خلال الجلسة الأولى من مؤتمر حابي: قراءة مفصلة عن الطاقات الكامنة في الاقتصاد المصري

aiBANK

قدمت أولى جلسات المؤتمر السنوي الخامس لجريدة، والذي انعقد الأربعاء قبل الماضي تحت عنوان استثمار الطاقات الكامنة، قراءة مفصلة عن الطاقات الكامنة في الاقتصاد المصري، وكيفية استثمارها أو إعادة استكشافها بصورة تحولها إلى فرص واضحة يمكن الرهان على الاستفادة منها.

وسلط المتحدثون الضوء على أهمية رفع القيمة المضافة لمختلف الموارد الأساسية للاقتصاد، بداية من الخامات والمناخ والجغرافيا، وحتى العنصر البشري، والوقت.

E-Bank

شارك في الجلسة كل من المهندس هاني محمود وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق، وشريف سامي رئيس الشركة القومية لإدارة الأصول والاستثمار ورئيس هيئة الرقابة المالية الأسبق، والمهندس هاني برزي رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة إيديتا للصناعات الغذائية ورئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية، وعلاء الزهيري رئيس اتحاد شركات التأمين المصرية والعضو المنتدب لشركة جي آي جي، وحسين الشربيني العضو المنتدب لشركة العربي الإفريقي للاستثمارات القابضة، والمهندس عبد الله سلام الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة مدينة مصر، وأدارها أحمد رضوان رئيس التحرير والرئيس التنفيذي لجريدة حابي. وإلى تفاصيل الجلسة.

أحمد رضوان: في البداية أود أن أشير إلى أنني أكاد أكون دخيلًا على هذه الجلسة الزاخرة بالكوادر والقيادات، فقد كان من المفترض أن يديرها الأستاذ هاني توفيق الخبير الاقتصادي الكبير، لكنه مر بظرف طارئ قبل ساعات من بداية أعمال المؤتمر، منعه عن الحضور، وقد بذل في الأيام الماضية جهدًا كبيرًا في الإعداد لهذه الجلسة بالتشاور مع المتحدثين، وأتمنى أن نستفيد جميعًا من الجهد الذي بذله والنقاط التي قام بإعدادها.

نبدأ مع المهندس هاني محمود.. تتحدث الجلسة عن الطاقات الكامنة في الاقتصاد المصري، حينما قرأت عنوان هذه الجلسة، ما الذي خطر في ذهنك، وترى أنها فرص مهمة جدًّا ولكن نحتاج للبحث عنها واستثمارها ونمهد لها الطريق حتى تتم الاستفادة منها بالصورة الأمثل، وبالتالي نحولها من طاقة كامنة إلى طاقة فاعلة ولها تأثيرها في الاقتصاد؟

هاني محمود: أشكر جريدة حابي على هذا المؤتمر وعلى دعوتي للمشاركة، لقد كنت حريصًا على الحضور وقمت بتأجيل اجتماع هام لمناقشة قانون العمل بعد ميعاد هذه الجلسة، حتى استطيع المشاركة بها.

المهندس هاني محمود وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الأسبق

المهندس هاني محمود: عنوان «الطاقات الكامنة» هو أكثر شيء جذبني لحضور المؤتمر

وفي الحقيقة، عنوان «الطاقات الكامنة” هو أكثر شيء جذبني لحضور المؤتمر، لأن أي اقتصاد دولة بما فيها مصر، قائم على مقومات معينة، ولكن كل إدارة تمتلك طاقات كامنة.

من وجهة نظري الطاقات الكامنة هي وجود أشياء في حال استغلالها ستحقق عائد يفوق الموارد العادية التي نعمل عليها مثل التصنيع والتصدير، وهي مهمة جدًّا.

هناك أربعة محاور يجب العمل عليها بقوة سواء من الحكومة أو من القطاع الخاص، ولكن من الضروري أن تقود الحكومة هذا المجهود بأجهزتها المختلفة، ثم يتبعها القطاع الخاص بعد ذلك.

البشر هم أهم طاقات مصر ويمكن الرهان عليهم في حل جزء كبير من مشكلة النقد الأجنبي

لن أستطيع التحدث عن الأربع محاور بالتفصيل، ولكني ساستعرضهم من وجهه نظري، وإذا اتاح الوقت لجولة أخرى نستكمل مناقشتهم.

أحمد رضوان: كلما استطعنا التركيز على محاور محددة سنستطيع خوض أكثر من جولة مع المتحدثين

هاني محمود: بالضبط، أول هذه المحاور هو الطاقة البشرية حيث تمتلك مصر نحو 110 ملايين نسمة.

الطاقة البشرية لها ثلاثة استخدامات في حال أتقنّا استغلالها، ستحقق دخلًا سواء بالعملة الصعبة أو المحلية، غير متوافر حاليًا، أولًا تصدير العمالة الفنية إلى أوروبا، فقد تواجدت في ألمانيا شهر يوليو الماضي، واجتمعت مع المعاونة الألمانية لدراسة هذا الموضوع، ولن تتخيلوا لدرجة قمت بسؤال المسئولين، عن الأعداد التي يحتاجون إليها في كل تخصص، والتي أكدت حاجتها إلى أعداد كبيرة منها في جميع التخصصات.

العرض التقديمي من الطرف الآخر أشار إلى أن الشريحة السكانية للشعب الألماني ستقل 20% خلال السنوات العشر القادمة، والـ80% المتبقين من كبار السن ، فهل لدينا القدرة على تصدير هذه الشريحة من الشباب؟ نعم لدينا، ولكن لن يحدث ذلك بسهولة، فالتعليم الفني لدينا يحتاج إلى نظرة كبيرة.

البشر هم أهم طاقات مصر ويمكن الرهان عليهم في حل جزء كبير من مشكلة النقد الأجنبي

المحور الثاني من هذا الملف هو التعهيد، فدخل الهند من التعهيد يوازي ميزانية مصر مرتين، وقد عملت بمجال التعهيد هذا بنفسي، وأدرك مدى قدرته على تحقيق عائد بالعملة الصعبة، فجميع الشركات العالمية في أوروبا وأمريكا تتخلص من كل الأعمال المساعدة خارج نشاط العمل الأساسي “الكوربيزنس” الخاص بها، وذلك للبحث عن تكلفة أقل وفي ذات الوقت التركيز على المهمة الأساسية.

مثال على ذلك هو مراكز الاتصال “الكول سنتر”، لا يوجد شركات عالمية تقوم بتوظيف موظفين للكول سنتر في أمريكا، لأن تكلفة الفرد مرتفعة جدًا، وهذا هو الحال في أستراليا وإنجلترا وألمانيا، ولقد بدأت بالكول سنتر لأنه الأشهر.

في الوقت الراهن ما يتم تنفيذه هو “الأوت سورسينج” لمجالات مثل HR والتدريب أون لاين، والمالية، عندما كنت أعمل في شركة فودافون بإنجلترا، وأجري بندًا من بين الأعمال التمويلية على سبيل المثال كنا نذهب إلى رومانيا لتقوم بتنفيذ العملية.

وهنا أطرح تساؤلًا: هل تستطيع مصر استخراج هذه الكفاءات؟.. 100% نعم، وكل العائد القادم منها سيكون بالدولار.

في الشركة التي كنت أعمل بها في مصر، بدأنا تنفيذ ذلك على الشركات الشقيقة في دول العالم، ففي عام 2005 كنا قد بدأنا بعدد 60 موظف، 40 منهم يعملون بوظيفة الكول سنتر لأستراليا، والمتبقين للدعم.

التعهيد في الهند يوازي ضعف ميزانية مصر.. وأدرك مدى قدرته على تحقيق عوائد بالعملة الصعبة

اليوم يحتوى هذا السنتر على 8 آلاف موظف، الشركة نفسها في مصر تحتوى على 5 آلاف موظف، ونغطي 9 دول. إذا كان شخص ما يجلس على مكتبه في ألمانيا على سبيل المثال ولديه مشكلة في الكمبيوتر الخاص به، يتواصل مع الكول سنتر وخدمات الـIT يقومون بالرد عليه من مصر، ويعمل على حل المشكلة بنسبة 80% والنسبة المتبقية يتم تحويلها إلى الخبير الموجود في ألمانيا.

