه الصيغة ستكون ثابتة في مثل هذه الطروحات؟

حسام هيبة: ليست ثابتة.. لأنني لو فعلت ذلك سأكون قد ظلمت نفسي والمستثمر ومن المفترض أن تكون لدي الهيئة مرونة في نظم التعاقدات الخاصة بالإدارة.

يجب التمتع بالمرونة اللازمة للوصول إلى أفضل أسلوب للشراكة مع القطاع الخاص يناسبه ويناسب أهداف الحكومة

أستطيع تطبيق تلك الطريقة مع أحد الأصول، لكنها قد لا تتناسب مع أصل آخر، ومن ثم يتم تطبيق أسلوب التأجير للقطاع الخاص، وهناك أصل ثالث نستخدم معه نظام حق الانتفاع وأصل رابع يُقسم من خلاله العمل مع المستثمر، وكل جهة تنفذ جزءًا محددًا بنظام الشراكة، وأوفر حينها العمالة التي وافق عليها المستثمر من حيث الخبرات والكفاءة، بجانب المشاركة في التمويل لأنني أمتلك القدرة التمويلية أو توفير الخامات اللازمة للمشروع.

لا أستطيع الالتزام بإطار معين في العمل، لأنه قد لا يناسب أنشطة آخرى، والتنوع أمر مهم للغاية .

الشراكة مع القطاع الخاص تسمح للحكومة بالحصول على إيرادات متنوعة بعيدًا عن المصدر الضريبي

الشراكة بهذه الطريقة مهمة جدًا وأستطيع تطبيقها وهي مهمة من وجهة نظري الشخصية، إذ إنها توفر مصدر دخل للجهات الحكومية بما يسهم في تنوع مصادر الدخل للحكومة، بدلا من الاعتماد علي 85٪ من الإيرادات علي الحصيلة الضريبية.

وهنا نتحدث عن أزمة الثقة بين المستثمر والحكومة، وأسعى لفض الاشتباك بينهما، ولكن لا أستطيع تحقيق ذلك في الوقت الراهن لأنه لا يوجد مصدر دخل للحكومة حاليًا، فيجب أن يكون لدي الحكومة أكثر من مصدر للدخل، وهنا مربط الفرس.

الإعلان عن بيع شركات بعينها مرتبط بتحقيق حصيلة محددة.. ومن ثم الحصيلة هي الهدف

نعم سأبيع.. وليس معني إخبار المؤسسة الدولية بعمليات البيع أي شيء سوي توفير مبالغ ما لسد الفجوة التمويلية الموجودة، وفي حال توافرها بأسلوب آخر سيكون أمرا جيدا وهذا ما حدث بالفعل.

النقطة الأخرى المتعلقة بمسألة التخارج، هي موجودة بالفعل وهناك وحدة كاملة للتخارج في برنامج الطروحات موجودة لدي مكتب رئيس مجلس الوزراء، وهناك أشخاص ذوو كفاءة مسؤولون عنها، وتتعاون مع المؤسسات والجهات الدولية كافة، وتحدد الشركات التي تحتاج إلي عقود إدارة والكيانات الأخرى التي يتطلب بيعها، وليس كل الشركات الموجودة حاليًّا قابلة للبيع في الأساس.

تُحدد الشركات ذات الحاجة لعقود إدارة والأخرى التي يمكن بيعها.. وبعض الكيانات تحتاج إلى النقل من قانون إلى آخر

وهناك شركات أخرى قابلة للبيع ولكن لتنفيذ ذلك يجب نقلها من قانون إلي آخر مع إعادة هيكلة الموضوع قبل تسليمها للقطاع الخاص ويستغرق ذلك وقتًا.

