اقتراح لرئيس الوزراء

بقلم مجدي سرحان ـ رئيس مجلس إدارة جريدة حابي

تذكروا هذه العبارة:كل دولار زيادة في سعر بترول برينت (الخام الأساس العالمي الذي يستخدم كمعيار لتسعير ثلثي إنتاج النفط العالمي، خاصة في الأسواق الأوروبية والأفريقية) تقابله زيادة في قيمة دعم المواد البترولية الذي تتحمله الموازنة المصرية بمقدار 3.5 مليار جنيه سنويا.

E-Bank

●● هذا الرقم
أخبرتنا به وزارة البترول في بيانها لتبرير الزيادة الأخيرة في أسعار الوقود في يونيو الماضي.. استنادا الى أن السعر العالمي للخام في ذلك الوقت كان قد لامس حاجز الـ 80 دولارا للبرميل.. وهو ما أدى الى وجود ضغوط على موازنة الدولة لعام 2018 ـ 2019 التي تم معها احتساب سعر الخام عند مستوى 67 دولارا وسعر الصرف 17.5 جنيه.. ومقدر دعم أكثر من 89 مليار جنيه..

لكن بعد زيادة سعر الخام ارتفعت فاتورة دعم المواد البترولية الى 110 مليارات جنيه.. ولذلك فإن الدولة اضطرت ـ وقتها ـ الى رفع أسعار المنتجات البترولية لتوفير نحو 50 مليار جنيه من مخصصات الدعم في الموازنة.. وفقا لتصريحات الوزير.. أي أن قيمة هذا الدعم بعد زيادة الأسعار قد انخفضت الى 60 مليار جنيه فقط.

●● منطقيَّا
تعني هذه الأرقام لمن يجيد الحسابات أن هذا الدعم قد انخفض حاليا الى 35.5 مليار جنيه فقط.. لماذا؟

تابعنا على | Linkedin | instagram

بحسبة بسيطة.. ستجد أن سعر الخام وصل الآن الى مادون الـ 60 دولارا للبرميل بقليل جدا.. وبنحو 20 دولارا في شهر واحد.. وهو بالمناسبة مرشح لمزيد من الانخفاض.. أي أنه أصبح هناك فارق الآن قدره 7 دولارات للبرميل عن السعر الذي احتسبت على أساسه قيمة الدعم في الموازنة.

ولأن كل دولار زيادة في سعر البرميل يقابله ارتفاع في الدعم بمقدار 3.5 مليار جنيه.. حسب البيانات الرسمية.. فإن كل دولار هبوطا في السعر أيضا يقابله إنخفاض في الدعم بقيمة 3.5 مليار جنيه.. وبضرب هذا المبلغ الأخير في 7 دولارات قيمة الفرق ستكون النتيجة 24.5 مليار جنيه.. وبطرحها من 60 مليارا قيمة الدعم عند بدء زيادة أسعار المحروقات تصل الى النتيجة.. وهي انخفاض قيمة الدعم الى 35.5 مليار جنيه.. أي بفارق 53.5 مليار جنيه عن المقدر في الموازنة البالغ نحو 89 مليارا.

●● السؤال هنا هو:
كيف ستستثمر الدولة هذا الفارق؟.. وكيف سيعود بفائدة محسوسة على المواطن؟

بالطبع لا نتوقع إصدار قرار بخفض أسعار المحروقات.. لأن العلة ستكون هي: أن هذه الأسعار مازالت مدعومة رغم أنخفاض أسعار الخام العالمي.. فمثل هذا القرار لا يتم اتخاذه «نظريا» الا إذا كانت المنتجات البترولية تباع بأسعار التكلفة.. وهو ما يحدث بالفعل في بعض دول العالم التي حررت أسعار الطاقة.. كما سيقال: إننا مازلنا في منتصف السنة المالية وربما ترتفع أسعار البترول عالما بعد ذلك لأن الول المصدرة لن تسكت على استمرار هذا الانخفاض السعري.

لكن.. هل من حقنا أن نطالب الحكومة في حالة انتهاء السنة المالية على تحقيق فارق في تقدير دعم الطاقة بأن توجه هذا المبلغ المتوفر الى قنوات تعود بفوائد مباشرة ومحسوسة على الناس المتعطشين لأية بارقة أمل لالتقاط الأنفاس من إجراءات الاصلاح الاقتصادي القاسية.. والعنيفة.. كأن يوجه هذا المبلغ مثلا لتمويل الاعتمادات الإضافية لدعم أنواع بعينها من السلع الاستهلاكية.. أو انتاج الماء أو الكهرباء.. أو الخدمات الصحية والطبية ووسائل النقل والمواصلات.. أو حتى صرف العلاوة الدورية للموظفين..؟.

●● والأكثر أهمية
ألن يكون لذلك في حال استمرار انخفاض أسعار البترول العالمية وتحقيق المزيد من الوفر (ولا نقول الفائض) في الموازنة إنعكاس مباشر على خطط زيادة أسعار الوقود والكهرباء والطاقة التي وضعت لها الدولة جدولا زمنيا لتنفيذها.. يفترض أنه يرتبط أساسا بأسعار الخامات العالمية.. وأسعار الصرف..

فإذا كانت أسعار الصرف شبه ثابتة.. وأسعار الخامات تنخفض.. فإن المنطقي هو أن يقترن ذلك بتغيرات في الجدول الزمني لزيادة أسعار الكهرباء والطاقة.. وتأجيل تنفيذ الزيادة القادمة المقررة في بدايات عام 2019 القادم لحين اتضاح وثبات الصورة في أسواق البترول العالمية.. رأفة بالناس ورحمة بهم..؟.

●● هذا اقتراح نتقدم به الى الدكتور مصطفى مدبولي وإلى اللجان الوزارية والحكومية المختصة بتسعير المحروقات والكهرباء.

الرابط المختصر