المحور الثالث يتمثل في المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ولكن هذا يختلف عن البندين السابقين، لأنه لا يدر عملة صعبة بصورة مباشرة، ولكن علينا أن نعي أن المشروعات الصغيرة والمتوسطة هي أساس اقتصاد دولة الصين حاليًا، فكل بيت وشارع داخله ورشة، ولكن في مصر لا نركز في الفترة الحالية على تنمية هذا القطاع بالصورة الكافية.

عندما كنت متواجدًا داخل مؤسسة خيرية لعمل مشروع في أخميم والتي تشتهر بالصناعات اليدوية، اقتصرت مساهمتنا على إنشاء مواقع إلكترونية، وتوعية القائمين بإجراءات عملية التصدير، وتوفير شركة لتوصيل البضائع بسعر رخيص.

أحمد رضوان: هل نتحدث هنا عن الإمكانيات أم ماذا؟

هاني محمود: هنا نتحدث عن محورين، تدريب القائمين على المشروعات الصغيرة والمتوسطة بكيفية عمل مشروع صغير، وأيضًا طريقة الحصول على تمويل، والحكومة قامت بدور مهم في المحور الثاني حتى على مستوى المعاملة الضريبية، وهو ما أوضحه الدكتور محمد معيط وزير المالية في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر.

المشروعات الصغيرة والمتوسطة قطاع مهم يجب تنميته بالصورة الكافية

اتخذت الحكومة عددًا من الخطوات لتحقيق هذه الأهداف، ولكن ما زالت بحاجة إلى تنمية، فمصر على سبيل المثال لديها عمالة نسائية يمكن أن نستفيد منها بصورة أكبر من ذلك.

إذن.. في بند الموارد البشرية لدينا ثلاث فرص، هي التعهيد والمشروعات الصغيرة والمتوسطة وتصدير العمالة الفنية.

عندما كنت أقيم في إنجلترا طلبت أحد المهنيين للعمل على بعض أعمال السباكة، كانت ثمن المعدات فقط 25 جنيه إستراليني، وكلفني التركيب 60 جنيه إستراليني في كل غرفة، بإجمالي 120 جنيه إستراليني، هذا مثال بسيط على أهمية العمالة الفنية المؤهلة، والقدرة أيضًا على تصديرها.

بعيدًا عن الطاقة الكامنة للقوة البشرية، سأتناول ثلاثة محاور أخرى بشكل مختصر، يجب استكشافها واستغلالها لتحقيق عائد لمصر، المحور الأول هو الثروة العقارية وتصدير العقار.

العقبة أمام نمو تصدير العقار هو عمل المطورين وفقا لمتطلبات الذوق المصري وليس الوافدين المستهدفين

العقبة أمام التوسع في تصدير العقار تتمثل في أن المطورين يعملون وفقًا لمتطلبات الذوق المصري، فأصبح المعروض أكبر من معدلات الطلب.

وقد أقمت في تركيا لمدة ثلاث سنوات، وتعد من أكثر الدول مهارة في تصدير العقار، ودبي كان اقتصادها قائمًا على تصدير العقار، ولن أطيل في هذا الجزء لأنه يحمل محاور كثيرة للمناقشة.

ومن ضمن المحاور المهمة أيضًا قطاع الطاقة الجديدة والمتجددة، أنا لا أمتلك سخانات في المنزل بأخر 15 عاما، فأعمل حاليا بسخان على الطاقة الشمسية. ولا أستوعب لماذا نحن في مناخ مصر الحالي والطاقة الشمسية المتوافرة نحو 10 شهور في العام، ما زلنا نقيم محطات كهرباء ولم نصدر الطاقة الخاصة بنا.

الشمس والثروة السمكية ملفان مهمان في قائمة الطاقات الكامنة

المحور الثالث والأخير هو الثروة السمكية، فلا أتخيل ونحن نمتلك شواطئ البحر الأحمر والمتوسط وبحيرة السد العالي و15 بحيرة أخرى ونقوم باستيراد جمبري من دبي.

أحمد رضوان: ربما لأننا نقوم بالتصدير والاستيراد في نفس الوقت؟

هاني محمود: لا نصدر، كيف بلد تمتلك كل هذه الكليومترات من البحيرات والنيل ونستورد سمك وجمبري، والدي رحمه الله عليه كان يسرد عن الجمبري قديما عندما زاد سعره قليلا وكان متعجبا، لأنه كان يقوم بشراء السمك والبائع يهديه الجمبري دون مقابل.

تطوير شركات الغزل والنسيج الحكومية مشروع ضخم جدًا سيكون له مردود على التصدير

بائع الجمبري كان ينادي قديما على الجمبري قائلا:» أكل الفقير ياجمبري».

أحمد رضوان: في الجولة الثانية من هذه الجلسة سنتطرق إلى أسباب عدم استغلال هذه المحاور.

سأتوجه بالحديث إلى الاستاذ شريف سامي، هناك محوران، الأول هو كيف يمكن استغلال الطاقة الكامنة لمصر إقليميًّا، والثاني كيفية استغلال الطاقات الكامنة في بعض المؤسسات التقليدية بالدولة؟

شريف سامي: أتفق مع المهندس هاني محمود في أن عنوان المؤتمر استثمار الطاقات الكامنة جذبنا جميعًا، وأقدم التحية إلى جريدة حابي على اختيار هذا المحور المهم، وأود أن أتطرق إلى زاويتين بشكل سريع تعزيزًا لما استعرضه المهندس هاني.

شريف سامي رئيس الشركة القومية لإدارة الأصول والاستثمار ورئيس هيئة الرقابة المالية الأسبق

شريف سامي: عنوان «استثمار الطاقات الكامنة» جذبنا جميعًا.. وأقدم التحية لجريدة حابي على اختياره

الزاوية الأولى هي العمالة، فالدول المنافسة لنا تقوم بإعداد الطاقات البشرية، ليس بسلاح التعليم فقط، والذي لن يستطيع اللحاق بهم، إنما أيضًا عن طريق عقد دورات لتفهم الثقافة وطريقة التعامل في الدول الأخرى، مثال على ذلك، أمريكا تمتلك عجزًا مليون وظيفة في التمريض، وتقوم الهند ونيجيريا وغانا بتصدير العمالة لهم، بعد تدريبهم على بعض المصطلحات التي تساعدهم على التعامل هناك.

في أواخر التسعينات كتبت مقالة عن التعهيد وكنت من أوائل المستخدمين لها، نشرتها جريدة الأهرام في نحو صفحة إلا ربع، الأرقام كانت تخض من 25 سنة مابالك باليوم.

لكي لا نعيد الكلام، المهندس هاني محمود قام بتغطية محور التعهيد جيدا، سنستعرض زاويا أخرى، وبالطبع قطاع النقل والشحن والتفريغ ستتناوله الأستاذة عبير لهيطة الموجودة بين الحضور، لذلك لن نناقشه، وكذلك الغذاء والزراعة سيتناوله المهندس هاني برزي.

تجهيز الطاقة البشرية لا يكون بالتعليم فقط وإنما أيضا بالتدريب وتفهم الثقافات الأخرى

أود التأكيد على شيئين، الأول «من فات قديمه تاه»، وسوف أستعرض قصة خلال نصف دقيقة، فمنذ أسبوع حضرت لقاء من إعداد نقابة التجاريين لمناقشة السياسة المالية والنقدية بحضور عدد كبير من الوزراء والمسؤولين، منهم الوزير مختار خطاب، وزير قطاع الأعمال العام الأسبق، وتزامن مع ذلك احتفال بعيد ميلاده الـ80، وإطلاق كتاب مذكراته تحت اسم يشابه أسماء مذكرات روائية وأدعوكم جميعًا لقراءته.

قمت بقراءة الكتاب على مدار الأسبوع الماضي، وبعيدًا عن نشأته وتطوره وهذا يخصه، إنما النصف الآخر كان عبارة عن تجربته في وزارة قطاع الأعمال العام، وقبل ذلك مركز معلومات مجلس الوزراء عندما بدأ مع الدكتور هشام الشريف تحديات الدولة في المعلومات والتخطيط، وهل تتوافر لدينا البيانات أم لا والتعامل بين الوزارات، ثم تولى المكتب الفني عندما بدأ برنامج الخصخصة، لرصد ردود فعل العالم والوقوف على الإشكاليات، والأيدولوجية في البرلمان والصحافة والمعارضين والمؤيدين وصولًا إلى توليه منصب وزير في مرحلة مهمة خلال الفترة من 1999 حتى 2004.

