أرض وأموال الدولة المنهوبة

بقلم مجدي سرحان ـ رئيس مجلس إدارة جريدة حابي

هل تريد أن تعرف كيف كان يدار التصرف في أملاك الدولة في عصر ما قبل 25 يناير 2011.. وخاصة أراضي المجتمعات العمرانية الجديدة التي استطاع حفنة من «حيتان العصر البائد» تكوين ثروات منها تقدر بمليارات الجنيهات.. وللأسف نجح كثيرون منهم في الإفلات بما نهبوه.. وحتى الآن أخفقت كل اللجان الرسمية والشعبية التي تشكلت لاسترداد أموال الدولة المنهوبة والمهربة.. ليس فقط في استرداد ولو جزء صغير من هذه الأموال.. بل عجزت أيضا عن انجاز حصر حقيقي لحجم الأموال المنهوبة..؟!.

E-Bank

•• إذا أردت ذلك
فإليك هذه القضية التي أطلت علينا برأسها مؤخرا.. والخاصة بالمزاد الذي أعدت لإجرائه الهيئة العامة للخدمات الحكومية لبيع القصر «المنيف» الممتد بحدائقه على مساحة 10 آلاف متر.. والذي كان يمتلكه حسين سالم أحد أباطرة الفساد في عصر مبارك.. للبيع رغم صدور حكم قضائي بهدمه لأنه مبني على قطعة أرض «متميزة» كانت مخصصة للمنفعة العامة.

القصة تتلخص في أنه عند تأسيس منطقة «الشويفات» في التجمع الخامس كانت تتوسطها قطعة أرض كبيرة، عبارة عن «جزيرة» يحدها الطريق الدائري من الاتجاهين مخصصة للمنفعة العامة كحديقة خضراء، وتمكن «الحيتان» من الحصول على موافقة وزير الاسكان آنذاك المهندس محمد ابراهيم سليمان على تقسيمها قطعا بمساحة 5 آلاف متر للقطعة الواحدة.. واشتروها منه مقابل أسعار زهيدة، وكان نصيب حسين سالم منها 10 آلاف متر مربع بنى فوقها قصرا لإبنه.

ولجأ سكان المنطقة الى القضاء وحصلوا على حكمين قضائيين.. أولهما بإيقاف أعمال البناء على هذه الأرض.. سواء الجاري تنفيذها أو المزمع تنفيذها مستقبلا.. وتم فعلا وقف بناء عدة قصور بينها 3 قصور لأبناء عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية السابق.. والحكم الثاني بإزالة ما تم من تعديات على الأرض.. وبينها قصر حسين سالم.

تابعنا على | Linkedin | instagram

لكن حسين سالم عندما أقدم على إجراء تسوية مالية مع الدولة مقابل اسقاط أحكام الفساد الصادره ضده والسماح له بالعودة الى مصر، أدخل هذا القصر في التسوية وتم تقييمه بـ 80 مليون جنيه.. رغم أن قيمته الحقيقية ـ أرضا ومبان ـ يمكن أن تتجاوز 250 مليون جنيه.

أصبح القصر بعد التسوية في حوزة جهاز الكسب غير المشروع.. وبالرغم من علم الجهاز بالحكمين الصادرين بشأن هذه الأرض والمباني المخالفة المقامة عليها والتي قضت المحكمة بإزالتها.. إلا أن الجهاز أقدم على الإعلان عن بيعها في المزاد بعد تقسيمها الى 4000 متر للقصر و4000 متر أخرى أرض فضاء مما يعد إهدارا صارخا لأحكام القضاء..!!

•• لكن.. وبحمد الله
استطاع مجموعة من الشرفاء.. قانونيون ورجال دولة سابقون واعضاء أجهزة رقابية.. وإعلاميون وصحفيون بينهم كاتب هذه السطور.. التصدي لهذه المهزلة.. واضطرت هيئة الخدمات الحكومية لوقف المزاد.. بعد أن كانت اللجنة المكلفة بإقامة المزاد قد ذهبت في موعدها الى القصر.. وأيضا حضر المتزايدون الذين دفع كل منهم 5 ملايين جنيه تأمينا لدخول المزاد.

إلا أن اللجنة فوجئت بحضور محامين وممثلين عن السكان المتضررين الحاصلين على أحكام بإزالة القصر وغيره من القصور المخالفة أيضا التي أقامها «حيتان مبارك» فوق نفس المنطقة وبوقف البناء مستقبلا فيها.. وقاموا بإطلاع الجميع على هذه الأحكام وقراءة منطوقها.. وطالبوا بوقف المزاد.. ولولا أن ممثلي السكان بينهم كما ذكرت من قبل «شخصيات قوية» سابقة وأصحاب خبرات قانونية لا يستهان بها.. لما استشعر أعضاء اللجنة حرج الموقف.. واضطروا للرجوع الى قيادات الوزارة لإخطارهم بما يحدث.. وهو ما ترتب عليه صدور تعليمات لهم بوقف إتمام المزاد.

•• ومع ذلك
مازلنا نطرح السؤال: كيف صدر قرار تخصيص هذه الأرض أو بيعها أصلا بالمخالفة للقانون؟.. وماذا بعد إلغاء مزاد بيع قصر حسين سالم؟.. هل «يبقى الحال كما هو عليه» ولا تتم إزالة القصور المخالفة.. الى أن تجد هيئة الخدمات الحكومية «طريقة» للإفلات من تنفيذ أحكام القضاء..؟!.

•• نتمنى ألا يحدث ذلك.. ونطالب الحكومة بموقف واضح وتحرك عاجل لإعادة فتح ملف تخصيص هذه الأرض لـ «الحيتان» من جديد.. فنحن أمام قضية فساد حقيقية.. ونطالب هيئة الرقابة الإدارية والسيد النائب العام بفتح ملفاتها والتحقيق مع من تورطوا فيها وتقديمهم جميعا للمحاكمة.. وعلى رأسهم وزير الاسكان والمجتمعات العمرانية الجديدة الأسبق محمد ابراهيم سليمان الذي وافق على بيع الأرض لأباطرة الفساد في عصر مبارك.. رغم علمه بمخالفة ذلك للقانون لأنها مخصصة للمنفعة العامة ولا يجوز مطلقا تحويلها للمنعة الخاصة.

 

الرابط المختصر