ياسمين منير: أستاذ حسام، في هذه الجزئية حضرتك، ذكرت أنه تم ضمنًا تغطية جزء من الفجوة التى كنا نتحدث عنها مع صندوق النقد.. ما قيمة الاستثمارات التي دخلت.. ونسبتها من الفجوة التي أُعلن عنها؟

حسام هيبة: أُعلن عنها مسبقًا.. إذ بِعنا أصولًا بقيم تراوحت بين 5 و6 مليارات دولار، أنا هنا لا أتحدث عن الأصول كمبانٍ ولكن الملكية، وبالمناسبة كانت بعدد أقل عن الأرقام التي كانت قد طرحت من قبل، وكان الحديث دائرًا عن طرح 32 شركة، ما بيع بالفعل من 7 إلي 10 شركات فقط، وعمليات البيع كانت لحصص في شركات قيمها أعلي وبعنا كذلك حصصًا أصغر بقيم أقل.

بيع ملكيات قيمتها بين 5 و6 مليارات دولار عبر مغادرة عدد أقل من الشركات وبحصص أصغر

هذا الأمر من اختصاص الحكومة والتي من المفترض أنها هي من تقرر الاحتفاظ بالشركات التي تريد الإبقاء عليها والكيانات الأخرى التي ترغب في بيعها والنسبة المحددة.

نحن تخارجنا من الشرقية للدخان وكذلك تخارجنا بنسبة 10% من المصرية للاتصالات بقيمة اقتربت من المليار دولار بمفردها عند 900 مليون دولار.

قيمة التخارج من الشرقية للدخان بلغت أكثر من مليار دولار، إضافة إلى إعادة هيكلة ملكية 7 فنادق تابعة للدولة والتي لم تُبع، بل وضعت تحت إدارة شركة تمتلك الدولة النسبة الكبرى بها، ودخل هشام طلعت مصطفي مع تحالف إماراتي لتطوير هذه الفنادق، إذ سددوا مبلغًا للحكومة، بالإضافة إلي جزء من المبلغ الخاص بزيادة رأس المال لتطوير هذه الفنادق.

حسام هيبة الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة في حوار مغ حابي

نموذج الشراكة في الفنادق التاريخية يضمن تطويرها ورفع قيمتها ويحقق إيرادًا مستقبليًّا بجانب عائد الحصة المبيعة

هذه الخطوة جعلتنا نحقق زيادة كبيرة في قيمة الفنادق بدخول هذا التحالف، إضافة إلي أنه أصبح لدينا إيراد مستقبلي من تشغيل هذه الأصول وفي الوقت نفسه حصلنا علي الأموال نقدًا.

فكل نشاط وكل أصل أو مساهمة أبيعها، لها الهيكل الذي يناسبها وفي الوقت نفسه تمنحني الفائدة التي أرغب في الحصول عليها، ومن الممكن أن أري أنني لست بحاجة إلي محطة بنزين علي سبيل المثال، ومن ثم سأبيعها، وهذا ما يحدث حاليًّا.

الدولة استثمرت في الثروة السمكية أعقاب تداعيات يناير.. والظروف تهيأت حاليًا لدخول القطاع الخاص

وأنا حاليًا أرغب في توسع العمل بالثروة السمكية، وكدولة في فترة ما كان هناك عزوف من القطاع الخاص عن الاستثمار بعد عام 2011، وفي سبيل تحقيق الأمن الغذائي دخلت كدولة للاستثمار في هذا القطاع لحد معين، وبعد ذلك عندما تهيأت الظروف لدخول القطاع الخاص هذا الاستثمار، وأبدى رغبته في ذلك فتحنا المجال أمامه.

نعمل حاليًا على توفير الأرض اللازمة للمستثمرين بإجراءات سهلة وعبر جهة واحدة وبأساليب مختلفة

التحديات التي كنا نتحدث عنها كانت متمثلة في صعوبة تخصيص الأراضي منذ عشر سنوات وكان المستثمر يظل يبحث لفترة طويلة عن المالك الحقيقي لها، هذا الوضع أصبح غير موجود حاليًّا، فالمستثمر يذهب في الوقت الراهن إلي هيئة الاستثمار التي تتولي إجراءات ترخيص تلك الأراضي، وفي حال ما إذا كانت تابعة للقوات المسلحة يتم التواصل معهم لمعرفة ما إذا كانت قطعة الأرض التي وقع عليها الاختيار لها استخدام من عدمه، وفي حال كان الرد بعدم وجود استخدام يتم التقدم بعرض لشراء قطعة الأرض لإقامة المشروع محل الطلب، ويتم التفاوض لحين الوصول إلي صيغة توافقية للتنفيذ.