أمريكا تعاني عجزًا في حدود مليون وظيفة بمجال التمريض.. وتغطي العجز من الهند ونيجيريا وغانا

والسبب وراء سرد هذه القصة، عندما قرأت كل ما مر به والحلول التي اتبعها، ما يتطرق إلى ذهني بعد منحنى التعلم الذي مررنا به، أننا ما زلنا نطرح نفس الأسئلة ونحاول أن نعيد اختراع العجلة، وهنا يكون الحديث عن أهمية استغلال الخبرات المتراكمة كطاقة كامنة، خاصة أننا دولة غير جديدة، وهناك دروس عديدة تعلمناها وعلمناها للآخرين.

رئيس اتحاد التأمين يشاركنا في الجلسة، ويعلم أن كل قوانين التأمين الصادرة في الدول الأخرى وضعها مصريون، وأن ما يتم حاليًا هو أننا نتسابق لرؤية تجارب الدول الأخرى مثل دبي في قوانين قطاعها، ونحن نمتلك من الخبرات ما يكفينا.

«من فات قديمه تاه» ولدينا خبرات متراكمة ودروس تعلمناها وعلمناها للآخرين.. لذا لا يجب إعادة اختراع العجلة

من فات قديمه تاه يقودني أيضا في ظل وجود د.هبه الصيرفي نائب رئيس البورصة المصرية بين الحضور، إلى متحف البورصة المتواجد في شارع الشريفين، ومن ينظر في الأسهم نجد شركة النقل الخفيف للدلتا وشركة الكهرباء وغيرها، فمنذ 100 عام كانت تتوافر لدينا شركات في البورصة المصرية دون مشاكل، وبالتالي دعونا لا نعيد اختراع تجاربنا السابقة، فليس كل قادم من الولايات المتحدة يصلح، ولدينا بالفعل من الخبرات ما يكفينا.

إقليميًّا، وبعيدًا عن صناعات معينة زملائي على المنصة سيقومون بتغطيتها، أريد أن أتذكر بأن لدينا باعًا طويلًا، وخاصة في إفريقيا والدول العربية بعد آسيا في أنشطة كثيرة، مثل المقاولات والرعاية الصحية، فقديمًا مهندس الري المصري كان يلقى ترحيبًا كبيرًا في أي مكان بإفريقيا باعتباره خبيرًا.

التقيت ذات مرة بالمهندس إبراهيم محلب عندما تولى رئاسة شركة المقاولين العرب، وطرحت فكرة لإعادة هيكلة الشركة ومدى تأهيلها للطرح في البورصة، وكانت وقتها تسجل خسائر، أطلعني المهندس محلب على أن النشاط الخارجي للشركة في غانا وغينيا يسير جيدًا، فالمهندس المصري تحمل الصعوبات والمخاطر الموجودة في إفريقيا أكتر من الأوروبين، والقبول السياسي للمصريين في إفريقيا أعلى من باقي الدول، وحتى أسعار تنفيذ المشروعات بشركات وأيادي مصرية في إفريقيا أقل من الدول الأخرى.

متحف البورصة المصرية زاخر بنماذج الشركات المقيدة من مختلف قطاعات الاقتصاد قبل 100 عام

أتصور أن العمل خارج مصر، في الخدمات وليس في المقاولات فقط، عملة لا نحسن استخدمها، حتى عندما تنفذ شركات قطاع الأعمال العام مشروعات في الدول العربية، تستطيع تحقيق أرباح، إذن الخارج مهم، وهنا لا أتحدث عن التصدير التقليدي للبضائع، إنما أناقش الشق الخدمي.

وآخر ما أتطرق إليه استكمالًا لما استعرضه المهندس هاني محمود في التعهيد، وهو المحور المعرفي الثقافي، وللتذكرة فقط فإن اللغة العربية والفن والتعليم والثقافة والمحتوى باللغة المنتشرة حاليًا تعد مصر منبعها، ولكن هذا عرش نفتقده بالتدريج.

من يرى أي قنوات فضائية حتى ترجمه الأفلام، فقد نشأنا على شخص بعينه مسئول عن ترجمه الأفلام وهو أنيس عبيد، الآن نجد ترجمات من عمان ولبنان وغيرهما، والتعليم نفس الشي.

الشركات المصرية لها خبرة قديمة في العمل بإفريقيا بقطاعات المقاولات والرعاية الصحية والري

استديو مصر والمنشأ من قبل بنك مصر في الخمسينات كان يصدر عدد كبير من الأفلام في جهات عديدة، أكثر بكثير مما ينتجه اليوم.

التعليم أيضا والمدرس المصري وغيره. مثال بسيط، السعودية أكبر دولة في الخليج تمتلك مبادرة لتشجيع عمل المرأة ، أظن 17% من السيدات عاملات، وتخطط المملكة لرفعها إلى 50%، الرقم المشتق منه نستطيع حساب عدد الحضانات وتعليم للأطفال لتشجيع المراة على العمل، فالفرصة متاحة لمن يرغب في المحتوى والثقافة بكل مقايسها وبعدهما الشق السياحي، وأتصور أنها طاقات غير مستغلة.

هناك كيانات غير تقليدية مملوكة للدولة تملك طاقات كامنة منها الأوقاف والتأمينات الاجتماعية

لدينا أيضًا طاقات غير مستغلة في مؤسسات تقليدية عتيقة يمكن أن تحقق عائد بالمليارات، بدون أي استثمار إضافي إلا في الإدارة والبشر، مثال على ذلك أغنى هيئة في مصر وهي هيئة الأوقاف، التي تمتلك استثمارات بمئات المليارات، ونحن لا نرى لها ميزانية أو إفصاحات.

وهناك أيضًا التأمينات الاجتماعية التي تعد من أكبر المستثمرين المؤسسين، حيث تطرق نائب رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية الدكتور إسلام عزام في كلمته الافتتاحية صباح اليوم إلى أن صناديق التأمين الخاصة تمتلك كنوزًا.

المنافسة الخارجية هي أكبر عقبة أمام قطاع الغزل والنسيج وليس تطوير الآلات والأجهزة فقط

فبدلًا من إطلاق أجهزة جديدة، نحن نمتلك كيانات بحاجة إلى تطوير وإتقان إدارتها.

أحمد رضوان: في الجولة الثانية أيضًا سأتوجه بالسؤال إلى الأستاذ شريف سامي: هل هناك إرادة حكومية للتعامل مع هذا الإرث وتصحيحه وتحويله إلى طاقات فعالة أم أن هذه الإرادة غائبة؟

شريف سامي: الإرادة يسهل وجودها في توافر قائد قوي للدولة وأجهزة إعلام ورأي عام لا يختلف في هذا الأمر، فنحن لا نستطلع رأيًا حول مجانية التعليم، هذا أمر لا خلاف عليه.

حل مشاكل الملكية هي البداية الأفضل لتنشيط تصدير العقار.. والأجنبي لا يستوعب طول فترة تسجيل الوحدة

هاني محمود: الأستاذ شريف سامي ذكرني عند توليت هيئة البريد المصري، دعوني لتفقد متحف البريد في منطقة العتبه، أصبت بالذهول، وردي عليهم أنه ليس بمتحف ويجب تغيير اسمه إلى مخزن، ولكنه الآن بعد تطويره أصبح شي أخر. يمكن للشاب المصري الصغير أن يمضي يومين يستعرض تاريخ مصر كله، مسجلا بطوابع بريد ولا يوجد مناسبة إلا ولها طابع تذكاري.

شي أخر بالنسبة للفن، بالفعل نحن افتقدنا ما تحدث عنه الاستاذ شريف سامي، فمنذ أيام رأيت فيلم الزوجة الثانية، كل جملة في هذا الفيلم عبقرية.

أحمد رضوان: ننتقل إلى المهندس هاني برزي.. في الفترة الأخيرة تم الحديث باستفاضة حول فكرة توطين الصناعة، وعندما ناقشنا هذا الموضوع في جريدة حابي في أحد لقاءات صالونها الشهري، وجدنا أن الملف واسع جدًّا، وربما تكون حتى محاوره غير واضحة عند أهل الصناعة أنفسهم.

