محمود محيي الدين: مصر بحاجة لبرنامج نمو مستدام يعالج أزمات الديون والادخار والإيرادات العامة

أكد أهمية استثمار العنصر البشري في خطط التنمية المستدامة

حابي_ قال الدكتور محمود محيي الدين ، مبعوث الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، إن العالم الآن يمكن وصفه بأنه عالم شديد التغير متسارع في خطواته، وإن الاعتماد على القروض السخية والمساعدات الإنمائية انتهى على النحو الذي كان عليه في السابق، والتدفق المالي للدول النامية في تراجع، وكذلك تراجع التجارة الدولية بسبب الإجراءات الحمائية وتراجع الاستثمارات.

وأشار خلال مشاركته في صالون ماسبيرو الثقافي، بحضور أحمد المسلماني رئيس الهيئة الوطنية للإعلام، وأداره عبد الفتاح الجبالي الكاتب الصحفي، وبمشاركة عدد من المفكرين والإعلاميين، إلى أنه علينا الأخذ بعدة أمور أشارت لها مديرة صندوق النقد الدولي في وقت سابق، وهي أهمية التنويع الاقتصادي، وهو مهم لدول مثل الخليج التي كانت تعتمد على النفط، بحيث يتم تقليل الاعتماد على النفط والاهتمام أيضًا بمجالات أخرى، مشيرًا كذلك إلى أهمية التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي، ودور الدولة في الأنشطة الاقتصادية.

E-Bank

وأكد محيي الدين أهمية البشر في أي خطط للتنمية باعتبارهم طاقة يجب استغلالها والاستثمار فيها، وعدم النظر للسكان على أنهم كثافة سكانية، بل يجب حسن استغلالهم من حيث التدريب والتعليم والرعاية الصحية. ويضاف إلى البشر وأهميتهم البيانات والمعلومات باعتبارها وقود الثورة الصناعية الجديدة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي.

يجب النظر إلى التجارب الناجحة لبعض التجمعات الاقتصادية الإقليمية والاستفادة منها وتحديدًا تجربة تجمع الآسيان

وأوضح أنه يجب النظر إلى تجارب بعض التجمعات الإقليمية والاستفادة منها، ومنها تجمع الآسيان باعتباره من التجارب المهمة التي يجب النظر إليها، مشيرًا إلى أن العالم الجديد الذي نحن فيه اليوم يشهد نزاعات وصراعات ومشكلات وتنبؤات بصراعات وحروب ربما تكون قادمة.

تابعنا على | Linkedin | instagram

وأوضح د.محمود محيي الدين أن الاختلالات النقدية والمالية إلى نهاية، وأن علاقتنا مع صندوق النقد الدولي ستنتهي في نوفمبر 2026 بانتهاء هذا البرنامج الذي استمر لمدة عشر سنوات، ويتطلب ذلك البناء على الاستقرار النقدي الذي تحقق في إطار برنامج الصندوق، ولكننا نحتاج إلى برنامج ينشد زيادة النمو والتنمية، لأن برامج الصندوق هي برامج للتقييد وليست برامج للنمو والتنمية.

وأضاف أن ما بين الإقليمية الجديدة وتوطين التنمية بالاهتمام بالتنمية في المحافظات والقرى، مشيدًا في هذا الصدد ببرنامج “حياة كريمة” الذي نفذته مصر، وهو أحد المبادرات الهامة التي أشادت بها الأمم المتحدة باعتباره نموذجًا مهمًا للتنمية.

وأشار محيي الدين إلى أن العالم يشهد في الوقت الحالي تطورات كبيرة، حيث إن الصين أصبحت الآن، وبفضل برنامجها للتطور، استطاعت القضاء على الفقر المدقع وحققت معدلات نمو كبيرة، وتأتي بعدها الهند التي تتقدم بشكل كبير.