وهناك مركز موجود يسمي المركز القومي لاستخدامات أراضي الدولة تابع لمجلس الوزراء مسؤول عن نقل ملكية الأراضي طبقا للمشاريع المقدمة لكل نشاط ولكل جهة، وفي حال طلب الأراضي للمشاريع يُلجأ إلى مجلس الوزراء لنقل الملكية.

حل مشاكل الأراضي الصناعية.. ورئيس هيئة الاستثمار عضو في «التنمية الصناعية» ولجنة تخصيص الأراضي

النقطة التانية.. كانت هناك مشكلة كبيرة للحصول علي قطعة أرض لبناء مصنع ويظل المستثمر حائرًا ما بين هيئة المجتمعات والتنمية الصناعية، وكذلك المحافظة المختصة، وحاليًا تمت معالجة هذه الأمور كافة.

وأنا حاليا لدي في هيئة الاستثمار جميع الأراضي فيما عدا الأراضي الصناعية التي تتبع هيئة التنمية الصناعية، وأنا كهيئة استثمار عضو مجلس إدارة هيئة التنمية الصناعية وعضو لجنة تخصيص الأراضي الصناعية، ومن ثم فالهيئة موجودة هنا وهناك.

وتطرح الهيئة حاليًا الأراضي أقل من 10 آلاف متر من خلال الخريطة الاستثمارية الموجودة، والمستثمر الراغب في الحصول عليها يحجزها من خلال الموقع الإلكتروني للهيئة.

الأراضي دون 10 آلاف متر مربع تُطرح عبر الخريطة الاستثمارية الواقعة تحت مسؤولية هيئة الاستثمار

وخلال شهر طرحنا 800 قطعة أرض، إذ تم الانتهاء من تخصيصهًا جميعًا، وتعقد جلسة أو اثنتان في لجنة تخصيص الأراضي خلال الشهر الواحد لتخصيص من 150 إلي 200 قطعة أرض، لدرجة أن بعض المناطق الصناعية نفدت بالكامل.

وطلبنا توسعات في أكتوبر الجديدة، إذ تم تخصيص 8 آلاف فدان هناك ويتم حاليًا إدخال المرافق بها، المستثمرون بدأوا الحجز الإلكتروني، ومن أجل القضاء علي العديد من المشاكل التي كانت تحدث في السابق قسمنا مواعيد التخصيص وفقًا للتطور في إدخال المرافق.

طرح 800 قطعة أرض قبل شهر وتخصيصها بالكامل.. ونجتمع مرتين أو مرة على الأقل في لجنة تخصيص الأراضي

الأراضي الصناعية غير المستخدمة كانت تمثل مشكلة أخرى، إذ تم حصرها في مناطق كثيرة جدًّا وبدأنا تنفيذ القواعد الموجودة، في حال تخصيص الأراضي لأحد المستثمرين ولم يطورها تُسحب فورًا، خاصةً أن هناك مستمرًا آخر جادًّا يبحث عن أراضٍ لإقامة مصنع في المنطقة نفسها ولا أستطيع توفيرها.

حصر الأراضي الصناعية غير المستخدمة وإخضاعها للقواعد بهدف إتاحتها للمستثمرين الجادين

فبدأنا نعمل علي هذه الجزئية، ونثبت أن الحكومة جادة في ذلك، عكس ما كان يقال في السابق، وأن الوضع يتغير بشكل كبير وهناك عمل جاد ينفذ حاليًا علي الأرض وحتي إن لم نصل إلى المستهدف فيكفينا أننا أحدثنا تطورًا ملموسًا.