بما أننا نناقش الطاقات الكامنة في الاقتصاد، فهل فكرة توطين الصناعة يمكن بلورتها ووضعها في صورة محددات وخطة وإستراتيجية، بحيث تستخرج الطاقات الكامنة في الصناعة، خاصة أن هذا القطاع في مصر يمتلك فرصًا كبيرة، وهو أيضًا مدفوع بالطلب الكبير من السوق المحلية؟

وفي رأيك ما الطاقات الكامنة في الصناعة عمومًا؟ وهل ترى أن الأفكار التي يتم طرحها لإنعاش وتوطين الصناعة وإحلال الواردات تصب في اتجاه توسيع الصناعة، واستغلال الطاقات الكامنة في مصر؟

هاني برزي: أشكر أحمد رضوان وجريدة حابي على الاستضافة، وقبل الرد على سؤالك سأعود إلى الموضوع الأساسي، وهو الطاقات الكامنة لمصر، واستمعت جيدًا إلى زملائي في الجلسة وتجاربهم.

المهندس هاني برزي رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة إيديتا للصناعات الغذائية ورئيس المجلس التصديري للصناعات الغذائية

المهندس هاني برزي:الطاقات الكامنة في مصر معروفة.. والمشكلة في عدم الإمساك بكل فرصة

كل الطاقات الكامنة في مصر معروفة، والمشكلة هنا في عدم محاولة الإمساك بكل فرصة متوفرة لدينا واستغلالها، والاقتصار على الحديث فقط، واعتياد فتح موضوع ما للنقاش دون الوصول إلى نهايته.

المهندس هاني محمود تطرق في حديثه إلى التعليم الفني، وهذا المجال استغرق مناقشات لسنوات عديدة، فخلال العامين 2006- 2007، أنشأت وزارة الدكتور أحمد نظيف ما يسمى بمجلس التدريب الصناعي، وأنا كنت أحد أعضائه، والحكومة وقتها رصدت له 500 مليون جنيه، ووضعت الرهان على مجموعة من رجال الأعمال والصناعة المتواجدين داخل المجلس على تطوير التعليم الفني، وفي النهاية لم يحدث شيء.

إحدى الطاقات الكامنة في مصر بلا شك تتمثل في القوة البشرية الكبيرة، فنحن في الصناعة نعاني من عدم وجود الكفاءات الفنية، فكيف سنصدر العمالة إلى ألمانيا كما قال المهندس هاني ونحن لا نمتلك كوادر نستطيع الاعتماد عليها في مصانعنا بمصر، وهو الأساس المساعد لتطوير الصناعة، فتطور دول أوروبا وأمريكا وآسيا كان من خلال التكنولوجيا والتعليم الفني.

نعاني في الصناعة المحلية من نقص الكوادر المؤهلة.. فكيف يتم الحديث عن تصدير العمالة؟

مشكلتنا الفعلية في مصر أن الصناعة لا تمتلك كوادر فنية قادرة على تطويرها، لأن في النهاية الفرق سيكون عبارة عن جودة المنتج النهائي.

كمية الهدر الموجودة في مصر أيضًا من ضمن الطاقات الكامنة، فعند البحث عن هذا الهدر في كل قطاع من قطاعات الدولة، والعمل على منعه، سيكون ذلك في حد ذاته استغلال للطاقات الكامنة.

أحمد رضوان: مثل ماذا؟ أيمكن أن نطرح مثالًا عن هذا الهدر من وجهه نظرك؟

هاني برزي: لدينا هدر في أجور ومرتبات العاملين في الدولة مثلًا، وهناك أيضًا بعض القطاعات غير المنتجة، وهناك هدر في القطاع الزراعي الصناعي، لأنه من المفترض إصدار قانون جديد للإنتاج، فحتى الآن ممنوع البناء على الأراضي الزراعية، واستغرقنا نحو عشرين عامًا في الحديث عنه ولم يحل بعد.

التعليم الفني والتكنولوجيا أساس تطور الصناعة في أوروبا وأمريكا وآسيا

من ضمن الأمثلة أيضًا، أنك لا تستطيع زراعة الطماطم في الدلتا وتنقلها إلى مصانع الصلصة في مدينة العاشر من رمضان أو 6 أكتوبر، فهذا يسبب هدرًا رهيبًا بسبب سوء التخزين والنقل.

يمكن أن أتحدث عن كل هدر في كل قطاعات الدولة، مصر دولة سياحية من الدرجة الأولى فقبل الحديث عن الصناعة، يجب مناقشة قطاع السياحة، خاصة لما نمتلكه من شواطئ وآثار وتاريخ، فعدد الوافدين سنويًّا ضئيل جدًّا مقارنة بأي دولة مجاورة، وهذا يرجع إلى عدم الاهتمام وحل عقبات السياحة بشكل جذري.

«لهدر» أحد الطاقات الكامنة في مصر.. ويظهر في الأجور والبناء على الأراضي الزراعية وسوء نقل وتخزين المحاصيل

عدم تذليل العقبات يرجع إلى افتقاد الإستراتيجية، وغياب منهج واضح لكل قطاع معروف بدايته ونهايته، ففي المؤتمر الاقتصادي الأخير طالبت بضرورة وجود إستراتيجية واضحة للصناعة، وعلى أثره وجه دولة رئيس الوزراء وزير التجارة والصناعة بإعدادها خلال ثلاثة أشهر.

أحمد رضوان: وزير المالية الدكتور محمد معيط في جلسته الافتتاحية للمؤتمر تحدث عن مشاكل المستثمرين ومتطلباتهم وقال نصًا: “مكتبي مفتوح لأي مستثمر لديه توصيات واضحة لتقديمها».

المهندس هاني برزي هل سبق وقام المجلس التصديري للصناعات الغذائية بتقديم إستراتيجية واضحة لتطوير هذا القطاع تفصيليًّا؟

هاني برزي: ليس من مهامنا في المجلس التصديري تقديم إستراتيجية للصناعة، إنما يرتكز دورنا باعتبارنا مجلسًا استشاريًّا لوزير الصناعة فيما يخص التصدير وقطاع الصناعات الغذائية، ونقوم بتقديم إستراتيجيات عديدة وتصور لتنمية الصادرات المصرية.

مصر دولة سياحية من الدرجة الأولى.. ولكن لا يتم حل مشاكل السياحة بشكل جذري

نواجه العديد من التحديات والتداخل والتضارب في الحكومات والوزارات المختلفة، يؤدي إلى إعاقة التصدير، فعلى سبيل المثال تحدثنا كثيرًا عن الفراولة المجمدة، فمصر أصبحت من أكبر الدول المصدرة لها.

ولأن هذا القطاع لم يتم تنظيمه وتنسيقه بين وزارتي الزراعة والصناعة، بدأ يحدث تداخل من المزارعين الراغبين في الاستفادة من هذا النمو، ونتج عن ذلك الإضرار بالسوق، نتيجة لعدم وجود الجمعيات التعاونية القادرة على حصد المحصول وتحديد الأسعار والالتزام بكفاءة المنتج الذي يتم تصديره.

عند الحديث عن الاستثمار خلال كلمة الدكتور محمد معيط وزير المالية اليوم، يتطرق إلى الأذهان تساؤل واقعي، هو: من المستثمر الراغب في الاستثمار داخل مصر وهو لا يعرف شيء عن سياسة خروج أمواله، وفي حال دخوله، باستثمارات معينة فكم المبلغ المتوقع أن يخرج به؟

في المؤتمر الاقتصادي الأخير طالبت بضرورة وجود استراتيجية واضحة للصناعة

أحمد رضوان: إلى أي مدى يؤثر سعر العملة على المستثمر المحلي الراغب في التوسع؟

هاني برزي: في كل الأمور، اليوم توجهت إلي بسؤال عن توطين الصناعة، وأنا من ضمن الشريحة المعترضة عليها، لأنني أتحدث عن القيمة المضافة.

