هل يعود فيضان النفط الصخري الأمريكي؟

النصيحة آتت أكلها

aiBANK

فاينانشيال تايمز

قبل عام واحد، أصدر الملياردير هارولد هام رئيس شركة «كوننيتال ريسورسيز» أحد أكبر منتجي النفط الصخري الأمريكي في الولايات المتحدة، تحذيرًا صارمًا إلى زملائه في القطاع : «احفروا بتحفظ .. أو سنقتل السوق»، وفي هذا الشهر لدى هام رسالة أخرى : «النصيحة آتت أكلها!».

E-Bank

ارتفع سعر خام غرب تكساس الوسيط الذي يعد معيارًا للمنتجين الأمريكيين إلى أكثر من 71 دولارًا للبرميل، في أعلى مستوى له منذ 9 نوفمبر 2014، كما لامس خام برنت مستوى الـ 80 دولارًا للبرميل، لأسباب عديدة بينها اتفاق خفض الإنتاج الذي نفذته منظمة الأوبك مع روسيا ودول منتجة أخرى منذ يناير 2017، وارتفاع الطلب، وقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي العالمي مع إيران، وإعادة فرض عقوبات على الدولة التي تعد أحد كبار منتجي البترول، والتراجع الحاد في إنتاج النفط من فنزويلا في ظل تحرك شركة النفط الأمريكية كونوكو فيليبس لتجميد أصول تابعة لشركة «بي دي في إس إيه» الفنزويلية التي تديرها الدولة، في إطار نزاع قانوني طويل الأمد.

وكان بنك أوف أميركا قد توقع أن يصل برميل النفط إلى مستوى الـ 100 دولار خلال العام المقبل، في حين توقع بنك مورجان ستانلي وصول سعر خام برنت إلى 85 دولارًا للبرميل بنهاية 2019، و90 دولارًا للبرميل بنهاية 2020.

والسؤال، مع بدء المنتجين الأمريكيين في تذوق أرباح أعلى ورغبة المستثمرين في زيادتها، هل ستظل الشركات مُتحفظة في إنتاجها؟
حتى الآن، يمكن القول إن الارتفاع الملحوظ في أسعار النفط العالمية لم يطلق العنان بعد لفيضان إنتاج النفط الصخري الأمريكي كما توقع عدد من خبراء السوق، «وهو ما كان يخشاه هام».

وهناك 3 أسباب وراء عدم ارتفاع الإنتاج الأمريكي من النفط، أولها ضغوط المساهمين الذين يرغبون في تدفق مستمر من الأرباح وليس النفط، واختناقات الإنتاج في خطوط الأنابيب «القليلة» والموانئ في أمريكا، والنضوب السريع لآبار النفط الصخرية رغم الوفرة التي حققتها في بداية الإنتاج.

يقول بوبي تيودور من Tudor Pickering Holt وهو بنك استثماري للنفط والغاز، إنه مع ارتفاع أسعار النفط ، فإن الحيوية والحماس سيزيدان في القطاع، وقد يؤدي هذا إلى عودة النمط القديم للإنتاج المفرط «وإن حدث هذا فإن تأثير ارتفاع العرض سيكون ملموسًا في أسواق النفط العالمية».

لكن، وفقًا لمؤسسة «بيرنستين البحثية»، ستحاول شركات النفط الأمريكية أولًا، طمأنة الدائنين والمساهمين عبر سداد أجزاء من مديونياتهم والحفاظ على توزيعات الأرباح أو توجيه رؤوس الأموال إلى مشروعات سريعة الإنتاج والربحية.

منذ عام 2012 ، أنفق منتجو النفط الصخري أكثر مما كسبوا، وبحلول الربع الأول من عام 2016، التهموا أموالًا أكثر بثلاثة أضعاف من قيمة ما أنتجوه، ولكن منذ العام الماضي، اتجهت تلك الشركات للإنتاج في حدود إمكانياتها، وارتفعت هوامش أرباحهم بنحو 10% مع بلوغ سعر النفط 55 دولارًا للبرميل، وزادت أرباحهم بشكل أكبر الآن.

وقد استخدمت بعض الشركات ، مثل Pioneer Natural Resources و Devon Energy و Anadarko عائداتها المرتفعة لتقديم المزيد من المال إلى المساهمين، من خلال أرباح أعلى، أو شراء الأسهم أو كليهما، أما كونتننتال التي يمتلكها هام والتي تخطط لزيادة إيراداتها من الإنتاج إلى مليار دولار هذا العام، فهي تعطي الأولوية لسداد الديون، وتقترب من هدفها المتمثل في خفض صافي الديون أقل من 6 مليارات دولار.

وللحفاظ على سعادة المساهمين الحذرين، تصر الشركات على أن أي أنشطة حفر جديدة ستركز فقط على المشاريع ذات العوائد المرتفعة، مع الحفاظ على ضبط الإنفاق.

روي مارتن من شركة «وود ماكينزي»، وهي شركة استشارية في مجال الطاقة، قال إن هناك عدة عوامل تساعد على استمرار التدفق المتحفظ للنفط الأمريكي في الوقت الراهن، ومن بينها ارتفاع تكاليف معدات التكسير (لاستخراج النفط الصخري) والنقص في عدد سائقي الشاحنات، والارتفاع الحاد لأسعار بعض المدخلات مثل المياه في الأماكن الجافة مثل ميدلاند ، وتكساس.

علاوة على ذلك، من الصعب تحسين إنتاجية الآبار الصخرية التي يمتد عمق بعضها حاليًا إلى نحو ميلين تحت الأرض، في حين أن حفر آبار جديدة على مقربة من آبار غزيرة الاحتياطيات، يمكن أن يستنزف الخزانات بسرعة.

«لن تتمكن بعض الشركات من زيادة إنتاجها حتى لو أرادت ذلك»، قال مارتن، لكنه أشار إلى أنه سيتم الانتهاء من بناء خطوط أنابيب جديدة خلال العام المقبل لشحن المزيد من النفط، مما سيخفف من الاختناقات، «وإذا ارتفعت أسعار النفط أكثر فقد تتجاهل الشركات نصيحة هام!».

الرابط المختصر