تخصيص 8000 فدان في أكتوبر الجديدة لأغراض صناعية.. وبدء عمليات الترفيق والبيع وفقًا لجدول زمني محدد

ويحب علي المستثمر مساعدتي لاستكمال مسار التطوير، خاصةً أن التطوير شمل جميع القطاعات بما فيها القيادات، ومن الملاحظ أن هناك قيادات عديدة في جهات كثيرة مختلفة شكلًا وموضوعًا عن ما كان موجودًا في السابق، معني ذلك أن هناك اتجاهًا للتطوير بشكل كبير.

الكثير من العمل يتم على الأرض.. ولن نصل لما نريده إلا بالمساعدة في التطوير وتعزيز هذا الاتجاه

رضوي إبراهيم: على مستوى الصناعة بما أن حضرتك كنت تتحدث عن الأراضي التي وجهت لهذا القطاع.. والصناعة دائمًا ستظل تقريبًا مفتاح أزماتنا لأن فاتورتنا الاستيرادية والتضخم الذي استورد مع تلك الفاتورة.. تسبب في جزء كبير جدًا من المشاكل التي يعاني منها المستثمر والمواطن العادي.. حضرتك تري أننا قدمنا للصناعة ما كان يجب أن نقدمه.. ونتمني أيضًا الحديث عن المصانع المتعثرة بعد التباطؤ أو شبه التراجع الذي حدث في المبادرات التي كان يقدمها البنك المركزي لهذه القطاعات.. حضرتك تري أن هناك استغلالًا للطاقات الكامنة في الوقت الحالي؟

حسام هيبة: حتي نغلق باب الحديث عن الطاقات غير المستغلة.. طبعًا هناك طاقات توقفت لأسباب ليس لها علاقة ببيئة العمل وإنما بالأوضاع السياسية، ومنذ عام 2011 هناك أنشطة توقفت تمامًا، وإعادة تنشيط مصنع مغلق أمر ليس بالسهل عكس ما يعتقد، لأن هناك جزءًا فنيًّا وآخر متمثلًا في إحلال مستثمر جديد محل المستثمر القديم الذي توقف بسبب الصعوبات التي عاني منها.

طاقات صناعية تعطلت جراء الأحداث السياسية منذ 2011.. وتنشيط مصنع متوقف ليس بالسهولة المتوقعة

فالمستثمر الجديد سيقيم الوضع من حيث جدوى إعادة تشغيل المصنع المتوقف أو من الأفضل له الحصول علي قطعة أرض جديدة لتأسيس مصنع من البداية.

هذا قرار خاص بالمستثمر وليس الحكومة، وأنا كدولة أستطيع مساعدة المستثمر الحالي الذي يرغب في إعادة تشغيل مصنعه مرة أخرى، وهذا حصل بالفعل وهناك صندوق أنشئ لهذا الغرض منذ فترة طويلة تابع لمركز تحديث الصناعة.

حسام هيبة الرئيس التنفيذي لهيئة الاستثمار والمناطق الحرة

قرار شراء مصنع متعثر يعود للمستثمر الجديد الراغب في الاستحواذ على مشروع قائم وليس بناء آخر جديد

ويجب علي المستثمر مساعدة نفسه أولًا وأن يمتلك القدرة لذلك ووقتها من الممكن تقديم الدعم والتمويل من هذا الصندوق، وكذلك صندوق رأسمال المخاطر، الذي يُدار بواسطة القطاع الخاص عبر كوادر علي قدر كبير من الكفاءة في الإدارة.

الصندوق بمفرده لا يستطيع تحقيق ذلك، فيجب أن يمتلك المستثمر القدرة علي إعادة هيكلة وتشغيل مصنعه، وهناك العديد من المستثمرين لم يمتلكوا تلك القدرة فالأمور توقفت، بجانب أن ظروف إعادة التشغيل لم تكن جيدة بالنسبه لهم.