لا أعترض على توطين الصناعة في مجالات تمتلك فيها مصر ميزة تنافسية، إنما أعترض على تطبيقها على المشاع، فهذا الكلام غير منطقي لأنه يترتب عليه الدخول في تصنيع شيء ما محليًّا دون وجود ميزة تنافسية، وبالتالي سيتم تصنيعها بسعر أغلى من تكلفة استيراده، مما يؤدي إلى ارتفاع سعر المنتج النهائي بشكل لا تستطيع تصديره أو المنافسة به خارج مصر.

دورنا كمجلس تصديري يرتكز على تنمية الصادرات وليس وضع استراتيجية للصناعة

الأهم من توطين الصناعة هو رفع القيمة المضافة، وهذا لن يأتي إلا عن طريق التكنولوجيا وجودة الإنتاج وأيضًا العمالة الفنية التي تعمل في هذا المجال، واليوم قبل الحديث عن أي شيء يجب مناقشة المشكلة الاقتصادية التي تواجهنا الآن.

سأعود خطوة إلى الوراء لما قبل موضوع توطين وتعميق الصناعة، كنت أرغب في دراسة ومعرفة الدول المنافسة مثل تركيا أو الدول الأوروبية، كم تستورد من منتجاتها، فسألت أحد المفوضين الأوروبيين الموجود في بعثة الاتحاد الأوروبي، وأجاب بشكل خاص عن أوروبا، وفوجئت أنها تستورد 90% من مدخلات إنتاجها، وعلى الرغم من ذلك لا تمتلك مشكلة في النقد الأجنبي ولا يتحدثون عن توطين وتعميق صناعة، بل التركيز على التصدير والتكنولوجيا.

أحمد رضوان: لأنه لا يوجد عجز في الميزان التجاري.

هاني برزي: بالطبع، ولماذا لا يوجد عجز في الميزان التجاري لأنهم يقومون بالاهتمام بالقيمة المضافة. مثال بسيط على ذلك سويسرا اليوم تشتهر بجودة صناعة الشكولاتة، على الرغم من أنها تستورد بذور الكاكاو من إفريقيا، وقاموا بدعم القيمة المضافة عليها بالتصنيع.

نواجه العديد من التحديات والتداخل والتضارب بين الوزارات المختلفة يؤدي إلى إعاقة التصدير

مصر تمتلك فرصًا كبيرة جدًّا اليوم، وخاصة في الصناعة والسياحة، ويجب التعامل مع السياحة على أنها ملف مهم، فعلى الأقل يجب أن يكون الحد الأدنى للوافدين 60 -70 مليون سائح سنويًا، ولن ينجح هذا بدون إستراتيجية واضحة لتطوير هذا المجال وتوفير مناخ جاذب للسائح القادم وتغيير الفكر بالكامل.

في مجال الصناعة، هناك إمكانيات وطاقات متوافرة بشكل كبير، ولكن اليوم الفرصة أكبر للصناعات الصغيرة والمتوسطة، وهو ما تحدث عنه المهندس هاني محمود، فالصناعات الكبيرة تواجه حاليًا حجم تكلفة استثمارية ضخم في ظل وضع الدولار.

اعترض على فكرة توطين الصناعة لأن الأهم هو رفع القيمة المضافة والمزايا التنافسية لسد عجر الموازنة

ووسط تخفيض قيمة العملة والرؤية والوضع المرتقب، هذه البنود يجب أن ترسم رؤية لأن الاستثمار الصناعي طويل الأجل على عكس التجارة، فمن دون استقرار سياسي ومادي ونقدي وتشريعي، تكون العملية صعبة.

ردي على معالي وزير المالية هو: قبل المجيء ومناقشة المشاكل، يجب حل التحديات عن طريق توفير المناخ المناسب الذي أستطيع العمل من خلاله، ولا أعتقد أنه من السهل على أي مستثمر في كل عقبة يواجهها التوجه إلى مكتب الوزير لحلها.

هناك فرصة كبيرة لتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة في ظل ارتفاع التكاليف الاستثمارية على المشروعات الكبيرة

أذكر على سبيل المثال أنني اجتمعت مع أحد وزراء التجارة والصناعة السابقين، وطلب مني كتابة ورقة بتحديات الصناعة، فذهبت إليه وأخبرته أن هذه الورقة ترافقني منذ 10 سنوات، وتحتوى على 10 مشاكل، إذا عملنا على حل واحدة منها فهذا يعد إنجازًا.

مثال صغير على طبيعة التعامل مع التحديات.. حتى الآن لا نستطيع حل مشاكل الدفاع المدني وبطء التراخيص.. وأكتفي بهذا القدر.

أحمد رضوان: الأستاذ علاء الزهيري رئيس اتحاد شركات التأمين المصرية.. ترجع أهمية قطاع التأمين إلى أنه يعتبر أحد الزاويا المهمة التي يمكن أن نرى من خلالها شكل الاقتصاد بقطاعاته المختلفة، فكل قطاع استثماري يخضع للدراسة بصورة دقيقة لتحديد مخاطره، قبل التأمين عليه.

من وجهة نظر قطاع التأمين أين تكمن الطاقات الكامنة في الاقتصاد المصري؟ وأين تتواجد الفرص؟ وكيف يمكن الوقوف على العقبات وتحديدها للتعامل معها وتحويلها إلى حلول؟

علاء الزهيري رئيس اتحاد شركات التأمين المصرية

علاء الزهيري:الجلسة وضعت يدها على التحديات والحلول أيضا.. والتأمين في مصر والعالم أجمع هو مرآة للاقتصاد

علاء الزهيري: شكرًا أحمد رضوان، بعد كل ما قيل من أساتذتنا خلال الجلسة، أعتقد أننا وضعنا أيدينا على العديد من المشاكل، وأؤكد على كلام المهندس هاني محمود بأننا نعلم جيدًا التحديات وأيضًا الحلول، والأهم من ذلك هو بدء العمل عليها.

التأمين في مصر والعالم أجمع هو مرآة للاقتصاد، والقطاع في آخر خمس سنوات خلال الفترة من 2017 إلى 2022، شهد زيادة تجاوزت 100% في معدلات نمو عملياته، داخل مختلف القطاعات الاقتصادية، ويرجع ذلك إلى مشروعات البنية التحتية العديدة التي تم تنفيذها، والتي ساهمت بصورة كبيرة في زيادة حجم أقساط التأمين.

ركزنا على بعض القطاعات التي كانت مهملة، والتي تطرق لها الدكتور إسلام عزام نائب رئيس هيئة الرقابة المالية، والمهندس هاني محمود، وهي المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، ووجدنا خلالها فرصة ليحقق قطاع التأمين نموًّا داخلها.

مشروعات البنية التحتية ساهمت إلى حد كبير في نمو أقساط التأمين.. وركزنا على القطاعات المهملة

بدأنا بالفعل بعمل منتجات تأمينية متخصصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة والتأمين متناهي الصغر، نتج عن ذلك عدد 9 منتجات خلال السنوات الأربع الماضية، وساهمت في زيادة قدرة شركات التمويل متناهي الصغر على النمو، وهذا ما أعلن عنه الدكتور إسلام عزام عن وصول حجم التمويل متناهي الصغر إلى 45 مليار جنيه.

عميل التمويل متناهي الصغر يمتلك اليوم أكثر من وثيقة تأمين، لتغطي عدم قدرته على السداد، وأيضًا الحوادث وتأمين البضائع التي يعمل بها ضد الحوادث.

يتواصل التأمين أيضًا مع شريحة النساء أصحاب نحو 75% من التمويل متناهي الصغر، لاستخراج وثائق تأمين لهم، حتى وإن كان بالنسبة للبعض مبلغًا ضئيلًا، وفي حال تعرضها للوفاة أو حادث يقوم التأمين بسداد الدين عنها، ونقدم أيضًا حماية للبضائع التي تعمل بها مثل الخضار أو الفواكه.

قطاع التأمين وجد فرصة كبيرة للنمو في المنتجات المخصصة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر

وأعتقد أن التأمين لعب دورًا جيدًا في تحقيق طفرة داخل قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر، مع وجود بعض التشريعات التي سهلت عملية التواصل.

التحول الرقمي كان أحد أهم العوامل المساعدة في قطاع التأمين، فهو تغلب على عقبة استخراج وثيقة تأمين بقسط منخفض 30 أو 40 جنيهًا في السنة، وتحصيلها من خلال تنفيذ كل ذلك بجانب أيضًا التسويق لها وصرف التعويض بشكل إلكتروني، مما أدى إلى توفير المصروفات، لتشجيع شركات التأمين للعمل في قطاع تأمين متناهي الصغر.

