خبراء: الرقمنة والبيانات الدقيقة ضرورة لحماية الزراعة من تقلبات المناخ
مصطفى خليل: الرقابة المالية تسمح بالتحصيل الإلكتروني وإصدار الوثائق رقميا
محمد أحمد وفاطمة أبو زيد_ أجمع خبراء التأمين المشاركون في جلسة «التأمين الزراعي والابتكار الرقمي: بناء القدرة على مواجهة تغيّر المناخ باستخدام التكنولوجيا»، التي أقيمت داخل معرض ومؤتمر القاهرة الدولي للتكنولوجيا بالشرق الأوسط وأفريقيا Cairo ICT، أن ضعف البيانات وصعوبة تقييم الخسائر وغياب الوعي لدى المزارعين تمثل أبرز تحديات توسّع التأمين الزراعي في مصر، مؤكدين أن الرقمنة والشراكات المؤسسية تعدّ الطريق الأسرع لتطوير هذا القطاع الحيوي.
وأشار المتحدثون في الجلسة التي أدارها هاني موسى، المدير الأول لتطوير الأعمال بمجموعة إي-فاينانس إلى أن أقساط التأمين الزراعي في مصر ما تزال أقل بكثير من المتوسطات العالمية، ما يستدعي تدخّلًا حكوميًا ودعمًا من المؤسسات الدولية، باعتبار التأمين أداة أساسية لحماية الأمن الغذائي من تقلبات المناخ.

وشددوا على أن تعزيز استخدام التكنولوجيا، وتطوير أدوات دقيقة لتقدير المخاطر، واعتماد أنماط جديدة مثل التأمين بالمؤشر، هي مفاتيح لبناء ثقة المزارعين وتوسيع التغطيات.
وأكد الخبراء أن المعايرة الدقيقة للخسائر وسرعة إجراءات التعويض تمثلان العمود الفقري لأي منظومة تأمينية ناجحة، مطالبين بربط البيانات الزراعية والمناخية بآليات التقييم لتبسيط التعويضات ورفع كفاءة السوق.
ومن جانبه قال مصطفى خليل، نائب مساعد رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية، إن قطاع التأمين – خاصة التأمين المرتبط بالمركبات – يشهد تحوّلًا كبيرًا مدفوعًا بتطور نظم البيانات وظهور ما سمّاه «حقوق السيارة الجديدة»، التي تشمل منظومة شاملة ترتبط بالتأمين والملكية والفحص الفني وإدارة المخاطر.
وأوضح خليل أن السوق بات يضم شركات متخصصة ومحطات فحص فني معتمدة، ما ينعكس على دقة تسعير الوثائق وتحسين معايير السلامة. وأكد أن الربط بين بيانات المرور والبيانات التأمينية أصبح ضرورة لتعزيز التقييم العادل للمخاطر.
وأضاف أن الهيئة أطلقت منظومة تنظيمية تسمح بالتحصيل الإلكتروني وإصدار الوثائق رقميًا بموجب القرار 122، داعيًا الشركات للالتزام بمعايير الأمن السيبراني. كما لفت إلى أن مصر تشهد توسعًا في استخدام التحقق الرقمي من الهوية، ما يمهّد لتبني حلول تأمينية أكثر تطورًا.
وأشار إلى أن هيئة الرقابة المالية بقيادة الدكتور محمد فريد تدفع نحو تعميم استخدام التكنولوجيا في جميع أنشطة التمويل غير المصرفي، مع اعتماد التوقيعات الإلكترونية وتسهيل الخدمات عبر التطبيقات والمنصات الرقمية. كما تتعاون الهيئة مع GIZ لإعداد دليل للمخاطر المناخية، ومع رواد الأعمال عبر “البيئة التشريعية التجريبية” لدعم الابتكار الرقمي في التأمين.
وأكد خليل أن القطاع ما يزال في بداية التحول الرقمي، لكن الاتجاه واضح نحو رقمنة شاملة للخدمات التأمينية خلال السنوات المقبلة.