الحكومة تستطيع مساعدة المستثمر الحالي الراغب في إعادة تشغيل مصنعه عبر أدوات مختلفة.. وهذا يتوقف على قدرة المستثمر

الشق الثاني هو عندما طرحت مبادرات كثيرة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة من جانب البنك المركزي، التجربة أثبتت أن غالبية هذه التمويلات لم تذهب إلى الجهة المستهدفة، وأصبح الكثير من المستثمرين القدامي يؤسسون شركات جديدة للاستفادة من المبادرات، ولذلك ما حدث ولم يكن من المفترض أن يحدث هو أن البنك المركزي يجب ألا يدعم وإنما وزارة المالية والموازنة العامة للدولة هى من تدعم، بل يدير فقط.

أعتقد أن مبادرات التمويل ذات الفائدة المميزة يجب دعمها من وزارة المالية وليس من البنك المركزي

واليوم هناك مبادرة بقيمة 70 مليار جنيه تدعمها المالية، لكن من يديرها هو البنك المركزي، ويتم توجيهها إلى قطاعات معينة وبحد أقصى للمصنع الواحد على أن يسدد ما حصل عليه في وقت محدد، من أجل رأس المال العامل وزيادة حركة الإنتاج نفسه.

مصر لديها طاقات كبيرة جدًا لا تُستغل بالكامل.. وبعض الدراسات تشير لوجود 30-40% طاقات غير مستغلة في مصانع قائمة

مصر بها طاقات إنتاجية كبيرة جدا غير مستغلة بشكل كامل، وقد أجرينا دراسة مع اتحاد الصناعات منذ شهور أزهرت أن هناك 30 إلى 40% طاقات غير مستغلة في المصانع العاملة حاليًا، والسبب في ذلك ليس عدم جودة السوق، إنما كثير منها لديه طاقات أكبر من المطلوب، لأن ذلك أرخص بالنسبة لها حاليًا، فضلا عن عوامل عدة أخرى.

ولذلك إذا أعطت الدولة دفعة لهذه المصانع سيتم تشغيلها بسرعة، وقد لا تحتاج إلى نقد أجنبي كما في حالة بناء مصنع جديد.

سبب عدم عمل مصانع بكامل طاقتها لا يعود فقط للظروف الاقتصادية.. لكن بعضها لبناء طاقات مستقبلية زائدة

الشق الثاني هل الصناعة أصبحت هدفًا، نعم أصبحت هدفًا، والقاعدة الصناعية في مصر نستطيع توسيعها من الغد، بينما هناك دول تبنيها من البداية، لكننا اليوم سنتوسع فيها فقط، وتم وضع مستهدفات لهذا الأمر، وقطاعات وأنشطة معينة، مثل صناعة السيارات.

تحفيز المصانع بمبادرات مميزة يمكن أن يشجعها على تشغيل الطاقات غير المستغلة

فمنذ عام ونصف العام تقريبًا أُجريت دراسة كاملة من غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، وقُدمت إلى رئيس الوزراء، الذي شكّل بدوره لجنة بغرض وضع إستراتيجية وآليات تنفيذ ومستهدفات، وبالفعل تم وضعها، وكانت النتيجة أننا نحتاج إلى 2.5 مليون مركبة تنتج في مصر بحلول 2028- 2030، يقوم على تنفيذها مجلس أعلى لصناعة السيارات وإنشاء صندوق دعم لصناعة السيارات، مع الحوافز المطلوبة التي تم تداولها مع القطاع الخاص والمنتجين الذين وافقوا على الإستراتيجية وأصبحوا ممثلين في المجلس الأعلى والصندوق، وتم تنفيذ كل ذلك وتفعيله اليوم، وبناء على ذلك وقعنا 9 عقود مع 9 مصنعين.