وفي إطار بذل المزيد من الجهود، يقوم اتحاد التأمين بعمل مؤتمر سنوي، ووقع الاختيار على محافظة الأقصر لتشهد فعالياته خلال شهر فبراير القادم، لتنشيط قطاع التأمين متناهي الصغر، والاستفادة من تجارب دول شرق آسيا وإفريقيا على سبيل المثال، عبر وجود متحدثين من هناك، ومعرفة الجديد لديهم.

وفيما يخص جزء الطاقات الكامنة، أعتقد أن حجم استثمارات قطاع التأمين يتراوح بين 160 إلى 170 مليار جنيه، وأغلبها تتواجد في أذون خزانة أو سندات أو ودائع، وتحاول شركات التأمين أن توفر عنصر السيولة والاسترداد في هذا النوع.

السوق شهد طرح 9 منتجات في السنوات الأربعة الأخيرة ساعدت شركات التمويل متناهي الصغر على النمو

مع ذلك فاستثمارات شركات تأمين الحياة تعد طويلة الأجل، والتي تطلق وثائق تأمين تصل إلى 25 عامًا، وتمثل نحو 50% من إجمالي استثمارات قطاع التأمين.

وأعتقد في حال استطعنا توجيهها في مشروعات، سيساهم ذلك في استثمار مبالغ كبيرة في بدلًا من أن تكون داخل ودائع أو أي نوع من الاستثمارات الثابتة، وهذا سيتطلب بعض التعديل في التشريعات لتوزيع محفظة الاستثمارات.

قطاع التأمين في مصر واعد، وبعد إجراء تعديل في التشريعات والسماح لشركات الوساطة بالتواجد في مصر بعد أن كان يقتصر على وسيط فردي، بدأت السوق أيضًا في جذب شركات وساطة أجنبية، والعقبة حاليًا في كيفية استخراج العائد، وهذه العقبة لا تخص قطاع التأمين فقط بل كل المجالات الراغبة في زيادة حجم الاستثمارات الداخلة إلى مصر.

شركات التأمين تمتلك محافظ استثمارات ضخمة ربما تكون طاقة كامنة يمكن استغلالها إذا ما تم تعديل نسب توزيع الاستثمارات

أحمد رضوان: من الممكن في الجولة الثانية مناقشة لماذا تعد مساهمة قطاع التأمين في الناتج المحلي ثابتة، رغم كل التعديلات التي تحدث سنويًّا في التشريعات، ودخول لاعبين جدد في القطاع.

ننتقل إلى الأستاذ حسين الشربيني، أريدك أن تحدثني عن فكرة ما هي الطاقات الكامنة التي يراها سوق المال في الاقتصاد عمومًا؟

ولدي سؤال آخر.. عند الحديث عن ملف الطروحات، ربما يقول البعض أن هناك تأحر في تنفيذ برنامج الطروحات الحكومية، ويرجع ذلك إلى أسباب منها صعوبة التقييم.. ولكن لماذا تعد سوق المال غير جاذبة لطروحات الشركات الخاصة، فعدد الطروحات التي تتم سنويًّا من الشركات الخاصة ضعيف جدًّا رغم الحديث المستثمر عن أن سوق المال بوابة جيدة ومناسبة للتمويل؟

حسين الشربيني: شكرًا أحمد رضوان وجريدة حابي على مؤتمرها وأشكر زملائي المشاركين في الجلسة.

حسين الشربيني العضو المنتدب لشركة العربي الإفريقي للاستثمارات القابضة

حسين الشربيني: الثروة البشرية هي أول ما خطر في ذهني عند دعوتي للمشاركة في المؤتمر

يصعب الحديث بعد تصريحات القامات المتواجدة، وأود في البداية مشاركتكم بأن أول ما خطر في ذهني في اللحظة الأولى لدعوتي للمشاركة، بشأن موضوع الطاقات الكامنة، كان الثروة البشرية.

هناك العديد من الأشياء التي ذكرت تخص الثروة البشرية، منها تصدير العمالة والتعهيد وغيره، أريد أن أتخذ خطوة إلى الوراء وأفصح عن بعض الإفصاحات البسيطة التي لا تخفى على أحد، مصر دولة وصل تعدادها السكاني إلى 113 مليون نسمة، 50% منهم ذكور والباقي إناث، ويبلغ معدل الأمية نحو 25%.

هناك قوة كامنة كبيرة جدًا ومتنامية في طاقة العمل بمصر.. ونسبة الشباب تصل إلى 50% من السكان

نسبة الشباب بداية من الفئة العمرية لحديثي الولادة وحتى 24 عامًا من إجمالي التعداد السكاني لمصر 50%، هذا يعكس وجود قوة كامنة كبيرة جدًّا ومتنامية، خاصة إذا تحدثنا عن معدل نمو سنوي في حدود 1.7 -2%، بمعدل 2 مليون طفل سنويًّا.

سأعود خطوة أخرى إلى الوراء، أعتقد أن جزءًا من المشكلة هو الإستراتيجية، نحن كدولة نتمتع بموقع إستراتيجي، محاط بالبحرين الأبيض والمتوسط، ولدينا أيضًا نهر النيل ومناخ جاذب وغيرها، ولكن أنا شخصيًّا لا أعلم هويتنا الاقتصادية حتى الآن.. هل زراعية أو صناعية أو خدمية؟

غياب الهوية الاقتصادية جزء كبير من المشكلة.. هل مصر زراعية أم صناعية أم خدمية؟

نقطة البداية هي تحديد وضعنا الحالي، وعلى أثر باقي الدول التي تضع الخطط، يجب وضع خطة واضحة الأهداف لها فترة زمنية محددة وبناء على تلك الإستراتيجية، يجب أن نحدد تشكيل سوق العمل.

نحن نمتلك عدد كبير من الشباب يلتحقون بالتعليم الابتدائي ثم الاعدادي ثم الثانوي ثم الجامعي، وهناك تعليم مجاني، وهناك التعليم الخاص، ولكن لا أعتقد أننا نمتلك استراتيجية محددة لشكل مقومات قوة العمل التي تدخل سنويا.

لا يخفى على أحد ونحن نشهد معاناة في صناعات كثيرة، عند فتح طلبات للتوظيف، تتقدم أعداد كبيرة، ولكن لا تكون جميعها ملائمة لمتطلبات الوظيفة.

سوق العمل يتشكل بعد تحديد الهوية ووضع خطة واضحة الأهداف بناء على وضعنا الحالي

وبغض النظر عن كل الصناعات سواء خدمية أو غيرها، أعتقد أن هناك الكثير من المشاكل، وابسط مثال على ذلك، ما طرحه المهندس هاني محمود عند استدعاء عامل لتركيب أعمال السباكة في إنجلترا، اليوم في مصر إذا احتجت إلى عامل واحد يرتابك الشك إذا كان مؤهلًا أم لا، وقس على ذلك باقي المجالات.

لا أعتقد أننا نمتلك استراتيجية محددة لشكل مقومات قوة العمل التي تدخل سنويا إلى السوق

ومن المهم لنا كدولة التركيز على إستراتيجيتنا في الأساس ثم الخاصة بالشباب وكيفية استخدامهم، حتى وإن كان التصدير جزءًا من الإستراتيجية لن يكون بمشكلة في حال حققنا الاكتفاء بالسوق المحلية.

هذا هو التحدي الأكبر من وجهة نظري، وهو أيضًا قوة كامنة غير عادية، فالدول الأوروبية تعاني من ارتفاع نسبة كبار السن، ونحن نمتلك شريحة شباب كبيرة غير مستغلة.

الجاهزية والتوقيت هما السببان الرئيسيان لتباطؤ وتيرة الطروحات بالبورصة

أحمد رضوان: المهندس عبد الله سلام هل تود أن تتحدث بنظرة عامة حول ما هي الطاقات الكامنة في الاقتصاد أم نناقش بشكل أوسع فكرة تصدير العقار، وإلى أي مدى يتم وضع منهجيتها بطريقة فعلة يمكن على أساسها الوصول إلى نتائج جيدة؟

دعنا نتعامل مع إجابتك على أنها نموذج إذا أردنا التحدث عن إستراتيجية وخطة لتصدير العقار، فنحن نتحدث عن شيء يكاد يكون بكرًا.