الزهير: 1.1 تريليون دولار أن قيمة سوق التأمين الزراعي عالميًا
فيما قال علاء الزهيري، رئيس الاتحاد المصري للتأمين، إن الاتحاد يعمل على بناء منظومة متكاملة للتأمين الزراعي، قائمة على تحديد المخاطر بدقة وابتكار منتجات جديدة تتماشى مع التغيرات المناخية.
وأشار إلى أن 21 لجنة فنية بالاتحاد تعمل يوميًا على تحليل البيانات ودراسة أسواق التأمين، وكشف أن الاتحاد انتهى من إعداد منتجين جديدين.
وأوضح الزهيري أن قيمة سوق التأمين الزراعي عالميًا تبلغ 1.1 تريليون دولار، وأن دولًا مثل الهند نجحت في تطبيق التأمين بالمؤشر، مشيرًا إلى تعاون الاتحاد مع خبراء دوليين لتطوير المؤشرات المناسبة للسوق المصرية.
وأضاف أن الوصول إلى صغار المزارعين يتطلب نماذج تأمينية جديدة غير معتمدة على المعاينة التقليدية، وأن التأمين البرامتري هو الأكثر قدرة على تقليل التكلفة وتوفير تعويضات سريعة.
ودعا الزهيري إلى تكامل مؤسسي بين شركات التأمين وجهات التمويل والتكنولوجيا والبيانات الحكومية لضمان نجاح التأمين الزراعي.
في سياق متصل قال عمر فاروق، مسؤول سياسات البرامج في برنامج الأغذية العالمي بمصر، إن مستوى التغطية التأمينية للمزارعين عالميًا لا يزال منخفضًا رغم ارتفاع المخاطر المناخية، مؤكدًا أن استقرار الإنتاج الزراعي أصبح هشًا بسبب التغيرات الحرارية والجفاف وتغير مواعيد الأمطار.
وأوضح أن البرنامج يعمل منذ 16 عامًا على تطوير نماذج لقياس المخاطر في سلاسل القيمة الزراعية، تعتمد على بيانات درجات الحرارة والأمطار والخرائط المناخية وبيانات النمو والحصاد.
وأضاف فاروق أن تصميم أي وثيقة تأمين زراعي يحتاج إلى بنية قوية من البيانات ونظام فعال للإنذار المبكر ومعالجة البيانات.
وأكد أن الاعتماد على وثيقة تأمين واحدة غير كافٍ؛ بل المطلوب منظومة دعم كاملة تشمل أدوات مالية رقمية لصرف التعويضات، وتحسين الممارسات الزراعية، وتوفير بيانات دقيقة من الجهات الحكومية.
وأشار إلى أن تغيّر مواعيد المواسم الزراعية في صعيد مصر وصل في بعض المناطق إلى ثلاثة أشهر بسبب ارتفاع الحرارة، ما يجعل تحديث المعرفة الزراعية أمرًا أساسيًا.
ولفت فاروق إلى امتلاك مصر بنية دفع رقمي مهمة مثل InstaPay، يمكن أن تسهم في صرف تعويضات سريعة وشفافة للمزارعين، مؤكدًا أن البرنامج وشركاءه يعملون على تطوير منظومة بيانات ونماذج تأمينية تضع مصر في موقع متقدم خلال السنوات المقبلة.
وكشفت هبة موسى، رئيس قطاع التأمينات المتنوعة بشركة قناة السويس للتأمين، عن توجّه جديد تتبناه الشركة لتطوير التأمين الزراعي بالشراكة مع E-Finance، مؤكدة أن هذا النوع من التأمين يمثل ركيزة أساسية ضمن التأمين متناهي الصغر.
وأوضحت موسى أن أغلب المنتجات القديمة كانت موجهة للمزارع الكبيرة لاعتمادها على المعاينة التقليدية، وأن الشركة نجحت سابقًا في تجربة تأمين الثروة الحيوانية بالتعاون مع البنوك، لكنها تعمل الآن على تطوير نموذج رقمي برامتري يتيح الوصول لصغار المزارعين بكلفة أقل وتعويضات أسرع، مع الاعتماد على البيانات والمؤشرات المناخية بدلًا من المعاينات.











