صدرت اللائحة.. ولكن!!

بقلم مجدي سرحان ـ رئيس مجلس إدارة جريدة حابي

صدرت اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك.. هذه خطوة جيدة ونقطة مفصلية من أجل تفعيل منظومة حماية المستهلك «المجني عليها» في مصر.

E-Bank

وهي لائحة تستهدف تنظيم العمل بالقانون بما يحافظ علي حقوق المستهلك.. ويمنع الممارسات الضارة والسلبية في الأسواق.. وتتضمن اللائحة تحديد حقوق المستهلك.. والتزامات المورد والمعلن.

•• ربما
من السابق لأوانه أن نحاول تقييم هذه اللائحة.. وهو ما لن يتحقق الا بالممارسة العملية.. لكن بشكل أولي.. بحثنا في مواد اللائحة الخاصة بالتزامات المورد.. سواء المنتج أو المستورد للسلعة.. عن جزئية نراها الأهم بين هذه الالتزامات.. وهي السعر.

فلم نجد بين البيانات التي تلزم اللائحة المورد بوضعها على السلعة إلا « اسم السلعة، وبلد المنشأ، واسم المنتج أو المستورد، وتاريخ الانتاج، ومدة الصلاحية للسلع التي لها فترة زمنية لصلاحيتها للاستهلاك، وشروط التداول والتخزين، وطريقة الاستعمال، ومدة الضمان للسلع المشمولة بالضمان».. بينما غاب الزام المنتج بتدوين سعر بيع السلعة على عبوتها.

تابعنا على | Linkedin | instagram

•• هذا ما حذرنا منه من قبل
ويبدو أن «لوبي المعارضين» قد استطاع بالفعل فرض إرادته.. ونجح في استبعاد هذا الالزام من مواد القانون ولائحته التنفيذية بحجة أن السعر يتغير مع تغير أسعار مدخلات الإنتاج وأسعار صرف العملة.

هذه المسألة تحديدا سبق أن قمنا بالرد عليها.. وأكدنا أن هذين السببين قد انعدما بعد اعتماد آلية المراجعة الدورية لأسعار الدولار الجمركي.. وأيضا مع استقرار أسعار الصرف أو تحركها في حدود طفيفة.

وأكدنا أيضا ضرورة تحديد سعر السلع على العبوات منعا لفوضى تضارب أسعار بيع السلعة الواحدة في الأسواق بين منطقة ومنطقة.. بل وبين بائع وآخر أيضا.. هذه الأهمية التي كانت تدركها القيادة السياسية جيدا وهي تصدر توجيهاتها بهذا الخصوص..

فمسألة تدوين الأسعار على العبوات كانت توجيها رئاسيا من القيادة السياسية للحكومة في عهد رئيس الوزراء السابق المهندس شريف اسماعيل .. وتحديدا في مارس2017 .. أي منذ أكثر من عامين.. حيث وجه الرئيس بتعديل قانون حماية المستهلك واضافة مواد جديدة لإلزام المنتجين والشركات بوضع البيانات وأسعار السلع علي العبوات .. وكانت التوجيهات أيضا بالإسراع بعرض هذا القانون المعدل على البرلمان لإقراره.

•• نعود الى منظومة حماية المستهلك
لماذا وصفناها بـ «المجني عليها»..؟.
وقد سبق أن طرحنا التساؤلات: هل نحن نمتلك منظومة حماية مستهلك حقيقية؟.. وهل حماية المستهلك تقف فقط عند حدود أن يتقدم المستهلك بشكوى الى جهة الاختصاص.. فتتحرك للتحقيق فيها وتحيل الى المحاكم المختصة للفصل في الشكوى.. أما ما يحدث في الأسواق من إنعدام السيطرة على أسعار السلع.. وارتفاعاتها الجنونية وغير المبررة.. فلا علاقة للدولة بها.. لأنها مسألة تتعلق بـ «العرض والطلب» ؟.

ومازلنا نؤكد انه لا يمكن الحديث عن وجود منظومة لحماية المستهلك في مصر .. في ظل هذه الفوضى العارمة في أسعار السلع .. كل السلع .. لدرجة أن تباع نفس السلعة في نفس الوقت .. وربما في متجرين متجاورين .. بفروق جنونية وغير منطقية بالمرة .. وأيضا لدرجة أن يتغير سعر السلعة الواحدة .. ومعظمها سلع معمرة .. بمقادير عنيفة جدا .. بين يوم ويوم .. وحتى بين ساعة وساعة .. بلا أي سبب منطقي.

•• أما جهاز حماية المستهلك
فمن المفترض أنه يناط به أداء مهمة مراقبة الأسواق.. لكن هل ينجح هذا الجهاز في أداء دوره كاملا؟.

لا نظن أن ذلك يمكن تحققه الا بتطوير بنية الجهاز نفسه وتقوية آليات عمله.. إذ لا يعقل ألا يزيد عدد العاملين في هذا الجهاز على 170 موظفا مطلوب منهم أن يغطي عملهم أسواق جميع المحافظات.

أيضا لا بد من معالجة القصور الكبير في آليات وأدوات حماية المستهلك وضبط الأسواق.. وكذلك علاج الخلط في مفاهيم نظام «الاقتصاد الحر» أو «اقتصاد السوق» أو «آليات العرض والطلب».. تلك التي نرى أنها لا تعني أبدا ترك الحبل على غاربه لفئة من المستغلين لتتلاعب بالأسعار وتبالغ في جني المكاسب.. لدرجة أن يتحول الأمر من كونه تجارة الى نهب لأموال المستهلك الذي لا حول له ولا قوة ويضطر صاغرا للاستسلام لهذا الجشع.. لأنه ليس أمامه بديل.

الرابط المختصر