نريد أن نضع منهجية وإستراتيجية واضحة، ونستطيع بعد ذلك استنباط النتائج، وهل كانت هي المرجوة وجاءت وفقًا للإستراتيجية المحددة أم خالفتها، ومعرفة مدى احتياجنا لوجود تحفيز؟

المهندس عبد الله سلام الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة مدينة مصر

عبد الله سلام: مصر كنز كامن.. بداية من الطاقات البشرية وحتى الصناعات المتعددة

عبد الله سلام: دعني أعقب سريعًا على محور المؤتمر الأساسي وهو الطاقات الكامنة، ثم نتطرق إلى تصدير العقار. لا أعلم هل يجب توجيه الشكر لكم أم القلق منكم، فهل هذا سؤال ذكي أم فخ!

مصر هي كنز كامن، بداية من الطاقات البشرية للصناعات المتعددة من اللوجيستيات للتعهيد للصناعة ذاتها، دائمًا ما أردد أنه في ظل كل هذه التحديات، وعلى مدار ما رأيته خلال العشرين عامًا الماضية، نحن مررنا بظروف صعبة، ورغم ذلك انطلقت من مصر عدة مؤسسات مثل إيديتا والسويدي وهيرميس والنساجون الشرقيون وغيرهم.

ففي ظل هذه الظروف مصر، خرجت مؤسسات ذات هوية قوية الآن، مابالك إذا عملنا على تذليل التحديات.

رغم التحديات.. انطلقت من مصر كيانات ذات هوية قوية مثل إيديتا والسويدي وهيرميس وغيرهم

أؤكد على كلام المهندس هاني محمود، فالعقبة هنا أن الحديث عن التحديات يستغرق سنوات دون حل، لا يوجد اقتصاد في العالم خالٍ من العقبات، ولكنها تختلف بكل حقبة زمنية، فما يميز مؤسسة عن أخرى هو قدرتها على حل المشكلات، وأن تنعكس هذه الحلول على حجم نموها وتميزها في السوق.

مصر تمتلك طاقات وإمكانيات متعددة، سواء طبيعية أو من تدخل البشر، تجعلنا دائمًا نمتلك الأمل، أنه حتى في أصعب الظروف، يمكن أن نصدر أشياء مميزة، وعلى رأسها الطاقات البشرية، دائمًا ما نقول «اتفرج على المصري لما بيطلع برا بيعمل إيه».

كنت أتحدث قريبًا مع مسؤول بالدولة، وتطرق الحديث إلى أنه من المفترض أن يكون لوزارة الهجرة مستهدف، مثلما قال المهندس هاني محمود في بداية الجلسة، ويجب أن يتضمن هذا المستهدف خطة بأعداد العمالة المستهدف تصديرها سنويًّا، وألا يقتصر دور الوزارة على حل مشاكل المصريين بالخارج.

لا يوجد اقتصاد خالِ من التحديات.. ولكن العقبة هي أن الحديث عن العقبات يستغرق سنوات دون حل

كما قال الأستاذ حسين الشربيني، عندما تحدث عن هوية الدولة، هل هي مصنعة أو مصدرة أم ماذا تحديدًا، فعلى سبيل المثال ألمانيا لا تعاني من أزمة في قطاع السيارات، فهي تمتلك مقومات الصناعة.

دولة مثل اليابان تستورد 60% من طعامها على الرغم من قوة اقتصادها، كما يقومون باستيراد 100% من طاقتهم، على عكس مصر التي تمتلك موارد مثل الغاز والبترول ويقتصر استيرادها على كميات العجز فقط.

دولة مثل كندا تضع مستهدفًا لاستيراد 250 ألف شخص سنويًّا، تقابله خطة للتصدير أيضًا، وكما لفت المهندس هاني محمود أيضًا عن مدى ترحيب ألمانيا باستقبال أي عدد من العمالة الفنية، يجب أن تكون مدربة حتى تطيل من المدة الزمنية التي تعمل بها هناك.

على صعيد الحضور أجمع.. من يعلم إستراتيجية مصر 2030 والمفصح عنها من 2016؟ من المهم الاستماع لما تمت مناقشته والأخذ به، نحن لا نضع اللوم على أحد ولا نشير بأصابع الاتهام تجاه شخص بعينه، ولكن من فضلكم يجب أخذ هذه المناقشة في الاعتبار، وأؤكد على كلام الأستاذ حسين الشربيني أن الرؤية والإستراتيجية هي بداية المشوار دون تعطيل العمل.

نحتاج بالفعل إلى هوية اقتصادية واستراتيجية كبداية للمشوار.. ومن المهم الاستماع لما يتم مناقشته والأخذ به

مهمة تحقيق النمو يجب أن ترتكز على الشركات الناشئة في حال رغبنا في اللحاق بالدول الأخرى، مثل تركيا وماليزيا والهند والبرازيل وغيرها، ويجب أن تزيد نسبة مساهمتها في الناتج المحلي على معدلات 3 أو 4%.

المستثمر يحكمه الخوف والطمع، وهذا مبدأ معروف خارجيًّا، كما هو الحال في السوق الاستهلاكية التي يحكمها العرض والطلب، وبالنسبة لتصدير العقار فمصطلح التصدير هنا مختلف عن باقي الصناعات، فداخل القطاع تطبيق هذه الثقافة يعني أن المستثمر الأجنبي الذي تطبق عليه عملية التصدير هو من يأتي للسوق المحلية على عكس ما يتم بأنه يحصل على بضاعته داخل بلده، ويفضل تسميتها بثقافة جذب استثمارات.

تصدير العقار هو اجتذاب رؤوس الأموال الخارجية، فهو يشبه FDI، ويقوم على إقناع المستثمرين بوجود بيئة تمتلك سياسة واضحة لخروج الأموال في ظل إقامته داخل بلادك بقوانينك.

يجب زيادة الوعي بملف الاستثمار الأجنبي، ومعرفة حجم الإنفاق عليه من باقي الدول، فهو يعتبر من ضمن الأسواق المهمة، لذلك يجب وضع مستهدف له، حتى الآن ما يتم ليس استثمارات أجنبية مباشرة ولكن مساعدات من دول شقيقة ومرتبطة بمصر سواء على المستوى الاجتماعي أو لها استثمارات سابقة.

تصدير العقار أقرب ما يكون إلى جذب الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يحتاج إلى بيئة مشجعة وسهولة في الدخول والخروج

دائمًا ما أضع إيلون ماسك مثالًا على ذلك، فهو استحوذ على شركة تويتر التي لا تحقق أرباحًا، بقيمة 44 مليار دولار، بغض النظر عن أنه يمتلك أهدافًا أخرى تجاهها، وقيمة الصفقة تعد أكثر من القيمة السوقية للشركات المتداولة في البورصة المصرية قاطبة، لك أن تتخيل في حال وفرت المنتج المناسب لعقلية مثل إيلون ماسك.

تحديات البورصة العقارية تتلخص في التسجيل والشهر العقاري.. والحلول موجودة

أحمد رضوان: المهندس هاني محمود يمتلك خبرات كبيرة في أكثر من نشاط اقتصادي من القطاعين العام والخاص، وبالتأكيد من بين هذه المجالات صناعة الغزل والنسيج.

هناك فرصة كبيرة جدًّا لعمل صناعة غزل ونسيج للتصدير أيضًا وليس فقط لتغطية متطلبات السوق المحلية، ولكن إلى الآن ووفقًا لآخر أرقام معلنة خلال الأيام الماضية، فإن صادرات مصر من الصناعات النسيجية والغزل تتراجع. ما هو السبب؟ ومتى ستظهر نتائج مشروعات التطوير الضخمة التي تقوم بها الحكومة في مصانع الغزل والنسيج المملوكة لها، وتحديدًا على مستوي التصدير؟

هاني محمود: في الحقيقة، درسنا مشروع تطوير شركات الغزل والنسيج، وهو مشروع ضخم جدًّا، وأنا متفائل بقدرته على تحقيق عوائد جيدة جدًّا، ويرجع تأخر تنفيذه إلى سببين، هما أزمة كورونا المفاجئة وقرارات التعويم التي تلتها، حتى التكلفة التي وضعت لإعادة هيكلة مصانع الغزل والنسيج في القطاع العام والبالغة 23 مليار جنيه لتحويلها إلى مصانع حديثة أصبحت غير كافية بعد التعويم، لأن كل الماكينات يتم استيرادها.