استراتيجية صناعة السيارات نموذج للبرامج المتكاملة ذات المستهدفات الواضحة.. وبناء عليها وُقِّعت 9 اتفاقيات حتى الآن

كل ذلك حدث خلال عام ونصف العام، ولذلك نحن لدينا مستهدف ونعلم إلى أين نذهب ونتجه بالفعل، وبدأنا نناقش كيفية تنفيذ ذلك على أرض الواقع، كما قمنا بحل بعض المشاكل التشغيلية، مثل مشكلة الاستيراد عند شركات التصنيع لدى الغير.

وبالتوازي مع ذلك، هناك مشروع كبير يُنفذ في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وهو «نيرك» الذي يعد مصنع مشاركة لتقديم خدمات مشتركة لمصنعي السيارات، إذ إنه بدلاً من أن كل مصنع سيارات ينشئ فرن دهان مثلا، فإننا في هذا المشروع ننشئ فرنًا كبيرًا، والمصنعون هم من يديرونه، ومن ثم نقلل التكلفة الاستثمارية والتشغيلية ونزيد من سرعة تنفيذ إنشائه، وهذا المشروع ينفذه القطاع الخاص بنسبة 70% والهيئة الاقتصادية لقناة السويس 30% مساهمة بالبنية التحتية والأرض، ومن ثم هناك نوع من المشاركة بين القطاع الخاص والحكومة، وتُترك الإدارة والدراسة والتشغيل مع القطاع الخاص وهكذا.

اقتصادية قناة السويس شهدت تأسيس مصنع بالمشاركة مع القطاع الخاص يقدم خدمات مختلفة لمصنعي السيارات مثل أفران الدهانات

أيضًا هناك طفرة غير طبيعية في الموانئ، والمستهدف 100 مليار دولار صادرات فكيف نحققها ونحن لدينا عدد محدود والسعة الخاصة بها صغيرة، وليست لديها القدرة على استقبال السفن الكبيرة، فمثلا إذا كنا نريد تصدير حاصلات زراعية أو حبوب، فإننا نحتاج إلى ميناء بمواصفات معينة، ونحن لدينا ميناء واحد على البحر المتوسط، وآخر على البحر الأحمر لديهم سعة كبيرة، والسفينة الواحدة تستغرق يومين أو أكثر حتى تنتهي من أعمالها، ولذلك كان لا بد من توسعة الموانئ حتى تستقبل أكثر من سفينة وأنواعا مختلفة من السفن بغاطس وحمولة أكبر.

ومن ثم وُضعت استراتيجية كاملة للموانئ واللوجيستيات وإنشاء مجلس أعلى لوضع القواعد والإجراءات وليس الحكومة، وهذا المجلس ممثل فيه جهات كثيرة، والكل يعبر عن رأيه حتى نصل إلى القرار النهائي، فضلا عن تمثيل القطاع الخاص من خلال غرفة اللوجيستيات والنقل البحري وهكذا، حتى نصل في النهاية إلى إستراتيجية يمكن تنفيذها، وليس إصدار قانون وفي النهاية لا نعرف كيفية تفعيله.

طفرة غير طبيعية بالموانئ تجعلها عنصرًا مؤثرًا في الوصول لهدف تحقيق 100 مليار دولار صادرات

وهذا ما يحدث بالفعل حاليًّا ولم يكن موجودا منذ عامين أو أكثر، لكننا كنا نعد ونجهز له خلال هذه الفترة، وهذا هو الجزء الهيكلي الذي نتحدث عنه، لأن ما تم إعداده سابقا بدأنا تنفيذه حاليا بعدما توقف بسبب المشاكل التي حدثت فيما مضى، ولذلك نحن الآن نحارب الزمن حتى نستطيع تنفيذ كل ذلك في أسرع وقت ممكن، للاستفادة من الفرص المتاحة.

أحمد رضوان: قبل مناقشة الفرص سنتوقف لاستراحة 5 دقائق، ونعود إلى الجزء الثاني من «صالون حابي»، وحوار موسع مع رئيس هيئة الاستثمار.

الرابط المختصر