وفي رده على بعض أسئلة المشاركين في الصالون الثقافي، أكد الدكتور محمود محيي الدين أن الخروج من المشاكل المتكررة مثل عجز الموازنة والديون وغيرها يتطلب فهم الفرق بين ما هو أزمة وما هو مشكلة، فمثلًا مصر ليس لديها أزمة في الاستيراد، فنسبة كبيرة من استيرادنا ضرورية، حتى بعض السلع التي توصف بأنها استفزازية هي ضرورية في قطاعات معينة مثل السياحة، ولكن أزمة مصر في قلة الصادرات وهي ما نحتاج إلى زيادته.

وأوضح أن لدينا مشكلة في الإنفاق، فمكوناته لابد أن تعكس أولويات أخرى، ولكن أزمتنا في الإيرادات العامة، مطالبًا بتمكين القطاع الخاص، وهو ما يساعد على تحسين الإيرادات.

وتابع أن لدينا خللًا آخر وهو أزمة الادخار؛ فالادخار ليس للأفراد فقط، ولكن الادخار يشمل القطاع الخاص والقطاع الحكومي، مشيرًا إلى أن عددًا من الهيئات الخدمية تحولت إلى هيئات اقتصادية للاستفادة من بعض المزايا.

وتابع أن علاج الاختلالات الثلاثة المتمثلة في التصدير والإيرادات والادخار لابد أن يتم بشكل متوازٍ، فلا يتم حل أزمة وبقاء الأزمات الأخرى، بل لابد أن يتم العلاج لكل الأزمات معًا.

وأوضح أن أهم وثيقة في الدولة بعد دستورها هي الموازنة العامة للدولة، والتي تعكس أولويات الإنفاق للدولة.

وأوضح أن مصر سبق أن طبقت برنامجًا لصندوق النقد الدولي في أوائل التسعينات، وحقق هذا البرنامج نجاحات للاقتصاد المصري وقتها، مشيرًا إلى نجاح مصر في برنامج الإصلاح الاقتصادي 2004/2008، وبفضل هذه الإصلاحات نجحت مصر في تفادي الأزمة الاقتصادية 2008.

وتابع أن لجوء مصر إلى صندوق النقد الدولي في 2016 كان لعلاج اختلالات نقدية ومالية كانت موجودة، وهو ما تم من خلال هذا البرنامج الذي ينتهي في نوفمبر 2026، ولكن مصر تحتاج بعد انتهاء هذا البرنامج إلى العمل على استكمال الإصلاحات الهيكلية اللازمة لتحقيق النمو والتنمية.

وعن موضوع هيمنة الدولار، أكد الدكتور محمود محيي الدين أن هذا هو موضوع الساعة، وهو الحديث عن انتهاء هيمنة الدولار، مؤكدًا أن الدولار موجود لثلاثة أسباب: هي ظاهرة الاعتياد في التعامل مع هذه العملة، والأداء الاقتصادي الأمريكي، والأوضاع القانونية، والأداء الاقتصادي النسبي.

وأوضح أن سعر الذهب ارتفع بسبب اتجاه البنوك المركزية الكبرى لزيادة احتياطاتها من الذهب، ولكن ما زال الدولار يمثل 60% من الاحتياطي الدولي للعملات.

وأوضح أن البريكس تجمع مهم جدًا يتجاوز القرب الجغرافي، ومن المهم لمصر أن تعمل على زيادة التجارة والتبادل التكنولوجي معه، ولكن لا يجب المبالغة بشأن سرعة إصدار عملة موحدة، إذ تأخذ هذه الإجراءات وقتًا كبيرًا.

وحول تسوية أرض الملعب أمام الجميع، أوضح أن الموضوع لا يتعلق فقط بالضريبة، ولكنه يتعلق بكافة القواعد ومنظومة متكاملة لابد أن يتساوى فيها الجميع بدون تمييز، وهي مسألة أهم من الطروحات.

الرابط المختصر