هناك تأخير وعندما ينتهي هذا المشروع ستحصل مصر على حصة كبيرة من سوق التصدير لقطاع المنسوجات والملابس الجاهزة، وتعد صناعة الغزل والنسيج من الصناعات الوحيدة التي يمكن استغلالها بقوة، لأن كل مرحلة منها قابلة للبيع والتصدير.

أحمد رضوان: متى تتوقع أن يحدث نمو في حجم صادرات القطاع؟

هاني محمود: التطوير يجري على 19 مصنعًا منها 7 في المحلة والباقي يتوزع على كفر الدوار والصعيد وغيرهما، وهناك مصنع منها جاهز للافتتاح، ولكن أحداث العدوان على غزة تسببت في إلغاء احتفالية الافتتاح، وأتوقع أن يحقق هذا المشروع طفرة، ويخدم القطاع الخاص.

لدينا فرصة كبيرة في جزء تشطيبات الملابس، فدولة مثل الصين تستكمل مرحلة تصنيع الملابس الجاهزة على السفن، لماذا لا نقوم بعمل سنتر خاص لإضافة القيمة المضافة بصناعة الملابس داخل قناة السويس؟

بالنسبة لعملية التصدير، وتزامنًا مع ذكر جودة الشكولاتة السويسرية، شركة مثل كورونا في حقبة الثلاثينيات والأربعينيات كان يطلق عليها رويال شوكلت، وكانت تحتل الصدارة عالميًّا.

التغيير في هذه الدولة يكون عن طريق التفكير خارج الصندوق، وهو سر نجاح الشركات العالمية.

شريف سامي: توليت في فترة زمنية سابقة رئاسة شركة مصر العامرية للغزل والنسيج، المملوكة لبنك مصر وتعليقًا على كلام المهندس هاني محمود، فالعقبة ليست في الماكينات وتطوير الآلات والأجهزة، ولكن المنافسة مع الدول الأخرى والجودة والسعر.

في كتاب مذكرات الوزير الأسبق مختار خطاب، كتب فصلًا عن غزل المحلة، وأن السيدة الأولى وقتها سوزان مبارك ذهبت لزيارة المصنع وصاحبها خطاب حينها، وطلبت منه تأسيس مركز عالمي للموضة، وهنا كان رد الوزير أنه من الصعب تنفيذه نظرًا لطبيعة الشريحة العمرية وقتها، والعادات التي تتبعها العاملات.

على الرغم من أن مصر تمتلك طاقات كامنة، إلا أن التجارب السابقة تقلل حماسنا نحو بعض المجالات بسبب فشل تطويرها.

وأتفق مع رأي المهندس عبد الله سلام بشأن مصطلح تصدير العقار، فهو يعد تجربة، لأن المالك يعيش داخله ويرغب في سير جميع الإجراءات من ضريبة وغيره وفقًا لمتطلباته.

وأفضل أن تكون البداية بحل مشكلة الملكية، فالمستثمرون الأجانب لا يستوعبون فكرة استغراق مدة تسجيل وحدة عقارية، سبع سنوات، وهناك شركات بالخارج مخولة لإنهاء هذه الإجراءات بمقابل مادي وفي فترة زمنية قليلة.

أحمد رضوان: المهندس هاني برزي.. بعيدًا عن مشكلة النقد الأجنبي وندرة الدولار، برؤيتك ما هي المشاكل المؤرقة الآن، والتي تحد من نمو قطاع الصناعات الغذائية على مستوى توسعات الشركات القائمة أو جذب لاعبين جدد، وهل هناك منافسة مع الحكومة في هذا المجال؟

هاني برزي: نحن جيل تأسسنا على برامج الإصلاح الاقتصادي الممتدة وخطط تطوير الاقتصاد والحزم المالية. نتمنى الانتهاء من هذه البرامج والخطط ورؤية اقتصاد مصر قوي، ولا يحتاج إلى مزيد من الإصلاحات.

قطاع الصناعات الغذائية ردًّا على سؤالك، شهد نموًّا كبيرًا، ونلاحظ ذلك على صعيد شريحة المستهلكين بعد استبدال العديد من المنتجات المستوردة من الخارج، وأصبحت تتوافر في مصر بجودة عالية جدًّا.

القطاع شهد نموًّا بنسبة 14% في الصادرات المصرية، ومن المتوقع إغلاق العام المالي على 5.2 مليارات دولار صادرات غذائية مصرية بالرغم من كل المعوقات والمشاكل الموجودة داخل السوق المحلية، والدول القريبة التي تستورد الغذاء.

لا أستطيع القول بأن الحكومة منافس لشركات القطاع الخاص، والدليل على ذلك هو برنامج الطروحات الحكومية، والذي يهدف إلى تقليل حصة الدولة في بعض القطاعات، ويجب تعزيز دور الحكومة باعتبارها محفزًا ومشجعًا للقطاع أكثر من الدخول والمنافسة في قطاعات الصناعة.

أحمد رضوان: أستاذ علاء الزهيري الهدف الذي يضعه قطاع التأمين دائمًا هو زيادة مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، فلماذا لا يتحقق هذا الهدف؟ وكيف نصل إليه؟

علاء الزهيري: الدول المحيطة بنا والتي كانت معدة للاختراق فيها أو معدة لمساهمة قطاع التأمين في الناتج النهائي للدخل القومي، تغلبت على هذه العقبة من خلال التأمينات الإلزامية.

فالتأمينات الإلزامية، تغطي كل شيء يمكن أن يتعرض له المواطن، وهو مطبق في العالم أجمع، ويطبق على مالكي المنشآت العامة، سواء كان قطاعًا خاصًّا أو حكوميًّا.

أحمد رضوان: هل يتم اقتراح التأمينات الإلزامية من الشركات أم من الحكومة؟

علاء الزهيري: هناك مقترح من السوق ضمن عدد من المقترحات الموجودة في قانون التأمين الذي تتم مناقشته حاليًا في مجلس النواب، السوق السعودية هي أكبر أسواق التأمين خلال السنوات الخمس الماضية، ووصل إلى ذلك عن طريق التأمين الطبي الذي أصبح إلزاميًّا على كل العاملين بالسعودية والوافدين، والشيء نفسه في الإمارات، ومطبق في جنوب إفريقيا التي تعد السوق الأكبر في القارة بقيمة تصل إلى 10 مليارات دولار.

أحمد رضوان: أستاذ حسين الشربيني كيف يتم تشجيع الشركات على القيد والطرح في البورصة؟ وكيف يمكن تهيئة سوق المال لتصبح طاقة للنمو أمام المستثمرين؟

حسين الشربيني: القيد في البورصة سواء للشركات الخاصة أو العامة له ثلاثة أسس: الغرض والجاهزية والتوقيت، وأي شركة ترغب في القيد بالبورصة تستهدف من ذلك جذب مصدر تمويل جديد أو تخارج بعض المساهمين القدامى عن طريق البيع.

الجاهزية بمعنى الهيكل الإداري والمالي لا بد من تهيئته، أما التوقيت فهو يتوقف على ظروف السوق، وهذان العنصران هما السببان الرئيسيان لتباطؤ وتيرة طروحات الشركات الخاصة.

أحمد رضوان: المهندس عبد الله سلام، هل لديك تصور لما تم الإعلان عنه بخصوص البورصة العقارية أم أن الموضوع ما زال ضبابيًّا؟

عبد الله سلام: ما زال الأمر في مراحل أولية جدًّا، وعندما تمت دعوتي لحضور مناقشات تخصها مع رئيس البورصة الحالي، أطلقت عليها أنها مظلة شرعية لمنتج حالي في السوق، فنحن على صعيد شركة مدينة مصر بدأنا في تطبيق عملية البيع بالمشاع منذ أربع سنوات.

التحديات القائمة حاليًا ترتكز على خطوات التسجيل والشهر العقاري، وهي تعد أزمة كبرى في هذه الصناعة، وكما قلنا من قبل الحلول موجودة، والدول الخارجية سبقتنا.

الرابط المختصر